أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حارث محمد حسن - الطبقة السياسية العراقية : الاستثمار في الفشل















المزيد.....

الطبقة السياسية العراقية : الاستثمار في الفشل


حارث محمد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1838 - 2007 / 2 / 26 - 08:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لزمن غير قصير ، اثرت عدم الخوض في هذا الموضوع متصورا ان الامور لاتحتمل ترف التعاطي مع قضايا تحمل بشكل او اخر طابع النقد للاشخاص لا للظواهر ، مفضلا التعاطي مع القضايا الشاملة والواسعة التي تترك اثرها على مستقبل البلد وحياة هذا الشعب . غير انني اكتشفت ، متأخرا ربما ، ان ماكنت اضنه نقدا للاشخاص انما هو معالجة لظاهرة اوسع من الاسماء وابعد من ان تكون " مشخصنة " ، فدراسة وتفكيك الطبقة السياسية العراقية بات ضرورة مثله مثل اي قضية " عراقية " جدلية اخرى .
بالطبع وتجنبا لاي تجني يمكن ان ننجر اليه تحت اغراء الانتفاض من ضغط اللحظة الراهنة ، لابد من الاقرار ان الطبقة السياسية العراقية كمثيلاتها العالم ثالثية كانت على الدوام طبقة مأزومة تستبطن في داخلها تناقضات الواقع العراقي وازمات الهوية والشرعية والمواطنة المتغلغلة والمتراكمة عبر هذا الواقع . لذلك ، كان العراق يزج زجا وراء خيارات لاتحمل طبائع الذات العراقية ، وان فعلت فانها لاتعكس تطلعات تلك الذات . كان العراق بفعل خيارات طبقته السياسية عاجزا عن ان يخلق خياراته ، وتم تجاهل الانا الجماعية مع توالي التغيرات الفوقية في السلطة بشكل عزلة متصاعدة عن المجتمع الذي غدا منقادا لايملك اي اداة من ادوات التاثير في واقعه الذي صار مصطنعا تصوغه مزاجيات القائد وسدنته . بسهولة صار بامكان العراق البلد ان يغدو جزءا من حرب طاحنة او ازمة اقليمية وربما دولية كبرى لا لأن ذلك يخدم المصلحة الاستراتيجية بل لأن افرادا في الطبقة السياسية يشعرون بعدم ميل شخصي تجاه قادة هذا البلد او ذاك او بالامتنان الشخصي لقادة بلد اخر يتحالفون معه ، ايضا بلا وازع متصل بالمصلحة الوطنية .
المشكلة في السياسي العراقي انه مأزوم يحمل في داخله تاريخا من العرقنة المحتدمة ، وتراكمات ماض يؤجج في داخله حواس الانانية المفرطة حتى وهو يتحدث بلغة المجموع . ولأن العراق بلد افتقر لحياة سياسية صحية كما لبنية تحتية ملائمة لانتاج السياسي الوطني المحترف ، اصبح الشأن السياسي كما الكثير من الشؤون العامة حكرا لسيطرة الطارئين الذين يحولون غفلات الزمن الى قاعدة فينتجون استثناءا حياتيا يكرس نفسه حد التحول الى مطلق . اما ببساطيل ابناء القبيلة او ببساطيل الاجانب ، يتربعون على كراسي هشة تشاركهم خوف البقاء وازمة الاستمرار واجترار الماضي عند التعاطي مع حاضر مختلف عنه . يبدو السياسي العراقي كمن يعيش في كل لحظة خشية فقدان الغنيمة ، فتتحول كل لحظة لديه الى تجل لصراع التشبث العسير بالاستثناء الساخر الذي جعل هذا الرجل يشغل هذا المنصب !!!
يشعر السياسيون العراقيون بأرق المغادرة في صباحاتهم فتكون افعالهم نتاج فكر متارق يعيش غبش المراوحة بين النوم واليقضة ، وتكون قراراتهم مثقلة بوهم السلطة الذي لايفهمونه الا على انه تسلط ، فيعيدون انتاج ذات " المنجز السياسي " ، تكريسا لفجوة العلاقة مع شعب يبدو بعيدا وراء الجدران الكونكريتة الغليضة . وفي كل يوم يتكور المسؤولون فيه على كراسيهم متلبسين دور الحاكم بامره ، يكونون قد ابتعدوا خطوة اخرى عن المحكومين بامرهم ، ومجددا ، يتعزز الفاصل الوجداني والثقافي والفكري وبالتالي الاحساس بالمجموع ، بانتظار بساطيل جديدة تطا ارض القصور الفارهة ...
معظم اعضاء الطبقة السياسية الحالية يتعاملون مع مناصبهم بمفهوم الغنيمة ، ولايرون الواقع سوى فرصة يدركون مدى مفارقتها وهم يجترون بؤس الماضي مستذكرين احلامهم البسيطة التي انتهت الى حال لم يجرؤ بعضهم على تخيله فصار يحاول تخيله وهو فيه .
المنطقة الخضراء اليوم هي رمز للطبقة السياسية الجديدة ، ففيها توجد اهم مؤسسات العهد الجديد ومنها تتخذ كبرى القرارات ويتحدد مصير البلد ، وفي الاعوام الاخيرة تم توزيع الاف المناصب والوظائف والالقاب على سكان المنطقة ، بعضهم تبادل المواقع مع غيره وبعضهم صعد السلم بضع درجات وبعضهم كان زائرا جديدا تحول الى ساكن في المنطقة الامنة ، وبعضهم تدحرج الى درجات ادنى وبعضهم ركل الى خارج المنطقة ، وهناك من يقف على ابوابها متوسلا دخولا سعيدا كما الكثيرين من الذين انتهت بهم الصدفة سكانا للمنطقة السعيدة . لقد شغلت الاف الوظائف هذه بلا اعلان في صحيفة ، وبلا تنافس بين عدة مرشحين ، بلا اختبار حقيقي للكفاءة او الاخلاق ، كانت الفراغات تملأ بالطريقة العراقية المعتادة : اخي او ابن عمي او صديقي الذي شاركني يوما احد معسكرات اللجوء او رفيقي الذي شاركني سابقا نهب الجنود ايام الجيش العتيق المتباكى عليه . وعندما تملأ الشواغر ويظل هناك المزيد من الطلب ، يتم استحداث وظائف جديدة ليتم شغلها من بقية الاقارب والاصدقاء . مرة اخرى تغرقنا الطبقة السياسية الجديدة بتقاليد الطبقة القديمة ، وتكرس مفاهيم القبيلة والمحسوبية والمحاباة ، فينتهي جهاز الدولة الى حالة من العجز عن الخلق لانه صار مشلولا بهيمنة " المخلوقات الطارئة " . هل يحتاج بلد مثل العراق بسلطته المركزية الضعيفة وبيروقراطيته المترهلة الى اكثر من 30 وزارة ، هل تم التغلب على كبرى الاستعصاءات لتقام وزارات لم تمر حتى بمرحلة ان تكون دوائر عاملة . كل وزارة تعني وزيرا ورجال حمايته البالغون اكثر من 40 شخصا ووكلاء وزارة ورجال حماياتهم ، ثم مستشارون وهؤلاء هم الاصدقاء القدامى للوزير الذين لم يتم ايجاد عمل لهم في الوظائف الاصيلة . والغريب انه في زحمة المستشارين يتم اتخاذ قرارات خاطئة لاتوحي انها خرجت بعد اي مشورة ، والكارثة انها خرجت فعلا عبر نصح هؤلاء المستشارين . وعندما يكون المسؤول شخصا لاعلاقة له بمسؤوليته ولا يحمل اي مؤهل للتعاطي مع هذه المسؤولية ، ويكون مستشاره مجرد صديق قديم ، تكون الوزارة مكانا لقضاء وقت الفراغ لاسيما مع توفر خدمة الانترنيت حيث يجد الموظفون شيئا ليفعلوه ساعات الدوام الرسمي .
ولكن ماذا عن افاقين استغلوا الفوضى العراقية ليحتلوا مناصب مهمة يستثمرونها في تحقيق طموحاتهم المريضة عبر الفهلوة المدعومة هذه المرة بسلطة طارئة . ماذا عن شخص يشغل درجة وزير يقضي طوال مدة خدمته خارج العراق بحجة التنسيق الخارجي او العلاج او الايفاد ويتقاضى راتب الوزير بل وتقاعدا ابديا يؤمن له حياة مريحة لما تبقى له من عمره في لندن او بيروت . وعندما اقول راتب وزير ، اتحدث عن مبلغ يساوي 70 ضعفا من راتب الموظف العادي ، فضلا عن السكن المؤمن بالمجان مع خدماته في المنطقة الخضراء ورجال الحماية والمساعدون الذين يعيشون اجازة طويلة مادام مسؤولهم يقوم بعمله الوطني خارج العراق . لست هنا اقص حكاية متخيلة بل انها بنت واقع اعرفه بدون وسطاء كثر ، وهو واقع ليس أمر من حقيقة وجود مؤسسات باكملها عاطلة عن العمل لكنها تبتلع بشهية ونهم قوت هذا الشعب المسكين وهي تعيش رفاهية المنطقة الخضراء وعزلتها المتصاعدة .
مجددا يتم سحق الطبقة العراقية الوسطى عبر طبقة سياسية لاتتمتع بثقافة الوطنية اللازمة لادارة بلد . والعدد النزير من المخلصين لايستطيع تحت ضغط النجاة الخروج عن هذه التقاليد لانها غدت القاعدة وماسواها استثناءا يجري القضاء عليه ....



#حارث_محمد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفارقات التقريب بين المذهبين على طريقة الجزيرة !!!
- خارطة طريق : صفقة اقليمية وانتخابات اكثر تمثيلية
- لاوقت للاستراحة _ الصراع من اجل التغيير
- دعهم يخرجون - العلاقة مع الاسلامويين


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة اشتباك مسلح بين الشرطة الأمريكية ومشتبه به.. ...
- هذا الفيديو لا يتعلق بمحاولة اغتيال مزعومة لولي العهد السعود ...
- فرار 10 آلاف شخص من منطقة خاركيف الأوكرانية على خلفية الهجوم ...
- خريطة توضح آخر تحركات القوات الإسرائيلية في عملياتها بغزة
- خطوة بخطوة.. كيف ستمر مساعدات غزة عبر الرصيف العائم؟
- هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم ...
- ترامب يعد ببناء -قبة حديدية- فوق الولايات المتحدة
- إجلاء 10 آلاف شخص من منطقة خاركيف الأوكرانية بسبب الهجوم الر ...
- -طائرات حربية مصرية في سماء سيناء-.. ما حقيقة الفيديو؟
- -أكثر من ثلث طلاب الجامعات البريطانية يرون هجوم حماس عملا من ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حارث محمد حسن - الطبقة السياسية العراقية : الاستثمار في الفشل