مهند حبيب السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 14:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لحياة الأنسان قيمة سامية بل مقدسة أتفقت عليها جميع العقول وكافة الأيدولوجيات العاقلة التي زرعت الحب وبذرت التسامح والسلام على أرض المعمورة التي يحيا كل أنسان طوراً من حياته الأولى فيها.
وطبقاً لكافة المعايير التي أقرتها الأديان بالأضافة الى مسلمات مبادئ الأنسانية السامية فأن محافظة الأنسان على حياته تعد واجباً عليه بالمعنى الشامل والواسع لكلمة الواجب التي ضمنتٌها الأديان في تعاليمها والقوانين الأنسانية والدولية في دساتيرها ومقرراتها التي صادقت عليها.
وما يحصل للشيعة الذين يزورون كل فترة عتباتهم المقدسة, أمر يبعث على الدهشة والأستغراب والتعجب! أذ يسقط من هؤلاء الأبرياء العزٌل البسطاء عشرات _ بل أحياناً_ مئات الضحايا نتيجة الأعمال الأرهابية الجبانة الغادرة التي تقوم بها عصابات التكفير الساقطة في منحدر الوضاعة والظلام والدوغمائية والتخلف .
وتتركز دهشتي وأستغراب كل شخص أخر_ وان لم يصرح بذلك مقالاً _ في ثلاثة أمور هي كالأتي:
1. ان هؤلاء الشيعة يمارسون شعائرهم الخاصة بمعتقداتهم التي يرونها صحيحة ,وهي لاتتضمن_في حدودها المعقولة_ أي عنف أو أحتقار أو أسائة الى أحد ,بل هم عزٌل من أي سلاح جارح وأي شيء يمكن أن يؤذي أي انسان, فهاهم يحملون أجسادهم فقط وياتون لزيارة مراقدهم المقدسة , ثم يعودوا الى بيوتهم فقط ...ببساطة...وأغلب هؤلاء من الفقراء الذي يعيش على قوت يومه بحيث أنه في ذلك اليوم لايذهب الى عمله ويفرغ نفسه الى أداء شعيرته التي يعتبرها مقدسة ونحن يجب أن نحترم_مبدئياً_ موقف هذا الأنسان ونقدره ونجله لا أن يُقابل هذا الأمر بشخص يشد حزام ناسف ويدخل في وسط جموعهم ليتغدى بعدها _كما يزعمون وتصور لهم أوهامهم ومراجعهم الدينية الزائفة_ مع نبي الرحمة والعدل والسلام والمساواة صلى الله تعالى عليه واله وسلم...يتغدون مع النبي بعد أن قطعوا وأحرقوا بلارحمة أجساد مسلمين أبرياء وايتموا أطفالهم ورملوا نسائمهوا وأثكلوا أهاليهم!!! فالدهشة تكمن هنا كما يفهمها القارئ الفطن هو أن هؤلاء لم يضروا ولن يضروا أحد فلماذا يُستهدفون ويُقتلون بهذا الأسلوب الوحشي السافل المتدني المنحط الفاشي البربري.
2. الدهشة الثانية تتجسد في أصرار هؤلاء الشيعة على أداء هذه الشعائر على الرغم من أراقة دمائهم وتقطيع أجسادهم وتشظٌيها على الأرض, بل يزدادون أرادة وعزيمة وقوة على مواصلة المسير وأداء مايريدونه من غير وجل ولا خوف , بل أن الذي يقوم بهذا العمل لن يحقق أهدافه التي يطمح لها, فهؤلاء الشيعة الأبرياء لن يتركوا شعائرهم ولن يتخلوا عنها بل سيداومون عليها بصورة أكثر من التي قبلها ناهيك عن مايولد التفجير من أحساس بالغبن والأضطهاد والحقد على من فعل التفجير وعلى من خطط له ومن دعمه ومن قبل به ومن سكت عليه...مما يؤدي بنا الى الوقوع في مطب الرد العشوائي على جماعات أخرى يظن الشيعة انهم وراء هذا الفعل او ساعدوا عليه .
3. أن مراجع الشيعة الكبار وخصوصاً في النجف الاشرف_وهذه الدهشة الثالثة_ لم يفعلوا شيئا أزاء هذا الذي يحصل لأتباعهم من الشيعة الذين يزورون هذه المراقد, لم يفعلوا شيئاً سوى التنديد والشجب والأستنكار وفي بعض الأحايين التعويض المالي!!!والمصيبة الكبرى أننا لانعيش في دولة يمكن لها أن تتكفل عوائل هؤلاء الشهداء الأبرياء بحيث تضمن لهم أن يعيشوا حياة كريمة لن تحوجهم الى أحد أو الى السقوط في هاوية الحاجة ومد اليد الى الأخرين , وحتى لو تعطيهم راتب أو تعويض فمتى يحصل وماقيمته وكم سيبقى معهم وهل يمكن أن يعوض فقيدهم الغالي...وأعتقد أن على هؤلاء المراجع أن يصدروا فتوى بالغاء الزيارات الى هذه المراقد في هذه الفترة الحرجة من حياة العراقيين الذي يعانون يومية من وطأة الأرهاب والعنف والقتل العشوائي..نعم يصدروا فتوى يقولون فيها لأتباعهم(( أن حياتكم لدينا أفضل من أداء الشعيرة في حد ذاتها,أن التزامكم بنهج الأمام الحسين في سلوككم وفي مواقفكم في حياتكم أفضل من الزيارة... وأنتم أيها الشيعة ستكونون مأجورين في نفس الوقت لأن الأعمال بالنيات...كما قال ذلك النبي الاعظم صلى الله عليه واله وسلم.أن بقاء حياتكم والحفاظ عليها ستكون له فوائد جمة وعظيمة منها الحفاظ على حياتكم التي هي واجب وحق ومبدأ متفق عليه...فضلاً عن عدم تحقيق مايصبو له الارهابيون والتكفيريون من قتل هؤلاء الشيعة وأفناءهم والأنتقام منهم.....ناهيك عن عدم أستفحال الطائفية التي تنتج من قيام هؤلاء التكفيريين بهذه الأعمال التي يندى منها جبين الأنسانية...)).
ولا ينبغي لأحد ان يعتبر هذه الفتوى بدعة أو حالة شاذة في الفتاوى الشيعية ,فقد فعلها سابقاً الشهيد السيد محمد صادق الصدر عندما أمر الشيعة في احد السنوات بعدم التوجه لزيارة الأربعين بسبب الخوف على حياتهم من الممارسات القمعية التي كانت تُرتكب بحقهم أبان تلك الزيارة وكما كان يتوقعها السيد الشهيد...
أنها دعوة أوجهها هنا وعبر هذه المقالة , وليجيبني أي شخص ويقنعني بخلاف كلامي بشرط أن يقول لي مصير أطفال وعوائل هؤلاء الشهداء وهل يستطيع من يقول خلاف كلامي أن يعيلهم وأن يتولاهم سواء كان شخص أو مرجع ديني.
كما على من لايعجبه هذا الكلام ان يتذكر ان زيارة الحسين في المذهب الجعفري من المستحبات وليست واجباً شرعياً يأثم المرىء اذا ماتركه , بل لا يوجد في الأحاديث الماثورة المعتمدة مايدعو للمشي لزيارة الأمام الحسين عليه السلام خصوصاً ان اكلة لحوم البشر تنتظرهم في الطرق لتفجر اجسادها وسط هؤلاء الشيعة المساكين الذي لاذنب لهم يقتضي هذا الاجرام بحقهم.
ثم ان العراق يمر بوضع أمني مزري ويعيش احتضار امني تام في بعض مناطقه ,فلماذا نشغل الاجهزة الامنية بتوفير هذه الحماية لملايين الزائرين ونترك بقية المناطق عرضة للهتك والقتل والذبح؟
أعود واكرر, على مراجع الشيعة منع الزيارات مستقبلاً من اجل المحافظة على أرواح هذه الجموع الفقيرة القادمة للزيارة وليجيبني عن طلبي أي مرجع ديني أو مؤيد للزيارات التي يُقتل فيها الشيعة بالمئات , أذ ربما أكون مخطئ وغيري على صواب كما من الممكن أيضاً _ ووفق السياق عينه_ أن يكون رأيي صواب وغيري على خطأ كما تعلمنا ذلك من الأمام الشافعي رضي الله عنه .
#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟