الاتجاهات الثمانية عشر التي ستشكل الاقتصاد الرقمي في عام 2026 (تقرير)

أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)

الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 02:47
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

يحدد أحدث تقرير لمنظمة التعاون الرقمي 18 دينامية ستعيد تعريف الاقتصاد الرقمي العالمي في عام 2026 وما بعده. ومن صعود الذكاء الاصطناعي العمودي إلى التجارب الهجينة الغامرة، والأمن السيبراني، والسيادة الرقمية، وواجهات الدماغ والآلة، توفر هذه الاتجاهات إمكانات هائلة. ولكنها تشكل أيضا العديد من التحديات: الشمول، والإنصاف، وإعداد الدول، والمخاطر المالية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
يزدهر الاقتصاد الرقمي العالمي، مدفوعا بآفاق النمو الاستثنائية. وهذا ما أكدته منظمة التعاون الرقمي في تقريرها الأخير المخصص لهذا القطاع. التوقعات مثيرة للإعجاب: من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الرقمي بمعدل 9.5% في عام 2026، وهي وتيرة أسرع بثلاث مرات من النمو المتوقع للاقتصاد العالمي. وبفضل هذا التسارع، من المفترض أن يمثل 22% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2026، بقيمة تقدر بنحو 28 ألف مليار دولار أمريكي.
ولكن تحقيق هذه الإمكانية يتطلب فهماً واضحاً للقوى الثماني عشرة التي تشكل هذه الطفرة، وهي القوى القادرة في نفس الوقت على توليد فرص غير مسبوقة وتوسيع فجوة التفاوت.
الاتجاهات الثمانية عشر تعيد تعريف الصناعة
ويقدم التقرير لمحة شاملة عن الاتجاهات الرئيسية الثمانية عشر التي ستعيد تعريف الاقتصاد الرقمي العالمي بحلول عام 2026. تدرج الوثيقة، المنظمة حول ثلاثة محاور، اثني عشر اتجاها قيد التنفيذ بالفعل، ومن المتوقع أن تتسارع في الأشهر الثمانية عشر المقبلة، وستة اتجاهات ناشئة أخرى من المرجح أن تخل بالتوازن على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.
• المحور الأول: النظم البيئية الذكية المستدامة
يسلط الضوء على كيف يخلق الذكاء الاصطناعي والبيانات القيمة مع فرض تحديات في مجال الطاقة والوصول العادل إلى التقنيات. وبالتالي يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تخصصا، وموجها نحو استخدامات قطاعية محددة، بينما تعمل واجهات البرمجة (APIs) على تعزيز تبادل البيانات بشكل أكثر أمانا وشفافية. يمهد هذا التطور الطريق لـ “الذكاء المحيط” حيث تقوم أجهزة الاستشعار والحوسبة الطرفية بإنشاء طبقة غير مرئية من الأتمتة. لكن اعتماد هذه الأنظمة على الطاقة يتطلب إعادة التفكير في استدامة الاقتصاد الرقمي.
هناك اتجاهان ناشئان يمكنهما إحداث تحول عميق في هذا المجال: ظهور الذكاء الاصطناعي “الوكيل”، القادر على أداء المهام المعقدة بمفرده، ووصول روبوتات عامة أكثر مرونة وبأسعار معقولة، قادرة على إحداث ثورة في العديد من الصناعات.
• المحور الثاني: المجتمعات المتمكنة
يهتم هذا المحور بالتأثير الاجتماعي والإنساني للتحول الرقمي. يجعل الذكاء الاصطناعي من إضفاء الطابع الشخصي المفرط على الخدمات أمرا ممكنا، خاصة في مجالي الصحة والتعليم، ولكنه يعطل أيضا عالم الشغل، مما يخلق حالة طوارئ من حيث إعادة التأهيل والمهارات الرقمية. أصبحت حماية الرفاهية الرقمية أولوية في مواجهة المعلومات الخاطئة والاتصال المفرط، في حين تكتسب التجارب الهجينة، التي تمزج بين الحقيقي والافتراضي، المزيد من الأرض.
على المدى الطويل، يلوح في الأفق تحديان رئيسيان: فجوة الذكاء الاصطناعي، التي تهدد بتفاقم عدم المساواة بين أولئك الذين يتقنون التكنولوجيا وغيرهم، وتطوير واجهات الدماغ والآلة، على الحدود بين البيولوجية والرقمية، مما يثير أسئلة أخلاقية واجتماعية مهمة.
• المحور الثالث: الثقة والأمن
هاتان الركيزتان ضروريتان لأي اقتصاد رقمي ناجح. أصبح الأمن السيبراني الشامل ضرورة جماعية في مواجهة النظم البيئية المترابطة بشكل متزايد. وتسعى البلدان إلى تعزيز سيادتها الرقمية، وبناء البنية التحتية والمعايير الخاصة بها، مع المخاطرة بتجزئة المشهد التكنولوجي العالمي إلى كتل متنافسة. وفي الوقت نفسه، تشهد التجارة الرقمية تسارعاً غير مسبوق، مما يتطلب قواعد جديدة لتنظيم تبادل البيانات والخدمات.
هناك اتجاهان ناشئان يتطلبان يقظة خاصة: الاستعداد لعصر الكم، الذي يمكن أن يؤدي التقدم فيه إلى جعل الزمن يعفو على أنظمة الأمن الحالية، وتقارب التقنيات المتطورة (الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والتكنولوجيا الحيوية)، الذي يعد بابتكارات كبرى، ولكنه يتطلب أيضا إعادة التفكير في أطر الثقة والحكامة.
الاستعداد غير المتكافئ للأمم
بعد استعراض الاتجاهات الرئيسية في هذا القطاع، يشكك التقرير في قدرة الدول على الاستفادة الكاملة من هذه الإمكانات. واستجابة لذلك، توصلت الورقة إلى أن الاستعداد يختلف بشكل كبير بين المناطق ويعتمد على ثلاث ركائز أساسية: البنية التحتية الرقمية والابتكار والقدرات البشرية.
الخبر السار هو أن تصور هذا الإعداد قد زاد بشكل كبير. وفي حين اعتبر 49% فقط من المشاركين في العام الماضي أن القطاع الخاص جاهز، فقد وصل هذا الرقم الآن إلى 94%. كما نما القطاع العام من 37 إلى 70%.
ومع ذلك، يظل هذا التحضير غير متجانس. تحتل أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا الوسطى عموما المرتبة الأولى، وغالبا ما تكون في فئة “الرائدة” أو “المتقدمة”، خاصة في ما يتعلق بالأمن السيبراني والابتكار والذكاء الاصطناعي. فأمريكا الشمالية، مثلا، تتمتع بأعلى مستوى لتعزيز الأمن السيبراني الشامل.
وفي المقابل، ما تزال بعض المناطق مثل الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تندرج ضمن الفئات “الوظيفية” أو “الأساسية” لعدة اتجاهات. كما تواجه عقبات مستمرة، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية الحاسوبية والمواهب المتخصصة. ورغم هذه التحديات، فإنها ما زالت متفائلة بشأن إمكانات النمو، لا سيما في ما يتعلق بالتعاون في البيانات عبر واجهة برمجة التطبيقات وتعزيز الاقتصاد الرقمي المستدام، من خلال الاستثمارات الاستراتيجية مثل الطاقة الشمسية.
التوصيات: أربع أولويات لمستقبل مشترك
ومن أجل الاستغلال الكامل للاقتصاد الرقمي الذي تبلغ قيمته 28 تريليون دولار، يسلط التقرير الضوء على أن الجهود المنسقة ضرورية، مع أربع أولويات شاملة
1. تعزيز الحوكمة والثقة
يجب على الحكومات والوكالات المتعددة الأطراف الحد من التجزئة التنظيمية ومواءمة معايير التكنولوجيات المعقدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والكمية. وتشكل قابلية التشغيل البيني عبر الحدود وآليات الإدارة المشتركة ضرورة أساسية، وخاصة في مواجهة التشابك المتزايد بين التكنولوجيات والديناميات الجيوسياسية.
2. توسيع الفوائد للجميع
يتضمن ذلك إنشاء تدفقات سلسة للسلع والخدمات والبيانات والكفاءات الرقمية لتقليل الذكاء الاصطناعي وفجوات المهارات. وتشمل الإجراءات الملموسة التعاون في أطر التجارة الرقمية وإنشاء أنظمة للاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية للكفاءات الرقمية.
3. بناء أنظمة بيئية مرنة للابتكار
يجب على البلدان تعزيز قدراتها الابتكارية من خلال توسيع نطاق الوصول إلى رأس المال عبر الحدود، ودعم البحث والتطوير (R&D)، وضمان اعتماد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMEs) للأدوات الرقمية لزيادة إنتاجيتها، حتى في المجتمعات الشريرة.
4. تعزيز الاقتصاد الرقمي المستدام
يتطلب ذلك تبني مبادئ التصميم المستدام، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في البنية الأساسية (وهو التحدي الرئيسي الذي يواجه توسيع الذكاء الاصطناعي)، وتعزيز القدرة على الصمود السيبراني للحماية من المخاطر النظامية.
الذكاء الاصطناعي: طفرة مذهلة أم فقاعة وشيكة؟
إن إمكانات خلق القيمة للاقتصاد الرقمي العالمي، والتي تقدر بنحو 28 تريليون دولار بحلول عام 2026، مدفوعة بعشرات الاتجاهات الرئيسية.
• إن صعود الذكاء الاصطناعي الرأسي، الذي يقدم حلولاً متخصصة حسب القطاع، يمكن أن يدر 5.07 تريليون دولار بنمو قدره 5.7%.
• من المتوقع أن يؤدي تحول القوى العاملة المتسارع بالذكاء الاصطناعي إلى خلق 4.91 تريليون دولار (5.5%)، في المقام الأول في الخدمات والصناعات الاستخراجية.
• يمثل فجر الذكاء المحيط، المدعوم بأجهزة الاستشعار والحوسبة الطرفية، 4.21 تريليون دولار (4.7%).
• يمكن للتجارب الهجينة الغامرة، التي تدمج العالم المادي والافتراضي، أن تدر 4.14 تريليون دولار (4.7%).
• تعد التجارة الرقمية الشاملة أداة رئيسية أخرى، حيث تبلغ إمكاناتها 3.63 تريليون دولار (4.1%).
وتشمل اتجاهات الهيكلة الأخرى التعاون في البيانات عبر واجهة برمجة التطبيقات (3.53 تريليون؛ 4.0%)، وتعزيز الأمن السيبراني الشامل (3.13 تريليون؛ 3.5%)، وفرط التخصيص (2.97 تريليون؛ 3.3%)، وظهور كتل تكنولوجية متنافسة (2.920 مليار؛ 3.3%)، ظهور كتل تكنولوجية متنافسة (2.860 مليار؛ 3.3%)، ظهور كتل تكنولوجية متنافسة (2.920 مليار؛ 3.3%)، ظهور كتل تكنولوجية متنافسة (2.920 مليار؛ 3.3%)، الاقتصاد الرقمي المستدام (2.860 مليار؛ 3.3%) واستراتيجيات السيادة الرقمية (2.780 مليار، 3.1%). وأخيرا، يمثل اتجاه “حماية الرفاهية الرقمية” 2.63 تريليون دولار (3%)، مما يوضح أهمية التطوير التكنولوجي الأكثر إنسانية وشمولية.
ومع ذلك، يجب أن تكون هذه التوقعات دقيقة. يشعر جزء متزايد من الفاعلين الماليين بالقلق بشأن “الفقاعة” حول الذكاء الاصطناعي. يتم تداول جزء كبير من الاستثمارات في حلقة واحدة: حيث يقوم مصنعو الرقائق بتمويل مختبرات الذكاء الاصطناعي، التي تشتري الخدمات السحابية، ويتم إعادة حقنها لشراء المزيد من الرقائق. ومن الممكن أن تخلق هذه الدورة وهم الطلب، في حين تظل مكاسب الإنتاجية الحقيقية محدودة.
تستخدم شركة Hyperscalers أيضًا هياكل مالية معقدة وشركات تابعة ومشاريع مشتركة لتمويل توسيع مراكز البيانات ووحدات الرسومات، دون ظهور الديون بوضوح في ميزانياتها العمومية. ويذكرنا هذا التعتيم بممارسات معينة خلال أزمة 2008-2009 أو فقاعة الإنترنت في عام 2000.
علاوة على ذلك، فإن ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي ذات الوزن المفتوح، والتي تعتبر أكثر اقتصادا وقابلة للتنفيذ محليا، يعزز المنافسة ويمكن أن يقلل من هوامش الموردين الرئيسيين. وإذا لم تلب إيراداتها التوقعات، فقد ينكمش ازدهار الذكاء الاصطناعي بسرعة، مما يخفف من توقعات خلق القيمة.

#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل