أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة العتابي - نوارس تحلق في الظلام














المزيد.....

نوارس تحلق في الظلام


فاطمة العتابي

الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


نوارس تحلِّق في الظلام

ليست كل النوارس التي نراها على الشواطئ ونحن في عرض البحر الهائج رسلاً من برِّ الأمان يهتف بنا من بعيد، فثمة نوارس تأخذ دور الخفافيش فتحلق في الظلام؛ لتنذر الأرواح بشؤم قادم لا سبيل لرده.
لم تكن روحي قد هدأت وقرَّت منذ افترقنا، وكيف افترقنا؟! إنها نهاية غير سعيدة، مثل أغلب قصص الحب في الشرق التي يموت فيها البطل أو البطلة، أو يرغمان على الفراق خوف عار ملزم التوقع..
الفارق الوحيد الذي تختلف به هذه القصة الشرقية النهاية، أنَّك لم ترغم على شيء، فأنا من تجرع مرارة الكأس حتى الثمالة.
وكل تلك المرارة لم تجعلني أهنأ بطعم النسيان اللذيذ، فكلما مرَّت الأيام ذكرتني بك… أنت الذي طعنتني مرة، فكانت طعنتك كحكة لذيذة تنتاب المرء فيشعر معها بشعورين متناقضين؛ شعور يرغب معه في أن لا تنتهي، وشعورٌ يرغب معه في أن تنتهي.
على الرغم من أنفي وأنف العالمين كانت طعنة نجلاء لا يقدر على تسديدها إلا من هو من طراز الجبابرة.. يومها تخيلت نفسي كمن يسير في دهليز مظلم مخيف .. وأنا غير آبهة حتى بشياطين الظلام ومردته، وكيف أخاف شيئا وأنت معي.. ومم أخشى ونورك يسير بين يدي، فيضيء لي حلكة أيامي وليالي على السواء.. أمسك بذراعك بقوة، فأشعر بها تطوقني.. فكيف لي أن أخاف بعد هذا؟ ما كنت في الأقل لأخشى من الجهة التي كنت أشعر بذراعك تطوقني فيها، وتسوِّر حصني... نعم جلّ ما كنت أخشاه أن تأتني طعنة من ذلك الجانب الذي كنت بعيدا منه، وجاءت تلك الطعنة كما كنت أخشى، ولشد ما فاجأتني! لقد كانت من الجهة التي كنت أنت فيها، تطوقني بذراعك، التي خلتها سور سليمان يحوط كبريائي وأحلامي وأوهامي على السواء.
كانت ذراعك هي التي سددت لي الطعنات!
ومثل كل المحبين، وهم يشبهون الغرقى الذين يحلمون بأصوات النوارس، حتى لو كانت نعيبا حزينا، ومثل كل من أعيته الحيل، غاب عني عدد السنين والأشهر والأيام والليالي التي مرَّت وأنا اتخيلك تعود.. ليس لأصفعك أو أرد الطعنة إليك، بل لأغفر لك.. فأنا مازلت متشبثةً بتلك اللهفة التي كانت تبدو في عينيك كلما رأيتني، فتغدو كطفل وجد أمه بعد فراق طويل، تلك اللهفة التي استمرت معك حتى بعد أن كلت لي الطعنات.
وغاب عني أيضا عدد المرات التي فتحت الفأل فيها؛ لأعرف موعد عودتك الميمونة.. ولم أملّ ...وكيف أملُّ، وهي حياتي الوحيدة التي ارتضيتُ؟!
إنها المرة الأخيرة التي رأيتك فيها – كالعادة – لهفتك كادت ترميك من سيارتك المسرعة التي أردت أن توقفها- وأنا أمرُّ أمامك في الشارع- ولكنك لم تستطع.. يومها كنتُ قد فتحتُ الفأل الذي أخبرني بأنك ستعود.. ولا أدري لماذا قررت أنا وللمرة الأولى ألَّا أقبل بعودتك! ربما لأنَّ روحي كانت موقنة بغير ما تأمل منك..
في تلك اللحظة التي رحت أجدُّ في السير مبتعدة حتى لا تلحق بي، كانت نوارسي تحلق بعيدا في ظلام خلفه صوت علا على أصواتها التي تحولت إلى نعيب كئيب، فقدت بعدها وللأبد صوتك ولهفتك، وحتى طعنتك اللذيذة.



#فاطمة_العتابي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغزيون... الإسبارطيون الجدد
- قناديل شهرزاد
- التحليق بعيدا في فضاءات الحلم
- حكاية شموئيل وحلم إيشو الرباب
- مقطوعة
- الإمام علي رائد الوحدة الإسلامية
- مقطوعتان
- قصة قصيرة


المزيد.....




- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...
- الخناجر الفضية في عُمان.. هوية السلطنة الثقافية
- السعودية.. مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم مايكل كين وج ...
- المخرج الأمريكي شون بيكر: السعودية ستكون -الأسرع نموًا في شب ...
- فيلم -الست-: تصريحات أحمد مراد تثير جدلا وآراء متباينة حول ا ...
- مناقشة رواية للقطط نصيب معلوم
- أبرز إطلالات مشاهير الموضة والسينما في حفل مهرجان البحر الأح ...
- رغم حكم بالسجن بتهمة -القيام بأنشطة دعائية-... المخرج الإيرا ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة العتابي - نوارس تحلق في الظلام