راوية رياض الصمادي
الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 00:04
المحور:
كتابات ساخرة
عندما اجلس وحدى ابدأ في التفكير وأتسائل، ماذا يحصل في سن البلوغ؟؟؟ لاحظت أن المرأة تتلفظ بحوالي 7000 كلمة في اليوم، بينما الرجل 3000 كلمة. مما يثبت أننا، حين نتهم الرجل بعدم القدرة على التكلم بطلاقة وعلى إقامة الحوار، لا نختلق القصص لنصب جام غضبنا عليهم.
وعند التفكير عميقا، من المسلي أن نشير إلى أن هواية الرجال المفضلة، هي صيد الطيور والاسماك والحيوانات المفترسة،، وهذا كله يتطلب صمتا مطبقاً.
ودعوني أشير إلى أن علاقة الرجال بالكلمات غريبة، وبما أنهم لا يستخدمون الكلمات بقدر ما تستخدمها النساء، فمن مصلحتهم أن يختاروا الأنسب بينها، لهذا، نجدهم يفضلون الكلمات الطنانة والرنانة، التي تترك أثراً على الآخرين .... حتى تكاد تتهمهم بالتباهي والتشدق. فحين يقول الرجل إنه يصر على "ضرورة وضع خطة إعلامية جيدة" بدلاً من أن يقول مصراً على "ضرورة التركيز على حسن اختيار المجلات التي سيعرض فيها الإعلان، مع أخذ عدد القراء والفترة الزمنية بعين الإعتبار"، يحاول، وبكل بساطة، أن يوفر الكلمات. وفي جملته هذه، وفر الرجل 15 كلمة مما يعتبر رقماً جيداً، مقارنة مع نسبة الكلمات التي يتلفظ بها في اليوم الواحد.
بإختصار،عندما تقارن عدد الفتيان الذين يترددون على عيادات تصحيح النطق، أكبر من عدد الفتيات، مع الإشارة إلى أن التأتأة اختصاصي رجالي، والملفت أن 9 من أصل 10 مرضي يقصدون النفسيين هم من النساء.
والسؤال المطروح الآن، لماذا تتكلم المرأة إذا وبهذا المقدار؟
المرأة تثرثر لأنها تجيد ذلك
المرأة تثرثر بكل بساطة لأنها تتمتع بالقدرات والمؤهلات اللازمة لذلك. هي بكل بساطة مجهزة لذلك، فهورمون الاستروجين، الهرمون الانثوي البحت، يزيد من طلاقة لسانها وقدراتها البيانية. أثناء دورتها الشهرية، ولا سيما في اليوم الذي تصل فيه نسبة إفراز الأستروجين إلى حدها الأقصى، تكون المرأة أقدر على التعبير بطريقة ممتازة. في حين تخلط الكلمات وتتعثر بجملها، في اليوم الذي تبلغ فيه نسبة إفراز هرمون التستوسترون حدها الاقصى وهو هرمون ذكوري بحت،ولعل ذلك يذكرنا برسم منحنى الحرارة والإباضة البياني ....
هذه القدرات تنعكس على تعلم اللغات الأجنبية، حيث تبرع المرأة. ففي كافة الدول الأوروبية تقريباً حيث مهنة التعليم مفتوحة للجميع، من نساء ورجال، نجد أن ثلاثة أرباع مدرسي اللغات الأجنبية هم من النساء.
الثرثرة بالنسبة للمرأة هي نسج علاقة
اي شخص يجيد العمل الذي يحبه، لعل هذه المقولة تفسر حب المرأة للثرثرة. فالثرثرة بالنسبة لها هي طريقة إنشاء جسور مع الآخرين، وتبادل الأفكار والآراء أو العناوين المناسبة. وهي أيضا وسيلة لملء الهوة التي تفصلها عن الاخرين والحفاظ على التواصل والاتصال، وليست مضيعة للوقت، كما يعتقد الرجال غالباً. لهذا تجد أن المرأة يمكن أن تمضي إجازة ثلاث اسابيع مع صديقاتها، وعند عودتهما تتصل بها وتمضي معها 3 ساعات على الهاتف. وفي هذه الحال، سيقول الرجل: "أمضتا ثلاثة أسابيع معاً، فماذا لديهما لتقولاه؟" في حين أن المرأة تحاول فقط تجنب قطع الأنسجام والعلاقة الوطيدة بفظاظة، هذا الأنسجام الذي نسجته بصبر.
الكلمات بالنسبة للمرأة مكافآت
أن الكلمات التي تتلفظ بها المرأة بمثابة اتصال تقوم به وتحافظ عليه، ودليل على شعور بالصداقة التي تكنه في داخلها، أو حتى مكافآة تمنحها. فالمرأة التي تصمت، لا سيما حين تكون وحيدة، هي امرأة غاضبة أو مستاءة.
إذا كانت برفقة امرأة أخرى، ستسارع هذه الاخيرة إلى "استئناف الحديث"، وتنشيط العلاقة..بينما، إذا كانت بصحبة رجل فعليها أن تنتظر ما يقارب العشر دقائق حتى يلاحظ محدثها أنها تحقد عليه. فالرجل يعتبر الصمت هدنة ولحظة استراحة.
النساء لا تواجه مشكلة في أن تتحدثن كلهن في الوقت نفسه، فهن مجهزات للأستماع والتحدث في آن واحد، ولا تزعجهن الضجة أو التشويش، ويمكنهن حتى ودون صعوبة، أن يكملن حديثهن حتى النهاية. ويمكنهن ايضاً أن يتدخلن في حديث شخص آخر من دون أن يعني هذا انهن يقاطعنه إنما يشاركنه في الرأي ويغنين كلامه. بينما إذا ما قاطع الرجل رجلا آخر، فهذا دليل على انه يتصرف بعدائية.
المرأة تفكر وهي تتكلم
المرأة تفكر بصوت عال،لهذا نجدها تكثر من الكلام، فهي تتكلم لتفكر، لتصنف، لتقرر. دماغها قادر على استعمال قدرات عدة في الوقت نفسه، فلماذا تحرم نفسها من ذلك؟
نصادف أحيانا، نساء وحيدات في سياراتهن، ونلاحظ أنهن يتكلمن مع أحد، لكن هذا لا يعني أنهن يتصلن بواسطة هواتفهن النقالة، بل يفصحن عن أفكارهن ومشاغلهن بصوت عال ليتمكن من تحديدها ومعالجتها. المرأة تفكر بشكل أفضل وهي تتحدث. وينطبق العكس على الرجل الذي يفكر قبل ان يتكلم
على الرجل أن يختار بين الكلام والتفكير، لماذا الرجل يختار بين الكلمات والتفكير؟
1- بكل بساطة لانه عاجز عن القيام بالامرين معا، فدماغه مبرمج على عدم استخدام قدراته كلها معا، بل كل واحدة منها على حدى. لهذا عليه ان يختار بين الكلام والتفكير.
2- لان الرجل لا يتكلم إلا ليرد على طلب أو ليوصل رسالة معينة فيحاول أن يعبر عنها بوضوح.
وفي كلتي الحالتين، قبل أن يفتح الرجل فمه ويتفوه بأي كلمة، يبدأ ببلورة الأفكار المتوفرة لديه وذلك مهما كان السؤال أو الموضوع المطروح للبحث، كأن يساله مديره:"هل تقبل بهذا المنصب الجديد خارج البلاد؟"، وصولا إلى دعوة ابنه الصغير :"أبي تعال نلعب جولة ملاكمة!".
طوال الوقت يحاول الرجل أن يحضر في عقله ما يريد قوله، لينطق به أخيراً.
عندما لا يملك الرجل جوابا يصبح أصماً
إذا حاولت أن تطرح سؤالا على رجل، وشعر أنه عاجز عن الرد مهما بذل من جهد، فسيلتزم الصمت أو يتظاهر بأنه لم يسمع السؤال.
وقد يخلق هذا سوء تفاهم بين الزوجين: فالرجل، في خضم المناقشة، ينهض من دون أن ينبس بكلمة واحدة، وينسحب بنبل، ويترك زوجته مذهولة مشدوهة، مما يؤدي أحيانا إلى شجار غير مرغوب فيه.
في المكتب، قد يتحول الأمر إلى تعذيب فكري: كم من رجل تظاهر بأنه لم يسمع سؤالا وانتقل برصانة إلى موضع آخر، تاركاً النساء غاضبات ومكبوتات، واثقات من أنه لم يشأ أن يجيب، في حين أنه عاجز عن ذاك بكل بساطة.
المرأة تفرغ كل ما لديها ثم تصنف لاحقا
الكلام، بالنسبة للمرأة أمر طبيعي، ضروري وحيوية للغاية. عندما يكون للمرأة يوم حافل، نجدها تروي يومها مسبقا، عند الفطور، وتنظمه. تجدها تتحدث بشكل غير منظم ومشوش، تفرغ كل ما لديها كما يخطر لها لتصنفه لاحقا. تعمل على ذكر كل التزاماتها، بدون ترتيب أو أولويه، وكانها تعطي نفس الأهمية لو كان عندها اجتماع هام وحاسم بعد الظهر ولضرورة إحضار الملابس من المصبغة. وعندما تصمت في النهاية، يعتقد كل من كان موجود وشهد على كلامها الكثير حول لائحة الأعمال المثبطة والطويلة، أنها لن تفلح في إنجاز هذه المهام كلها، بالنسبة لها ستتجلي الأمور وتوضح.
الرجل مختلف كليا في هذا المجال، فهمانه مقسم ومجزأ جدا، ولكل قدرة لديه منطقة محددة في الدماغ. يتمتع الرجل بالقدرة على تصنيف المعلومات وتخريجها وتجميعها في أبراج دماغه المنظمة بدقة.
وبما أنه لا يملك القدرة على التعبير جيدا. فأنه يصمت إذا كان لديه الكثير من الأعمال ليقوم بها، وينفذها.
لماذا الرجل يشعر بأنه ملزم بأسداء التصح؟؟
عندما ينهال سيل كلمات المرأة على الرجل، يجد صعوبة في تحديد الدور أو المهمة المطلوبة منه. فهو لا يفهم أن المرأة حين تفضي بكل ما لديها، تكتفي بذكر ما يشغل بالها، ولا تنتظر منه أي مساعدة.
من جهة أخرى، يفترض الرجل أن الحكم الذي سيصدر عليه هو وقف على قدرته على حل المشاكل، وتصليح الأعطال. وهذا عائد إلى جانب من شخصيته يفرض عليه فطريا الخدمة والصيانة "بعد البيع".
لهذا نجده يميل إلى إسداء النصح، ليكون مفيداً أو ليعطي انطباعاً بأنه يساهم في المهمات المنزلية، فيقترح مثلاً: "ولم لا تذهبين إلى المصبغة هذا الصباح بدلاً من بعد الظهر، فتتفادين بذلك زحمة السير؟"،
كيف يمكن أن يفهم هذا المسكين أن يفهم أنه تدخل في آليات فكرة ما؟
وكيف يمكنه أن يتقبل رداً عنيفاً من نوع: " ما دمت بهذا الذكاء وهذه القوة، لم لا تقصد أنت المصبغة"؟.
من قال بأن الرجل لا يستمع؟
من سوء حظه أنها تقوم برد فعل كهذا. لو أن الرجل، أصغى لنفسه وهو يتكلم، لو أنه لم يحاول التودد إلى زوجته، لو أنه لم يحاول أن يسدي تلك المرأة القلقة والمضطربة خدمة، وكتفى بالصمت.
الرجل حين يستمع، يتميز بخاصية الصمت، مما يترك انطباعا لدى المرأة بأنه لا يستمع إليها، إن مظهره اللامبالي، العديم التأثر، سببه مجددا دماغه المقسم. فالرجل حين يستمع، يركز على ما يسمعه ويسجله، وبالتالي لا يتمكن من تحريك مشاعره أو إظهار الأثر الذي تتركه هذه الكلمات عليه.
الرجل ايضاً مكيف لئلا يظهر مشاعره، مما يفسر أساس الخلاف الأزلي بين الرجال والنساء ويوضح مصدره.
هذه الفروقات تشكل أساساً لخلافات كثيرة. في بعض التواحي الثانوية وغير الجوهرية من الحياة كما وردت ههنا، فبالاضافة إلى نواحي العلاقة الانسانية الأكثر عمقاً.
إذا لم يعرف الرجل والمرأة أن الكلام خاصية موزعة بغير عدل، تؤدي وظائف متنوعة ومختلفة بأختلاف الجنس، وإذا ما ظنا بأنها قدرة موضوعية يستخدمها الجميع بالتساوي، فسيصلان حتما إلى خيبات أمل كبيرة، وإلى غد غير مشرق كلياً.
#راوية_رياض_الصمادي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟