منى سويدان
الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 02:52
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
الوسادة ليست قطعة قماش نضع عليها رؤوسنا فقط،
بل المكان الذي تسقط عنده كل الاقنعة،
ويهدأ فيه ضجيج العالم ليبدأ ضجيج الداخل.
هناك، حين ينطفئ الضوء،
يأتي كل شيء دفعة واحدة:
الظلم الذي تعرضت له،
الحقوق التي ضاعت،
الكلمات التي ندمت عليها،
والأخطاء التي حاولت نسيانها طوال النهار.
وعلى تلك الوسادة،
يتساوى من أنهكه الدين، ومن أثقلته الهموم،
ومن ظلم، ومن ظُلم،
ومن عاش يومه متظاهرًا بالقوة وهو من الداخل هشّ.
يقولون إن الظالم لا يلوم نفسه،
لكن الحقيقة أن كل إنسان في خلوته يعرف نفسه جيدًا،
ويعرف ما فعله وما تركه،
وما كان يجب أن يقوله ولم يقله.
وهناك، على تلك الوسادة،
لا تعود الحسابات بينك وبين الناس فقط،
بل بينك وبين نفسك أيضًا.
تسأل نفسك عن حلم تركته،
وطموح أخّرته،
وفرصة مرّت من أمامك وقلت: غدا
والغد لم يأتِ.
فالليل لا يستدعي الذكريات وحدها،
بل يستدعي الأحلام المؤجلة،
وتلك الوعود التي قطعتها لنفسك ولم تنفّذ منها شيئًا.
وتسأل نفسك بصدق:
هل ظلمت الآخرين… أم ظلمت نفسي أكثر؟
ثم تبدأ محكمة الوسادة:
جلسة صامتة لكنها قاسية،
لا تحتاج قاضيًا ولا محاميًا،
كل ما فيها أنت… وما فعلته… وما هربت منه.
تحاسبك على كلمة آذيت بها أحدهم،
وتحاسبك أيضًا على حلم خنقته بيديك،
وعلى طموح خفت منه أكثر مما رغبت به.
وفي تلك اللحظة،
تعرف الحقيقة التي نخفيها عن أنفسنا نهارًا:
أن ما يؤرقنا ليس الناس…
بل نحن.
وفي الصباح،
ننهض كأن شيئًا لم يحدث،
نرتّب أسرّتنا ووجوهنا،
ونعود لنُكمل يومنا،
بينما ملفّ الليلة الماضية يبقى مفتوحًا…
ينتظر الليلة التالية،
بانتظار اعترافٍ جديد
أو حلمٍ جديد نخاف تحقيقه.
وتستمر الحياة…
.
#منى_سويدان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟