أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - جيل -زد- في المغرب: كلمة السر هي -الاحتجاج الجماهيري-














المزيد.....

جيل -زد- في المغرب: كلمة السر هي -الاحتجاج الجماهيري-


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 04:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سأبدأ من حيث انتهى عبد السلام بنعبد العالي (في مقاله عن جيل "زد") بصيغة أخرى نسبيا: جيل "زد" هو الأكثر تأهيلا للتعبير عن أزمات الواقع المغربي، لكنه غير مؤهل لتغييره. لماذا؟
إن اهم ما يملكه شباب جيل "زد" هو الالتصاق بالواقع والتأثر المباشر واليومي به، أي أنهم لا يعتمدون على "وساطة" دعائية تحجب المعطيات من خلال تغييرها وتبريرها. كما يملكون "إمكانيات عالمية" للمقارنة بواقعهم حيث هم. فالواقع عندهم هو ما يستطيعون التفاعل معه بدون حاجة لتصورات كبرى تختبر الوقائع لصياغة ما هو أساسي وغير "مرئي" للناس عامة.
يتعلق الأمر بإعادة الاعتبار لقوة "تراكم التجارب" والاحتفاء بطابعها المباشر. الواقع عندهم هو ما يستطيعون تغييره والاستفادة من ذلك التغيير: هو الإمكانية المالية، الفضاء الذي يمكن استعماله فورا، والحريات التي يمكن تجربتها، والأقوال التي تشير إلى ما يقابلها واقعيا...
جيل "زد" له رؤية سياسية تم اختصارها في مطالب براغماتية. وبراغماتيته هي تعبير عن توجس من قمعية النظام المغربي (كما رُوي لهم وكما يشاهدون ذلك في حياتهم القصيرة).
جيل "زد" له مرجعية مختصرة تاريخيا تبدأ مع التوثيق الرقمي للسياسة المغربية المعاصرة، لكن مرجعيته تلك غنية بما يعيشه هو في المجالات التي يلتحم بها يوميا.
جيل "زد" له براغماتية التي نتجت عن فساد الأحزاب السياسية المغربية الموالية كليا وجزئيا للسلطة والدولة، ونتيجة لغياب أي دور أساسي للنقابات وفسادها هي أيضا.
جيل "زد" لا يعرف شيئا كبيرا عن تضحيات التيارات الراديكالية في السبعينيات والثمانينيات، ولا يرى أي حضور وازن لها في حاضره: لم تخض هذه التيارات أية معركة تاريخية منذ التسعينيات تسجل في ذاكرته وتتحول إلى مرجع محفز. ولا يفهم ألاعيب الدولة والسلطة في تقزيم كل حركة راديكالية سواء كانت يسارية أو إسلامية.
تخلصت مبادئ جيل "زد" من الانتماء لهذا التيار أو ذاك. لكنها مبادئ مستمدة من فكرة عامة عن "العدل": بمعنى تمجيد الاستحقاق والتضامن ورفض الشر.
إذا كانت "التيارات الفكرية السياسية الراديكالية" قد راكمت تحليلا "عميقا" ذا أبعاد تاريخية وفلسفية واخلاقية، فإنها تحولت إلى "أقليات نخبوية" تحافظ على المبادئ وتحتج على كل أشكال الميوعة والخيانة، لكنها منفصلة عن "الجماهير" ولا تملك الوسيلة لتأطيرها وقيادتها والتغلغل في أوساطها.
لذلك تقدس "التيارات الفكرية السياسية الراديكالية" "الاحتجاجات الجماهيرية"، وتفرح بها وتنتظرها وتنظر لها كيفما كانت أسباب تحققها ومآلها وتأثيرها على "الصراع ما بين الحاكمين والمحكومين".
إن تقديس "الاحتجاج الجماهيري" ناتج عن ندرتها، وصعوبة "إيقاظها" والحلم الدائم بقيادتها. لكن هل تمكن أي تيار "فكري سياسي راديكالي" من الاستفادة إيجابيا من "الاحتجاجات الجماهيرية"؟
إن من يستفيد من "الاحتجاجات الجماهيرية" (التي تعتبر مهمة وضرورية وتساهم في مراكمة النضالات وفضح التلاعبات وتحفيز التيارات الراديكالية) هي التيارات السياسية الانتهازية التي تقدم نفسها للسلطة وللدولة كبديل وكخادم لمواجهة "أي احتجاج جماهيري"، كما تستفيد منها السلطة والدولة "لتقويم بعض الاختلالات" التي كانت تنذر بتأزيم الحكم، أو باتجاه الأوضاع نحو "احتجاجات أكثر راديكالية" تفرض تغييرات أعمق ربما تطال أسس النظام نفسه.
تلتقط السلطة والدولة "الاحتجاجات الجماهيرية" كناقوس خطر فتتعامل معها بالتشويه والتشويش والقمع، ثم تتم التضحية ببعض الامتيازات وتستعيد الدولة التحكم في زمام الأمور... في انتظار "احتجاجات جماهيرية" أخرى.
لا يقدس جيل "زد" أحدا. ولا يعترفون بالحركة الوطنية، ولا يعتبرون الحسن الثاني مؤسسا لتصوراتهم حول العدل والحريات، ولا يرجعون في ممارساتهم الميدانية المطلبية لتازمامارت ولا للانقلابين العسكريين، ولا للتنكيل باليسار الجديد، ولا للتلاعب بالحركات الإسلامية، ولا لقع انتفاضات 1965 و1981 و1984 ولا احتجاجات 1990.
يبدأ التاريخ السياسي للمغرب المعاصر بالنسبة لجيل "زد" بحكم محمد السادس، أما ما قبله فله أهمية ثانوية.
ليس مقنعا القول بأن جيل "زد" يعيش في واقع افتراضي أكثر مما يعيش في واقع "فعلي" بسبب استعماله المكثف لأحدث وسائل التقنية في التواصل. فهذا الاستعمال لا يدل بالضرورة على أنه لا يملك أدوات التفاعل مع الواقع "الفعلي" واستيعاب آلياته براغماتيا:
- إنه جيل مسالم
- إنه جيل ليس ثوريا لا بالمفهوم اليساري ولا بالمفهوم الإسلامي
- إنه جيل له هوية متجذرة في تاريخ بلده
- إنه جيل يرفض الفساد
- إنه جيل يحتج على الأحزاب والنقابات التي صارت مبررة للسلطة وخادمة لها
- إنه جيل لا يتفاعل مع الإيديولوجيات الراديكالية (الماركسية والإسلامية)
- إنه جيل يضع الحرية الفردية والجماعية في مقدمة أولوياته مؤولا الدستور المغربي كضامن للحقوق ينبغي فقط احترامه.
- إنه جيل يرفض أن تتدخل الدولة، أو أية جهة وصية أخرى، في حياته (دون أن يعني ذلك أنه يتنكر للقيم المشتركة في البلاد)
وباختصار: جيل "زد" ليس ثوريا وليس خاضعا. لذلك طالب بمطالب عادية، هي مطالب معظم المغاربة: أي الحق في الصحة والحق في التعليم والحق في التعبير السلمي الفردي والجماعي، بالإضافة إلى محاربة الذين يفسدون الصحة والتعليم والحريات.
ما الذي يميز جيل "زد" عن معظم المغاربة؟ لقد قال ما يقوله المغاربة يوميا لكنه: احتج جماهيريا.
فكلمة السر في المغرب هي الاحتجاج الجماهيري: لقد بيّن جيل "زد" (وقبله حراك الريف، وحركة 20 فبراير) أن الوسيلة الوحيدة التي تجبر الدولة على الاستجابة بالقمع أو بتحقيق بعض المطالب أو بهما معا هي: الاحتجاجات الجماهيرية السلمية.
وهذا يعني أنه لا فائدة من الأحزاب السياسية الموالية جزئيا او كليا، بل إنها تشكل خطرا كبيرا على كل احتجاج جماهيري يهدف لتحيق بعض المطالب بالطرق السلمية.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين اليسار وحزب الله دماء مهمدي عامل وحسين مروة وآخرين
- عائلات سياسية لاحمة: الرهانات الخاسرة على أنظمة المستبدين با ...
- ألان دونو: لا تعني الـ (Médiocratie) نظام التفاهة ولا نظام ا ...
- محرقة غزة: لماذا سمح الغرب الديمقراطي بالإبادة الجماعية؟ (لن ...
- جيل دولوز مُمارسٌ مُشاكسٌ للفلسفة
- عن كتاب الإمبراطورية - أنطونيو نيغري ومايكل هاردت
- وَحْدَةُ النّضَالْ
- وَمَضاتُ غـــــزّهْ
- أطروحات جورج قُرُم: نقد وتفكيك مفاهيم الغرب والشرق
- الكوجيطو الديكارتي كما يراه بول ريكور
- مَن هوَ العدو؟ ولماذا يُحبُّ المغفلون عدوّهَم؟
- الدراسات -العلمية- للقرآن (خلاصات تركيبية)
- حسن نصر الله: اغتيالُ الجَسدِ وتَحْريرُ الطّيْف
- رسالتان للفيلسوفين كاريل كوزيك وجون بول سارتر
- نقد جيل دولوز للفضاء العمومي
- السفر إلى قلعة الرفاق (عن -سيرة شجرة البُطم- لمعاد الجحري)
- كيف تستغل الصهيونية التوراة؟ مضامين التوراة وتدوينها
- وداعا فيلسوف الامبراطورية والحشود: أنطونيو نيغري
- جيلْ دولوزْ الفيلسوف المُعجبُ بالشعبِ الفلسْطينِي والمُعادِي ...
- سيجموند فرويد والصهيونية


المزيد.....




- بالصور.. ترامب يشعل شمعة -ديوالي- في البيت الأبيض باحتفالات ...
- في حال فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك.. شاهد ما تعهد تر ...
- -بدقيقتين-.. ترامب يثير تفاعلا بما قاله عن -إنهاء الأمر- مع ...
- محمود أبو طلال.. شهيد الأسر وصوت المقاومة في مخيم جنين
- قبل قمة أبيك.. كوريا الشمالية تطلق صواريخ باليستية
- أوكرانيا وروسيا.. هل دخل الصراع مرحلة الحلقة المفرغة؟
- ماضي الأمير آندرو يعود ليطارده.. مذكرات فرجينيا تكشف المستور ...
- كوشنر يشعل تفاعلا بتصريح عن إعمار غزة وما هي المناطق
- الاحتلال يعتدي على شابين في القدس ويواصل اقتحاماته بالضفة
- بوليتيكو: وكالات استخبارات أوروبية بدأت بناء عملية مشتركة لم ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - جيل -زد- في المغرب: كلمة السر هي -الاحتجاج الجماهيري-