أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم الديراوي - صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر















المزيد.....

صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر


ناظم الديراوي
(Nazim Al-Deirawy)


الحوار المتمدن-العدد: 1846 - 2007 / 3 / 6 - 09:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



الحلقة الأولى
اختلف المؤرخون في تحديد بداية الاهتمام الأوروبي المنظم بعلوم وثقافة وآداب العرب.فالبعض ينسب ذلك إلى أوائل القرن الحادي عشر الميلادي،فيما يعتقد آخرون أن اهتمام علماء الإفرنج باللغة العربية وآدابها جرى إبان القرن العاشر الميلادي،ليطلعوا على ما فيها من العلم الطبيعي والطب والفلسفة.وبعد أن تعمقوا في دراسة هذه العلوم شرعوا في نقل تلك المؤلفات العربية الغنية إلى اللغات اللاتينية،فكان لها أثراً عظيماً ومساهمة أصيلة لا مثيل لها على إنجازات الحضارة الأوروبية الحديثة.
ويذكر أن البابا سلفستر الثاني كان واحداً من أبرز المترجمين الأوروبيين الأوائل أواخر القرن العاشر الميلادي(14 ص25)الأمر الذي جعل الباحث نجيب العقيقي ينسب إليه,في كتابه الشهير(المستشرقون),بداية الاستشراق.وقبل تقلده منصب البابا،في روما(999-1003) ،عرف سلفستر الثاني باسم الراهب الفرنسي جرير دي أورالياك(940—1003)،وقتذاك قصد الأندلس وتتلمذ على أساتذتها في إشبيليا وقرطبة حتى أصبح أوسع علماء عصره،ثقافة بالعربية والرياضيات والفلك(11 ص115).والواقع أن الدافع الرئيسي لهذه البداية المبكرة،في رأي الدكتور محمود زقزوق،يتمثل في الصراع الذي دار بين العالمين الإسلامي والنصراني في الأندلس وصقلية.كما ودفعت الحروب الصليبية،بصفة خاصة، اشتغال الأوروبيين بتعاليم الإسلام وإرثه الحضاري وعاداته(7ص21).وآنذاك تباينت أغراض ومشارب المشتغلين بثقافة وآداب وعلوم الإسلام فمنهم من قصد الكيد والبغض والافتراء على الدين الحنيف ومنهم من أراد أن يستنير بالعلوم الإسلامية وما نقله ودرسه العلماء والمجتهدون المسلمون من آداب وعلوم الإغريق والروم وغيرهم من الأقوام التي بنت حضارات عريقة،سيما وأن أوروبا القرون الوسطى»كانت بلداً متأخراً قياساً للشرق مسيحياً كان أم مسلما)«2 ص5).
ومنذ بداية القرن العاشر الميلادي حاول بعض المجتهدين الأوروبيين زيادة ذخيرة المعرفة النظرية عن العالم والإنسان،وكانوا قد علموا أن لدى المسلمين ترجمات عربية للأعمال الأساسية للعالم القديم،وأنهم كانوا على إطلاع على مؤلفات كاملة في العلوم التي كانت تعتبر أساسية(10 ص38).الأمر الذي أدى إلى ظهور ترجمات لهذه الأعمال باللغات اللاتينية،وتدريجياً انتشرت ثروة العرب والمسلمين العلمية والأدبية في أوروبا.في هذا الوقت المبكر لم يجر البحث في المخطوطات العربية عن تعاليم وقيم الإسلام أو العالم الإسلامي،بل عن المعرفة الموضوعية للطبيعة.ومع ذلك،يلاحظ المستشرق روبنسون،كان لا بد من أن تتوافر بعض المعلومات عن المسلمين أصحاب هذه المعرفة(10 ص39).
وأدت تفاعلات التقاء تيار الاهتمام الفكري بالإرث العلمي الإسلامي بتيار حب الاستطلاع عن الإسلام،الذي ساد على المستوى الشعبي،إلى ولادة ذلك الجهد الكبير الذي قام به رئيس رهبان كلوني(Cluny)بطرس المُبجل(Peter TheVenerable)(1094—1156).والذي تجسد في تشكيل جماعة من التراجمة يعملون كفريق(10 ص40).هذا العمل لا يمكن أن يقال عنه أنه عديم الفائدة،في رأي رئيس رهبان كلوني،فالغاية منه محاربة الهرطقة النصرانية المتمثلة بـ (اليهودية والإسلام) وهداية المسلمين الضالين!(10 ص40).ويذكر أن بطرس المُبجل كان وراء ظهور أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية أعدها عام(1143)الإنجليزي روبرت كيتون(5 ص37).الذي كرس معارفه للكيد والافتراء على الإسلام وتشويه تعاليمه الحنفية.واعتبر الدين الإسلامي هرطقة نصرانية.!
الملك و الشغف بالعربية
وفي بداية القرن الثالث عشر الميلادي,وعلى النقيض من منهج بطرس المُبجل,نجد فريدريك الثاني,حاكم صقلية,قد اتخذ موقفاً صائباً من العرب والإسلام.وكان يعرف العربية ويتشبه بالعرب في لباسهم وعاداتهم ويتحمس للثقافة والعلوم العربية الإسلامية،وكانت هذه العلوم تدرس بشغف في قصره وأصبحت في متناول اللاتينيين.وفي سنة(1224)أسس الإمبراطور فريدريك الثاني جامعة نابولي وجعل منها أكاديمية لإدخال علوم اللغة العربية والإسلام إلى العالم الغربي(4 ص8).في كتابه (The past We Shar. The Near Eastern Ancestry of Western folk Literature.) يعترف الباحث (إي.رانيلا (E.Ranelagh)أن الجانب الأكبر من المعارف الإغريقية التي تضمنت العلم والفلسفة,وصلت الغرب عن طريق البيزنطيين من خلال الترجمات العربية عن الإغريقية.وقد نمى العرب هذه المعارف وانتقلت عنهم في العصور الوسطى إلى اللغة اللاتينية.ويقول:ففي القرن الثاني عشر كانت مشروعات الترجمة الكبرى في إسبانيا وصقلية جسورا انتقلت عبرها المعارف العلمية من العرب إلى غرب أوروبا التي كانت في مرحلة بدائية.
مجمع »فينا« الكنسي
وفي القرون اللاحقة،وتحديداً بعد صدور قرار مجمع»فينا« الكنسي عام(1312)القاضي بإنشاء كراسي اللغة العربية في بعض الجامعات الأوروبية,بدأ المستشرقون الأوروبيون يهتمون بشكل منظم في جمع المخطوطات والآثار العربية والإسلامية.وزاد اهتمام المستشرقين المحدثين بتاريخ وثقافة وآداب العرب والمسلمين في القرن السابع عشر في أعقاب إنشاء منصبي أستاذ لتدريس اللغة العربية وآدابها،أحدهما بجامعة كمبردج(1633)،والآخر بجامعة أكسفورد(1636).وترأس الأستاذ توماس إدمز كرسي اللغة العربية وآدابها بجامعة كمبردج،في حين ترأس كرسي اللغة العربية وآدابها بجامعة أكسفورد رئيس الأساقفة»لود«(1 ص15).وقام الأساتذة الذين شغلوا هذين المنصبين بتدريب جيل من الطلبة على استخدام اللغة العربية وآدابها،وبتوجيهه إلى الاهتمام بالمخطوطات العربية والإسلامية وجمعها،ونشر النصوص العربية وترجمتها إلى اللاتينية أو الإنجليزية(6 ص120).
ويذكر الدكتور محمود زقزوق؛أن قرار جامعة كمبردج إنشاء كرسي اللغة العربية نص صراحة على خدمة هدفين:الأول تجاري والثاني تنصيري. وجاء في خطاب للمراجع الأكاديمية المسؤولة في جامعة كمبردج بتاريخ (9/5/1636)موجه إلى مؤسسي كرسي اللغة العربية»ونحن نذكر أننا لا نهدف من هذا العمل إلى الاقتراب من الأدب الجيد بتعريض جانب كبير من المعرفة للنور بدلاً من احتباسه في نطاق من اللغة التي نسعى إلى تعلمها،ولكننا نهدف أيضاً إلى تقديم خدمة نافعة إلى الملك والدولة عن طريق تجارتنا مع الأقطار الشرقية،وإلى تمجيد الله بتوسيع حدود الكنيسة والدعوة إلى الديانة المسيحية بين هؤلاء الذين يعيشون الآن في الظلمات!(7 ص30).
التحامل على الإسلام
في مقاله»المستشرقون البريطانيون وتاريخ العرب« يقول الدكتور محمود زايد:»حتى أواخر القرن التاسع عشر لم يؤثر توافر عدد لا يحصى من المراجع العربية الفلسفية والأدبية والعلمية على نظرة المؤرخين البريطانيين وغيرهم من المعنيين بتاريخ العرب،الموروثة المشحونة بالعداء للإسلام والتحامل عليه وعلى النبي محمد(ص)بصورة خاصة.«(6 ص124).
أما أسباب هذا التحامل الذي يشوب كتابات الكثير من المستشرقين و(اللاهوتيين)ورجال السياسة الأوروبيين عن الإسلام والمسلمين،فهي،وباختصار،وحسب رؤية الدكتور محمود زايد:1- الخوف من الإسلام والمسلمين؛الخوف من الإسلام بوصفه ديناً يتزايد انتشاره يوماً بعد يوم حتى في قلب أوروبا ذاتها،وبوصفه حركة تهدف إلى توحيد العالم تحت لوائه. 2- أن كثيراً من المشتغلين بتاريخ العرب والإسلام كانوا من القساوسة الذين عملوا بالتبشير وتعاونوا مع الدوائر الاستعمارية،أو من رجالات الإدارات الاستعمارية.3- تأثير المذهب العقلي الذي تمخض عنه تقدم العلم والتقنية في القرن التاسع عشر.وقد أدى هذا فيما أدى إليه انتشار(اللاإدرية)التي ينكر أصحابها الخوارق ويؤمنون بأن الحقائق الوحيدة التي يمكن إقامة الدليل عليها هي الحقائق العلمية(6 ص124).
والواقع أن المستشرقين الأولين في العصور الحديثة كانوا,في رأي المستشرق النمساوي أسد،مبشرين نصارى يعملون في البلاد الإسلامية.وكانت الصورة المشوهة التي اصطنعوها عن تعاليم الإسلام وتاريخه مدبرة على أساس يضمن التأثير في موقف الأوروبيين من)الوثنيين) غير أن هذا الالتواء الذي لاحظه المفكر النمساوي أسد في كتابه»الإسلام على مفترق الطرق« قد استمر مع أن علوم الاستشراق قد تحررت من نفوذ التبشير ولم يبق لهذه العلوم عذر وحمية دينية جاهلة تسئ توجيهها. أما تحامل المستشرقين على الإسلام فغريزة موروثة وخاصة طبيعة تقوم على المؤثرات التي خلقتها الحروب الصليبية بكل ما لها من ذيول في عقول الأوروبيين الأولين(3 ص16).
ويقول المستشرق ارنولد شوبرت بأن صورة الإسلام في الغرب قاتمة بسبب الموقف العدائي للغرب تجاه الإسلام،منذ العصور الوسطى،وما تبعها من احتلال الغرب لبلاد العرب،وإذلالهم مادياً ومعنوياً،واليوم تساهم الصهيونية في تشويه الصورة وتدمغ الإسلام بأنه دين»إرهابي دموي«،من أجل تخويف الغرب منه ومن انتشاره،وبهدف وقف زحفه.والحق,كما يقول المستشرق غوستاف لوبون,أن حلم العرب وتسامحهم كان من الأسباب السريعة في اتساع فتوحاتهم,وفي سهولة اعتناق كثير من الأمم لدينهم ونظمهم ولغتهم.ويرى المفكر لوبون أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب,ولا دينا مثل دينهم.ربما لأن العرب المسلمين نظروا إلى الميراث الحضاري للشعوب التي فتحوا بلدانها نظرة المؤمن إلى الحكمة التي ينشدها. يتبع



#ناظم_الديراوي (هاشتاغ)       Nazim_Al-Deirawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فذلكة في تاريخ الإستعراب الجامعي ببطرسبورغ/الحلقة الرابعة
- فذلكة في تاريخ الإستعراب الجامعي ببطرسبورغ/الحلقة الثالثة
- - فذلكة في تاريخ الإستعراب الجامعي ببطرسبورغ
- صلات حضارية؛الرحالة العرب وبلاد الروس-الحلقة الثانية
- صلات حضارية؛الرحالة العرب وبلاد الروس
- العصامية كلثوم عودة؛الغربة واليتم والعلم
- التصوف السياسي وغراء الاحتلال
- صلات حضارية؛رحلات روسية إلى الأراضي المقدسة
- العقيدة الآمريكية؛إرهاب واستبداد
- رايس بلاء العراقيين..!
- الاحتلال فرَّخ الإرهاب والانعزال


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم الديراوي - صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر