جلال الصباغ
الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 20:50
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
لمن لم يقرا رواية انطوان تشيخوف "عنبر رقم ٦" فهذا مختصر لهذا العمل العبقري الذي صور فيه تشيخوف حال مستشفى للأمراض النفسية والعقلية في نهاية القرن التاسع عشر في روسيا، إذ يرسم تشيخوف علاقة مأساوية بين طبيب عاجز وهو ( اندريه راجين) ومريض يمتلك وعيا فلسفيا ماديا وهو (إيفان كروموتوف) وهما يختنقان داخل مستشفى بائس تنهشه الفوضى والقسوة والإهمال كتعبير واختصار لبلد يأن تحت حكم القياصرة شبه الاقطاعي الرجعي والفاسد.
والطبيب رغم وعيه وانسانيته (البرجوازية) يصبح جزءا من منظومة الإهمال، والمريض يتحول إلى صوت يصرخ في الفراغ لكنه يدرك جيدا ان مأساته ليست في عقله او تفكيره إنما في الظروف المأساوية والحياة الكارثية التي دفعته للجنون.
هذا الواقع الروائي يكاد يطابق اليوم صورة مستشفى الرشاد، حيث يعيش المرضى في هذا المستشفى واقعا من الألم والمأساة الإنسانية، التي تجسد انحطاط وبشاعة واجرام القوى البرجوازية الحاكمة والمتمثلة بتيارات وأحزاب الإسلام السياسي وشركاؤهم من القوى القومية والعشائرية.
أن الصورة التي نشرها العديد من الناشطين على وسائل التواصل والتي تصور حجم الخراب والإهمال وتهالك جميع المرافق داخل مستشفى الرشاد، إنما هي تعبير عن بشاعة هذا النظام القاتل والمتفسخ، والذي لا يهمه سوى مصالح أحزابه وقواه وداعميه. دون الاكتراث بمصير الإنسان مهما كان حاله وظروفه، فبينما تختفي مليارات الدولارات في كل سرقة وصفقة ينام مرضى مستشفى الرشاد دون أسرّة وبمالبس رثة متهرئة.
أن الواقع اللاانساني داخل مستشفى الرشاد يفاقم من تدهور صحة النزلاء ويجعلهم أكثر بؤسا ومرضا، كما أن هذا الواقع يجعل من غالبية المواطنين في مختلف أنحاء العراق وبسبب هيمنة قوى النهب المليشياتية الرجعية، أكثر فقرا وبطالة وتلوثا وتدهورا على مختلف الصعد.
من يريد أن يغير من وضع مستشفى الرشاد وغيرها من المستشفيات الحكومية والمدارس والجامعات ومختلف المرافق التي تقدم الخدمة للمواطنين، عليه اولا العمل على الخلاص التام من قوى الاستغلال المرتبطة بالقوى الرأسمالية العالمية وصراعاتها من أجل السيطرة من خلال دعم قوى النهب والظلام التي تدير البلاد.
#جلال_الصباغ (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟