أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - في خصوصية التعبير الشعري عن الذات النسوية














المزيد.....

في خصوصية التعبير الشعري عن الذات النسوية


فرات إسبر

الحوار المتمدن-العدد: 1857 - 2007 / 3 / 17 - 13:08
المحور: الادب والفن
    


السورية فرات اسبر في ديوانها «مثل الماء لا يمكن كسرها» ... في خصوصية التعبير الشعري عن الذات النسوية
عبدالعزيز المقالح //
-1-
على رغم قناعتي التي اكدتها في كتابات سابقة من انه لا وجود لما يسمى بأدب رجالي وآخر نسوي، وأن الإبداع بأنواعه المختلفة تعبير إنساني صادر عن إحساس بشري يستوي معه ما يكتبه الرجل الإنسان بما تكتبه المرأة الإنسان، اقول على رغم ذلك فإن مداومتي لقراءة الكتابات النسوية – والشعرية منها بخاصة – اكدت لي وجود خصوصية ما في الكتابة النسوية، وهذه الخصوصية لا تكاد تبين بسهولة لأنها ليست في الموضوعات ولا في اساليب التعبير وإنما في انتماء هذه الكتابة الى الواقع العام. أو بالأحرى المواقف التي تبدو في الكتابة النسوية ذاتية اكثر مما يحدث في كتابات المبدعين من الرجال وتعبيراً عن الرغبة الدفينة في الفضفضة العاطفية.
وقليل هن المبدعات العربيات اللواتي يلامسن القضايا العامة كما يلامسها – وأحياناً يغرق في تفاصيلها – المبدعون من الرجال، وفي الكتابة الشعرية على وجه الخصوص، حيث تلقى الذات بغيتها في التوهج والانتشاء. ومن الصعب في زاوية محدودة المساحة كهذه ان نورد الكثير من الأدلة والبراهين تأكيداً لما ذهبنا إليه، وسأكتفي بملامسة هذه الخصوصية ملامسة أولية من خلال هذه القراءة القصيرة في ديوان الشاعرة السورية فرات اسبر، «مثل الماء لا يمكن كسرها» (منشورات دار التلوين، دمشق).
لا أخفي ان عنوان الديوان جذبني بشدة الى قصائده التي تنضح بالحب والدهشة، وبلغة تنبض بالحيوية والاستغراق في الأشياء، والتأمل العميق في ثنائية الروح والجسد وتحاضنهما الشفاف الفاتن. وعلى عتبة الديوان تقف قصيدة «امرأة متصوفة» بحمولاتها النفسية والروحية: «أمرأة، في عشقها للتيه/ لتراتيل حب لم يقلها عاشق بعد/ هي والطبيعة جسدان هائمان/ واحد سارق للشهوة/ والآخر صياد الأنوثة».
ذلك هو المقطع الأول الذي يسلمنا الى مقاطع اخرى تجعل الكلمات تلفحنا بحرارتها وسحر تأملاتها وجيشان تموجاتها: «في ورق الورد/ وشذا أريجه/ في كائنات لم تخلق بعد/ وأرحام تنتظر/ اجساد لا تعرف الخطيئة ولكنها ترغب/ على مدارج الروح المشعة بأضوائها/ وحده الحب/ هارباً من جحيم الجسد/ قاتلاً كل شهوة يصل إليها هائماً».
ولا تتركنا القصيدة/ العتبة نتجاوز المدخل قبل ان نطيل التأمل في صورة (المرأة الصوفية) ونتابع بعضاً من أسرارها، وكيف يتداخل واقعها مع تاريخ امرأة ملأت الدنيا وشغلت صفحات من تاريخ العشق والهيام الروحي تلك هي رابعة العدوية: «شهود زور وقّعوا على ورقة/ ختموها بخاتم الحاكم بأمر الله/ زينوا لنا الفرح/ والموت والحب/ وكنا في الهيام بأثير اجسادنا على سريره/ ولكن وحدها حلقت عالياً/ لم يلحقها احد/ في سرير القمر نامت/ وتحت جناحيه أشعلت قناديل حزنها/ رابعة العدوية امرأة كانت تنام تحت عباءة الرغبة/ وتصرخ: في جلد الرجل... شهوة/ وفي جسد المرأة شهوات».
-2-
أعود مرة ثانية الى مدخل هذه الإشارات المؤكد لوجود ملامح خصوصية في الكتابات الإبداعية النسوية وذلك لمعرفة الأسباب الكامنة وراء حضور هذه الملامح بهذا القدر من الوضوح، حيث نجد هذه الكتابات تشخص حالة من الرد غير المباشر على حرمان المرأة ولأزمنة طويلة من التعبير عن نفسها والبوح بما يضطرب في وجدانها من افكار ومفاهيم ولوعات انسانية. لذلك ما كادت تجد الباب مفتوحاً أو موارياً حتى دلفت الى عالم الكتابة بكل ما في اعماقها من رغبة في الإفضاء والتعبير الهادئ احياناً والحاد احياناً أخرى عن الذات ورصد نماذج من تفاصيل جزئية معاشة أو متخيلة لا فرق، المهم ان الإمساك بخيوط التعبير جعلها في لحظة تماس مع عوالمها الأنثوية بكل أوجاعها وانكساراتها وما يجول في النفس من هواجس ومخاوف.
وتتجسد هذه الخصوصية الأنثوية في إبداع المرأة، سواء جاء هذا الإبداع مقيداً بقوالب شعرية جامدة أو مضادة لهذه القوالب. وكما استحضرت الشاعرة فرات اسبر في القصيدة الأولى من ديوانها – موضوع هذه الإشارات – المتصوفة رابعة العدوية لتبوح من خلال ذلك استحضار ذات الأنثى المحاصرة فإنها في بقية قصائد الديوان تفتح باب الذات على مصراعيه لترصد ما اكتنزته حافتها من احاسيس وصور، تمتد من الواقعي الى التخييلي، مؤكدة بذلك خصوصية الحضور الأنثوي وتجاوز الفجوة التي صنعها الحرمان الطويل من الصمت والفضفضة: «من وراء عين القلب نظرت المرأة الى كل هذا السواد/ قالت: ماذا افعل بهذا البياض الشاسع؟/ بأي عصا أرمي ذلك الشبح الذي تحوم حوله الغربان؟/ المرأة التي تلمع من بعيد على امتداد احلامها المبتورة/ كانت تلبس اساور الخيبة بيديها المتعبتين/ كانت تخفي يديها لا بياض ناصعاً بهما/ خرائط بلا حدود/ وحدها الأحلام كانت تركض».
عنوان القصيدة التي اجتزأت منها هذا المقطع هو «المرأة التي لم يقرأها احد» وهو يوحي بإشكالية تجعل القارئ يتساءل أي امرأة يشير إليها العنوان وتحكي عنها القصيدة، هل هي امرأة بعينها ام انها تشير الى جنس المرأة؟ وما قد تثيره القراءة الثانية من تداعيات تؤكد على الجهل المستمر بالمرأة وما خبأه تاريخها من فواجع ومفارقات حادة: «من وراء شباك المدينة القائمة نظرت المرأة/ في المدينة القائمة مطر يتساقط حزيناً/ دروب واسعة تنتظر/ هي التي اختارت تغير الأماكن/ ربما كان قدرها مع تلك العابرة/ قارئة الكف الأزلية/ في هذه المدينة القائمة حب وأمطار وجنون».
ولكن لا ينبغي ان تذهب بنا الإشارة نحو الخصوصية بعيداً من تأمل المشهد الشعري الذي نجحت الشاعرة فرات اسبر في صوغه عبر هذا الديوان، وبشيء غير قليل من التكثيف والتلقائية، لتبدو به صوتاً شعرياً نسائياً يثير الانتباه. وإذا كانت انشغلت باستحضار الهموم الذاتية وتتبع التفاصيل الصغيرة في حياة الأنثى فإن ذلك كله جاء في سياق شعري بالغ العذوبة والجمال وضمن تجربة ثرية منسوجة بدرجة عالية من الانضباط والمفاجأة التي تشير الى شعر جديد يتأسس بثقة وإصرار.



#فرات_إسبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فراشات تحوم حول قبري
- تخيلوا معي شوارع السعودية
- لا أشواق عندي أطّيرها
- الخيانة المبررة
- غزلان في غابة الذئاب
- الأبيض والأسود
- الشعر لا يتعكز على الآخرين _خايمي سابينس
- تعبت ألحاني من بكاء أصابعك
- حوارات أحمد طايل _البحث عن الجذور
- جسدك عواصم للنهار مجموعة شعرية
- في الكأس البارد
- كذاب أسمه.. التاريخ
- يا حكام العرب .. يا جرب
- كرة قدم إرهابية
- على أطراف هذه الغابة
- يوم اللاجئ :غاب العرب وحضرت دموعي
- البياض يحب الأعالي
- أنثى يطّيرها الغرام
- هي .. الضمير الغائب
- سأقطفُ لك زهرة من أعالي الجبال


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - في خصوصية التعبير الشعري عن الذات النسوية