أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عائشة العلوي - شذرات اقتصادية... جيل Z وصوت المستقبل: بين أزمة الثقة ومطلب العدالة والمحاسبة














المزيد.....

شذرات اقتصادية... جيل Z وصوت المستقبل: بين أزمة الثقة ومطلب العدالة والمحاسبة


عائشة العلوي
(Aicha El Alaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 15:46
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


جيل Z في المغرب لم يعد يكتفي بدور المتفرج على الشأن العام أو المتلقي للقرارات، بل أصبح يمتلك وعياً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً يؤهله للتمييز بين الخطاب والممارسة، وبين الوعد والتنفيذ. رفع هذا الجيل وثيقة مطلبية مباشرة إلى الملك، متجاوزاً الحكومة والبرلمان والأحزاب، ليس مجرد احتجاج، بل هو إشارة واضحة إلى أزمة ثقة عميقة في المؤسسات الوسيطة، ونداء لإعادة بناء العلاقة بين المواطن(ة) والدولة على أسس أكثر شفافية وفعالية.

المطالب التي طرحها الشباب تتسم بطابع بنيوي ويمكن تحليلها على ثلاث مستويات. في البعد السياسي، تعكس مطالب مثل إقالة الحكومة، ومحاسبة الفاسدين، وحل الأحزاب المتورطة في الريع شعوراً بعدم جدوى المؤسسات التقليدية ورغبة في إعادة تأسيس السياسة على قاعدة الكفاءة والنزاهة. على الرغم من أن هذا المطلب السياسي يخلط أحياناً بين المسؤولية الفردية والجماعية، إلا أن تكرار المشاهد يظهر أن بعض المسؤولين يغطون عن بعضهم البعض، خاصة مع تمرير قوانين تحد من الفعل المدني والتمثيليات ومؤسسات الوساطة. بالمقارنة مع استقالة الحكومات في الستينات التي كانت الحركات الوطنية تحاول خلالها فرض وجودها لتشارك في تدبير الدولة، فإن غياب المحاسبة، وأحياناً عودة مسؤولين سياسيين إلى مناصبهم بعد تورطهم في ملفات فساد أو سوء تدبير، يعطي إشارات سلبية وينقص ثقة المواطن في السياسة والمؤسسات.

في البعد الاجتماعي، تركز المطالب على الكرامة والحريات الأساسية، بما في ذلك الحق في التعبير والتظاهر والإفراج عن معتقلي الرأي، وهو ما يعكس شعور الشباب بالغبن وضرورة استعادة دورهم كمحرك للتغيير. لقد كان التفاعل الإيجابي والسريع غائباً في معظم الاحتجاجات التي عرفتها البلاد، سواء بين الأساتذة أو الأطباء والممرضين وغيرهم من الفئات، الذين قوبلوا أحياناً بالعنف والتهميش واللامبالاة. كما تم تقزيم دور الحوار الاجتماعي، وتأجيل تلبية المطالب أو التحايل عليها، وما شهدته الأزمة الأخيرة في التعليم العالي إلا دليل على التهميش الممنهج للدور المؤسساتي الوسيط.

في البعد الاقتصادي، تأتي المطالب في سياق أزمات ملموسة تشمل البطالة المرتفعة، ضعف القدرة الشرائية، تفاوت الفرص، وغياب عدالة التوزيع، ما يجعل المطالبة بإصلاح الجهاز التنفيذي ضرورة لمعالجة الضغوط المعيشية اليومية وإعادة فتح آفاق اقتصادية عادلة. الأرقام التي تعج بها التقارير الوطنية والدولية تؤكد أن البنية الاقتصادية لا تزال تواجه تحديات رغم الجهود الكبيرة في البنية التحتية. وهذا يتطلب أن تكون هذه الجهود مترابطة ومتكاملة، فبلدنا يحتاج إلى تطوير جميع القطاعات، بدءاً بالرياضة مروراً بالثقافة والحرف التقليدية وصولاً إلى الصناعة بمختلف فروعها. الرياضة، على سبيل المثال، ليست نشاطاً ترفيهياً فقط، بل قادرة على تنشيط مجموعة من القطاعات بشكل مباشر وغير مباشر. الاقتصاد علاقة مركبة ومتداخلة، ويجب أن يكون مرتكزاً على الإنسان والمحاسبة والمراقبة، وهو ما يجب أن تقوم به المؤسسات الحكومية لضمان التوازن بين الإنسان والبيئة والنمو الاقتصادي.

لحل هذه الأزمة على المدى القصير، يمكن اعتماد إجراءات مرحلية تشمل إعادة هيكلة الحكومة لتضم كفاءات مستقلة ونزيهة، وفتح منصات حوار مستمرة بين الشباب وصانعي القرار على الصعيد الوطني والجهوي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمحتجين السلميين، إلى جانب تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة في مؤسسات الدولة وضمان استقلالية القضاء في الممارسة. أما على المدى الطويل، فتحتاج الدولة إلى إصلاح النموذج التنموي ليصبح أكثر عدالة مجالية واجتماعية، من خلال دعم الاقتصاد المحلي والمقاولة الصغرى، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الخضراء والرقمية، وتعزيز البنية الاجتماعية الأساسية كالتحصيل التعليمي، والصحة، وخدمات الإنترنت، وغيرها. كما يتطلب الأمر إعادة بناء الشرعية السياسية عبر تجديد النخب، وتحديد سقوف للولايات الانتخابية، وتمويل الأحزاب بناءً على الأداء والشفافية، وإدماج الشباب في المجالس المنتخبة وغيرها. لكل فاعل دور في بناء الدولة وضمان الاستقرار والأمن.

إلى جانب ذلك، يجب الانتقال من ثقافة التسيير العمودي إلى ثقافة المشاركة الأفقية، التي تتيح للمواطن(ة) المشاركة الفعلية في القرار والرقابة والتقييم، بما يعزز الشفافية والمساءلة. كما ينبغي تحصين الحريات والحقوق، ومراجعة القوانين المقيدة للتعبير والتظاهر لتصبح أكثر توافقاً مع الدستور وروح العصر. إن وثيقة جيل Z ليست تحدياً للسلطة بقدر ما هي دعوة وطنية لإنقاذ المستقبل وإعادة بناء عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع، يستعيد فيه المواطن(ة) ثقته ويشارك بفاعلية في صنع القرارات، ويُعاد فيه توزيع السلطة والثروة والمسؤولية بشكل عادل ومستدام، وإلا فإن تجاهل هذه المطالب سيزيد من الفجوة بين الأجيال ويهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المغرب.

5 أكتوبر 2025



#عائشة_العلوي (هاشتاغ)       Aicha_El_Alaoui#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات اقتصادية.... الاستقرار السياسي، السيادة والتنمية: جدلي ...
- جيل Z في المغرب: بين صرخة الحقوق وجرح الانكسار النفسي
- شذرات اقتصادية ... هل يكون التعليم الرقمي رافعة للعدالة الاج ...
- الحماية الاجتماعية في المغرب: استثمار في الإنسان ومعركة ضد ا ...
- شذرات اقتصادية... اقتصاد الحرب بين سطوة أوليغارشيات الصناعة ...
- شذرات اقتصادية... التنمية المحلية بأزيلال: من قلب الهامش يول ...
- الأساتذة الجامعيون: بين التضحيات الصامتة وضوضاء الفضائح
- شذرات اقتصادية... المغرب كنموذج للتنمية والتكامل في إطار تعا ...
- شذرات اقتصادية... عندما أنقذ المغرب إسبانيا من الظلام: أليس ...
- شذرات اقتصادية... نفط العصر الجديد، هل تستطيع دول الجنوب تحق ...
- شذرات اقتصادية... الحرب التجارية الأمريكية: تحولات اقتصادية ...
- شذرات اقتصادية... الرسوم الجمركية الأمريكية، التاريخ لا يعيد ...
- شذرات اقتصادية... المرأة الفلاحية في المغرب: ما بين تحديات ا ...
- التضخم وارتفاع الأسعار في المغرب: أزمة ظرفية أم تحول بنيوي؟
- غنى وفقر مدن وقرى المعادن بالمغرب!
- حكاية من وحي المجتمع... لبيك تَمُورتْ إنُو (وطني)... -المسير ...
- شذرات اقتصادية... هل يمكن الوثوق بمجموعة بريكس+؟
- شذرات اقتصادية... المغرب والجزائر، -اليد الممدودة-...
- شذرات اقتصادية... التحول السريع الى أنظمة استبدادية…
- شذرات اقتصادية ... أية تداعيات لقرار بنك المغرب


المزيد.....




- جيل Z 212 واحتجاجات الشباب في المغرب: من الفضاء الرقمي إلى ا ...
- جورجيا: الحزب الحاكم يفوز بالانتخابات المحلية وسط تصاعد الاح ...
- محتجون في فرنسا وإسبانيا يطالبون بوقف الدعم العسكري للكيان ا ...
- الغضب يملأ عشرات آلاف المتظاهرين لأجل غزة في شوارع مدريد
- حبس الخبير الاقتصادي اليساري عبد الخالق فاروق 5 سنوات
- انتصار صحفيو الوفد.. الإدارة توافق على تطبيق الحد الأدنى للأ ...
- الغضب يملأ عشرات آلاف المتظاهرين لأجل غزة في شوارع مدريد
- العالم يتوقف من أجل الأسطول! أسطول صمود العالمي يوقف العالم ...
- محتجون في جورجيا يقتحمون ساحة القصر الرئاسي+فيديو
- شركاء نتنياهو باليمين المتطرف يهددون بإسقاط الحكومة بسبب صفق ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عائشة العلوي - شذرات اقتصادية... جيل Z وصوت المستقبل: بين أزمة الثقة ومطلب العدالة والمحاسبة