أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حسن جبار - النفس البشرية بين الهوى والهداية














المزيد.....

النفس البشرية بين الهوى والهداية


حسن جبار

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 08:44
المحور: قضايا ثقافية
    


إنّ النفس البشرية بطبيعتها ميدان صراع دائم بين ميولها الغريزي من جهة، ونداء العقل والإيمان من جهة أخرى.
فهي تميل بطبعها إلى اللذة والشهوة، وتنجذب إلى ما يرضي الأنا ويشبع الرغبات المادية، ما لم تهذب وتقيد بمبدأ أعلى يوجهها نحو الكمال الإنساني الحقيقي.

ومن هنا جاء التأكيد القرآني المتكرر على إن الهداية الإلهية هي وحدها القادرة على ضبط هذا الميل الفطري وضمان التوازن بين الغريزة والروح.

قال تعالى:

﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ (يوسف: 53)،
وهو تعبير صريح عن إن النفس، بطبيعتها الأولى، تميل نحو الشهوات ما لم تهذب بنور الهداية.

وفق المدرسة المحمدية، تُقسم النفس إلى مراتب ثلاث:
1-النفس الأمارة:وهي التي تتبع الشهوة بلا قيد.
او هي النفس البدائية في الإنسان، التي تميل إلى الشهوات والغرائز، وتدفع صاحبها نحو المعصية والهوى.
وتمثل المرحلة الأولى من تطور النفس.
يرى علماؤنا، كـالعلامة الطباطبائي في الميزان، أنها النفس التي تسيطر عليها قوى الجسد والميول الحيوانية، ولم تهذب بعد بأنوار العقل والإيمان.

2-النفس اللوامة:وهي التي تحاسب ذاتها عند التقصير.
يرى علماؤنا أنها المرحلة الوسطى بين الأمارة والمطمئنة، أي أن النفس بدأت تنتقل من سيطرة الهوى إلى نور العقل والإيمان.
وهي نفس المؤمن الصادق الذي يجاهد نفسه ويعاتبها باستمرار.

3-النفس المطمئنة:وهي التي بلغت درجة التسليم لله ورضاها بقضائه.
وتمثل أعلى درجات الكمال الروحي بعد الجهاد الطويل للنفس.
كما في فكر السيد بحر العلوم أو الإمام الخميني في (الأربعون حديثًا)، المطمئنة هي النفس التي تحققت بالعبودية الكاملة لله.

ولا يمكن للنفس أن تنتقل من مرحلة إلى أخرى إلا وفق منهج أخلاقي وروحي متكامل أساسه الدين، إذ يعتبر الإيمان بالله والالتزام بشرعه شرطًا جوهريًا لتزكية النفس وتهذيبها.
وقد ورد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام):
“اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها.”

وهذا القول يجسد البعد الأخلاقي والروحي في الفكر الإسلامي، حيث تربط الأخلاق بالسلوك العملي القائم على العدل والرحمة ومحاسبة الذات.

الدين في جوهره، ليس مجرد طقوس، بل نظام تربية للنفس، يضع الغرائز في موقعها الصحيح دون قمع أو انحراف. فالغريزة في منظور الإسلام ليست شرًا في ذاتها، بل هي طاقة خلقت لغاية سامية، متى ما وجهت وفق أمر الله كانت سببًا للكمال، وإن أطلقت بغير ضابط كانت مصدر انحطاط.

من هنا، فإن السيطرة على النفس ليست ممكنة بالمجاهدة العقلية وحدها، بل تحتاج إلى نور الولاية واتباع نهج أهل البيت (عليهم السلام)، لأنهم المظهر الأكمل للعبودية والطاعة، ولأن الاقتداء بسيرتهم يربط الإنسان مباشرة بمصدر الهداية الإلهية.

فالإنسان في الرؤية الجعفرية إنما يكتمل حين يخضع شهواته لأمر الله، ويجعل هدفه الأسمى رضا الخالق، مصداقًا لقوله تعالى:

﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾ (الفجر: 27-28).



#حسن_جبار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل… الكعكة اللذيذة التي كشفت عُري العالم
- تعلمت درسًا اخلاقيًا هامًا


المزيد.....




- الأميرة رجوة الحسين في لندن..أناقة كلاسيكية بلمسات عصريّة
- ما هو مصير قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار؟
- معضلة جثث الرهائن في غزة.. نبرة التهديد والوعيد عادت مجددا م ...
- شعب مدغشقر يطالب ماكرون بالاعتذار ويتهم سياسته -بالوصاية الن ...
- حكومة لوكورنو الثانية مهددة بالسقوط مجددا.. وتغييرات إقليمية ...
- غزة: هل تحارب إسرائيل حماس عبر ميليشيات مسلحة؟
- إندونيسيا في حالة إنذار بيئي خشية تلوث إشعاعي
- اقتحامات بأنحاء الضفة والاحتلال يقتل فلسطينيا ضربا شمال القد ...
- بين الاستعراض ودفع الثمن.. ماذا وراء الظهور الجديد لـ-أبو شب ...
- مطالبات لماكرون بالاعتذار للشعب الملاغاشي


المزيد.....

- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حسن جبار - النفس البشرية بين الهوى والهداية