أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - ثقافة















المزيد.....

ثقافة


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 11:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحيل كاتب الإمبراطور
كان أسمه متداولا ، أكثر من مرة ، كمرشح لنيل جائزة نوبل لكنه رحل إلى الأبدية يوم 25 يناير 2007 قبل أن ينال هذا اللقب .
انه ريتشارد كابوشينسكي المولود في بولونيا عام 1932 الذي اشتهر عالميا انه كثيف الإنتاج الأدبي وكثير الرحلات الصحفية وقد بدأت أعماله عبر سياقات صحفية كثيرة سواء بمقالاته التي يتابع بها حركة حاملات الطائرات الأمريكية في بحار العالم أو عبر كتاباته عن الأزمات السياسية في مضايق العالم البحرية او في الغابات او في دفاعه عن مواطنين هنا او هناك يطالبون حكامهم بالتنشئة الديمقراطية . ظلت كتاباته متطورة ومحافظة على التنوع القائم على التجريب الأدبي والصحافي فصار مؤثرا على قرائه باعتباره كاتبا يمزج بين خبرته العامة وبين شهادته العينية المباشرة والخاصة لكثير من أحداث تاريخية مرت على بلدان العالم التي تحولت إلى مجموعة من الكتب ذات القيمة المتعددة الأغراض في الثقافة والسياسة على حد سواء فاحتلت مكانة عالمية مرموقة إذ ترجمت إلى لغات عالمية كثيرة وغدا العديد من مؤلفاته مصدرا مهما من المصادر المعلوماتية الحية التي قدمها صحافي حاملة الكثير من المفاهيم السياسية الأساسية .
أهم ميزة من ميزات كابوشينسكي انه مارس ذاته الصحفية بشكل راق من أشكال الإبداع الصحفي مستفيدا من مدارس التجارب الصحفية كافة وتطبيقاتها الناجحة في ترسيخ العلاقة بين الكاتب وصحيفته ، بين الكاتب وقرائه ، وهي تجارب تعتمد على تفاصيل لا يكتنفها غموض السرد بل تعتمد على الأسلوب الاختزالي الصارم الذي يعني بتوطيد العلاقة الملموسة بين الجريدة والحقيقة، وبين الجريدة والواقع السياسي السلوكي لأصحاب القرار في الدولة والمجتمع .
كان في كل كتبه وكتاباته مؤازرا لمستقبل الديمقراطية في حركة الشعوب ، كما يشير الكثير من الصحفيين العالميين . كنت قد قرأت له كتابا واحدا هو " الإمبراطور " فوجدت صحة التقييم العالمي لنشاط هذا الصحفي البولوني الذي كان يفرض سلطته الصحفية والفكرية على الموضوع الذي يتناوله إضافة إلى قدرته في أن يكون وسيطا ممتعا وحياديا وواعيا ً بين القارئ والأحداث التي يضعها في منظار تحليلاته .. ففي كل فصل من فصول الأحداث التي يتناولها تجده متسلحا بترسانة من الأفكار السياسية ومن اللغة الأدبية السلسة .. ومن الصعب جدا على القارئ أو المتتبع أن يجد أشياء عديمة الأهمية في كتاباته أو استطراداته مما جعله صحفيا فعالا أو رجلا ايجابيا في فعل الكتابة الصحفية مما جعله مالكا لأسلوب صحفي لا يفتت تركيز أذهان القراء عن قضية مركزية معينة تتحرك في هذا اليوم أو ذاك مساعدا قراءه في النمو السياسي وفي الإمداد الفكري . وقد عرف عنه انه من نوع الصحفيين الذين يعرفون كيفية الدخول إلى صلب الموضوع الذي يتابعه ويتناوله من دون ان يحاول فرض وصايته على القارئ محاولا أن يلازمه من بداية ما يكتبه حتى نهايته لكي يظل القارئ معافى من أي ارتباك خالقا عنده القدرة على تبادل الأفكار والحوار المتواصل . لا يتسرع في الكتابة بل يمنح نفسه وقتا طويلا في الدراسة والبحث والإلمام بكل جوانب القضية التي يتابعها صحفيا أو يريد استجلائها بكتاب لكي يتعمق بمكنون مضمونها مستخدما أعلى أشكال التقنية الكتابية لصياغة تصوراته وهي تقنية تعكس أسلوبا خاصا بكابوشينسكي حيث يمتزج فيها الأدب بالتاريخ والاقتصاد والسياسة .
ليست كتابات كابوشينسكي السياسية وحدها ذات محددات متميزة بل أن نفس المواصفات يؤسسها في كتاباته الثقافية العامة والأدبية الخاصة أيضا . ففي مقال أثار الكثير من الجدل في الأوساط الثقافية العالمية بما حفلت به متون مقاله ذاك من أفكار ومن عناصر مثيرة في عالم الثقافة والآداب فقد طرح ريتشارد كابوشينسكي سؤالا كبيرا يحمل نوعا من أنواع الفكر السياسي المتلازم مع الثقافة العالمية المتطورة : " هل جاءت نهاية هيمنة الثقافة الأوروبية ..؟ "
كتب في بداية هذا المقال قائلا: لم يكن القرن العشرون فقط قرن الحروب والأنظمة الشمولية، بل كان أيضا قرن الخلاص من الاستعمار ومسيرة تحرر طويلة المدى ، فقد تمكن ثلاثة أرباع سكان الكرة الأرضية من التخلص من الهيمنة الاستعمارية وأصبحوا على الأقل رسميا مواطنين يتمتعون بحقوقهم ، وأمر كهذا لم يحدث في التاريخ أبدا. وما أظنه سوف يتكرر. وقد تركز حكم الرأي العام المعاصر حول الخلاص من الاستعمار على المظاهر السياسية والاقتصادية وحول مسائل تتعلق بأنظمة الحكم في البلدان الجديدة، وحول المساعدات الدولية والديون ومقاومة المجاعات، لكنه لم يول اهتماما للتغيرات الثقافية الجديدة.
ولد ريتشارد كابوشينسكي عام 1932 في قرية بينسك وهي تقع في القسم البولوني الذي أصبح تابعا إلى جمهورية روسيا البيضاء ولأن القرية التي نشأ فيها فقيرة جدا فقد كتب ذات يوم عنها أنها تشبه قرية افريقية وليست أوربية ..! وكان يحس من خلال العيش فيها انه يعيش في أفريقيا حيث الأمر واحدا ومتشابها : قلة الطعام والناس يمشون حفاة .
درس التاريخ في جامعة وارشو لكنه سرعان ما تحول بعد تخرجه إلى العمل الصحفي عندما عمل مراسلا في وكالة الأنباء البولونية PAP فحصل سريعا على شهرة عالمية من رصانته في كتابة الريبورتاجات الأدبية في كثير من بلدان العالم .
كان مولعا بمتابعة الثورات المختلفة والانقلابات العسكرية والحركات الاشتراكية وبالتغيرات السياسية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية . وقد كتب عن قرب وتابع ما مجموعه 27 انقلابا وثورة . فكان شاهدا على انهيار الإمبراطور هيلاسيلاسى الذي اصدر عنه كتابا عام 1978 بعنوان " الإمبراطور " كما صدر له عام 1982 كتاب حول الثورة الإسلامية في إيران بعنوان " شاهنشاه " وتحدث في عمله الكبير المعنون " الإمبراطورية " الصادر عام 1993 حول انهيار الاتحاد السوفيتي وتجربة الشيوعية فيه خلال 70 عاما .
رحل ريتشارد كابوشينسكي عن عمر ناهز 74 عاما وكان قد كرر عدة مرات في كتاباته : أنا دائما في طريق السفر ..
كان مولعا بالشعر بل ينظمه أيضا إذ اصدر عام 1982 ديوانه بعنوان " مذكرات " . أما كتابه الأخير فقد صدر عام 2005 وهو بعنوان " رحلة مع هيرودوت " ويصف بهذا الكتاب الأماكن التي زارها المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت .
كانت حياة كابوشينسكي كلها حياة سفر وأدب ومتابعة الأحداث السياسية وهي لم تكن تخلو من مواجهة الخطر والموت في عديد من المرات . وعموما فانه امتلك خبرة صحفية متجددة ثبتت قدميها بقوة في السياسة والأدب والتاريخ في مرحلة من التطور العالمي تصارعت وتناقضت فيها الكثير من أفكار الرأسمالية والاشتراكية والدكتاتورية والديمقراطية والحركات الإسلامية المتطرفة وغيرها من إفرازات الحرب الباردة ولم تحل كلها دون رؤيته الصحفية المستقلة والعقلانية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 29 – 1 - 2007




#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسامير جاسم المطير 1270
- كثيرون يبدءون من الفراغ ثم يظلون كذلك / مقتدى نموذجاً ..!مسا ...
- بيان صادر عن الهيئة التأسيسية لمؤتمر المثقفين العراقيين [في ...
- مسامير جاسم المطير 1268
- تحية إلى السيد القمني ..!
- مسامير جاسم المطير 1267
- مسامير جاسم المطير 1264
- القطط انفع للشعب من حكومة نوري المالكي ..!مسامير 1266
- ألوان فيصل لعيبي واهبة للحياة حتى في لوحات الموت
- - المهدي المنتظر - هو الموت الرحيم للعملية السياسية ..؟ مسام ...
- السن الحرجة لحكومة نوري المالكي ..! مسامير 1263
- مسامير جاسم المطير 1262
- الشيوعيون اللبنانيون يصلّون مع حزب الله ..!! مسامير 1261
- أكبر غلطة في الحياة هي حفظ الملفات ..!!مسامير 1260
- عبد علوان كما عرفته
- مسامير جاسم المطير 1259
- التحول الديمقراطي في البرلمان العراقي ..!!مسامير 1258
- الأكاذيب غريزة كل الضعفاء ..!!مسامير 1257
- رسالة من قارئ سوداني ..‍‍!!مسامير 1256
- مسامير جاسم المطير 1255


المزيد.....




- مفاجأة غير متوقعة.. شاهد ما فعله ضباط شرطة أمام منزل رجل في ...
- بعد فشل العلاقة.. شاهد كيف انتقم رجل من صديقته السابقة بعد ت ...
- هيئة المعابر بغزة ومصدر مصري ينفيان صحة إغلاق معبر رفح: يعمل ...
- لماذا يتسارع الوقت مع التقدم في السن؟
- بلجيكا تبدأ مناقشة فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إسرائيل
- رداً على -تهديدات استفزازية- لمسؤولين غربيين .. روسيا تعلن إ ...
- تغطية مستمرة| الجيش الإسرائيلي يستعد لاجتياح رفح ويدعو السكا ...
- غارات إسرائيلية ليلية تتسبب بمقل 22 فلسطينيا نصفهم نساء وأطف ...
- أول جولة أوروبية له منذ خمس سنوات.. بعد فرنسا، سيتوجه الرئيس ...
- قاض بولندي يستقيل من منصبه ويطلب اللجوء إلى بيلاروس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - ثقافة