محمود جديد
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 22:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أضواء على خطة ترامب حول غزّة
====================
إنّ استمرار النضال الفلسطيني ، وبطولات مقاومته ، وخاصة تضحيات أبناء غزة بعد طوفانهم التي لا نظير لها في التاريخ الحديث، وعلى الرغم من فاشية الكيان الصهيوني ، أوصل القضية الفلسطينية العادلة إلى معظم أبناء ؛ مدن العالم ، فنزل أحرارها إلى الشوارع، وتشكّل رأي عام ضاغط على الحكومات من أجل اتخاذ مواقف تنصف الشعب الفلسطيني وحقوقه ، ولو بالحد الأدنى، وهذا ماتمّ فعلاً بالاعتراف الدولي الواسع بالدولة الفلسطينية هذا العام ..
أسباب ودوافع خطة ترامب :
———————————-—
- عزلة الإدارة الأمريكية ، والكيان الصهيوني بعد اعتراف 157 دولة في الأمم المتحدة بدولة فلسطينية من جهة ، ومحاولة توقيف اندفاع هذا الاعتراف ، وامتصاص وتفريغ محتواه .
- عزلة أمريكا داخل مجلس الأمن بسبب استخدام حق النقض وحيدا لحماية الكيان الصهيوني، على الرغم من تصويت البقية مجتمعين في الجهة المقابلة ..
- فشل الجيش الإسرائيلي في احتال قطاع غزة الذي مساحته لا تتعدّى 365 كم2 رغم الهالة المرعبة السابقة لهذا الجيش في المنطقة ، وذلك بعد مرور عامين ، وبالتالي، فوقف الحرب ينقذ الكيان الصهيوني من شر أعماله الإجرامية، وينقذه أيضاً من أزماته الداخلية العديدة الاقتصادية والقضائية والسياسية ، ويوقف خسائره بالأرواح ويحدّ من دائرة كرهه في العالم، ويجنّب الإدارة الأميركية الكثير من الإحراج وقد أشار ترامب أكثر من مرّة إلى هذا الأمر .. …
- استرجاع الأسرى الأحياء دفعة واحدة ، ورفات القتلى .
- تخلّص الإدارة الأمريكية من النفقات الهائلة التي تحمّلتها من جرّاء دعمها للكيان الصهيوني،وخاصة خلال العامين الماضيين …
- استكمال صفقة القرن ، وتوسيع اتفاقات إبراهام ، وإقامة شرق أوسط جديد تلعب فيه ( إسرائيل ) دوراً قياديّاً ..
- مشاريع ترامب الاقتصادية في غزة والتي أشار إليها في السابق أكثر من مرّة ( ريفيرا الشرق الأوسط ) ..
- سعي ترامب للحصول على جائزة نوبل للسلام، وقد فاته القطار في هذا العام ،وسيبقى أمله في الحصول عليها العام القادم باحتمال أكبر .
ملاحظات واستنتاجات حول مضمون خطة ترامب، وتنفيذها
==================================
إنّ مضمون الخطة المعلنة تختلف ببعض النقاط عن النسخة الأصلية التي تمّت الموافقة عليها في اللقاء الذي جرى بين ترامب وبعض الدول العربية والإسلامية ح، وسبب هذا الاختلاف هو إرضاء نتنياهو ليوافق عليها ، وعلى كل حال، فإنّ مضمون خطة ترامب عبارة عن استسلام المقاومة ، ووصاية على القطاع من خلال (مجلس السلام) برئاسته مع نائب له سيّئ السمعة توني بلير ، وصهره كوشنير ، وغموض هدّام خبيث ، وتوقيتات تصبّ في خدمة الكيان الصهيونى .. وفي الوقت نفسه، التفاف وتمييع للاعتراف الدولي الواسع بالدولة الفلسطينية.. غير أنّ تجزئتها إلى مراحل، والبدء بتنفيذ المرحلة الأولى فسح المجال لتأجيل النقاط المعقدّة،كما أدخلها في أجواء ضبابية ، بدون تحديد المدى الزمني لتنفيذها . هذا وقد كانت أهم العوامل التي جعلت المقاومة توافق عليها، هي الوضع المعاشي الصعب لسكان غزة ، وإيقاف القتل والدمار في غزة، وربّما استراحة محارب ، لتأمين التزوّد بالعتاد والسلاح والرجال، وهناك أيضاً ضغوط مصرية وقطرية على المقاومة للقبول بها تؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ أي قرار .. ونظراً لصعوبة تنفيذ الخطة الكاملة تمت تجزئتها إلى مراحل…
وفيما يلي أهم النقاط التي تمّت الموافقة عليها في المرحلة الأولى:
- وقف إطلاق النار ، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى الخط الأصفر
- إطلاق الأسرى الإسرائيليين جميعاً، وعددهم عشرون ، وتسليم رفات 28 من القتلى الإسرائيليين ، وبالمقابل إطلاق سراح 250 أسيرا من ذوي الأحكام المؤيدة الفلسطينيين ، وقد تمّ إطلاق سراحهم، ولكنّ الطرف الإسرائيلي رفض إطلاق سراح مروان البرغوثي، وأحمد سعدات ، وعبدالله البرغوثي ..وقد فرضت على البعض من المطلق سراحهم عدم الإقامة في فلسطين .. كما أُطلِق سراح 1700 من قطاع غزة .. ولكنّ المقاومة الفلسطينية في غزة ستخسر ورقة هامة ضاغطة على الكيان الصهيوني بعد تسلّمه جميع أسراه الأحياء .
- سلّمت المقاومة الفلسطينية رفات 14 من القتلى الإسرائيليين حتى الآن، وتعذّر تسليم العدد الآخر لصعوبة الوصول إليها ، فبعضها تحت ركام المنازل المهدمة التي بحاجة إلى عتاد هندسي ثقيل ، وهو غير متوفر لدى المقاومة ، وفي الأنفاق التي دمّرتها القوات الإسرائيلية، أو موجودة في المناطق التي لاتزال ( إسرائيل) تسيطر عليها وتبلغ 53٪ من مساحة غزة..
- السماح بعبور 600 شاحنة يومياً من المواد التموينية، والدواء ، والمحروقات ..الخ
غير أنّ الكيان الصهيوني استغلّ صعوبة الوصول إلى رفات أسراه جميعاً حتى الآن فأوقف دخول الشاحنات إلى غزة ، كما خرق الاتفاق باستهداف بعض الفلسطينيين الذين اقتربوا من الخط الأصفر لتعذّر التعرّف عليه فأطلقت القوات الإسرائيلية النار عليهم وقتلت العشرات منهم ، ثمّ جاء حادث مقتل جنديين إسرائيليين في رفح مؤخراً ، مع العلم أنّ حماس نفت علاقتها بذلك، فصعّد العدو الصهيوني اعتداءاته على الفلسطينين ، وقد صل عدد الضحايا إلى 38 شهيداً و143 جريحاً حتى الآن ..
وعموماً، فقد فشلت أهداف العدوان على غزة ، فلم يستطع نتنياهو خلال عامين استرجاع الأسرى بالقوة ، ولا تهجير سكان غزة ، ولا إقامة مستوطنات فيها ، والذي نجح فيه هو المزيد من الضحايا، والجرحى والدمار والخراب ، فعلى الرغم من مأساة ذلك ، إلا أنّ القضية الفلسطينين ترسّخت في ضمائر أحرار العالم ، وفضحت فاشية الكيان الصهيوني ، وأوصلت نتنياهو إلى محكمة الجنايات الدولية ، وصدرت أحكام بحقه ، وأصبح مطلوباً للعدالة في الكثير من دول العالم إذا وطأت قدماه أراضيها تنفيذاً لهذه الأحكام …
خطة اليوم التالي :
———————
نظراً لصعوبة تنفيذ المرحلة الثانية، وتعقيداتها فقد تمّ عقد لقاء في شرم الشيخ ضمّ الرئيس الأمريكي، ورؤساء مصر
والأردن ، وتركيا ، والإمارات ، وباكستان ، والهند وإندونيسيا، وألمانيا ، وبريطانيا، وفرنسا،وإيطاليا، وآخرين حتى وصل العدد إلى مايزيد عن عشرين دولة ، بهدف ضمان تنفيذ اليوم التالي تضمّن :
- انسحاب إسرائيلي تدريجي من قطاع غزة.
- خطة لليوم التالي تتضمن آلية حكم في غزة بدون حماس.
- قوة أمنية تضم جنودا من دول عربية وإسلامية.
- تمويل عربي للحكومة الجديدة في غزة وإعادة إعمار القطاع.
- مشاركة جزئية من السلطة الفلسطينية.
* في المقابل، كما تسرّب عن لقاء شرم الشيخ ،فقد قدّم القادة العرب لترامب عدة شروط لدعم خطته:
- لن تضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية أو غزة.
- لن تحتل إسرائيل أجزاء من غزة.
- لن تُنشئ إسرائيل مستوطنات في غزة.
- ستتوقف إسرائيل عن انتهاك الوضع الراهن في المسجد الأقصى.
- زيادة المساعدات الإنسانية لغزة فورا.
وعلى كل حال، فالمرحلة التالية ستطول ، ومن المتعذّر تنفيذ جميع ما تمّ الاتفاق عليه ، وهناك الموضوع الأكثر صعوبة وخطورة هو سحب سلاح المقاومة في غزة ، والذي لن تتخلّى عنه مهما تلقّت من تهديدات وضغوط ، والفترة القادمة حبلى بالتطورات والمفاجآت التي ليست في الحسبان ، وفي الوقت نفسه، سيصّعد العدو الصهيوني جرائمه في الضفة الغربية ، وسيبقى الصراع معه مفتوحا ، والمقاومة لاحتلاله مستمرة إلى أمد طويل..
والنصر سيبقى حليف الشعوب المكافحة
رحم الله الشهداء أينما وجدوا في الوطن العربي، والشفاء للجرحى ..
#محمود_جديد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟