أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رفيق زروال - هل يمكن تغيير الوضع في المغرب بتغيير الحكومة أو رئيسها؟















المزيد.....

هل يمكن تغيير الوضع في المغرب بتغيير الحكومة أو رئيسها؟


رفيق زروال

الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 10:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


هذا السؤال قفز مجددًا إلى السطح في ظل موجة الاحتجاجات الشعبية التي تعمّ المغرب، والتي خلّفت قتلى ومئات المعتقلين، وتصاعدت معها الدعوات إلى تغيير رئيس الحكومة أو الحكومة كاملة. هذه الدعوات، سواء صدرت عن أبواق النظام من أفراد وأحزاب ومؤسسات تدور في فلكه، أو عن أطراف تتوهم إمكانية الإصلاح من الداخل، أو عن فئات تجهل طبيعة النظام المغربي، تُعيد إنتاج نفس الوهم: تحميل الحكومة المسؤولية وتقديم تغيير الواجهة كحل للأزمة.
هذا السؤال يحيلنا إلى سؤال جوهري آخر: هل فعلاً الحكومة و رئيسها هم من يُديرون الحكم بالمغرب؟ أم أن هناك سلطة فوقهم تُوجّه وتُقرر وتُراقب؟
1. يجب أن نُسمي الأشياء بأسمائها
لن نخوض في تاريخ الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال الشكلي، ولا في تحليل البنية الاجتماعية والسياسية للنظام، بل سنعتمد مدخلًا مباشرًا: دستور 2011، الذي يُقدّمه المدافعون عن النظام و"معارضته" كإنجاز ديمقراطي أسّس لـ"عهد جديد لدولة الحق والقانون"، بينما هو في الحقيقة دستور ممنوح كسابقيه، صيغ في القصر لامتصاص غضب حركة 20 فبراير، دون أي مشاركة شعبية أو مساءلة للسلطة الحقيقية في البلاد.
1.1 الملك هو مركز القرار... بالدستور
من يقرأ دستور 2011 الممنوح بتمعّن يدرك أن الملك يحتفظ بصلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية تجعل منه الفاعل الأول والأخير في الدولة:
الفصل 42: رئيس الدولة، ضامن دوامها واستمرارها.
الفصل 49: يترأس المجلس الوزاري، حيث تُتخذ القرارات الاستراتيجية.
الفصل 53: القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية.
الفصل 55: يعتمد السفراء ويصادق على المعاهدات.
الفصل 56: يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
كل هذه الصلاحيات تُثبت أن الملك يُدير السياسة، الأمن، القضاء، والدبلوماسية، بينما رئيس الحكومة لا يملك سوى صلاحيات تنفيذية محدودة، مشروطة بموافقة القصر.
1.2 رئيس الحكومة: واجهة بلا سلطة
الفصل 47: الملك يُعيّن رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات، ويحتفظ بحق تعيين الوزراء وإعفائهم.
الفصل 51: يمكنه إعفاء أي عضو من الحكومة دون الحاجة إلى اقتراح من رئيسها.
رئيس الحكومة لا يملك سلطة حقيقية على فريقه، ولا يستطيع اتخاذ قرارات جوهرية دون المرور عبر القصر. إنه مجرد موظف سامٍ يُنفذ التعليمات الملكية، لا أكثر.
وهذا إذا سلمنا أصلًا بوجود انتخابات حقيقية وأحزاب مستقلة. فالكل يعلم أن النظام خلق أحزابه، بما فيها "معارضته"، وروض كل من حاول الخروج عن خطوطه المرسومة، إما بالقمع والحصار، أو بالتدجين والدمج في لعبته السياسية. وفي كل الأحوال، لتُنشئ حزبًا في المغرب، يجب أن تُسلّم بـ"المقدسات"، وعلى رأسها الملك والملكية.
2. الملك واحتكار الاقتصاد المغربي
الملك لا يحتكر فقط القرار السياسي، بل يُسيطر أيضًا على مفاصل الاقتصاد الوطني، عبر شركاته واستثماراته وثروته الشخصية:
2.1 حجم الثروة
وفقًا لتقرير Daily Express البريطاني (2024)، تُقدّر ثروة الملك بـ2.1 مليار دولار، ما يجعله أغنى ملك في إفريقيا، متفوقًا على الملك البريطاني تشارلز الثالث.
2.2 الذراع الاقتصادية: مجموعة المدى (Al Mada) و SIGER
مجموعة المدى (SNI سابقًا) هي صندوق استثماري ضخم يُسيطر على قطاعات استراتيجية:
البنوك (BMCE)
الاتصالات (اتصالات المغرب)
التأمين (Saham سابقًا)
الصناعات الغذائية (Centrale Danone، Lesieur Cristal)
العقار، الطاقة، التوزيع التجاري
شركة SIGER هي الذراع المالية الخاصة بالعائلة الملكية، وتُدير ممتلكاتها واستثماراتها المباشرة.
2.3 الاستثمارات الخارجية
توسع في إفريقيا جنوب الصحراء عبر البنوك والاتصالات، وممتلكات أخرى متنوعة خارج المغرب تُقدّر بملايين الدولارات.
2.4 ميزانية القصر
تُدرج ضمن "النفقات السيادية" في قانون المالية، وتُقدّر بـ2.5 مليار درهم سنويًا (حوالي 250 مليون دولار). تشمل رواتب الموظفين الملكيين، صيانة القصور، الرحلات، ونفقات البروتوكول. والأهم أنها لا تخضع لأي رقابة، ولا يُسمح حتى بمناقشتها شكليًا داخل البرلمان.
2.5 تحكم في الثروات الطبيعية
الفوسفاط: المغرب يملك أكبر احتياطي عالمي، ويُديره المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) تحت إشراف مباشر من القصر. في حين لا يزال الفلاحون الفقراء يستعملون أدوات بدائية (روث البهائم) كسماد، بسبب غلاء الأسمدة المصنعة في المغرب والمعدة أساسًا للتصدير. حال الفلاحة وتكاليف المنتجات الفلاحية في السوق المغربية يُظهر ذلك بوضوح.
الذهب والمعادن: تُستغل عبر شركات شبه عمومية مرتبطة بمصالح نافذة كمجموعة "مناجم". جلها مباع مسبقًا قبل استخراجه، وتُكنز الأموال العائدة منه في بنوك سويسرا وغيرها، فيما تبقى المناطق التي تُستخرج منها هذه الثروات مهمّشة ومحرومة.
الثروات السمكية: تُمنح امتيازات لشركات أجنبية في إطار اتفاقيات دولية، أبرزها مع الاتحاد الأوروبي، دون أي شفافية، مما جعل المواطن المغربي غير قادر على مواكبة أثمانها الخيالية في السوق المحلية.
2.6 ربط الاقتصاد المغربي بالخارج
العلاقات الاقتصادية تُدار غالبًا عبر القصر، لا الحكومة:
فرنسا: الشريك التجاري الأول، واستثمارات ضخمة في البنوك والعقار والتعليم.
الولايات المتحدة: اتفاقية التبادل الحر، واستثمارات في الطاقة والصناعة.
"إسرائيل": بعد التطبيع مع الكيان الصهيوني عقد اتفاقيات تعاون في التكنولوجيا، الأمن السيبراني، والفلاحة.
الملك يُحدد التوجهات الاقتصادية في خطاباته، ويُشرف على المشاريع الكبرى، مما يجعل الاقتصاد المغربي رهينة لإرادة القصر، لا لسياسات حكومية منتخبة.
كما يمتلك أو يستخدم ما لا يقل عن 12 قصرًا ملكيًا رسميًا داخل المغرب، تُموّل من الميزانية العامة، إضافة إلى ممتلكات فاخرة خارج البلاد تُقدّر بمئات الملايين من الدولارات.
3. الحركات الاحتجاجية والتغيير
الأكيد أن الدفع بمثل هذا الموقف، أي الانتقال من مطلب تغيير أشخاص، سواء كانوا وزراء أو موظفين "سامين"، إلى ضرورة التغيير الجذري للنظام ككل، سيصطدم بترسانة من الأبواق، سواء من داخل النظام نفسه عبر أدواته البوليسية والأيديولوجية، أو عبر أحزابه، بما فيها "معارضة صاحب الجلالة" و القوى الظلامية المتأسلمة. كما سيصطدم بتراكمات من الجهل، التي عمل النظام على ترسيخها، كالمعزوفة: "الملك ضامن استقرار البلاد"، أي بمعنى آخر، ضامن استمرار الاستبداد والفساد.
لذلك، فإن مهمة العمل و خوض الصراع السياسي والأيديولوجي ضد هذه الطروحات، موكولة لكل المناضلات والمناضلين المخلصين والشرفاء، من أجل الارتقاء بالمواقف السياسية للحركة الجماهيرية، والانتقال من مطلب تغيير هذه الحكومة أو تلك، أو إقالة هذا الموظف أو ذاك، إلى تفعيل الشعار التاريخي الذي رُفع في المظاهرات والانتفاضات الشعبية التي عاشها المغرب ومجموعة من الدول: "الشعب يريد إسقاط النظام"، أي القضاء على نظام الاستبداد والعمالة.
نحن واعون بأن هناك فرقًا شاسعًا بين رفع الشعار وتفعيله، بما يتطلبه هذا التغيير من خلق أدوات تنظيمية وسياسية قادرة على تأطير الحركات الاحتجاجية، والارتقاء بها إلى زخم ثوري، ببرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي واضح، يمكن من مواجهة هذا النظام وفيالقه القمعية والأيديولوجية، وأحزابه ونقاباته...
لكن المؤكد أن تحديد العدو الحقيقي، والمسبب لكل هذه الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها الشعب المغربي، سيكون حجر الزاوية في بناء هذا الوعي الشعبي الجماهيري، لتوجيه البندقية نحو الهدف الحقيقي.
عاشت نضالات الشعب المغربي
المجد و الخلود للشهداء
والحرية لكل المعتقلين السياسيين
5 اكتوبر 2025



#رفيق_زروال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب الديكتاتور العربي - المغرب نموذجا -
- كلمات في الذكرى الاولى لفقدان رفيقنا الغالي رشيد كبير
- بصدد العناق الحار بين حزب -النهج الديمقراطي- و القوى الظلامي ...
- الحركة الماركسية اللينينية المغربية، بين سندان النظام و مطرق ...
- الحزب الشيوعي الصيني، ماو تسي تونغ و الحركة الشيوعية العالمي ...
- ضد التروتسكية.. لتحيا الماركسية-اللينينية !!
- « دفاعا عن البلشفية » أم تحريف لها ؟
- لتسقط التحريفية ..عاشت الماركسية اللينينية!!


المزيد.....




- غزة بعد وقف إطلاق النار.. حماس تشتبك مع مسلحين وعشائر وتلاحق ...
- قابس التونسية..غيوم سامة وإرث صناعي قاتل يدفع الولاية بأكمله ...
- عشرات القتلى في تصعيد حدودي غير مسبوق بين باكستان وأفغانستان ...
- الأكاديمية الملكية البلجيكية تنتخب بوعلام صنصال المسجون في ا ...
- مقتل 4 وإصابة 20 في إطلاق نار بولاية ساوث كارولينا الأميركية ...
- المستوطنون يشنون هجمات بالضفة ويطلقون الرصاص على الفلسطينيين ...
- كيم جونغ أون.. الوجه الآخر للرئيس الأكثر غموضا في العالم
- استشهاد الصحفي صالح الجعفراوي برصاص مسلحين جنوبي غزة
- التحذير من تداعيات العقوبات الأميركية على شركات عراقية
- عاجل | رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري لنيويورك تايمز: الو ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رفيق زروال - هل يمكن تغيير الوضع في المغرب بتغيير الحكومة أو رئيسها؟