أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فواد الكنجي - الآشوريون بين التمسك بالهوية وتحديات العولمة















المزيد.....



الآشوريون بين التمسك بالهوية وتحديات العولمة


فواد الكنجي

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 10:10
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


هويتنا (الآشورية) هي عنوان أمتنا واسم يميزِنا عن الأمم والشعوب الأخرى، و(الآشورية) مبعث فخر واعتزاز لنا لما خلفته الحضارة الاشورية من تراث عظيم كان ومازال له دورِ في بناء هذه الهوية وإرساء دعائمها؛ لأنه يمثل الحصانة التي حصنتنا من المؤثرات الخارجية في ظل ((العولمة)) و(الرقمنة)، ليجد جيل اليوم نفسه منشطرا بين الانتماء لتاريخ أمته (الآشورية) والتي لطالما أعتز وافتخر بها؛ وبين (العالم الافتراضي) التي وجد ضالته فيه فتغلغلت في نفسيته وسيطرة على أفكاره.. ومبادئه وهي تحاول أن توجهه إلى الوجهة الأخرى وتبعده قدر المستطاع عن هويته الأصلية، هوية (الأمة الآشورية) .
ولما كان مجتمعنا (الآشوري) يشهد كبقية المجتمعات في هذا العصر انفتاحا على الآخرين لا يمكن للمجتمع أن تحد منه، ولكن المجتمع بصورة عامة عمل كل ما في وسعة أن يبقى دورها الأساسي في هذا التحول إعداد مواطنيها والأجيال الصاعدة على أن يكونوا فاعلين في هذه المرحلة بما تزودهم من فرص تنمية مهارات والتوعية الأفراد عبر مدارسها ومناهجها التربوية.. والتعليمة.. واللغة؛ التي تتبناها مؤسسات الأمة (القومية) و(الدينية)؛ عبر الاتصال والتفكير والانتقاء الجيد من الموروث الثقافي للأمة (الآشورية) من اجل دمج الصور الايجابية تجاه الفضاء الذي ينتمون إليه، ومن خلال تراثها الحضاري عملت الأمة على التخطيط وإعادة النظر في سبل الحفاظ على مقومات الهوية (الآشورية) وتحصينها من كل القنوات الدخيلة التي تصب في عقول شباب الأمة في هذا الزمان؛ ليحدوا عنا؛ ولينغمسوا في تراثهم أمتهم (الآشورية) وكل ما يبحثون عنه من أفكار.. وقيم.. وعادات، لان (التراث) وعلى مر التاريخ؛ يحافظ على الإرث العظيم للأمة (الآشورية) ويرسي دعائمها.


الأمة الآشورية حافظت على التراث الأمة المادي والمعنوي واستفادت منه في بلورة القيم وسلوكيات النشء من اجل إرساء قيم هوية الأمة


فما نشهده في عصرنا الحالي؛ وهو عصر الانفتاح على العالم؛ فلا مجال للعزلة والانغلاق؛ لذلك لم يكن أمام الأمة (الآشورية) إلا الحفاظ على هويتنا الآشورية) وتراثنا ومعتقداتنا؛ وهذا لا يتم إلا عبر تربية النشء تربية صحيحة سليمة مبنية على وعي التام بتراث الأجداد وما خلفوه لنا من قيم.. وعادات.. وتقاليد.. في شتى مجالات العلم والمعرفة؛ ليكونوا بكل ما تركوه لنا أجدادنا العظام في (الحضارة الآشورية) العريقة بعلومها.. وفنونها.. ومعرفتها العلمية.. والأدبية.. ترسا ودرعا حصينا والواقي من المخاطر السلبية للتكنولوجيات المعاصرة .
ومن هنا يأتي دور وأهمية الحفاظ على (التراث) لأنه هو من يحافظ على الهوية الأمة (الآشورية)؛ لذا يجب تسخير كل المستلزمات الضرورية للحفاظ على التراث الأمة (المادي) و(المعنوي) والاستفادة منه في بلورة القيم وسلوكيات النشء وإرساء قيم هوية الأمة، ولما كنا نعاصر التحضر ونواكب تقنيات التكنولوجيا والاتصالات؛ والأمة (الآشورية)؛ امة متحضرة بقيم راقية تواكب التحضر وتختلط بالمجتمعات الأممية؛ فعلينا أن نعي جيدا متطلبات هذا الزمان والخطر الذي أصبح يهدد كياننا؛ فلا بد من البحث عن حلول جذرية تتماشى وتواكب العصر الذي نعيش فيه؛ فنحاول أن نستفيد من هذه التقنيات ونأخذ الجوانب الإيجابية منها ونجعلها أسلحة بين أيدينا ننشر من خلالها ثقافتنا وتراثنا ونكون مؤثرين في الغير لا متأثرين.
ومن هنا تتضح أهمية (التراث التاريخي) ودوره في الحفاظ على الهوية الأمة (الآشورية) باعتباره يعبر عن وجود الإنسان (الآشوري) وكينونته، لذلك نراه متشبثاً بأصوله متمسكا بها، بالرغم من كل محاولات الاستلاب و محاولة قلع ثقافة المجتمع (الآشوري) من جذورها، وغرس ثقافة الغرب وإضفاء الطابع الغربي (الأوروبي – الأمريكي) ليحل محل التقاليد والأعراف التراثية (الآشوري)، وذلك من خلال تسخير كل الوسائل، لتغيير الهوية (الآشورية) وضربها في الصميم، وبالرغم من كل محاولات التشويه وطمس الهوية الأمة (الآشورية) والتعدي على الموروث التاريخي للأمة إلا أن تراثنا ظل ماثلا في نفوس أبناء الأمة (الآشورية) – لحد هذه الساعة – ومن خلال المحافظة على لغتهم (الآشورية) وثقافة أجدادهم من فولكلور.. وشعر.. وأغاني.. وموسيقى شعبية.. وحكايات..وقصص التراث.. وصناعات تقليدية مختلفة من الملابس وأدوات المنزلية، والاعتزاز بتقاليدهم مثل الحفاظ على اللباس التقليدي – (اللباس الآشوري المطرزة بتطريزها خاصة) – وخاصة في المناطق القبائلية.. وتنوع الأكلات التراثية التقليدية.. وغيرها من العادات التي توارثتها الأمة من جيل بعد جيل.
إن التاريخ الأمة (الآشورية) هو ما كرس هوية الأمة ببعدها القومي (الآشوري)، وهو الضامن الأساسي للحفاظ على هذه المقومات، فالتراث بكل ما يحمله من قيم أخلاقية وفكرية متوارثة يعتبر هو الحجر الأساس في بناء أي مجتمع باعتباره البوتقة التي تتشكل فيها عقلية المجتمع (الآشوري) وتصورات الأمة.. وقيمها.. ومثلها.. وعاداتها.. وهي ركيزة أساسية من ركائز هوية الأمة الثقافية، ودعامة رئيسية من دعائمها والضامن على إرساء مقوماتها واستمرار تواجدها لما تمثله من اعتزاز وافتخار بماضي الأجداد؛ ومحاولة الاقتداء والسير على هديهم في هذه الحياة؛ فيكون بذلك الدعامة الأساسية من السلف إلى الخلف ويكون نبراس يهتدوا به في عتمه الضياع والتيه.


الوعي بالهوية الآشورية له أهمية بالنسبة للفرد والجماعة لان من خلال الهوية يكون أثابت وجود الجماعة أو الأفراد في هذا العالم.. لان العولمة سيطر على العالم وخلق ما يسمى بأزمة الهوية


فالهوية الأمة (الآشورية) التي نتميز بها؛ ما هي إلا مجموع السمات والسلوكيات التي تجعل الوعي بالذات ومعرفة ما يميزها وهي التشارك في العديد من الأشياء الّتي تشكل مجموعة من الأفراد على نفس الرقعة الجغرافية؛ والتي يغلب عليها طابعا معينا يعبر عن واقعهم كما يختلف عن بقية الشعوب حول العالم، وعادة ما تكون (الهوية) مصدر فخر سواء بالنسبة للفرد أو الجماعة قد تصل حد التعصب ونبذ (الآخر المختلف) على المستوى الهوية، لذلك فان (الهوية) الثقافية التي هي التاريخ الحضاري للأمة (الآشورية) والتي تمثل في العادات.. والتقاليد.. والأفكار.. الّتي يؤمن بها الأغلبية؛ بمعنى أن الثقافة الّتي تجعل أمة (ما) فريدة ومشهورة بسلوكياتها الفكرية والثّقافية.
لذلك فان الوعي بـ(الهوية) له أهمية بالنسبة للفرد والجماعة لان من خلال الهوية يكون أثابت وجود الجماعة أو الأفراد في هذا العالم، لان (الهوية) هي الّتي تعرف بالفرد والجماعات وهي التي تفرض وجودهم بين مختلف الهويات المتنافسة داخل الوطن فيما بينها؛ فمن دونها – لا محال – يكون (الضياع).. و(الغربة).. وتؤدي بالفرد إلى تيه وتجربة مؤلمة مع الحياة، لان حين يفقد الفرد هويته فانه لا يعرف ذاته؛ وهذا الإحساس سيجره – لا محال – إلى الإحساس بالغربة وفقدان قيمة وجوده؛ وهذا الإحساس يشعره بالشّعور بالموت البطيء؛ لذلك لابد لأي فرد من إفراد المجتمع (الآشورية) التمسك بهويته مع الانفتاح على أللآخر المختلف.
فالثورة التكنولوجيا.. و(العولمة).. وانفتاح العالم على بعضه البعض أصبح العالم (قرية) نموذجية؛ تتيح للشعوب والأفراد بالتعارف.. والتثقف.. وتبادل المعارف من أجل وحدة العالم، إلا أن هذا (النموذج المتعولم) تدريجيا أظهرت وجهها الحقيقي المتخفي وراء ما يسمى بـ(القيم الكونية)، وأصبحت (العولمة) وحشا مخيف؛ الذي سيطر على العالم وخلق ما يسمى بـ(أزمة الهوية)، بعد إن أصبحت هوية العالم واحدة جراء التبعية (الدغمائية) التي تقود عالم اليوم، بل وتعمل على دمغجة الأفراد كي تمحي كل أثر للتميز والاختلاف الذي يهدد الهوية المسيطرة؛ وهي الهوية الأقوى على الصعيد أللاقتصادي.. والاجتماعي.. والثّقافي؛ لتجعل كل من يخالفها يوصف على أنّه (متخلف) لا يواكب العصر؛ لأن ما نراه اليوم هو ضياع.. وغربة ذاتية داخل الوطن؛ بحيث لم يعد الواحد منا يعرف من هو.. بل لم يعد قادرا على تقبل نفسه ومحيطه وتاريخه، هذا ما انجر عنه فقدان اليقين بالذات ليظهر الفرد بصورة شكلية أمام المجتمع مختالا بـ(الوهم) و(الزيف)؛ الّذي يلبسه مع الإحساس الداخلي بأنه ليس هو تماما ما يريد أن يكون، إنما قوة (العولمة) هي التي حسمت الأمر بإتباع طرق تتحكم في إرادة الآخرين دون مراعاة لضرورة الاختلاف أمام (المادية) الّتي تحكم على (الهوية) الكلية المسيطرة في حد ذاتها، وهذا الأمر هو ما يفسر فشل الوعي بـ(الهوية) التقليدي في مواجهة هذه الآفة؛ وهذا الذي يقودنا إلى المعضلة للبحث أكثر وأعمق في خضم هذا العالم الّذي يسير نحو تشكيل نسخة واحدة للهوية لكل الأفراد على اختلاف مشاربهم لينعدم المعنى الأصلي والطبيعي لواقع الحياة وهذا ما نلتمسه تحديدا في الوجود الّذي أصبح فيه العديدين ينكرون ذواتهم.. لغاتهم.. وطريقة معيشتهم، إنهم يتنكرون لهوياتهم الّتي أضحت تخجلهم بسبب (العولمة) الّتي حددت (ملامح الإنسان المعاصر)، فأضحى المعيار الذّي يقاس به التحضر.
ومن هنا لابد من تأكيد بان (الهوية) جوهر الوجود (الفرد) بتنوعها واختلاف تحليلها وتعدد النظريات القائمة؛ وعليها نظرا لأهميتها بالنسبة للفرد والجماعة من أجل معرفة الذات والمكانة الّتي تحتلها في العالم المعاصر، فالجهل بها حتما سيزيد في الهوة الفاصلة بين هوية مسيطرة على العالم و(أقليات) التي تنخرها (العولمة) كي تمحي وجودها ليترتب عنها حرمان الإنسان من التمتع بـ(الاختلاف) كحق طبيعي مسلوب في عالم أضحى نسخة لهوية مزورة لكن بمعايير جديدة، لأن حب الذات والتاريخ ورفض التعامل مع الآخر في (قرية كونية) يعد انغلاقا وتعصبا والتقليد مسحا للذاكرة، لهذا وجب ابتكار البديل بسرعة تعادل سرعة هذا العالم الجديد؛ لأن التاريخ الهوياتي في طريقه إلى الاضمحلال.
لان (العولمة) عملت على دمج ودمقرطة ثقافات العالم.. واقتصادياته.. وبنياته التحتية من خلال الاستثمارات الدولية، وتنمية تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وتأثير قوى السوق الحرة على الاقتصاديات المحلية.. والإقليمية.. والعالمية؛ وهناك من يرى أن (العولمة) هي تعمل على إقحام الجميع في دخول ترس (الآلة العالمية)؛ بسبب الثورة الجامحة للمعلوماتية وتطور تقنية الاتصالات، وبذلك يكون مصير الإنسانية موحدا لا مجال فيه للاختلاف والتنوع؛ لان (العولمة) تهدف إلى اكتساح الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمعات.. وطمس هوياتها القومية والوطنية.. وعدم السماح لأي أمة أن تتميز بهويتها وقيمها، تميزا يتعارض مع متطلبات (العولمة)، وما تبحث عنه من قدر مشترك بين الشعوب والحضارات، يتلاءم مع نتاج (الحضارة الغربية) .
فالعالم في ظل ثورة تكنولوجية والتي تشتمل على الإنترنيت.. والهواتف النقالة الذكية.. والحواسب المكتبية والمحمولة.. إلى غير ذلك من تقنيات الاتصال الحديثة، التي ألغت كل الحجب والحواجز بين الشعوب والثقافات.. وأسقطت طبائع العزلة؛ فدخلت البيوت.. وسيطرت على العقول.. وسكنت النفوس.. مجسدة بذلك ملامح (العولمة) الغربية، التي تلعب ببراعة على حبل التقدم التكنولوجي، وتعاظم دور المعلوماتية، وذلك كله من أجل ضرب (الهويات الوطنية والقومية للشعوب)، ونزع الارتباط الوثيق لمفهوم (الوطن المتصل بالأرض)، فلم يعد التفاعل على (أرض واحدة) هو الباعث الأول للتجمع، بل أصبح يتم عبر التكنولوجيا ووسائط الاتصال والمعلومات ليلغى بذلك عامل (الأرض).. و(الوطن).. و(التراث)، وهذه العناصر في زمن (العولمة) هي التي تشكل للهوية الوطنية، ويفتح المجال أمام هويات أخرى دخيلة تهدد (هوية الأم)، حيث عملت تكنولوجيا الاتصال الحديثة على إعادة رسم الحدود والخرائط السياسية والثقافية.. وأفرزت ثقافة عابرة للحدود، عرفت في ظلها الهويات الوطنية التي أوشكت الاندثار، وذلك بالنظر إلى أن التكنولوجيا الحديثة قادرة على فصل المكان عن الهوية واقتحام الحدود الثقافية والسياسية.. وإضعاف الشعور بالانتماء المحلي والوطني.. وتعمل على تقويضه وإنتاج هويات غير متعلقة بالحيز المكاني وهويات تشعر بانتمائها ولو رمزيا إلى ذلك الفضاء اللا محدود.


ما تقدمه العولمة من كم هائل من المعلومات والتعليقات والتوجيهات قد تعارض و البنية السيسيولوجية للمجتمع الآشوري.. بل أصبحت تتهدد فيها الهويات بالتلاشي أو بالذوبان في هوية العولمة التي تغزو عالمنا


فالتكنولوجيا برغم ما تقدمه من عطاء وتسهيل لسبل الحياة، وتطوير نظام العيش في العالم، إلا أننا علينا إن لا نغفل لما يمكن أن تسببه هذه الأخيرة من انعكاسات سلبية في شتى المجالات، سيما الاجتماعية.. والثقافية منها، كما أنها تسعى كذلك إلى محو وإلغاء كل الفواصل الجغرافية، وتهدد التنوع الثقافي والحضاري للمجتمعات الإنسانية الضارب في أعماق التاريخ، وقد تنتج عنها عملية إبادة شاملة للمورثات الثقافية والحضارية للأمم، خاصة الضعيفة منها، والغير محصنة فكريا.. وعقائديا؛ فالمرحلة التي يجتازها العالم اليوم، أصبحت تتهدد فيها الهويات بالتلاشي أو بالذوبان في الهوية التي تغزو عالمنا، ويتعرض فيها (التراث الإنساني) لحملات من المسخ والتشويه والتقليل من قيمته والنيل من فعاليته في صيانة حقوق المجتمعات الإنسانية في التشبث بقيمتها التراثية وهوياتها التاريخية التي هي العمود الفقري لخصوصيتها الروحية ولمكوناتها الثقافية وسماتها الحضارية.
والمجتمع (الآشوري) باعتباره جزءًا من هذا العالم ألعنكبوتي الرهيب؛ يتأثر مثلُه مثل بقية المجتمعات المستهلكة.. المستقبلة للقيم الجديدة الوافدة من وراء البحار؛ والتي تهدد لا محالة (الهوية الوطنية) وتضربها في الصميم.
فالإنسان (الآشوري) المعاصر لحجم انغماسه في تكنولوجيا وثورة الاتصالات الحديثة لم يعد يستقي مفاهيمه وخبراته من الموروث.. ومن تجارب الأجداد وتاريخهم.. بل أصبح يستند إلى تجارب جديدة تفرضها عليه التكنولوجيا ووسائطها الباهرة وأصبحت مرجعيته يستقيها من وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت خصوصا مواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة بشكل رهيب ومخيف في المجتمعات، مهددة استقرارها ونظم عيشها، لما تقدمه من كم هائل من المعلومات.. والتعليقات.. والتوجيهات التي قد تعارض البنية السيسيولوجية للمجتمع (الآشوري) .
وكل ما يحدث وسط مجتمعنا أنما يحدث نتيجة غياب تأثير وسائل (إعلامنا الآشورية) على مختلف أنواعها، وعدم قدرتها على مواكبة متطلبات الشباب ورغباته وميوله النفسية والثقافية، فالإنسان (الآشوري) في ظل هذه العولمة وثورة التكنولوجيا هو بعيد كل البعد عن تكنولوجيا الاتصالات والرقمنه الحديثة؛ والدور الوحيد المنوط به في هذه الشبكة هو دور (المستقبل) المتلقي الفاتح لشفراته.. دون أي إرسال أو تأثير في الغير؛ فحجم القنوات الفضائية وتطبيقات الهواتف الذكية وصفحات الانترنيت (الآشورية) ضئيلة جدا مقارنة باللغات الأخرى إذ لا يمثل حضور (اللغة الآشورية) في الانترنيت سوى (واحد بالمائة) إن لم نقل يكاد ان يكون معدوما نهائيا من مجموع اللغات التي يستخدمها العارفون بالتعامل مع الشبكة، ليبقى (الآشوري) بعيدين كل البعد عن الدخول الفعلي في ترس هذه التكنولوجيا العالمية التي أصبحت جد مهمة في حياة الإنسان المعاصر.
إن العالم اليوم هو عالم مفتوح على مصراعيه؛ ولا مجال فيه للرقابة ولا للسيطرة فهذه الوسائل؛ وسائل التكنولوجيا.. وثورة الاتصالات.. والمعلومات في ظل (العولمة) والتي أصبحت متاحة للجميع.. إذ تستطيع أن تصل إلى جميع بقاع الأرض مخترقا حدود الأوطان ومتحديا كل الأزمان؛ وهذه التكنولوجيا ترسل بثها في كل مكان مؤسسة لنظم جديدة معولمة لشتى شعوب العالم ولكنها بعيدة كل البعد عن الموروثات الثقافية.. وعن القيم الحضارية التي عرفتها امتنا (الآشورية).
وفي خضم هذا المناخ الغير المستقر وتعاظم دور تكنولوجيا الإعلام والاتصال التي أصبحت امتنا (الآشورية) اليوم مهددة في خصوصياتها الثقافية والحضارية وفي أمنها الفكري والعقائدي وفي هويتها الوطنية وثقافتها القومية، لان الهوية القومية للأمة (الآشورية) لم تعرف تشرذما وتشظيا خصوصا عند الشباب كما تعرفه اليوم؛ وذلك بسبب تلاشي مفهوم وحدة الأرض.. والمجتمع.. والاندماج في عالم افتراضي يتخطي كل الحدود، لذلك يجب إعادة النظر في طرق الحفاظ على الهوية القومية للأمة (الآشورية) والتمسك بمبدأ وحدة الأرض.. والتراث.. والحفاظ على مقومات الأمة.
إن المجتمع (الآشوري) وبما يعاني من القهر.. والاستلاب.. والاستبداد.. والضعف على كافة الأصعدة، جعل مجتمعاها شبه ضائع في ظل (العولمة) و المجتمعات الغربية؛ التي اليوم اغلب أبناء امتنا يتواجد فيها، ومن هنا نقول لابد من إعادة النظر في المنظومة الثقافية (الأسرة.. المدرسة.. ومؤسساتنا القومية والدينية) من خلال تجديد خطابها ووسائلها تلقينها، تماشيا ومتطلبات التقنية للعصر، مع إبراز الجوانب التراثية (الآشورية) المشرقة وتكريسها كعامل وحدة للمجتمع وللأمة (الآشورية)، وأن نؤصل للمواطنة والانتماء للأمة (الآشورية) حتى لا يفتح المجال أمام قوى أخرى وتدخلات الأجنبية.


النظام العولمة الرأسمالية المهيمنة اليوم على مقدرات الشعوب المستضعفة ومنها الشعب (الآشوري) ليكونوا ضحيتها فتدفع امتنا فاتورة إرادة الهيمنة والتسلط من قبل القوى المهيمنة الطاغية


فالنظام (العولمة) الرأسمالية المهيمنة اليوم على مقدرات الشعوب المستضعفة ومنها الشعب (الآشوري) ليكونوا ضحيتها؛ لتدفع امتنا فاتورة إرادة الهيمنة والتسلط من قبل القوى المهيمنة الطاغية؛ القوى التي تحتكر القوة العلمية.. والتكنولوجية.. والاقتصادية.. والمالية.. والعسكرية، في المقابل يقبع شعبنا (الآشوري) في مستنقع التخلف.. والفقر.. والنزاعات القبلية.. والدينية.. والسياسية، فواقع (العولمة) المحيط من حول الأمة أفقد أفرادها القوة النفسية والإرادة الفاعلة.
فالفرد (الآشوري) اليوم يعيش وهو لا يملك الشروط الذاتية والاجتماعية المحفزة على تفعيل قواه النفسية وتحقيق إرادته الفاعلة، لأنه يعيش في تخلف.. وانحطاط.. وقهر نفسي.. واجتماعي؛ بعد إن استغلت (العولمة) طاقاتهم بكون اغلب أبناء الأمة (الآشورية) سيطرة في عقليتهم سبل الهجرة للخلاص من واقعهم المزي والعيش تحت تهديد القتل.. والخطف.. والتهجير ألقسري.. واحتلال ممتلكاتهم؛ ليصبح جل أهدافهم هو الخلاص من واقعهم بأي ثمن كان؛ وصار الفرد (الآشوري) في بلدان الغرب والشتات مهزوما في ذاته، لا يملك ما يؤهله لاستيعاب التطورات والتحولات الجارية في عصره، وهو محكوم داخل مجتمعه بإملاء (العولمة) والنظام الدولي الذي لا يرحم المستضعفين.
فالمجتمع (الآشوري) المهزوم نفسيا لا يستطيع توظيف إمكاناته وقدراته في أي مشروع التطوير وتحسين واقعهم في دول الشتات ناهيك من هم يعيشون في الداخل داخل وطنهم (آشور) المغتصب في الدولة (العراقية) لأن النفسية المهزومة لا تعكس إلا إرادة خائرة لا تستطيع القيام بأي عمل؛ لهذا فإن من الشروط المهمة التي ينبغي توافرها لأبناء الأمة (الآشورية) لاستيعاب عصر المعلومات بمتطلباته وآفاقه هو توفر القوة النفسية والصلابة المعنوية التي تبث إرادة فاعلة وعزيمة راسخة وتصميم على تطوير الواقع واستيعاب تحولاته ومقاومة العوامل المضادة التي تحول دون التقدم والتطور.
إن الرهان الأمة (الأشورية) للنهضة من التخلف.. والتخلص من الانهزامية.. واللحاق بالركب الحضاري في عالم لا يرحم ولا يشفق ولا مكان فيه للضعفاء، والخطر الداهم ليس في (ضعف المقاومة) ووقوف بوجه المحتل؛ الذي هجرهم من أراضيهم ووطنهم بقدر ما هو في الهزائم النفسية.
فالهزائم المعنوية التي يكابدها يوميا الشعب (الأشوري) أفقدت الأفراد القدرة على توظيف الطاقات والإمكانيات الذاتية للانطلاق في إدارة الذات والعمل على تذليل الصعوبات وإزالة العوائق من أجل صنع التغيير.. والإبداع.. والتطور.. والرجوع إلى الوطن الأم مهما كانت الصعوبات وتحديدات المواجه؛ لان القوى المهيمنة التي احتكرت كل عوامل القوة والغلبة وقتلت في الشعوب المستضعفة ومنها الشعب (الأشوري) روح الدينامكية الذاتية والقوة النفسية والإرادة الفاعلة فانهزم معنويا، ولم يقدر على الحركة في اتجاه التغيير والتطوير،لأنها افتقدت العوامل الذاتية التي من دونها لا يعرف التحول، وهي العوامل التي كانت وراء نهوض شعوب كثيرة في منطقتنا الشرقية، فالفرد (الأشوري) يعيش التخلف وكل صنوف الظلم.. والقهر من الداخل.. ومن الخارج مهزوم مرتين، مرة من مجتمعه نظام الحكم فيه ومرة من (العولمة) التي هزمته ومجتمعه ودولته، فالهزائم متعددة لا حصر لها، كيف له أن يتحرك نحو الانتصار في أتون الهزائم العديدة والمتلاحقة بدون توقف لأن حركة المجتمع تجاه التقدم والتطور هي حركة ذاتية لا تنتظر المحفزات من الخارج، بل هي مجتمعات مولدة للإصلاح والتطوير وصانعة له ومن داخل الجسد (الآشوري) وبالحركة الذاتية، وهي التي تفتح أبوابا جديدة لرؤية المستقبل وبلورة آفاقه؛ فإن الإمكانات والقدرات التي يتضمنها أي مجتمع لا يمكن توظيفها في عملية التقدم وحسن استخدامها في مشروع التحرر والنهضة والتطور، إذا لم تكن هناك حركة ذاتية في المجتمع ذاته يتحرك بحوافزها، ويسعى نحو الاستفادة القصوى من كل الإمكانيات المتوفرة في الإنسان.
فالنهاية التي شاهدتها حضارتنا (الآشورية)، تكشف لنل أن العنصر الأساسي الذي أنهى تلك الحضارات وجعلها تعيش القهقرى، هو عدم أو ضعف قدرتها على التكيف مع التطورات والتحديات التي كانت تواجهها آنذاك، وعلينا توفير كل الشروط الضرورية لاستيعاب تطورات هذا العصر وتقنياته حتى يتسنى لنا المشاركة الطبيعية في عصر لا محل فيه إلا إلى المجتمعات الحية، الزاخرة بالكفاءات والطاقات الخلاقة
نعم ان (العولمة) كانت لها تأثيرها السلبي على حياته عامة للمجتمع (الآشوري)، لكونها ولدت فيه الروح الانهزامية التي قتلت فيه كل محاولة للمشاركة الطبيعية الإيجابية في صنع التغيير والتطور وأية مبادرة لإبراز إمكانياته وتفجير طاقاته.
فالآثار السيئة للعولمة على مجتمعنا (الآشوري) لا يمكن إحصاؤها لكثرتها وتنوعها، فمن هذه الآثار على الجانب الاجتماعي.. والثقافي.. والقومي؛ سحقت الهوية الأمة (الآشورية) الوطنية وإعادة تشكيلها في شخصية عالمية، ليفقد الفرد جذوره.. ويتخلى عن ولائه.. وانتمائه.. والانتقال إلى العمومية واكتساب هوية جديدة تجر الفرد إلى (الاغتراب) ما بين تاريخه القومي (الآشوري) وجوده في الشتات في ظل ما تنتجه حضارة (العولمة)، حيث تذوب الخصوصية الأمة (الآشوري) .


الأمة الآشوري اليوم بحاجة إلى الدفاع عن هويتها القومية والثقافية وهي حاجة لا تقل عن حاجتنا إلى اكتساب الأسس والأدوات لابد منها لدخول عصر العلم والثقافة، وفي مقدمتها العقلانية والديمقراطية في الفكر والسلوك وفي التخطيط والإنجاز وفي الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة


فالانفتاح الذي تصنعه (العولمة) والذي لم يعد انفتاحا تحكمه المشاركة الفعالة الإيجابية، بل هو انفتاح تشتيتي للنسيج الاجتماعي للمجتمع وتفتيتي لتماسك القوى الاجتماعية، فلا المجتمع (الآشوري) حقق التنمية وتخلص من التخلف والتبعية، ولا هو بقي في حالته الأولى يعيش في ظل الدولة الوطنية والقومية، يحكمه الشعور بالانتماء والإرادة في العيش المشترك مع بني أمته ودولته ووطنه، مادامت الإرادة في العيش المشترك مع سكان الأرض قاطبة حلما بعيد المنال وخرافة من خرافات (العولمة).
إن اختراق (العولمة) للقيم الأمة (الآشوري) الوطنية.. والقومية.. وثقافية.. واجتماعية؛ جعلها تتعرض للطعن في هويتها القومية الثقافية وخصوصيتها التاريخية والاجتماعية، على الرغم من أنه لا توجد ثقافة واحدة في العالم، والتعدد والتنوع الثقافي أمور طبيعية، ومن السهولة أن تنتشر الثقافات عبر شعوب العالم نظرا لتطور تقنية الاتصال والإعلام والإشهار، لكن ليس من الهين (انصهار الثقافة) في غيرها، خاصة لدى الشعوب التاريخية التراثية كشعب (الآشوري)، فكيف بـ(العولمة) تريد أن تزيح التنوع الثقافي وتصهر كل ثقافات الشعوب في ثقافتها وتطهر الثقافات المناوئة لثقافتها، والهوية الثقافية كيان مركب (فردي واجتماعي) و(وطني قومي) الروابط بين هذه المحددات تنبني على التعاطي الثقافي والفكري والاجتماعي السياسي مع الآخر بإيجابية أو بسلبية، إن حاجى الأمة (الآشوري) اليوم إلى الدفاع عن هويتها القومية والثقافية وهي حاجة لا تقل عن حاجتنا إلى اكتساب الأسس والأدوات لابد منها لدخول عصر العلم والثقافة، وفي مقدمتها (العقلانية) و(الديمقراطية) في الفكر والسلوك وفي التخطيط والإنجاز وفي الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة
ومع كل ما تعمل (العولمة) في العالم أجمع، إلا أن شعوب المستضعفة ومنها الشعب (الآشوري) بقي متمسكة بعناصر هويته القومية الثقافية وخصوصيته التاريخية والحضارية، وكلما زادت (العولمة) في توظيف الإعلام وتقنياته المتطورة باستمرار؛ ازداد الشعور بالانتماء الثقافي.. والوطني.. والقومي للأمة (الآشورية) ونماء لدى الأفراد والجماعات خارج المركز خاصة لدى الشعوب التراثية التاريخية.
لذلك تعتبر قضية القومية.. والتراث.. والهوية (الآشورية) خصوصية ومرجع فكري في فكرنا (الآشوري) المعاصر كون (الآخر المختلف) يحاول بشتى الوسائل طمسها وطمس كل ما يمت بصلة للحضارة (الآشورية) وإمبراطوريتها العظيمة التي أرست قواعد الفكر والثقافة والفن والعلوم والمعرفة والكتابة على أرض (وادي الرافدين – العراق).
ولأن التراث (الآشوري) هو الإرث الذي خلفه أسلافنا من أبناء هذه الأمة والتي تتحدد من خلالها معالم هويتنا (الآشورية)، ولهذا علينا كأبناء هذه الأمة البحث في العلاقة الجدلية بين (التراث) كمكون مادي أو معنوي وبين (الهوية) كوعي بهذه المكونات؛ فهذه (الهوية) التي أصبحت اليوم مهددة بفعل ما يسمى بـ(العولمة) التي تحاول إزالة للخصوصيات الثقافية والاجتماعية لمختلف الحضارات ومنا (الحضارة الآشورية) لتجعلها وتجعل العالم كله في بوتقة واحدة وتحت هوية واحدة تتماشى مع متطلبات الهوية الغربية.
لان العلاقة التي تجمع بين التراث التاريخي للأمة (الآشورية) وبين الهوية الواعية بهذا التراث والهوية الوطنية لـ(الآشوريين) وتحديات (العولمة) والخطر الذي يهددها، فالموروث الثقافي.. والاجتماعي.. والمادي.. من علوم وآداب.. والتاريخ.. واللغة.. والجغرافية؛ ومن العوامل الاجتماعية كالأخلاق.. والعادات.. والتقاليد؛ ومن ثم العناصر المادية كالعمران.. والآثار الفنية.. والمخطوطات، لان الهوية هي مجموعة من الصفات المميزة و المتكاملة والمتفاعلة فيما بينها لتعطي لشخص أو شعب معين أو أمة معينة مميزات وهي جملة الصفات والخصائص التي تطبع أمة من الأمم يشترك فيها مجموع الأفراد المكونون لها فيتعرفون على بعضهم البعض من خلال هذه الصفات ويتميزون بها كذلك عن غيرهم من أفراد الأمم الأخرى.
فهويتنا (الهوية الآشورية) لم تنشأ من فراغ؛ وإنما هي إنتاج تجربة عاشتها مجموعة الأفراد واشتركوا في رسم صورها وأخرجوها في حلة تعبر عن هوية الأمة وما تزخر به من موروث تاريخي يعكس ماضيها.. ويترجم حاضرها.. وتستلهم من خلاله مستقبلها، فالتراث ما هو إلا صورة حقيقية لماضي الأمة فيه تجاربها بنجاحاته وانكساراته وهو ما يوحدنا ويميزنا عن باقي الجماعات البشرية، فكل الذين يشتركون في تاريخ واحد يعتزون ويفخرون بمآثره هم أبناء أمة واحدة.. وشعب واحد.. وهوية واحدة؛ ومن ثم فإن (الهوية) هي نتاج لحركية التاريخ في المجتمع تتغير وتتبدل وتتطور حسب وعي الجمعي للشعب بهذا التاريخ. ونستطيع القول أن حجر الأساس في عملية التقدم الاجتماعي والحضاري لأية أمة من الأمم مرهون بمدى وعيها بـ(تاريخها) و(بتراثها)؛ الذي يمثل تجارب إنسانية ورثتها عن أسلافها تنطلق منها نحو المستقبل؛ فـ(التراث) ليس هو الماضي بكل ما حفل به من تطورات في شتى المجالات بل هو الحاضر بكل تحولاته والمستقبل بكل احتمالاته. إنّه يمتد في حياتنا وينتقل معنا إلى المستقبل فهو جزء منا لا نستطيع الفكاك منه و بذلك يصبح سمة أصيلة من سمات (الهوية) معه؛ تكتمل عناصرها؛ فهو يمثل التجربة الفعلية للآباء والأجداد وما خلفوه لنا من علوم وفكر وشتى التجارب الإنسانية الجاهزة التي يجب علينا أن نعيها وأن تكون هي الأساس الذي يوحدنا والمنطلق الذي يحفزنا في بناء المستقبل.
ومن هنا فالفصل بين (التراث) و(الهوية) هو ضرب من المستحيل فلا هوية (آشورية) بدون تراث (آشوري) نستند إليه، ولا (تراث) إذا لم يؤسس لـ(الهوية)، فالتراث.. والهوية عنصران متلازمان من عناصر الذات الأمة (الآشورية)، فالتاريخ ( الآشوري) الممتد لآلاف السنين ومنذ سقوط (الإمبراطورية الآشورية في 612 قبل الميلاد) وما تعاقب عليها من غزوات وانتهاء بالاحتلال شتى أقوام المحيطة بـ(الدولة الآشورية) وكل قوم غازي حاول أن يغرس ثقافاته وأن يترك بصماتها في هوية الشعب (الآشوري) سلبا وإيجابا؛ محاولين بشتى الطرق محو هوية الشعب (الآشوري) كاملة، وطمس معالمه التاريخية والثقافية؛ بيد أن ظهور الوعي الوطني لدى الشعب (الآشوري) وخوض حروب تحررية أرخت لهوية الشعب (الآشوري) كتبت بدماء الشهداء الأبرار وأرست قواعدها على حب الوطن والاعتزاز به، وبالتاريخ (الأمة الآشورية) الذي خلفه شهداؤنا الذي ضحوا بالنفس والنفيس من أجل حرية الأمة وكرامته، ومن أجل الحفاظ على مقوماته وركائزه الأساسية.
فرغم جبروت المحتلين للأراضي (الآشورية) في شمال (العراق) وقوة الاستعمار والمحتلين من أقوام وشعوب المحيطة بمناطق وحدود الدولة (الآشورية) وقواتهم العسكرية ومخططاته الفكرية الهادفة لطمس هوية الأمة (الآشورية)، لم يستطع النيل من هوية الشعب (الآشوري) الذي ظل متمسّكا بهويته وبتراثه إلى أبعد الحدود، وقاوم شتى أنواع القهر.. والسلب.. والترغيب.. والترهيب.. وسياسات الاندماج.. و عوامل المسخ.. والتدجين؛ التي فرضتها هذه الفئات الغازية والمحتلة للأرض (الآشورية) شمال (العراق) من أجل إخراج المجتمع (الآشوري) من ثوبه الأصيل المتمثل في الأمة (الآشورية)، لكن التاريخ ظل شاهدا على تمسك وتشبث المجتمع (الآشوري) بكل مقوماته متحديا بذلك سلطة المحتلين، فالتاريخ يشهد على الحروب والمقاومات التي خاضها الشعب (الآشوري) ضد المستعمر، بكل الوسائل المتاحة للشعب في مختلف حقبة التاريخ منذ سقوط دولته وإمبراطوريته (الإمبراطورية الآشورية)؛ وحاربوا سياسة التجنيس.. والاحتواء.. والاندماج؛ ليبقى الشعب (الآشوري) صامدا ومتمسكا بثوابته التاريخية وبأصالته وجذوره العميقة في قدم تاريخ حضارة هذا الكوكب؛ وبرغم كل التحديات التي واجهها ويواجها (الشعب الآشوري) من قتل.. واستهداف.. وتهجير.. وتشتيت الأمة في بلاد الغرب؛ لتكون (العولمة) واجهة أخرى تتحدى لوجودهم ولطمس معالم الأمة بتراثها وتاريخها وهوينها القومية (الآشورية)؛ ولكن بقى الفرد (الآشوري) يتحدى كل ذلك ويصمد بوجه (العولمة) وعالم الاتصالات التي تحاول تحديه بأساليب تكنولوجية الحديثة؛ ولكن تصطدم بصلابة جذور أبناء وحبهم للأمة (الآشورية) بأصعب ظروف التي يواجهونها اليوم، فعبر مؤسسات الأسرة.. والتربية.. والتعليم.. التي تبث روح الانتماء لأبناء الأمة وتسعى بكل الوسائل المتاحة تعلمهم آداب والأخلاق الفاضلة وتدربهم لتعليم لغتهم القومية وتطلعهم لتراثهم وهويتهم (الآشورية) عبر كل مؤسساتها (القومية) و(الدينية) التي تجاهد لترسيخ قيم الصمود والتحدي وتحفيز أبناء الأمة صغيرهم وكبيرهم روح المقاومة والنضال؛ لان الأمة التي تناضل وتقاوم لن تموت وستسعى بكل الوسائل لنيل حقوقها في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير .



#فواد_الكنجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واهم من يعتقد أن التغيير في العراق سيأتي من خلال صناديق الاق ...
- الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.. انتصار لدماء الشهداء.. وخطوة ...
- أية قمة عربية لا تجد حل للقضية الفلسطينية لا قيمة لها... فمت ...
- اختلاف الرأي وثقافة قبول الآخر والتعايش المجتمعي
- مسؤولية الفرد تجاه المجتمع
- تجويع إسرائيل لفلسطينيي غزة جريمة إبادة جماعية لن تمر على ال ...
- استهداف كنائس المسيحيين في الشرق ومعاناتهم
- العلمانية أسلوب حياة حديثة تقبل الأخر المختلف
- عيد العمال سيبقى رمزا لدفاع عن حقوق الطبقة العاملة
- اكيتو والميثولوجيا الآشورية وتأثيرها الإبستمولوجي والأنثروبو ...
- في اليوم العالمي للمرأة.. المرأة في المجتمعات المعاصرة مشبعة ...
- متلازمة السلطة وأزمة النخب الحاكمة
- تهجير الصهاينة من فلسطين أسهل من تهجير سكان غزة
- المقايضة على تمرير القوانين في العراق انتكاسة تشريعية
- الاغتراب الثقافي في مواجهة الفكر المعاصر
- عام يمضي.. وأخر يأتي.. لنجعل من منازل الأسر ومدارس الدولة ور ...
- إشكالية قبول الأخر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم ي ...
- التنبؤات هل هي خزعبلات العرافات والعرافين أم هي تنبؤات بإملا ...
- الأمية وانعكاساتها السلبية على السلوك الاجتماعي


المزيد.....




- أنت مجبَر على التحدث مع من حولك.. والسبب؟ مطعم يُحظر فيه است ...
- -أول اختبار رئيسي لوقف إطلاق النار-.. إسرائيل تتهم حماس بمها ...
- نجل البرغوثي يتحدث لـCNN عمّا تعرض له والده خلال نقله من سجن ...
- ترامب يعلن تدمير -غواصة تهريب مخدرات- في الكاريبي: -كان شرفً ...
- تصعيد واتهامات بالخرق - هل ينهار وقف إطلاق النار في غزة؟
- اتهامات متبادلة بين إسرائيل وحماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار ...
- صحيفة أميركية: سباق عالمي لتطوير تقنيات جديدة لمواجهة المسيّ ...
- مؤثرون يمينيون يشكلون رؤية ترامب المشوهة عن حركة أنتيفا.. فم ...
- خلال 7 دقائق.. عملية سرقة -لا تقدّر بثمن- في متحف اللوفر
- الدفاع المدني: 70 ألف طن من المتفجرات بغزة تشكل تهديدا كبيرا ...


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فواد الكنجي - الآشوريون بين التمسك بالهوية وتحديات العولمة