أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليمان يوسف يوسف - الطريق الى ( سوريا الجديدة) يمر عبر التأسيس لهوية وطنية جامعة















المزيد.....

الطريق الى ( سوريا الجديدة) يمر عبر التأسيس لهوية وطنية جامعة


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8559 - 2025 / 12 / 17 - 00:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانون الثاني من عام 2004 ، في اطار النشاطات الثقافية لـ(المنظمة الآثورية الديمقراطية) ، قدمت(كاتب المقال) محاضرة بعنوان "سوريا وإشكالية الهوية الوطنية" حضرها نخبة من المهتمين والمثقفين في مدينة القامشلي، مثلت مختلف الطيف الثقافي والقومي والسياسي في المدينة . تمحورت المحاضرة حول أسباب وعوامل تمزق "هويتنا الوطنية السورية" وسبل الوصول الى هوية وطنية سورية جامعة. في سياق المحاضرة ، حذرت من "مخاطر الغلو في التعصب القومي والعرقي". بعد أقل من شهرين حصل ما كنا نخشاه وحذرنا منه، إذ وقعت أحداث عنف عرقية (كردية-عربية)على خلفية مباراة بكرة القدم في مدينة القامشلي. أوردت هذه الواقعة للتأكيد على هشاشة الوحدة الوطنية ،التي يتغنى بها الجميع . أول من يتحمل المسؤولية عن ضعف وهشاشة الوحدة الوطنية، هي الحكومات(العربية الإسلامية) التي تعاقبت على حكم سوريا. فمنذ أن تشكلت الدولة السورية الحديثة في عشرينات القرن الماضي وهي تُحكم وتدار وفق"عقلية الغازي المحتل"، القائمة على طمس حضارة الشعب الأصيل ونكران وجوده . لا يمكن لـ"لعقلية الغازي المحتل" أن تؤسس لهوية وطنية سورية جامعة لكل السوريين. هذه العقلية الإقصائية ،حولت ظاهرة التنوع والتعددية التي يتصف بها المجتمع السوري، من عامل غنى وثراء وطني الى عامل ضعف وتمزق للهوية الوطنية السورية. تفجر الأزمة السورية ربيع 2011 زاد المشهد السوري تعقيداً. حرب كارثية مدمرة على مدى ثلاثة عشر عاماً أخرجت الى السطح جميع التناقضات والصراعات والنزعات(العرقية والدينية والمذهبية والقبلية ) الكامنة في قاع المجتمع. هذه الحرب، حركت "الهويات القاتلة" في تحدي واضح وصارخ للهوية الوطنية السورية الجامعة .
الإطاحة بحكم الأسد ونظامه القمعي يوم الثامن من كانون الأول 2024 كان بمثابة "زلزال سياسي" تأثرت به جميع دول الجوار السوري و الإقليم. بسقوط حكم الأسد، تحررت سوريا من نظام بعثي عروبي دكتاتوري جثم على صدور السوريين لأكثر من ستة عقود . رغم أهمية هذا الحدث السياسي الكبير، لكن ما حصل لم يكن "ثورة وطنية" حاملة لمشروع وطني ديمقراطي . عام مضى على سقوط الدكتاتورية،من غير أن تتضح ملامح سوريا الجديدة ، أكانت سترتدي (طقم المدنية والحداثة) أم (العباية الإسلامية )،التي جمعت مختلف الفصائل والجماعات الإسلامية الجهادية بقيادة (هيئة تحرير الشام) بزعامة (ابو محمد الجولاني) ، وقادت ما سميت بـ"عملية ردع العدوان" التي نجحت بالإطاحة بحكم الأسد ونظامه القمعي، وتسلمت السلطة في سوريا واختارت (أحمد الشرع) - ابو محمد الجولاني- رئيساً لمرحلة انتقالية محددة بخمس سنوات وفق ما جاء بالإعلان الدستوري لحكومة الشرع .
ثمة تحديات كبيرة (داخلية وخارجية) تواجه حكومة الشرع في إعادة بناء سوريا الجديدة . أبرز هذه التحديات : الوضع الأمني الهش، الوضع الإقتصادي المنهك، إعادة الإعمار ، اخراج القوات الأجنبية ، اعادة سلطة الدولة الى المناطق الخارجة عن السيطرة ، استمرار العدوان الإسرائيلي واحتلاله لمزيد من الأراضي السورية. بعض الأطراف وجدت في هذه التحديات وغيرها ، التي أضعفت سلطة الدولة، فرصته للضغط على حكومة الشرع الانتقالية وفرض شروطه ومطالبه عليها، لجهة (شكل الدولة والنظام السياسي)، مثل "الفدرالية - اللامركزية السياسية" . البعض ذهب الى المطالبة بالانفصال التام عن سوريا. صحيح أن النظام الفدرالي نجح في الكثير من دول العالم وشكل رافعة أساسية لتقدم وازدهار هذه الدول، لكن الحقيقة التي يجب أن لا تغيب عن البال ، أن (النظام الفدرالي) جاء لتوحيد ولايات وأقاليم متفرقة. ما من دولة قائمة معترف بها من قبل الأمم المتحدة تم تقسيمها الى ولايات وأقاليم ومن ثم تم جمعها وتوحيدها في (دولة اتحادية). هذا حصل فقط في العراق وهو تحت الاحتلال الأمريكي 2003. فبعد أن أطاح الاحتلال الأمريكي بحكم البعث وبنظام صدام حسين، اشترط الأكراد "حل الجيش العراقي وتحويل العراق الى دولة اتحادية فدرالية" للانخراط في العملية السياسية، أملاً بالانفصال لاحقاً عن العراق وتحقيق حلم "الدولة الكردية". بالفعل عام 2017 استفتى أكراد الشمال العراقي على الانفصال عن العراق ،لكن الخطوة الكردية قُبلت برفض عراقي واقليمي ودولي. بعد عشرين عاماً اعترفت أمريكا بفشل "النظام الفدرالي" في بناء دولة عراقية قوية متماسكة ومزدهرة. مؤكد أن حال "سوريا الفدرالية" سيكون أسوأ بكثير من العراق الفدرالي. بضم أراض واسعة من الشمال الشرق السوري الى خريطة ما تسمى بـ"كردستان الكبرى" وإدراج هذه الخريطة ضمن المناهج الكردية ، نشأ جيلاً كردياً كردستانياً رافضاً للهوية السورية،حتى أن بعض الكرد بات ينظر الى سوريا كدولة احتلال للمناطق السورية التي يقطنها الأكراد. تمسك الأكراد بـ"الدويلة" التي أقاموها خلال سنوات الحرب في الجزيرة السورية و خروج محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية عن سيطرة الدولة وبروز تيار انفصالي درزي يتزعمه الشيخ(حكمت الهجري) وانتقال عدوى الفدرالية و الإنفصال الى الساحل السوري ذات الغالبية العلوية وتشكيل ما يسمى بـ" المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا" ،هذه التطورات الأمنية والسياسية، عززت مخاوف السوريين ،وهي مخاوف مشروعة، من أن تكون "الفدرالية -اللامركزية السياسية" خطوة على طريق تقسيم سوريا وتفتيتها الى كيانات طائفية وعرقية ، ستغرق سوريا والمنطقة في حروب وصراعات لا نهاية لها، بشرت بها الأحداث الطائفية المؤلمة التي شهدتها منطقة الساحل ومحافظة السويداء.قتل أبن السويداء وهو أعزل رافعاً يديه قائلاً "أنا سوري" يعري حالة الانحطاط الأخلاقي التي انحدر اليها المجتمع السوري. تبقى (اللامركزية الإدارية) للمحافظات هي الطريق الآمن والخيار الأنسب والأسلم لسوريا الجديدة. الطريق الى سوريا الجديدة يمر عبر التأسيس لهوية وطنية سورية جامعة لكل السوريين. ليس من الوطنية اختزال هوية سوريا وتاريخها بـ(العروبة والإسلام) وسوريا التاريخية (سوريا الكبرى) عمرها أكثر من 7000 عام ، عن السريان الآشوريين أخذت اسمها وهويتها الأولى، وقد توالت عليها شعوب وأقوام كثيرة قبل أن يغزوها العرب المسلمين بآلاف السنين . التأسيس لهوية وطنية سورية جامعة يبدأ بوضع مناهج تعليم وطنية في المدارس والمعاهد والجامعات السورية. مناهج وبرامج وطنية ، تُعرف الإنسان السوري بتاريخ وحضارة بلاده. وهذا يتطلب اعادة كتابة تاريخ سوريا في كل مراحله بشكل موضوعي وعلمي بعيداً عن التسييس والأدلجة القومية والدينية والسياسية. المطلوب أيضاً، تحديث ليس فقط البنية التحتية وإعادة إعمار البناء المحطم، وإنما تحديث البنية الفوقية للمجتمع والدولة(الثقافة، المؤسسات الثقافية والتربوية والتعليمية، مناهج التعليم ، بنى السلطة السياسية، المجتمع المدني، الدستور ،القضاء). الأهم من كل هذا وذاك، إعادة بناء الإنسان السوري، فهو العنصر الحاسم والأهم في بناء سوريا الجديدة.



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مجزرة كنيسة مار الياس بدمشق-
- سوريا بعيون مسيحييها
- سوريا: الجولاني (رئيساً) !
- (رسالة آشورية) إلى الحاكم الجديد لسوريا( أحمد الشرع)
- هل من (يهود ومسيحيين) أكراد ؟؟؟
- أردوغان وسياسة (نبش القبور)
- تهمة الإنفصال تلاحق الأكراد
- نينوس آحو ، الشاعر الآشوري الثائر…
- آشوريو سوريا ضحايا الفاشية الحاقدة
- أكراداً يكتبون عن الدور الكردي في الإبادة ( الآشورية - الأرم ...
- مطارنة حلب المخطوفين .. (القضية المنسية)
- -عيد النوروز- في حساب العلاقة( الآشورية -الكردية )
- الأحزاب (السريانية الآشورية) ومسألة الأقليات في سوريا
- حين توقف الزمن الآشوري فجر 23 شباط 2015
- الأحزاب الكردية ومسألة الأقليات في سوريا
- (نوري اسكندر)، موسيقار آشوري سوري عالمي، خذلته حكومة بلاده
- مسيحيو المشرق في زمن -ثورات الربيع العربي-
- إضاءة على (حركة التحرر الآشورية) المعاصرة
- مسيحيو الجزيرة السورية من غير حماية
- الأبعاد السياسية ل(المحرقة الآشورية) في بغديدا العراقية


المزيد.....




- واشنطن تفرض حظر سفر على رعايا خمس دول يشمل السوريين والفلسطي ...
- طارق السكتيوي.. سليل عائلة كروية قاد منتخب المغرب إلى الألقا ...
- المدرب جمال السلامي.. من ملاعب المغرب إلى قيادة المنتخب الأر ...
- تصاعد معارك كردفان وسط انتشار الأوبئة وتوثيق مقتل 100 مدني ب ...
- دعوات أممية لإدخال المساعدات إلى غزة وإدانات أوروبية عنف الم ...
- بتهمة جديدة.. ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجددا
- يعملون بدون عقود دائمة أو تأمين.. ماذا قالت البيانات الرسمية ...
- ترامب يعلن خطوبة نجله الأكبر على بيتينا أندرسون.. من تكون سي ...
- القضاء الفرنسي يطالب بتغريم -لافارج- مليار يورو بتهمة تمويل ...
- مسؤول أميركي: على طرفي النزاع بالسودان قبول هدنة -دون شروط- ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليمان يوسف يوسف - الطريق الى ( سوريا الجديدة) يمر عبر التأسيس لهوية وطنية جامعة