أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المومن - سبتة في الدراما الإسبانية: الحدود والتهريب وتمثل الآخر بين مسلسل -البرينثيبي- وفيلم -النينيو-















المزيد.....



سبتة في الدراما الإسبانية: الحدود والتهريب وتمثل الآخر بين مسلسل -البرينثيبي- وفيلم -النينيو-


محمد عبد المومن

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 21:57
المحور: الادب والفن
    


- مقدمة:
تشكل مدينة سبتة، بوصفها مستعمرة إسبانية على الساحل الشمالي للمغرب، مساحة حدودية فريدة تجمع بين أبعاد جغرافية وتاريخية وإثنية متداخلة. هذه الوضعية الخاصة تجعل منها حقلا خصبا لدراسة كيف تصور الحدود في الثقافة البصرية والدرامية، وكيف تستثمر الجغرافيا السياسية لإنتاج سرديات معينة عن الأمن، الهجرة، والتهريب.
يهدف هذا البحث إلى استكشاف الطريقة التي تعالج بها الدراما الإسبانية القضايا المرتبطة بسبتة، ( من خلال مسلسل El Príncipe وفيلم El Niño ) ومدى مساهمة هذين العملين في إنتاج صور نمطية عن السكان المحليين عن المغاربة عموما.
السؤال المركزي الذي يوجه هذه الدراسة هو كيف تصور الدراما الإسبانية سبتة؟ وما هي الآثار الرمزية والاجتماعية والسياسية لهذا التصوير؟ يشتمل هذا السؤال على محاور فرعية تتعلق بآليات السرد والمكان في الأعمال الفنية (أي كيف يستدعى المكان ويعرض بصريا وسرديا)، وبالأنماط التمثيلية للشخصيات المحلية والعابرة ( هل تعرض كجهة مهددة أم كضحايا )، وبردود الأفعال المجتمعية والمؤسسية على هذه التمثيلات ( كيف قرأت وسائل الإعلام المحلية والفاعلون في سبتة هذه الأعمال؟ ).
تكتسب حالة سبتة أهميتها البحثية من خصائصها المتعددة: أولا، البعد الجغرافي — كونها مدينة " إسبانية " محاطة بجغرافيا مغربية ومطلة على مضيق حيوي يجعلها نقطة عبور وموقعا استراتيجيا لشبكات التهريب والهجرة. ثانيا، البعد التاريخي — تاريخ سبتة كمسألة سيادية متداخلة بين هويات إسبانية ومجتمعات مغربية محلية، ما يولد حساسية خاصة تجاه أي تصوير إعلامي قد يبدو مسيئا أو تبسيطيا. ثالثا، البعد الإثني والاجتماعي — تعددية دينية ولغوية ووجود مجموعات سكانية ذات أصول متنوعة يجعل من أي تمثيل أحادي الطابع أمرا ذا نتائج اجتماعية ملموسة، خصوصا حين يتحول السرد الفني إلى مصدر يؤثر في تصورات الجمهور وصناع القرار.
تستند هذه الدراسة إلى منهج متعدد المستويات يجمع بين التحليل النصي/المرئي للأعمال الفنية (تحليل السرد، التمثيلات البصرية، بناء الشخصيات، والاستخدام المكاني للمشاهد) والتحليل الاستقبالي (ردود الفعل الصحفية والمحلية والنقاش العام حول الأعمال). تهدف الورقة إلى رصد الفجوات بين الواقع الاجتماعي والاقتصادي لسبتة والتمثيلات الدرامية له، وتفكيك الآليات التي تحول جزءا من المشهد الحدودي إلى مادة سردية درامية قد تكرس وصمة أو، بالمقابل، تفتح فسحات لفهم أكثر تعقيدا للحدود والعبور.
أولا: خلفية نظرية:
يستند هذا البحث إلى مجموعة من الأطر النظرية المتقاطعة التي تسمح بفهم تمثيل سبتة في الدراما الإسبانية، كما يتجلى في مسلسل El Príncipe وفيلم El Niño، بوصفها فضاء حدوديا تتشابك فيه الأسئلة الجغرافية والهوياتية والسياسية. يهدف هذا القسم إلى توضيح الأسس التي تتيح قراءة هذه التمثيلات سرديا وبصريا، وتحليل دلالاتها الاجتماعية والثقافية.
1 - دراسات الحدود (Border Studies) واللامكان (Liminality) وفضاءات العبور
تتعامل دراسات الحدود الحديثة مع الخط الحدودي لا كفاصل جغرافي جامد، بل كمجال لإنتاج المعنى والسياسة والهوية. فالحدود، وفق هذا التصور، ليست مجرد نهاية للأراضي بل فضاء تتقاطع فيه مسارات السلطة والمراقبة والتجارة غير الرسمية، وتنتج داخله هويات متأرجحة بين الداخل والخارج. انطلاقا من هذا الإطار، يمكن فهم سبتة بوصفها " مسرحا دراميا " تتقاطع فيه قضايا السيادة والهجرة والاقتصاد غير الرسمي، ما يجعلها بيئة مثالية للسرد الدرامي الإسباني الباحث عن توترات واقعية ومعنوية.
يرتبط بذلك مفهوم " اللامكان" (Non-Place) كما صاغه مارك أوجيه، الذي يشير إلى الفضاءات العابرة مثل الموانئ والمعابر والمطارات، حيث تتراجع الذاكرة الجماعية وتتقدم الحركة العابرة. هذه الفضاءات تمثل في السينما والتلفزيون مناطق تحول وتبدل، وهو ما ينعكس في مشاهد العبور بين الضفتين أو بين العوالم الاجتماعية في العملين محل الدراسة. كما يسهم مفهوم العتبة أو الحد الفاصل (Liminality) في قراءة الشخصيات التي تعيش بين حالتين قانونيتين أو اجتماعيتين، فتتحول الحدود من جغرافيا إلى تجربة إنسانية متوترة بين الشرعية والمخالفة، بين الأمان والمخاطرة.
2 - دراسات التمثيل الإعلامي للمهاجرين والمسلمين
تكشف الأدبيات المعاصرة في مجال الإعلام عن حضور قوي لما يعرف بإطار «الأمن والتهديد» (Security Framing) في تمثيل المهاجرين والمسلمين في أوروبا عموما، وفي إسبانيا خصوصا. إذ تقدم هذه الفئات غالبا باعتبارها مصدرا محتملا للخطر أو كضحايا للعنف، ما يختزل واقعهم المركب في صور نمطية تعيد إنتاج ثنائية " نحن " و" هم ". تشير دراسات مقارنة لإسبانيا وإيطاليا إلى أن التغطية الإعلامية تميل إلى صيغ إسلاموفوبية أو تبسيطية، وتظهر المهاجر أو المسلم في موقع المشتبه به أو المتهم أبديا. في هذا السياق، تمثل سبتة ومليلية مختبرا دلاليا فريدا، لأنهما فضاءان حدوديان تتحولان في الخطاب الإعلامي إلى «قضية» وطنية مرتبطة بالأمن والهجرة غير النظامية، وهو ما تنقله الدراما الإسبانية في كثير من الأحيان إلى الشاشة.
3 - نظرية الوسم أو الوصم (Stigma Theory)
تسهم نظرية إرفنغ غوفمان في تفسير الكيفية التي تنسب بها صفات سلبية لجماعات أو أماكن فتتحول إلى علامات وصم دائمة. فالوصم لا يقتصر على الأفراد، بل يمكن أن يطال فضاء جغرافيا بأكمله، كما هو الحال في تصوير حي " إل برينسيبي " كمنطقة خارجة عن القانون. حين تقدم هذه الصورة مرارا في السرد الدرامي، فإنها تخلق في المخيلة الجماعية انطباعا ثابتا عن الخطر والعنف والتهميش، مما قد ينعكس في السياسات العمومية والنظرة الاجتماعية إلى سكان الحي. لذلك، يعد تحليل آليات الوصم في El Príncipe مدخلا ضروريا لفهم كيف يعاد إنتاج " الحدود الداخلية " داخل المدينة نفسها.
4 - الاستشراق وامتداداته المعاصرة (Orientalism / Neo-Orientalism)
يشكل الإطار الذي وضعه إدوارد سعيد في كتابه الاستشراق أداة أساسية لتحليل الصور الثقافية التي تنتجها أوروبا عن الشرق. فالعالم الإسلامي، في كثير من الأعمال السمعية البصرية، يقدم كفضاء للغموض والخطر والتخلف، وهي صور تنبع من إرث طويل من التمثلات الاستعمارية. في السياق الإسباني المعاصر، تطورت هذه النظرة إلى ما يسميه بعض الباحثين " الاستشراق الجديد" (Neo-Orientalism)، حيث يعاد إنتاج الآخر «المغاربي» ضمن خطاب أمني يربطه بالإرهاب والتهريب والهجرة غير الشرعية. من هذا المنظور، يمكن قراءة تمثيل الشخصيات المسلمة والمغربية في El Niño وEl Príncipe بوصفه استمرارا أو مراجعة لهذه البنية الخطابية، وفقا لكيفية توزيع البطولة والتهديد بين «المغربي» و«الإسباني».
يسمح دمج هذه المقاربات مجتمعة بتوليد منهج تحليلي متعدد المستويات. فمن خلال دراسات الحدود واللامكان يمكن تفكيك البنية المكانية للأعمال ورصد كيف تقدم المعابر والمرافئ كساحات للتحول والاختيار الأخلاقي. وبالاعتماد على نظرية الوصم يمكن تحليل الخطاب الذي يربط بين الحي والسلوك الإجرامي، ورصد الكيفية التي تنتج بها الصور النمطية وتكرس بصريا. أما إطار الاستشراق الجديد فيتيح فحص البعد الأيديولوجي للتمثيل: كيف يبنى «الآخر» المغاربي ضمن ثنائية الخير والشر، وكيف يساهم ذلك في إعادة رسم الحدود الرمزية بين إسبانيا وأفريقيا.
- ثانيا: مسلسل البرينثيبي
يقدم مسلسل El Príncipe، الذي أنتج وبث على قناة Telecinco، حي " إل برينثييبي " في سبتة كمكان مغلق يضج بالعنف والتهريب والعلاقات المشوبة بالتوتر بين الشرطة والسكان المحليين. تدور القصة حول ضابط استخبارات يكلف بالتسلل إلى الحي للتحقيق في شبكات تهريب وإرهاب محتمل، فيجد نفسه منخرطا في شبكة معقدة من الولاءات العائلية والعشائرية، وفي علاقة حب مع فتاة مسلمة تدعى «فاطمة»، تجسد تقاطع الدين والعاطفة والاختلاف الثقافي.
من الناحية السردية، يبنى الحي كفضاء متنافر مع مركز الدولة: مكان «خارج السيطرة»، قائم على منطق خاص من القيم والأعراف. تتكرر في السيناريو إشارات إلى مفردات مثل peligroso ( خطير ) وterritorio olvidado ( منطقة منسية )، ما يعزز البنية الثنائية بين " إسبانيا الرسمية " و" الآخر الحدودي ". الحوارات بين رجال الأمن والسكان المحليين تكرس هذا الانقسام عبر لغة تقوم على الريبة والخوف، في حين يستخدم الحب العابر للثقافات ( بين الضابط وفاطمة ) كوسيلة سردية لتليين الصراع وفتح أفق إنساني داخل فضاء متوتر.
بصريا، يعتمد المسلسل على ألوان قاتمة وزوايا تصوير ضيقة تخلق إحساسا بالحصار داخل الأزقة، مع موسيقى تحمل طابعا شرقيا واضحا يربط الحي بالهوية الإسلامية/العربية. هذه التقنيات تساهم في تشكيل صورة جمالية للحي كمكان غامض ومشحون، حيث تختلط القداسة بالعنف واليومي بالمحظور.
غير أن هذه السردية اصطدمت بالواقع المحلي كما تعكسه تقارير الصحافة الإسبانية والمغربية وسكان سبتة أنفسهم. فقد اعتبر كثيرون أن المسلسل يضخم مظاهر العنف والتهريب ويختزل الحي في صورة نمطية تهمش واقعه الاجتماعي الحقيقي الذي يتسم بتعدد ديني وثقافي غني. واعتبر باحثون محليون أن تصوير " إل برينسيبي " كمنطقة خارجة عن القانون يكرس آليات الوصم التي تبرر التمييز ضد سكانه. وهكذا يصبح الحي في السرد التلفزيوني مساحة رمزية أكثر منه واقعية، حيث تنتج الدراما خطابا أمنيا متخيلا يوازي خطاب الدولة ويعيد تأكيد مركزية السلطة.
يشكل مفهوم الوصم (Stigma)، كما صاغه عالم الاجتماع إرفنغ غوفمان، مدخلا أساسيا لفهم أثر التمثيلات الدرامية والإعلامية في تكوين الصور النمطية حول الفئات والأمكنة. فالوصم لا يقتصر على الأفراد، بل يمتد إلى الجماعات والمناطق التي تقدم باستمرار ضمن إطار سلبي، بحيث تصبح سماتها المكانية والاجتماعية دالة على الخطر أو الانحراف. في هذا السياق، يكتسب حي إل برينسيبي في مدينة سبتة دلالة مضاعفة، إذ تحول في الخيال الدرامي الإسباني إلى رمز لِـ«الآخر الداخلي» — منطقة مسلمة وفقيرة ومهمشة تصور كمنبع للعنف والتهريب والتدين المتشدد.
يظهر مسلسل El Príncipe كيف يمكن للدراما الترفيهية أن تكرس آليات الوصم من خلال السرد البصري والحوار اليومي. فالمسلسل قدم الحي بوصفه «استثناء» داخل إسبانيا، فضاء مغلقا تحكمه العصبيات العائلية والاقتصاد غير الشرعي، وتخترقه الخلايا الإرهابية. هذه الصورة المتكررة، حين تقدم لجمهور وطني واسع، تسهم في بناء تصور ذهني عن سبتة كـ«منطقة خطر»، وتربط الانتماء الإسلامي تلقائيا بتهديد أمني. وقد أشار عدد من النقاد الإسبان إلى أن المسلسل، رغم نجاحه الجماهيري، أعاد إنتاج خطاب أمني يتماهى مع رواية الدولة عن الأحياء المهمشة، بدل أن يعالج جذور التهميش أو ينقل صوت السكان الحقيقيين.
الوصم هنا ليس مجرد نتيجة جمالية، بل عملية رمزية ذات تبعات مادية. إذ تعيد الدراما إنتاج ما يسميه بعض الباحثين «الحدود الداخلية» (inner borders) داخل المجال الوطني: فبينما ترسم الحدود الجغرافية عند الأسوار والأسلاك، ترسم حدود رمزية في المخيلة الجمعية تفصل بين «الإسباني الطبيعي» و«الإسباني المشكوك في ولائه». بهذا المعنى، تصبح صورة «إل برينسيبي» في المسلسل امتدادا للحدود السياسية، حيث يختزل التنوع الإثني والديني في قالب أمني يشرعن التدخل والمراقبة والعزلة الاجتماعية.
وقد عكست ردود الفعل المحلية هذا التوتر بوضوح. فقد نشرت مقالات عديدة في الصحافة الإسبانية — منها تقارير في El País و ABC وEl Faro de Ceuta — تنتقد الصورة النمطية التي رسمها المسلسل عن الحي وسكانه. عبر بعض النشطاء المحليين عن امتعاضهم من الطريقة التي جعلت بها سبتة خلفية سردية للجريمة والتطرف، مشيرين إلى أن العمل لم يظهر الجوانب اليومية الإيجابية للحياة في الحي مثل التعايش الديني والتضامن الاجتماعي. وأشار آخرون إلى أن المسلسل غذى مواقف سلبية لدى الرأي العام تجاه مسلمي سبتة، بل وأثر في لغة الخطاب السياسي والإعلامي عنهم.
ثالثا: فيلم النينيو
يعيد فيلم النينيو El Niño للمخرج دانييل مونثون، بناء جغرافيا الحدود من زاوية أخرى: البحر والمضيق بوصفهما فضاء للتهريب والمطاردة بين المهربين الشباب والشرطة الإسبانية. يقدم الفيلم شخصية «نيو» (الطفل)، شاب من جنوب إسبانيا يدخل عالم تهريب المخدرات عبر مضيق جبل طارق، حيث ترسم الحدود المائية كمسرح لتقاطع عالمين: أوروبا المنظمة والمغرب الغامض.
على المستوى السردي، يعتمد الفيلم على بنية تقليدية للدراما البوليسية، إلا أنه يحمل المكان معنى أوسع يتجاوز التهريب المادي نحو دلالات الحرية والمغامرة والعبور الطبقي. المضيق هنا ليس مجرد جغرافيا بل " منطقة رمادية " تتقاطع فيها المصالح والشبكات العابرة للقارات. البحر يقدم في لقطات بانورامية مهيبة، كرمز للانفتاح والمجهول، لكنه في الوقت نفسه فضاء للخطر والملاحقة.
في المقابل، تبنى الشخصيات المغاربية — خاصة تلك التي تتعامل مع شبكات التهريب — ضمن صورة ضبابية تراوح بين الغموض والتهديد. يظهر " الآخر " المغربي غالبا في الظلال، أو من خلف الزجاج، أو في لقطات سريعة تعزز انطباع السرية والخطر. هذا التوظيف البصري يعيد إنتاج تمثلات «الشرق» كمجال للتهريب والتهديد، بما يذكر ببنى الاستشراق الجديدة في السينما الأوروبية المعاصرة. ومع ذلك، يقدم الفيلم أيضا ملمحا من التعقيد في شخصياته؛ فـالنينيو نفسه يتأرجح بين البراءة والجريمة، ما يخلق حالة من التماثل بين المهرب الإسباني والمغاربي ضمن بنية سردية تذيب الفوارق الأخلاقية المطلقة.
من الناحية الجمالية، اعتمد الفيلم على تصوير واقعي في مواقع حقيقية بين سبتة والمضيق، مما أضفى صدقية بصرية، لكنه لم ينج من الانتقادات التي رأت أنه يكرس صورة البحر كمسرح دائم للجريمة والتهريب، بدل أن يظهره كجسر للتفاعل الإنساني والاقتصادي.
كلا العملين يشتغل على ثنائية المركز/الهامش والنظام/الفوضى، ويحولان الفضاء الحدودي إلى مختبر درامي لصراع الهويات والسياسات الأمنية. غير أن تحليل الحوار والبنية البصرية يكشف أن الخطاب العام يظل مائلا نحو التمثيل الأمني أكثر من التمثيل الإنساني، ما يفتح الباب أمام قراءة نقدية تتساءل عن حدود الواقعية وعن الدور الذي تلعبه الدراما الإسبانية في تشكيل صورة سبتة داخل المخيال الجمعي الوطني.
في فيلم El Niño، يتخذ الوصم شكلا أكثر انزلاقا، إذ لا يرتبط بحي محدد بل بجغرافيا العبور كلها. فالمغرب والمضيق يصوران كمجال رمادي تغلب عليه السرية والخطر، ويظهر «الآخر المغاربي» في الفيلم كعنصر غامض يشارك في التهريب أو يسهله، دون منح شخصياته عمقا إنسانيا أو خلفية اجتماعية. هذا التمثيل يعيد إنتاج خطاب بصري يربط الجنوب بالمخالفة، ويحول البحر إلى حد فاصل بين النظام الأوروبي والفوضى المغاربية.
تنعكس آثار هذه التمثيلات في السياسات المحلية والإدراك الجماهيري على مستويات عدة. فمن جهة، تسهم في ترسيخ تبريرات أمنية لاستمرار المقاربة البوليسية تجاه الأحياء الفقيرة والمهاجرين، ومن جهة أخرى تغذي لدى الجمهور الإسباني تصورات متخيلة عن «الخطر القريب» و«التهديد القادم من الجنوب». وبهذا تتحول الدراما الترفيهية إلى وسيط غير مباشر لإعادة إنتاج التراتبية الثقافية والعرقية داخل المجتمع الإسباني، بحيث يعاد رسم حدود «الانتماء» و«الاختلاف» عبر خطاب فني يتدثر بواقعية بوليسية.
رابعا: المكان في النينيو والبرنثيبي (بين الواقع والخيال)

يشكل المكان أحد المحاور الجوهرية في تحليل تمثيل سبتة داخل الدراما الإسبانية، لأن المدينة ليست مجرد خلفية سردية، بل عنصر دلالي يؤسس لخطاب بصري متكامل حول الهوية والحدود والانتماء. غير أن المفارقة اللافتة تكمن في أن هذا «المكان الدرامي» لا يتطابق بالضرورة مع المكان الواقعي؛ إذ تمت إعادة إنتاجه في فضاءات تصوير أخرى، ما يجعل من سبتة في الخيال التلفزيوني سينوغرافيا مصنوعة أكثر منها توثيقا بصريا.
في حالة مسلسل El Príncipe، على سبيل المثال، لم تصور أغلب المشاهد داخل سبتة نفسها، بل جرى تنفيذ معظمها في مدريد داخل استوديوهات ضخمة أعيد فيها بناء ديكور الحي الشعبي بدقة عالية، بينما استخدمت لقطات محدودة من سبتة الحقيقية (الميناء، الأسوار، الواجهة البحرية) لإضفاء إحساس بالموقع الجغرافي الواقعي. وقد استعان فريق الإنتاج بتقنيات المؤثرات البصرية، ودمج الصور لتوليد تتابعات توحي بالاستمرارية المكانية بين فضاء التصوير في مدريد والمشهد الطبيعي في سبتة. هذه الاستراتيجية البصرية تعرف في الدراسات السمعية البصرية بـ : " التصنيع المكاني" (spatial fabrication)، وهي ممارسة شائعة في الإنتاج التلفزيوني تهدف إلى خلق إحساس بالمكان دون الارتباط المادي به.
هذا التصنيع المكاني يثير سؤالا نقديا مهما: ما الذي يحدث حين يعاد تشكيل المكان الواقعي المهمش ليصبح مشهدا رمزيا للانفصال والتهديد؟ فسبتة، كما تظهر في المسلسل، ليست المدينة المتعددة الثقافات كما يصفها الواقع، بل فضاء مختزل في صورة حي شعبي متخم بالعنف والتهريب، يصور من زوايا ضيقة تغلق الأفق وتكثف الإحساس بالعزلة. وهكذا يتحول المكان الواقعي إلى نسخة متخيلة تعيد إنتاج الحدود المكانية والسياسية بطريقة درامية تماثل وظيفة «الديكور النفسي» في السرد البصري؛ أي المكان الذي يعكس توتر الشخصيات وقلق الدولة في آن واحد.
بالمقابل، اتسم فيلم El Niño بدرجة أعلى من الواقعية التصويرية، إذ جرى تصويره فعليا في مضيق جبل طارق، وفي مناطق قريبة من سبتة والخليج الإسباني المغربي. استفاد الفيلم من الطابع الوثائقي للتصوير الخارجي ومن دينامية الحركة في البحر لخلق انطباع بالحقيقة والسرعة والخطر. غير أن هذه الواقعية التقنية لا تلغي البعد الرمزي في اختيار المكان: فالمضيق في الفيلم ليس مجرد موقع طبيعي، بل فضاء سردي للعبور غير الشرعي وللحدود المتغيرة بين أوروبا وأفريقيا. يستخدم المخرج البحر كحد سائل يتجاوز المعنى الجغرافي، فيصير رمزا لقلق الهويات والتحولات الاقتصادية.
تتيح المقارنة بين العملين فهم أن الواقعية في التصوير لا تعني الواقعية في التمثيل. فـ El Príncipe يصنع واقعية زائفة عبر استحضار رموز المكان من الخارج، بينما El Niño يوظف المكان الحقيقي لكنه يخضعه لبنية سردية تضخم الخطر وتؤطر الفضاء المغاربي داخل تصور أمني. وفي الحالتين، يتحول المكان إلى «بطل خفي» يعكس تصورات إسبانيا عن حدودها الجنوبية:
• ففي المسلسل، الحي هو حد داخلي داخل الأمة الإسبانية.
• وفي الفيلم، المضيق هو حد خارجي يفصل العالم المنظم عن العالم الفوضوي.
بذلك، يمكن القول إن الدراما الإسبانية تصنع من سبتة ومحيطها مكانا تخييليا مزدوجا: واقعيا في تفاصيله البصرية، ومتخيلا في رمزيته السياسية. وهذا الازدواج هو ما يمنحها قوة التأثير، إذ يبدو للمشاهد أنه يرى «الواقع كما هو»، بينما هو في الحقيقة أمام بناء درامي يخدم سردية الدولة والهوية أكثر مما يخدم توثيق الحياة اليومية للمدينة وسكانها.
إن تحليل التوتر بين المكان المصور والمكان الواقعي يتيح، في النهاية، تفكيك آليات التمثيل التي تحول الجغرافيا إلى خطاب، وتعيد إنتاج سبتة في المخيلة الإسبانية كحد دائم بين الذات والآخر، بين الأمان والتهديد، وبين الواقع والمتخيل.
خامسا: الاستقبال والتداعيات
يحظى تحليل الاستقبال بأهمية خاصة في دراسة الأعمال الدرامية التي تتناول قضايا الحدود والهوية، لأن التفاعل الجماهيري والإعلامي يشكل جزءا من إنتاج المعنى الاجتماعي للعمل. فكل من مسلسل El Príncipe وفيلم El Niño لم يقتصرا على كونِهما أعمالا ترفيهية ناجحة، بل تحولا إلى ظواهر ثقافية أثارت نقاشا عاما واسعا حول صورة سبتة، والهجرة، والعلاقات بين المسلمين والمسيحيين في إسبانيا.
من الناحية الكمية، حقق مسلسل El Príncipe نسب مشاهدة قياسية عند بثه على قناة Telecinco بين عامي 2014 و2016، حيث تجاوزت حلقاته الأولى خمسة ملايين مشاهد، وهو رقم استثنائي في الدراما الإسبانية الحديثة. كما تصدر المسلسل قوائم المتابعة على المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا خلال عرض الموسم الأول الذي جمع بين الحبكة البوليسية والعاطفية. أما فيلم El Niño فقد كان بدوره من أنجح الأفلام الإسبانية لعام 2014، إذ تجاوزت إيراداته 16 مليون يورو، وحصل على ترشيحات متعددة لجوائز غويا السينمائية، ما يعكس مدى تجاوب الجمهور مع موضوعه المتصل بالتهريب عبر المضيق.
لكن خلف هذا النجاح الجماهيري، نشأت موجة من النقاشات النقدية والسياسية التي كشفت عن عمق الإشكالات التي يثيرها تمثيل سبتة في الخيال الإسباني. فقد تناولت الصحافة العامة (El País، ABC، El Mundo) والجرائد المحلية في سبتة (El Faro de Ceuta) النقاش حول “تشويه” صورة الحي وسكانه. وصرح ممثلون عن المجتمع المدني في سبتة بأن المسلسل حول حيا واقعيا يعاني التهميش إلى رمز أمني في الوعي الجمعي، بحيث صار اسم El Príncipe مرادفا للعنف والتطرف، لا للتعدد والتعايش الذي يميز المدينة.
على مستوى النقاش العام، تكرس ما يمكن تسميته بـ القراءة الأمنية للحدود الجنوبية، إذ ربط عدد من التعليقات السياسية والإعلامية بين أحداث المسلسل وقضايا الهجرة غير النظامية، وتسلل "الجهاديين" من المغرب، وهي قضايا شديدة الحساسية في الخطاب العام الإسباني بعد سنة 2011. وبذلك لعبت الدراما دورا في تثبيت الصور النمطية التي تصور المسلمين والمغاربة كعنصر تهديد، في مقابل إسبانيا “المتحضرة” التي تواجه الخطر من أطرافها.
أما فيلم El Niño فقد حظي بتلق مزدوج: من جهة، أشاد به النقاد الإسبان لجمالياته البصرية واقترابه من أسلوب السينما الأمريكية في أفلام الحركة، ومن جهة أخرى، رأى البعض إلى أنه رسخ صورة البحر المتوسط ك " حد فاصل بين الشرعية والفوضى "، وأنه، رغم طابعه الواقعي، لم يقدم رؤية متوازنة عن الضفة المغربية، إذ غابت عنها الشخصيات ذات العمق الإنساني أو الاجتماعي. هذا التمثيل البصري ساهم في توسيع هوة الإدراك بين الشمال والجنوب، بين الأوروبي والمغاربي، وأعاد صياغة المضيق كرمز جمالي للخطر، لا كجسر للتبادل أو الحوار.
وقد انعكست هذه التمثيلات على تصورات الجمهور الإسباني للمسلمين والمهاجرين، خصوصا في الخطاب الشعبي وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث رصدت دراسات تحليلية زيادة في تداول خطاب يربط بين الإسلام والتهريب أو الإرهاب بعد عرض المسلسل. كما لاحظت تقارير صحفية أن سبتة ومليلية باتتا تذكران في الإعلام الإسباني في سياقات أمنية أكثر منها ثقافية أو اقتصادية. هذا التحول يعكس، في جوهره، نجاح الدراما في تأثيرها الرمزي: فهي لا تغير السياسات مباشرة، لكنها تسهم في تشكيل المناخ الذهني الذي يبرر تلك السياسات أو يعيد إنتاجها.
في المقابل، حاول بعض النقاد والمثقفين الإسبان الدفاع عن الطابع الفني للعملين، معتبرين أنهما يعكسان «جزءا من الواقع» دون أن يحملا نوايا تشويه. إلا أن هذه المقاربة الجمالية البحتة تتجاهل أن الصورة الفنية، مهما كانت متقنة، تشارك في بناء وعي جماعي حول" من نحن " و" من الآخر "، وأن قوة التمثيل الدرامي تكمن تحديدا في قدرته على إقناع المتلقي بأن الخيال هو الواقع.
ختاما:
تظهر هذه الدراسة أن تمثيل مدينة سبتة في الدراما الإسبانية، كما يظهر في مسلسل El Príncipe وفيلم El Niño، يتجاوز كونه ممارسة فنية أو وسيلة للترفيه، ليصبح فعلا رمزيا يعيد إنتاج العلاقة بين المركز والهامش، والشمال والجنوب، ضمن خطاب ثقافي ذا أبعاد سياسية واضحة. من خلال القراءة السردية والبصرية، يتضح أن العملين يوظفان المكان الحدودي كساحة للصراع والعبور والتهريب، وفي الوقت نفسه يعززان صورة " الآخر المغربي " ضمن معجم أمني يختزل التعدد الاجتماعي في ثنائية التهديد والمراقبة.
تحليل مسلسل El Príncipe يبرز الحي كمكان للعنف والتطرف والتجارة غير المشروعة، مما يعكس سردية أمنية تقصي التعقيد الاجتماعي والإنساني للسكان المحليين. أما فيلم El Niño، فرغم تصويره الواقعي في مواقع حقيقية، فإنه يقدم البحر والمضيق كحد رمزي يفصل بين النظام الأوروبي والفوضى المغاربية، مسهما بذلك في ترسيخ مخيال جغرافي قائم على الانفصال أكثر من التواصل. وبشكل عام، أنتجت هذه السرديات تصويرا ثقافيا لسبتة كمجال للتهديد، وأضعفت حضور السكان المحليين الذين لم يمنحوا تمثيلا يعكس واقعهم المركب بين الانتماءين الإسباني والمغربي.
مع ذلك، يمكن تبني فرضية بديلة ترى أن هذه الأعمال، رغم طابعها النمطي، أسهمت لأول مرة في إدراج سبتة في الفضاء الدرامي الإسباني، بعد غياب شبه كامل عن الخيال السمعي البصري الوطني. فقد أعادت السرديات توجيه الانتباه إلى قضايا التهميش، البطالة، والازدواج الثقافي، وإن كانت بصيغة مثيرة للجدل، ما يجعل تقييم أثرها يشمل جانب الوصم وأيضًا قدرتها على فتح نقاش عام حول واقع المدينة والحدود الجنوبية لإسبانيا.
تؤكد هذه الدراسة أن سبتة في المخيال الدرامي الإسباني ليست مجرد مكان على الخريطة، بل حد رمزي يعكس قلق الدولة الإسبانية تجاه ذاتها وحدودها. وبناء عليه، فإن أي بحث مستقبلي حول تمثيل سبتة لا يمكن أن يقتصر على تحليل النصوص البصرية، بل ينبغي أيضا الاستماع إلى أصوات السكان المهمشين، لتحقيق توازن بين الصوت الممثل والصوت المغيب، وبين الواقع والخيال في سردية المدينة المتخيلة.



#محمد_عبد_المومن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرموز البصرية والسردية الاستعمارية في سبتة: التماثيل وأسماء ...
- الحدود كحاجز واقعي ورمزي: جدار سبتة نموذجا
- سبتة والظاهرة الجهادية: تقاطعات الهوية والهشاشة في مجال حدود ...
- سبتة بين العزلة والانفتاح: نحو تصور لاتفاق أورو مغربي مستلهم ...


المزيد.....




- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...
- تظاهرة بانوراما سينما الثورة في الجلفة بطبعتها الثانية
- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...
- عجائب القمر.. فيلم علمي مدهش وممتع من الجزيرة الوثائقية
- كيف قلب جيل زد الإيطالي الطاولة على الاستشراق الجديد؟


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المومن - سبتة في الدراما الإسبانية: الحدود والتهريب وتمثل الآخر بين مسلسل -البرينثيبي- وفيلم -النينيو-