أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الحزب الشيوعي السوداني - الحزب الشيوعي السوداني - المكتب السياسي - حول الإصلاح الامني















المزيد.....



الحزب الشيوعي السوداني - المكتب السياسي - حول الإصلاح الامني


الحزب الشيوعي السوداني
(Sudanese Communist Party)


الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 14:06
المحور: المجتمع المدني
    


المكتب السياسي
ورقة حول اصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية

• مقدمة:
رافق ظهور النظريات الأمنية نشأة الدولة القطرية الحديثة والتي اصطلح علي تسميتها بالدولة الويستفالية ( State Westphalian )، استندت النظريات الأمنية للدول ولسنوات طويلة علي عاملين اثنين: القدرات العسكرية للدولة مقارنة بالقدرات العسكرية للدول المحيطة، وطبيعة العلاقة مع الدول المحيطة وتأثير المعسكرات والكتل الدولية والأقليمية هذه العلاقات.

بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ظهر جلياً دور العوامل الداخلية علي أمن الدول وبدأت نظريات أمنية جديدة في الظهور مثل نظرية الامننة ونظرية التبعية لدى الماركسين الجدد الي جانب ظهور مدارس امنية حديثة مثل مدرسة كوبنهاجن ومدرسة فرانكفورت في الدراسات الامنية، حيث أولت هذه المدارس اهتمام أكبر للعوامل الداخلية وعلي رأسها القضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وقضايا الهوية.

تبنت النظريات الامنية الحديثة فرضية أن بناء الدولة وتحصينها من الداخل هو أمر ضروري جدا لحماية الدول من التهديدات مثل بناء اقتصاد جيد وأيجاد هوية جامعة، فالاقتصاد الضعيف يجعل الدول منقادة وعدم وجود هوية جامعة يجعل الدول عرضة للتدخلات الاجنبية. وبالتالي فإن الأمن ينبغي أن يعمل علي خدمة قضايا مثل بناء الاقتصاد الوطني والحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعي وليس العكس ( نهب الموارد الاقتصادية وإثارة النعرات الجهوية والقبلية).

تعتبر النظرية الماركسية الطبقات الاجتماعية وحدة التحليل الامني، وتفسر الأمن على أساس الصراع الطبقي وبالتالي فإن غياب العدالة الاجتماعية والمساواة مع اتساع الفوارق الطبقية هو أكبر مهدد امني. وكلما فقدت الدولة عوامل قوتها الداخلية واستقلال قرارها الوطني وكلما زادت الفجوة بين الدول الفقيرة والدول الغنية زادت المهددات الامنية.

من أخطر المهددات الامنية التي تعاني منها الشعوب في دول العالم الثالث هو تداخل المصالح السياسية والإقتصادية والعسكرية، بين قوى الاستعمار الحديث وحلفائهم بالداخل بحيث تصبح السيطرة على الجيش وسيلة للسيطرة علي السلطة وذلك عبر تسييس الجيش والتنافس والتواطؤ بين السياسيين وقادة المؤسسات الأمنية وبالتالي فإن مصالح المؤسسات الأمنية هو عملية مفاهيمية مستمرة تتعدي عملية بناء القدرات.

• الاطار النظري لاصلاح المؤسسات الامنية:
إن المدخل لاصلاح المؤسسات الامنية يمر عبر كسر شبكة المصالح الاقتصادية والسياسية بين السياسيين وقادة المؤسسات الامنية والمرتبطة بمراكز قوى دولية وأقليمية تعمل على الوقوف في وجه التحول الديمقراطي الحقيقي الذي ينتج سلطة تعبر عن مصالح الطبقات الاجتماعية الفقيرة والتي تمثل السواد الأعظم من الشعب السوداني.
بناءاً على ما ذكر أعلاه فإن الاطار النظري الصالح للمؤسسات الامنية في السودان ينبني على أربع مرتكزات اساسية:
* التفريق بين المؤسسات العسكرية والمؤسسات الامنية حيث أن المؤسسات الامنية هي في الأساس مؤسسات مدنية ولكنها
فقط تتمتع بسلطات الشرطي مثل سلطة الاعتقال والتفيش والمراقبة ... الخ وسلطات الشرطي هي في الاصل سلطات
مدنية وليست عسكرية وتتم ممارستها تحت اشراف سلطة قانونة مدنية. ( النيابات العامة والمحاكم).
* بناء المؤسسات العسكرية والأمنية - وفق نظرية عامة - الأمن الوطنى أو القومي مبنية على حماية المصالح العليا للشعب السودانى والمتمثلة فى حماية أراضيه ووحدته واقتصاده وأمنه واستقراره الاجتماعي وهى مصالح فوق مصلحة الحكومات والمجموعات الحاكمة.
* الامن هو عبارة عن خدمة تصمم وتقدم وفقاً لإحتياجات متلقي الخدمة وهم في هذه الحالة ثلاثة عناصر : ( المواطن - المجتمع - الدولة)، والحفاظ على التوازن بين مصالح واحتياجات هذه العناصر الثلاث هو عامل اساسي لنجاح عمل المؤسسات الامنية.

بناء على ما ذكر اعلاه فإن عملية اصلاح المؤسسات الامنية هي عملية يقودها المدنيون في المقام الأول ويساعد فيها العسكريون بتصميم الامور الاجرائية والعملياتية وفقاً لرغبة المدنيين.

• المبادئ العامة لعملية أصلاح المؤسسة العسكرية والمؤسسات الامنية:
موقف الحزب المبدئي من عملية أصلاح المؤسسات العسكرية والأمني يمكن تلخيصه في خمس نقاط مبدئية هي:

1- حل جميع المليشيات والغاء قانون الدعم السريع وحله على أن يكون الحل والتسريح وإعادة الدمج فى المجتمع عبر الية نزع السلاح و التسريح وفقا للقواعد المتعارف عليها دوليا.
2- خروج جميع المؤسسات العسكرية والامنية من السياسة بشكل كامل.
3- خروج جميع المؤسسات العسكرية و الامنية من الاقتصاد بشكل كامل.
4- التبعية الكاملة لجميع المؤسسات العسكرية والأمنية للسلطة المدنية مثلها مثل أي مؤسسة مدنية أخري داخل جهاز الدولة ورفض أي دور لها في الحكم.
5- إخضاع جميع المؤسسات الامنية بما فيها المؤسسة العسكرية لاعادة هيكلة وتدريب جذرية.

• الخطوات العملية لخطة لاصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية:
الخطوات العملية المقترحة لاصلاح المؤسسات العسكرية والامنية تنبني على ثمانية محاور هي:

1- تكوين الية مدنية مستقلة لنزع السلاح والتسريح وإعادةالدمج.
2- تكوين الية مدنية مستقلة للاشراف والرقابة علي القوات المسلحة.
3- تكوين الية مدنية مستقلة للاشراف والرقابة علي المؤسسات الامنية.
4- حل جميع المليشيات دون استثناء ودمجها في المجتمع.
5- حل جهاز المخابرات العامة وإعادة بناؤه من جديد.
6- اجراء اصلاحات جذرية داخل القوات المسلحة تبدأ بتخفيض القوات وإعادة بنائها من حيث التنظيم والتسليح والتدريب.
7- إجراء إصلاحات جذرية داخل قوات الشرطة تبدأ بتخفيض أعداد القوة المسلحة داخلها وعودة الادارات ذات الطبيعة المدنية الي طبيعتها المدنية.
8- رفع كفاءة الشرطة وتدريبها وتأهيلها فنياً.

• الملامح العامة لخطة إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية :
تنقسم خطة اصلاح المؤسسات العسكرية والامنية الي شقين:
أ/ خطة اصلاح المؤسسات العسكرية ( الجيش- الدعم السريع - الحركات المسلحة).
ب/ خطة اصلاح المؤسسات الأمنية.

أ/ خطة اصلاح المؤسسات العسكرية ( الجيش- الدعم السريع- الحركات المسلحة) :
الخطوط العريضة لهذه الخطة تتمثل في الاتي:
- حل كافة المليشيات ودمجها في المجتمع لتكون هناك مؤسسة وحيدة هي القوات المسلحة.
- تخضع القوات المسلحة لعملية اصلاح جذرية تبدأ باجراء تخفيضات كبيرة لحجم القوات وأعادة تنظيم القوة المتبقية بما يفتح الباب العادة بناءها من جديد.
- العمل بنظام قوات الاحتياط والتي سيكون قوامها المقاتلين المسرحين من القوات المسلحة وبقية القوات من ذوي التأهيل والخبرة والذين لم يتورطوا في ارتكاب جرائم، على ان يحدد القانون طريقة تنظيم هذه القوات وكيفية استدعائها بما يضمن خضوعها التام للقوات المسلحة وعدم تحولها الي قوة موازية.

1/ إصلاح القوات المسلحة:
مع فجر استقلال الدولة السودانية عن المستعمر البريطاني وقع الجيش في مأزق التصدي للنزاعات الداخلية المسلحة، واخطر ما في هذا المأزق أن التصدي لهذا النوع من النزاعات يحتاج الي موارد كبيرة عجزت الدولة السودانية عن توفيرها.
مع بوادر التمرد الثالث سنة 1983م وقيام الحركة الشعبية لتحرير السودان كان واضحاً ان الدولة لم تعد قادرة على الصرف على الجيش للتصدي لهذا النزاع فلجأ نظام نميري الي منح الإذن للجيش لولوج حقل النشاط الاقتصادي باصداره قرار إنشاء المؤسسة العسكرية الاقتصادية لتمكينه من التصدي للنزاع المسلح الذي يخوضه بالانابة عن الدولة السودانية.
مثلت هذه الخطوة البداية الحقيقة للخلل الكبير الذي صاحب أداء الجيش منذ ذلك الوقت والذي توج باندلاع حرب الخامس عشر من ابريل. وقد تمظهر هذا الخلل في الاتي:
* علي المستوى الاستراتيجي فإن قيام الجيش بقتال جزء من الشعب دفاعاً عن النظام يطرح تلقائيا السؤال حول شرعية النظام، أما إطلاق يد الجيش للصرف على هذه الحرب بنفسه فهو يطرح السؤال حول شرعية كل من النظام والدولة وذلك هو المأزق الذي وقعت فيه معظم الدول الفقيرة التي عانت من نزاعات مسلحة والتي ضعفت فيها الدولة في مواجهة الجيوش والميليشيا التي تتحالف في النهاية لتبتلع الدولة والنظام الحاكم كما حدث في يوغندا وأثيوبيا والكونغو. فإن كان الجيش يقاتل بالانابة عن الدولة ودفاعاً عنها ويقوم بالصرف علي تلك الحرب بنفسه فما فائدة الدولة أصلًامن وجهة نظر الجيوش؟.
* ان دخول الجيش في الانشطة الاقتصادية يفتح الباب أمام تدخل الجيش في السياسة.
* إنخراط الجيش في النشاط الاقتصادي له تأثير مدمر على التكوين الاحترافي للجيش كمؤسسة قتالية.
* بدأ التدهور مع اتخاذ نظام مايو القرار بإنشاء المؤسسة العسكرية والاقتصادية سنة 1982م وذلك مع ظهور بوادر اندلاع الحرب الاهلية مرة أخري في جنوب السودان، ثم تفاقم الوضع بعد قيام نظام الانقاذ والذي لجأ الي ايجاد مصادر تمويل مستقلة للجيش بدأت بدمغة الجريح والتي كانت تذهب مباشرة لميزانية الجيش ثم تبعها السماح للجيش بالاستثمار في مجال الخدمات بانشاء شركة شيكان للتأمين وإعادة التأمين وشركة عزة للطيران وتوج الامر بتأسيس هيئة التصنيع الحربي سنة 1993م والتي تطورت لاحقاً الى منظومة الصناعات الدفاعية في سنة 2017م.
* قامت هذه المؤسسات باقتحام مجال الاستثمار في خدمات البترول والاتصالات والتعدين ولعبت دوراً كبيراً في حرمان الدولة من عائدات هذه الموارد تحت دعواى الدفاع عن الوطن. والنهوض بمهمة التصدي للنزاعات المسلحة التي انتشرت في جزء كبير من البلاد.
* لم يتوقف الامر عند ذلك بل تخلق نشاط جديد تمثل في عمليات الارتزاق الواسعة وبيع المقاتلين والتي بدأتها حركات الكفاح المسلح ثم انخرطت القوات المسلحة في نفس النشاط باستخدام قوات الدعم السريع في حرب اليمن والذي أستقل بهذا النشاط بعد فترة قصيرة بتشجيع من كل من السعودية والامارات، وقد كان ذلك أحد الاسباب الرئيسية للتوتر والنزاع منذ نهايات حكم البشير ووانفجر مع اندلاع الحرب.
* سيطرة الجيش وبقية المؤسسات الأمنية على قسم كبير من النشاط الاقتصادي والموارد أدى الى تفاقم الضائقة الاقتصادية
وأزمة الحريات والتي أدت في النهاية الى اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة. مع اندلاع الثورة شعرت قيادات المؤسسات العسكرية والأمنية بخطر فقدان امتيازاتها التي اكتسبتها منذ نهايات حكم مايو وتعززت خلال فترة الانقاذ خصوصاً مع طغيان الرغبة في ايجاد حلول جذرية لكل مشكلات السودان السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما شعرت الحركات المسلحة بنفس الخطر وتقاربت مصالحها مع مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية التي كانت تحاربها وتوج ذلك التقارب بتوقيع اتفاق سلام جوبا والذى كانت بمثابة تحالف غير معلن مع هذه المؤسسات ثم أعلن مع اندلاع الحرب اليوم.

بناءاً على ما سبق فإن رؤيتنا لعملية لاصلاح القوات المسلحة تستند علي سبعة محاور هي:
1- إجراء عملية تخفيض كبيرة للقوات داخل القوات المسلحة لصالح التأهيل الرأسي للفرد ولفتح الباب أمام إعادة بناء القوات المسلحة على أسس جديدة وإعادة النظر في الهيكل وتوزيع القوات.
2- أعادة بناء هيكل القوات المسلحة من حيث التنظيم والتسليح بما يخدم قضية بناء السلام واستدامته وقيام حكم مدني ديمقراطي وحماية الاقتصاد الوطني وعلى رأس هذه الاجراءات إخراج كل التشكيلات القتالية للقوات المسلحة الى خارج المدن.
3- تنقيح وإعادة صياغة المناهج التدريبية علي جميع المستويات.
4- مراجعة وإعادة صياغة الوثائق القانونية المنظمة لعمل القوات المسلحة بدءأ بقانون القوات المسلحة واللوائح والتعليمات الملحقة بها.
5- ايجاد آلية مستقلة للرقابة على أداء القوات المسلحة وخضوع جميع المستويات القيادية داخل القوات المسلحة لرقابة هذه الالية.
6- خضوع قيادة القوات المسلحة للسلطة المدنية بالكامل على ان تتولي السلطة البرلمانية تعيين الحلقة القيادية العليا واجازة الميزانيات وخطط التسلح بالتشاور مع الية الرقابة المستقلة بينما تتولى السلطة التنفيذية متابعة الاداء العام للقوات وتنفيذ الخطط ورفع التقارير والتوصية بشأن القيادة العليا للجيش بالتشاور مع آلية الرقابة المستقلة.
7- لسد الفراغ الذي قد ينجم عن عمليات تخفيض القوات يتم إنشاء قوات احتياط من المؤهلين من الذين تم تسريحهم من الجيش والدعم السريع والذين لم يتورطوا في ارتكاب جرائم على أن يحدد قانون القوات المسلحة علاقتهم بالقوات المسلحة وأقدمياتهم وكيفية الاستدعاء.

2/ حل قوات الدعم السريع:
من ينظر الى تاريخ تطور قوات الدعم السريع يجد انها في الأصل عبارة عن ميليشيا تم اسباغ وضعية قانونية عليها بصدور قانون قوات الدعم السريع لسنة 2017م دون أن يصاحب ذلك الاجراءات المهنية والفنية الضرورية لتحويلها الي قوات احترافية، فقد إكتفى نظام البشير ومن بعده المكون العسكري لمجلس السيادة باخضاع هذه القوات الي تدريبات قتالية محضة مع الاغفال التام للجوانب القانونية والقيمية والاخلاقية الاحترافية للجندية والتي هي اساس التكوين المهني الي جندي محترف فتحولت هذه القوات الى ميليشيا ذات قدرات قتالية عالية وتحول افرادها الي مرتزقة محترفين أكثر من كونهم جنود محترفين.
تلك مسألة مهمة ينبغي الانتباه لها فالتدريب الاحترافي للضابط أو الجندي في الجيوش المحترفة يتعدي مجرد التدريبات القتالية أو استخدام الاسلحة الي جوانب أخرى لا تقل اهمية عن ذلك وعلى رأسها احترام الدستور والقانون وحماية المدنيين واحترام حقوق الانسان وحماية المقدرات الوطنية والممتلكات العامة والخضوع الكامل للسلطة السياسية وغيرها من الأمور التي تشكل في النهاية ما يعرف بعقيدة الجيوش.
أن البناء التنظيمي لقوات الدعم السريع والعقيدة القتالية التي يعملون على أساسها هي خليط مابين التفكير الميلشيوي المصبوغ بصبغة جهوية وهذه عقيدة قتالية يصعب شطبها من أذهان مقاتلي الدعم السريع وتغييرها الي عقيدة قتالية وطنية تحترم الدولة والقانون وتحفظ حقوق المواطنين، كما أن تجارب العالم من حولنا قد أظهرت أن هذا النوع من المقاتلين من الافضل والاكثر أماناً أن يدمجوا داخل المجتمع حيث أن إدماجهم ضمن منظومة القوات المسلحة أو أي منظومة مسلحة أخرى قد يشكل تهديداً مستقبلياً للدولة وذلك بتسييل العقيدة القتالية الاحترافية للجيش.
في نفس الوقت من المهم الاشارة الى أن عمليات التسريح غير المنظم لهذه العناصر ودون وجود الية مجتمعية للرقابة ومساعدة هؤلاء المسرحين على الانخراط في الحياة المدنية وسط مجتمعاتهم المحلية قد يشكل مصدر خطر كبير، وبالتالي فالتعامل مع قوات الدعم السريع ينبغي أن يكون كالاتي:
1- الحل الكامل لقوات الدعم السريع عبر آلية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج داخل المجتمع.
2- تشكيل مفوضية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج عبر قانون يمكنها من بناء آليات مجتمعية من داخل المجتمعات المحلية لوضع خطط واليات الدمج والرقابة وتقديم المساعدة لهؤلاء المسرحين. تحت إشراف القوات المسلحة مع الوضع في الاعتبار جميع المحاذير التي ذكرت سابقاً.
3- الاستفادة من المقاتلين المحترفين ذوي التخصصات النوعية والذين لم يتورطوا في ارتكاب جرائم في جيش الاحتياط تحت إشراف القوات المسلحة مع الوضع في الاعتبار جميع المحاذير التي ذكرت سابقاً.

3/ حل بقية الحركات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق:
حرب الخامس عشر من أبريل أظهرت بوضوح أن ما قيل عن قوات الدعم السريع ينطبق تماماً على مقاتلي الحركات المسلحة فهم مقاتلون جيدون يفتقرون الى المعايير الاخلاقية للجندي المحترف. وبالتالي فإن السبيل الامثل للتعامل معهم يتم عبر آلية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج داخل المجتمع وليس بدمجهم داخل الجيش مهما بلغت قدراتهم القتالية.
هنا سوف تواجهنا مسائل ينبغي علينا التعامل معها علي رأسها المظالم التاريخية والتهميش الذي تعاني منه المناطق التي ينتمي اليها أولئك المقاتلون الي جانب اتفاقية سلام جوبا والتي أعطت مقاتلي وقادة الحركات المسلحة في دافور والنيل الازرق إمتيازات كبيرة وغير مستحقة على حساب المواطنين في تلك المناطق.
عطفاً على ما سبق فإن التعامل مع معضلة وجود عدد كبير من الحركات المسلحة والمليشيات ينبغي أن يكون عبر الاتي:
1- انعقاد المؤتمر الدستورى للإتفاق حول كيف يحكم السودان.
2- حل جميع المليشيات والمجموعات المسلحة وفق الية نزع السلاح والتسريح و اعادة الدمج فوراً ورفض اي محاولة لربط ذلك بقضايا المؤتمر الدستوري.
3- إلغاء اتفاق جوبا وما ترتب عليه واتباع سياسات عامة منصفة سياسيا واقتصاديا واجتماعياً.
4- تكوين مفوضية لرعاية المصابين وأسر الشهداء من جميع القوات والميليشيات والحركات المسلحة وذلك وفق قانون يكفل العدالة والمساواة بين الجميع.

ب/ خطة اصلاح المؤسسات الامنية
الخطوط العريضة لهذه الخطة تتمثل في الاتي:
* إنشاء آلية مدنية مستقلة للاشراف والرقابة على أداء المؤسسات الامنية وصياغة قانون لهذه الآلية يضمن لها السلطة على الاشراف والرقابة على جميع المؤسسات الأمنية بنزاهة واستقلالية وحيادية
* إجراء تخفيضات كبيرة في حجم قوة الشرطة المسلحة وإعادة هيكلتها لتتحول الي سلطة مدنية لانفاذ القانون.
* حل جهاز الامن والمخابرات الوطني وإعادة بنائه وفق قانون وهيكل ونظم تدريب جديدة يتم فيه استيعاب المؤهلين من ضباط وضباط صف وجنود الجهاز السابق ممن يقبلون العمل وفق النظم الجديدة مع اشتراط عدم ضلوعهم فى أي جريمة من جرائم الجهاز السابق.

1/ اصلاح قوات الشرطة :
كانت قوات الشرطة التي انشئت بواسطة المستعمر البريطاني مع بواكير القرن الماضي أداة مهمة للقمع الاجتماعي وذلك عبر اخضاع المجتمعات المحلية داخل المدن على القبول بنظام الحياة المديني الذي أتى به المستعمر وتوفير نوع من الحماية المدنية للمجموعات التي استجلبها المستعمر لبناء دولته االستعمارية. بعد الاستقلال حافظت الدولة السودانية على هذا الدور الذي ظلت تلعبه الشرطة خلال الفترة الاستعمارية حيث استمرت في لعب نفس الدور وبذات التفاصيل خلال فترتي الديمقراطية الأولى ونظام عبود حيث كانت الدولة ولحد كبير هي عبارة عن دولة استعمارية تدار بأيدي سودانية، ثم تحول هذا الدور الى فرض التصورات البدائية عن الاشتراكية والقومية العربية خلال السنين الأولى لحكم مايو والذي سريعاً ما تحول بعد فترة قصيرة الي فرض التصورات البدائية والسطحية عن مجتمع الفضيلة المسلم منذ العام 1983م واستمرت الشرطة في لعب هذا الدور حتي يومنا هذا.
هذا الوضع أكسب الشرطة عقيدة مهنية معطوبة مبنية على الخضوع لتوجهات الدولة السياسية والايديولوجية دون وضع أي اعتبار لمصالح الافراد والمجتمعات المحلية وهي وضعية نشأت من بين طياتها علاقة معقدة بين الشرطة والدولة من جهة والشرطة والشعب من جهة أخري اتسمت بعدم الثقة والتقية ( التقية: هي مفهوم في الفكر الشيعي التقية يعني كتمان الحق وإخفاء الاعتقاد به أمام المخالفين، لدفع ضرر ما).

بناءاً على ما سبق فإن رؤيتنا لعملية اصلاح قوات الشرطة تستند أيضاً على سبعة محاور هي:
1- أجراء تخفيضات داخل قوات الشرطة التي تحمل السلاح والغاء نظام الشرطة الموحدة وإعادة الادارات ذات الطبيعة الإدارية والمكتبية الى وضعها الطبيعي كادارات مدنية وعودة الشرطة لطبيعتها كسلطة مدنية لانفاذ القانون.
2- الغاء قوات الاحتياطي المركزي وتخفيض التشكيلات القتالية داخل الشرطة بحيث تقتصر على قوة محدودة تقتصر مهامها على مكافحة الارهاب والتهريب والاتجار بالبشر والجرائم العابرة للحدود وتوفير الاسناد متى ما اقتضت الضرورة ذلك.
3- اعادة النظر في هيكلة قوات الشرطة وذلك باعادة الاوضاع الى ماقبل صدور قانون الشرطة الموحدة لسنة 1992م والنظر في مسألة إعادة المؤسسات المدنية ذات الطابع الاقتصادي والمدني مثل الجمارك والدفاع المدني والسجل المدني والجوازات الى تكوينها المدني مع منحها الصلاحيات القانونية الضرورية التي تمكنها من أداء واجباتها والنظر في دعمها بقوات شرطة متخصصة لانفاذ قوانينها متي ما اقتضت الضرورة ذلك.
4- إنشاء كليات للشرطة والسجون والحياة البرية والدفاع المدني مستقلة تحت مظلة جامعة للعلوم الامنية.
5- تنقيح وإعادة صياغة المناهج التدريبية على جميع المستويات.
6- الغاء حصانات الشرطة ومراجعة وإعادة صياغة الوثائق القانونية المنظمة لعمل جميع المؤسسات الأمنية واللوائح والتعلميات الملحقة بها وأعادة صياغتها وفقاً للتكوين الجديد.
7- الغاء الشرطة المجتمعية وكل الاجسام الشعبية التي تم الحاقها بالشرطة وحصر سلطات الشرطة في أجهزتها الرسمية وأفرادها.

2/ حل وإعادة بناء جهاز الامن والمخابرات:
منذ انشاء هذا الجهاز في سبعينات القرن الماضي ظل يعاني من قصور مفاهيمي كبير ناجم عن عدم قدرته على التمييز بين مصالح البلاد العليا ومصلحة السلطة الحاكمة.
هذا الخلل الكبير ناجم عن غياب نظرية للأمن القومي تحظي بإجماع المكونات الإجتماعية والسياسية في البلاد مما أدى الى وقوع أجهزة الامن والمخابرات عبر تاريخها في ثلاثة أخطاء كان لها تأثير قاتل علي أمن واستقرار البلاد، الخطأ الأول كان تورط أجهزة أمن مايو في تهريب اليهود الفلاشا والذي فتح الباب أمام صانع القرار الاسرئيلي لاختراق جهاز الدولة والحياة السودانية الى الدرجة التي أصبح ينادي فيها سياسيون سودانيون علناً بالتطبيع مع اسرائيل، والخطأ الثاني جزء كبير منها تحركه دوافع امبريالية ولكن ذلك لا ينفي حقيقة أن الدولة السودانية في وقت من الاوقات كانت تشكل خطراً كان التورط مع الجماعات الارهابية والذي أدى الي فرض طوق من العزلة علي البلاد ونشير هنا الى أن هذه العزلة كانت تشكل خطراً حقيقياً على أمن وسلامة الشعوب الاخري وتلك حقيقة أخلاقية ينبغي علينا مواجهتها والعمل على عدم تكرار ذلك مجدداً،فالشعب السوداني شعب محب للسلام والصداقة مع الشعوب والدولة السودانية ينبغي أن تعبر عن هذا التوجه فتدخل الدولة السودانية في شؤون الآخرين قد فتح الباب واسعاً أمام العديد من الدول للتدخل في شؤوننا الأمر الذي أدى في النهاية الى إندلاع هذه الحرب التي تبدو فيها الاصابع الاجنبية جلية وواضحة. أما الخطأ الثالث فيتمثل في تورط أجهزة الامن في عمليات إنشاء الميليشيات بمختلف اشكالها، العقائدية منها مثل الدفاع الشعبي والجهوية والقبلية منها مثل ميليشيا الجنجويد والمليشيات التي تقوم أجهزة الامن حالياً بتكوينها في شرق السودان، هذه المليشيات هي التي أدت في النهاية الي إنقضاضها على الدولة السودانية واشعال الحرب.
إذن ما يمكن تعلمه من هذه الاخطاء الثلاثة هي أنه من الخطورة بمكان تأسيس جهاز الأمن والمخابرات بعيداً عن نظرية وطنية متفق عليها للأمن القومي وثانياً أن جهاز المخابرات الحالي وبعقيدته المهنية وهياكله الحالية وفي ظل غياب نظريةالامن القومي والمصالح العليا للبلاد سوف لن يعمل على خدمة وحماية مصالح الشعب ومن الافضل حله وكشف كل الجرائم التي إرتكبها لتكون درس يتعلم منه الشعب بعدم العودة الي ارتكاب هذه الاخطاء مستقبلًا و بناء جهاز جديد للأمن والمخابراتينبنى على الاستفادة من هذه الدروس، وهذا لا يعني قفل الباب أمام منسوبي الجهاز القديم ممن لم يتورطوا في جرائم أو انتهاكات جسيمة من العمل في الجهاز الجديد ولكن بعد التأكد من إعادة صياغتهم وتدريبهم علي عقيدة وطرائق عمل الجهاز الجديد.

بناءاً على ما سبق فإن رؤيتنا لعملية اصلاح جهاز المخابرات العامة السوداني تستند علي ستة محاور هي:
1- حل جهاز الامن وتسليم جميع العهد الخاصة به الي وزارة الداخلية.
2- تسليم جميع المستندات الى لجنة وطنية للتحقيق والتقصي في الاخفاقات والتجاوزات والجرائم التي ارتكبها الجهاز السابق والتوصية بشأنها والدروس التي يجب الاستفادة منها عند تأسيس الجهاز الجديد.
3- نشر نتائج التقصي وتوصيات اللجنة.
4- تكوين لجنة عليا لتأسيس جهاز أمن جديد ذو طبيعة مدنية وتستند في عملها على عملية استشارات واسعة ووفقاً لتوصيات لجنة التحقيق.
5- منح اللجنة صالحية استيعاب أعداد محدودة من الضباط وضباط صف وجنود الجهاز السابق وفقاً لامكاناتهم وتأهيلهم الفني ومن الذين لم يتورطوا في ارتكاب انتهاكات شريطة موافقتهم على العمل وفقا لعقيدة الجهاز الجديد.
6- تزاول اللجنة العليا مهامها تحت رقابة وإشراف الآلية المدنية المستقلة للاشراف والرقابة على أداء المؤسسات الامنية

المكتب السياسي للحزب الشيوعى السوداني
مارس 2024م.



#الحزب_الشيوعي_السوداني (هاشتاغ)       Sudanese_Communist_Party#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان من المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني 21 سبتمبر 2025 ...
- ورقة سياسية المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني
- حول الحكومة الموازية
- تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية
- بيان جماهيري حول هجوم الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين؛
- تضامن الكامل مع الشعب السوري وقواه الوطنية والديمقراطية والش ...
- وحدة وسلامة أراضي السودان واجب الساعة
- تصريح صحفي من سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السودان ...
- رفضاً لاتفاق إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان
- تضامن مع الشعب الفلسطيني
- حول مجزرة كمبو طيبة
- مبادرة الحزب الشيوعي السوداني لوقف الحرب واسترداد الثورة
- محاضرة عن الحزب الماركسي
- تصريح صحفي حول استهداف منزل عضو اللجنة المركزية محي الدين ال ...
- بيان صحفي من فتحي الفضل عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الس ...
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
- الجرائم ضد الإنسانية .. لا تسقط بالتقادم..
- حزب العمال الأيرلندي يخاطب التجمع العام حول الوضع في السودان
- أنهوا احتلال مقر الحزب الشيوعي السوداني
- السودان: اقتحام مجموعات عسكرية مسلحة لمقر المركز العام للحزب ...


المزيد.....




- بيان اليونيسف يشعل الغضب من دور المؤسسات الدولية.. من يحمي ا ...
- الاحتلال يبدأ بنقل الأسرى الفلسطينيين تمهيدا لإطلاق سراحهم ض ...
- أبرز الأسرى الذين استبعدتهم إسرائيل من صفقة التبادل
- الجزيرة نت تكشف تفاصيل وتعقيدات التفاوض حول الأسرى
- كانت ملقاة على الأرض.. فيديو يوثق لحظة اعتقال موظفة في محطة ...
- إصابة واعتقالات خلال اقتحام الاحتلال للخليل وبلداتها
- الأونروا: لدينا غذاء يكفي سكان غزة 3 أشهر ما يمثل أهمية بالغ ...
- استمرار عودة النازحين لمناطقهم بمدينة غزة لليوم الثاني
- نقل دفعة من الأسرى الفلسطينيين من سجون الإحتلال.. ما التفاصي ...
- -الأونروا-: لدينا غذاء يكفي غزة 3 أشهر.. ونطالب بالسماح بإدخ ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الحزب الشيوعي السوداني - الحزب الشيوعي السوداني - المكتب السياسي - حول الإصلاح الامني