أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح دغسن - القائد الأمة سيد القادة والشهداء على طريق القدس: تجربة المقاومة، من ضيق الإيديولوجيا إلى الإنساني والأممي















المزيد.....

القائد الأمة سيد القادة والشهداء على طريق القدس: تجربة المقاومة، من ضيق الإيديولوجيا إلى الإنساني والأممي


صالح دغسن
باحث في فلسفة الفن وجماليات الحداثة


الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 18:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التجربة المقاومة لدى سماحه السيد الشهيد: حسن نصر الله
من الإيديولوجيا الضيقة إلى الإنسانية والعالمية
عندما تنتهك الحرم وتسلب الأرض وتغتصب الأوطان تصبح المقاومة شرعة الوجود وقانون الكائن الذي يتحدد ليس بوصفه ذاتا مفكرة كما حاولت الحداثة الغربية زرعه في عقولنا بل ككينونة تقاوم كل قوة تحاول سلبها وجودها الأصيل المتجذر في التاريخ والمتموقع في الجغرافيا السياسية لهذا العالم المحكوم بصراع القوة حيث لا بقاء فيه إلا للأقوى والأجدر لتتشكل بذلك المقاومة كتجربة لجدارة الحياة. وهو ما عبرت عنه عديد التجارب الإنسانية الحية في عالمنا المعاصر بدءا بحركات المقاومة للإستعمار الحديث ووصولا إلى حركات المقاومة في فلسطين ولبنان اليوم.
وفي هذا السياق تتنزل تجربة المقاومة الإسلامية اللبنانية" حزب الله" من خلال أيقونتها ورمزها الشهيد سماحة السيد" حسن نصر الله" هذه الشخصية التي غيرت مفهوم المقاومة من خطاب إيديولوجي وإحتجاجي يجد مادته في الميدان العسكري إلى إعادة تشكيل الوعي الجمعي وبناء معادلات جديدة تجعل من المقاومة لاعبا أساسيا في خارطة العالم الجيوسياسية. فكيف نفهم هذه التجربة المقاومة وتأثيراتها الإقليمية والعالمية؟ والى أي مدى نجحت في توظيف السردية الإيمانية خدمة لمطالبها الحقوقية والإنسانية؟
في هذا الصدد سنحاول تقسيم هذا العمل إلى ثلاثة أقسام بما يضمن قراءة وتحليل هيكلية هذه الأطروحة. وسنبدأ أولا من بحث جينيالوجية هذه التجربة المقاومة ثم محاولة فهم كيفية خروج سماحة السيد الشهيد" حسن نصر الله" بفكر المقاومة من الإطار الإيديولوجي والأصولي الضيق إلى الخطاب الإنساني. أما العنصر الأخير فسنقف فيه عند مدى نجاح القائد الشهيد والمقاومة في تحطيم السردية الصهيونية وتصحيح التاريخ.
/1 جينيالوجية المقاومة :
تتشكل المقاومة عبر التاريخ كلحظة من لحظات ردات الفعل ضد عنف السلطة القائمة والواقع القمعي الذي تمارسه على الأفراد والجماعات خاصة إذا كانت سلطة إحتلال وهو ما نجده في المقاومة الإسلامية اللبنانية" حزب الله" وقائدها الشهيد السيد "حسن نصر الله "مع الثلة المؤسسة إلا أنّ ما يمتاز به هذا التنظيم المقاوم عن غيره من التشكيلات المقاومة كونه أحسن إقتناص الفرصة التاريخية المواتية لتأسيس هذه الحركة المقاومة وبذلك ندرك أن هذه التجربة تقوم على مبدأين تاريخيين أساسيين يتعلق الأول بحسن إستغلال السردية الإيمانية كمرجعية تثويرية على سلطة الإحتلال القائمة وهو ما عبرنا عنه باقتناص الفرصة التاريخية الأنسب لشرعنة العمل المقاوم. أما المبدأ الثاني فيتمثل في إيجاد مطابقة مفقودة في التجارب المقاومة السابقة، أي حسن قراءة الواقع وتغير أشكال الإنتاج الإجتماعي والإقتصادي بما يجعل من المقاومة قوة أنجع في مواجهة سلطة العنف الموجهة ضدها حتى يتسنى لها فرض نفسها كقوة وجودية تحسن مواجهة عنف الواقع وتتغلب عليه. في هذا الإطار تركزت شخصية القائد الشهيد كشخصية قيادية أدركت مبكرا التحولات التاريخية والمتغيرات الجيوسياسية على خارطة العالم. كما يحسب له حسن توظيف الموروث التاريخي والسردية الإيمانية في تعبئة الجماهير قصد تشكيل حاضنة راعية للعمل المقاوم في اللحظة التاريخية الراهنة بعد أن تراجع زخم الحركات الوطنية والأحزاب الإشتراكية واليسارية لتصبح بذلك المرجعية الإيمانية قاعدة لاستقطاب الجماهير في العمل المقاوم للإحتلال. إلا أن هذه الجذور الإيمانية كان يمكن لها أن تسقط هذه التجربة المقاومة في أتون الإيديولوجيا الضيقة والعنف الأصولي والطائفي وهو ما نجح القائد الشهيد في التخلص منه وتحقيق المجاوزة نحو أفق أرحب وأوسع فكيف إستطاع تركيز هذا الفكر المقاوم ومجاوزة الإيديولوجي إلى الإنساني والعالمي؟
/2من الإيديولوجي الضيق إلى الإنفتاح على الإنساني الأرحب :
لقد إستطاع القائد الشهيد" حسن نصر الله" بشخصيته القيادية الإستثنائية الخروج بالخطاب المقاوم من الإيديولوجي الضيق إلى الإقليمي والعالمي وذلك بفضل ما يستحوذه من كفاءة عالية يمكن أن نصفها بالعبقرية التواصلية في عالم تتشابك فيه الإيديولوجيا بالإستراتيجيا وتتداخل فيه معادلات القوة بالحرب النفسية والإتصالية لأجل القفز بالنشاط المقاوم من حركة إحتجاجية قطرية إلى قوة إقليمية وعالمية عن طريق كما قلنا حسن إستغلال الموروث الإيماني في إعادة تشكيل الوعي الجمعي وتوظيفه لفنون وعلوم جديدة في هذا الصراع الوجودي ليتجاوز بذلك الميدان العسكري إلى إبداع عدد إتصالية وإدراكه العميق بدور علم النفس السياسي في معركة تتجاوز الميدان العسكري إلى معركة يتداخل فيها السياسي والإجتماعي بالثقافي والإقتصادي لتصبح المقاومة معه ومع رفاقه المؤسسين ثقافة جمعية تتربى عليها الأجيال جيلا بعد جيل. في هذا السياق لا نغالي حين نقول أن نصر الله لم يكن مجرد قائد لتنظيم مسلح بل إن صحت العبارة مبدع ومبتكر لمعادلات ردع جديدة بدأ فيها من فهمه الجيد والمنقطع النظير لخصومه وأعدائه من أجل حسن إستثمارها في حربه الإتصالية معهم بالإضافة إلى نظرته الإستشرافية للمستقبل من خلال فهمه للوقائع وقراءته الجيدة للواقع العيني ولعل ما يحدث الآن في سوريا كان قد نبه إليه في خطاباته منذ أكثر من 10 سنوات خلت الأمر الذي جعله وقتها يدفع بالمقاومة إلى ساحة المعركة وليس كدفاع عن طائفة بعينها كما يروج له بعض المتأسلمين بل كما فعل ذلك في تسعينيات القرن الماضي في البوسنه لتكون الأراضي السورية نقطة الدفاع المتقدمة عن الوجود المقاوم في وجه الأطماع الإمبريالية الغربية وعصاها الصهيونية وكذلك من أجل الحفاظ على الحاضنة الجيوبوليتيكية والبعد اللوجستي للمقاومة وهو ما تيقن منه اليوم بعض المشككين حينها من دعاة الطائفية والمذهبية الذين إستسلموا بوقاحة للسردية الغربية المحرّفة. التي غلفت الأطماع الجيوبوليتيكية للإمبريالية والصهيونية لتضييق الخناق على المقاومة وعزلها عن بعدها الإقليمي و اللوجستي وهو هدف يصب في تفكيك محور المقاومة الذي بدأ بالثورات الملونة ثم تطور ليصبح عنفا مسلحا تقوده بعض التنظيمات والحركات الإرهابية والتي صنعها الغرب الإمبريالي و مولها المال الخليجي من أجل القضاء على كل نفس تحرري رافض ومقاوم للوجود الصهيوني في المنطقة والذي إنتهى وللأسف باغتياله هو في شخصه وألحقه بإسقاط النظام السوري ثم الضربة العسكرية التي كان يراد منها أن تكون قاسمة ومدمرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية بوصفها قوة إمداد لمحور المقاومة بالمعدات والتكنولوجيا العسكرية وكذلك الخبرات الميدانية التي تسمح لهذا المحور بالصمود والحفاظ على وجوده في وجه الطموحات التوسعية للكيان الصهيوني.
وأمام ما كشفت عنه هذه الأحداث والوقائع يتبادر إلى أذهاننا درجة الحكمة وعمق البصيرة للقائد الشهيد حين قام بعملية إستئنافية للخطاب الإيديولوجي بحيث لم يبقى حبيس العمامة السوداء بل خرج به إلى كل المدافعين عن المظلومين عبر العالم. وبالتالي تجاوز الترسبات المذهبية الإيديولوجية إلى الإنسانية والعالمية ذلك لدرايته الجيدة بأن أساليب هذا الصراع الوجودي تجاوزت الأطر والأنساق التقليدية إلى عدد وأساليب مستحدثة تتسم بالتحرك والدينامية ما يجعل الأسلوب المقاوم قوة نشيطة وحية تخترع أدواتها وأساليبها بما تقتضيه اللحظة وهو ما يكشف عن حجم النقلة النوعية للعمل المقاوم ليصبح معه فلسفة تتجاوز الإيديولوجيا والضوابط الطائفية والحدود الجغرافية ضمن فكر أوسع يخرج الصراع مع العدو الصهيوني من هالته العرقية والدينية إلى صراع ضد الظلم والإحتلال وهو ما أسهم في تحويل هذا الصراع من لبوسه التقليدي أي الطابع القومي والديني إلى صراع بين العدالة والظلم بين الحق والباطل بين قوة الوجود والوجود بالقوة( الكيان الصهيوني) لتكتسي معه المظلومية الفلسطينية بالطابع الإنساني والعالمي. وهذا كله ما كان ليتحقق لولا العدد النضالية التي أبدعها بفكره أو إستلهمها وطورها من خلال قراءته الجيدة للواقع ووضعه لفكر إستشرافي يدخل في البعد الإستراتيجي العملي الذي يذهب إلى أبعد من الطائفة أو القومية ليخاطب العقل الجمعي للمظلومين عبر العالم. وهذه التقنية المقاومة تبدأ من مواكبة الخطاب للعمل الميداني حتى تبنى بينه وبين محبيه وحتى أعدائه مساحة صدق وربما لذلك كانت خطاباته مطلب كل من يبحث عن الحقيقة. هذه الحقيقة التي كانت مركز قوة خطابه السياسي الأمر الذي يثبت قدرته العالية على إعادة تشكيل الوعي الجمعي للمتلقين متجاوزا في هذه الخطابات كل التنويعات المذهبية والطائفية وكل الإنقسامات السياسية والحزبية وهذا ما جعله يحصد الإجماع الجماهيري حتى من منافسيه وخصومه القطريين والإقليميين خاصة الفلسطينيين منهم حيث كان مصدر إجماع من اليمين واليسار على حد سواء. ويكشف هذا الأسلوب الخطابي مما يكشف قوته التواصلية التي إستطاعت فرض أهدافها من جهة وتحطيم وتفكيك الخطاب الإعلامي المهيمن للعدو من جهة أخرى ما أسهم في تغيير إستراتيجية المقاومة من الإكتفاء بردات الفعل إلى المبادرة والمبادءة ولعل حرب 2006 وطوفان الأقصى لهما خير دليل على التحولات العميقة في الفكر الإستراتيجي للمقاومة وفرضها معادلات وقواعد إشتباك جديدة تقع في خانة الإبتكار والإبداع لفلسفة مقاومة جديدة جوهرها كسر هيبة العدو وتغيير التكتيكات من الإكتفاء بالدفاع إلى المبادرة بالهجوم ما يزعزع ثقة العدو بنفسه ويجعله مردوعا. وهذا الردع كانت أبعاده أعمق من الردع العسكري ليذهب إلى تحطيم السردية الصهيونية في الوعي الجمعي العالمي. فما هي أبرز الدلائل على ذلك؟
/3 تحطيم السردية الصهيونية :
بعيدا عن مآلات الحرب العسكرية الدائرة اليوم بين محور المقاومة والعدو الصهيوني فإن النصر الحقيقي للمقاومة في هذه المعركة حصل وحاصل لا محاله إذا نظرنا إلى حجم التأييد العالمي للمظلومية الفلسطينية وتعري وإنكشاف كذب وخداع السردية الصهيونية بعد أن نجحت لعقود طويلة في إستلاب الوعي العالمي بفضل الماكينة الإعلامية التي تمتلكها وبوصفها خادمة لأجندات الإمبريالية الغربية الحديثة التي إعتبرت الكيان الصهيوني رأس حربة في إطباق وتكريس هيمنتها على العالم. هذا المنجز ما كان ليقع لولا إدراك فكر المقاومة للتحولات التاريخية في صلب هذا الصراع الوجودي الذي إنطلق فيه" حسن نصر الله" من تصحيح بنية الوعي عند الجماهير عبر العالم وإظهار إزدواجية المعايير التي تتعامل بها السردية الغربية تجاه القضايا الإنسانية منطلقا في ذلك من كشف وتعرية الحقيقة وإظهار بطلان وكذب الرواية الصهيونية حتى يتسنى له إعادة صياغة بنية الصراع من صراع ديني وقومي إلى صراع بين الظلم والعدل نجح كما قلنا في إيصاله إلى محبيه وخصومه بما يتمتع به من كاريزما قيادية وقوة خطابية تشد إنتباه العدو قبل الصديق بما تحتمله من بعد عاطفي ووجداني يقوم على قاعدة الصدق والشفافية في القول وحسن إختيار توقيت الخطاب بشكل يجعله مرجعية للمناضلين وطلاب الحرية عبر العالم. وقد لعب صدق المعلومة في هذا البناء العنصر المقوي للثقة بينه وبين أنصاره وقاعدة في الآن نفسه لحربه النفسية التي يقودها ضد خصومه مستعملا في خطاباته أسلوبا سرديا يوظف فيه بعض الوقائع التاريخية واللغة البسيطة الغير معقدة ما يجعل خطاباته تبلغ عقول ووجدان المتلقيين. وهو أسلوب لا يمكن أن يكون إعتباطيا بل يعود إلى تمكنه الشديد من تقنيات الخطاب والتواصل التي وضعها كمنطلق لإستراتيجيته التي يستعير فيها فنون الإتصال والتواصل سعيا منه إلى تحطيم البروباغاندا وتفكيك الهيمنة الإعلامية للعدو. هذه التقنيات والأدوات تنطلق من فهمه العميق لسيكولوجيا الجماهير وعلم النفس الجمعي الذي أحسن توظيفه في ضرب هيبة العدو وإحداث شرخ وتدمير للثقة بين مؤسساته وجماهيره ما أفقده عامل التفوق. وكل ذلك يدخل في إعادة تشكيل الوعي الجماهيري وتعزيز الثقة بينه وبين جمهوره. كما ساعده أيضا في مرحلة أولى على ترميم وبناء الروح المعنوية لحاضنة المقاومة التي أصبحت تؤمن بفضل عمق وقوة فلسفته التواصلية بأن المقاومة هي الطريق الوحيد لإسترداد وإنتزاع الحقوق من مغتصبيها. كما أسهمت هذه الفلسفة المقاومة في تخليص قاعدته الجماهيرية من فوبيا أن العدو هو الأقوى مستعينا في ذلك بثراء الموسوعة الإيمانية بمفاهيم تمس وجدان جمهوره بسهولة من قبيل الفداء والتضحية والشهادة والجنة التي مثلت القاعدة والأساس المكين في بناء الشخصية المقاومة كشكل من أشكال الخلود في العقيدة الإسلامية. كل هذه العوامل كان لها الأثر العميق في إيجاد خط تواصلي يبدأ من القديم ليستأنفه بإبداع وإبتكار نظم وأساليب جديدة تواكب العصر من أجل ضمان إستمرارية وتواصلية المقاومة. في هذا الخصوص حرص نصر الله على الخروج من الطابع التقليدي للقيادة والسيطرة وعدم إختزال القيادة للمقاومة في فرد تنتهي بنهايته بل أدرك أن المقاومة مؤسسة لها أجنحة وهياكل إدارية وتنظيمية كما العسكرية لتشكل بذلك منظومة فكرية لبنيان متكامل يشد بعضه بعضا ويضمن إستمرار التجربة ويحفظها من الزوال والإندثار برحيل أو زوال القائد. ولقد إعتمد في هذا على إلغاء القطبية وإعتماد التنظيم الأفقي الذي يقطع مع الهرمية العمودية. بالإضافة إلى تكريسه لمبدأ التخصص والتعددية التسييرية. وكلها أمور تضمن تواصلية العمل المقاوم وتحصنه من كل خطر محدق وأهمها إستهداف القيادة.
لا أحد يخامره الشك حول سطوة البروباغاندا الغربية والأدوار التي لعبتها لفرض الوجود الصهيوني في فلسطين التاريخية وأهم هذه الأساليب تمثّل في ضرب الوعي الجمعي للجماهير من خلال إلباس هذا الكيان دور الضحية وإظهاره بأنه شعب تعرض إلى مظلمة تاريخية. ولضمان تعاطف الجماهير أضافت هذه المنظومة الإعلامية الغربية عبارة "الهولوكوست" أو المحرقة وقامت بتزييف بعض الأحداث والوقائع التاريخية كالمعتقلات وغرف الغاز النازية التي ثبت لاحقا زيفها وبطلانها علميا. بالإضافة إلى ذلك وجدت في بعض النصوص التوراتية القديمة المحرفة والمشكوك في صحتها أصلا مادتها التي وظفتها لإعطاء نوع من الشرعية لهذا الزرع الخبيث مع ما لعبته موازين القوى في إعادة رسم الحدود وخارطة العالم بما يخدم إستمرار هيمنتها. بموجب كل ذلك أسند من لا يملك الحق لمن ليس له حق. إلا أنّ المقاومة منذ إنبعاثها عملت على تحطيم هذه السردية من خلال تقديم الرواية الحقيقية للعالم مستغلة في ذلك أخطاء العدو وميله بالفطرة إلى العنف معتمدا في ذلك سياسة الصدمة والتهجير وهي سياسات قديمة خبرتها واستوعبتها الجماهير مقارنة بالتجارب السابقة. وهذا الأمر مثل سندا وتحصينا للمقاومة. كما خبرت قيادة المقاومة أن المعركة مع العدو ليست عسكرية فقط بل هي أيضا إقتصادية وإجتماعية وثقافية تمس اليومي لحاضنتها الشعبية بحيث عملت على تركيز مشاريع وشركات تنموية تضمن توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة. كما أولت عناية للمعركة الإعلامية وبنت شبكة إتصالية تضم المكتوب والمرئي والمسموع إلى جانب حسن مواكبتها للتطورات الكبيرة على مستوى المنصات الإجتماعية وصناعة المحتوى لضمان وصول الرواية الحقيقية للعالم. وبذلك إستطاعت كسر السردية الصهيونية وتعويضها بالرواية الصحيحة لأصحاب الحق. وهذا ما نلمسه اليوم من تعاطف عالمي مع ما يحصل من تطهير عرقي وأكبر إبادة جماعية يشهدها التاريخ الحديث على أرض فلسطين وغزة وسط صمت عربي وإسلامي مخز. وهذا ما سيذكره التاريخ لسيد القادة والشهداء على طرق القدس "حسن نصر الله" بأنه دفع حياته وأعز ما يملك من أجل نصرة المظلومين في غزة وفلسطين وأعاد ترتيب المفاهيم ليعي العالم من هو الجلاّد ومن هو الضحية وأنّ المقاومة فكرة ولا يمكن للأفكار أن تموت. لكن هذه الحركة التصحيحية التي قادها القائد الشهيد تجد نفسها اليوم محاصرة من القوى الإمبريالية وأدواتها من العصابات التكفيرية وعملاء الدّاخل وهو ما يتطلب من جمهور المقاومة الوعي بهذا الخطر المحدق الذي يمثل تهديدا وجوديا لهذه الحركة التصحيحية التي مثلت لحظة من لحظات التحرّر الأممي ليبقى السؤال الأجدر اليوم هو هل تتوفر فينا الأهلية الكافية للحفاظ على هذا الإرث المقاوم لسماحة القائد الشهيد السيد "حسن نصر الله"؟



#صالح_دغسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -صياد الغروب-
- إسرائيلية أمريكا
- السخرية: سلاح مقاوم: كاريكاتير ناجي العلي نموذجا
- قراءة في رواية : طوفان من الحلوى... في معبد الجماجم


المزيد.....




- دب خلف مقود السيارة.. إطلاق بوق بطريقة غير معتادة يكشف مفاجأ ...
- فرنسا: مقتل صوماليتين أثناء محاولة عبور المانش إلى بريطانيا ...
- عاجل | مصدر دبلوماسي مطلع للجزيرة: حماس لم تتلق أي مقترح جدي ...
- ما آلية الزناد التي ينتظر تفعيلها من قبل الأطراف الأوروبية ض ...
- مجزرة حمام الشط 1985.. عدوان إسرائيلي على تونس لاغتيال قادة ...
- لماذا يخشى الصحفيون في غزة من ارتداء السترات الواقية؟
- رئيس كولومبيا يتظاهر بنيويورك ويدعو لإنشاء جيش لتحرير فلسطين ...
- عاجل | زيلينسكي: أوكرانيا تسلمت منظومتي باتريوت من إسرائيل و ...
- روسيا تعلن السيطرة على 3 قرى شرق أوكرانيا
- يوم دام جديد بغزة وخروج 3 مستشفيات عن الخدمة


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح دغسن - القائد الأمة سيد القادة والشهداء على طريق القدس: تجربة المقاومة، من ضيق الإيديولوجيا إلى الإنساني والأممي