أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عيسى مسعود بغني - ملتقي الامازيغ وورفلة قاطرة التأسيس للدولة الليبية















المزيد.....

ملتقي الامازيغ وورفلة قاطرة التأسيس للدولة الليبية


عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)


الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 14:03
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تميز الملتقى الاخير بين ممثلو البلديات الامازيغية والمجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة في بن وليد يوم 20 سبتمبر 2025 بانه لقاء أخوي يجمع بين مجموعة بلديات لها جغرافية واسعة وإمتدادات سكانية في كل ربوع ليبيا، وأن اللقاء يختلف عن اللقاءات السياسية السابقة لمجلسي النواب والدولة والمجموعات التابعة لهم، من حيث أنه لا يهتم بالمحاصصة أو توزيع المناصب، أو البحث عن الغنيمة، بل وضع نصب أعينه مد الجسور وإزالة التشظي المجتمعي ووضع أسس جديدة لبناء الدولة الليبية الحديثة.
لقد عُقدت عشرات الملتقيات والمؤتمرات وورش العمل لأجل حل المشاكل السياسية الليبية خلال عقد ونصف من الزمان، ولكن دون جدوى، ويستمر التشظي الايديولوجي والسياسي محافظا على تعريفات بالية تدعم ألاصول العرقية أو القبلية أو المناطقية. ولعدم وصول الليبيين إلى أسس جامعة تبنى عليها الدولة الليبية الحديثة، استبدل الجزء بالكل، وهي ظاهرة بدائية طبيعية: عندما لا يستطيع نظام الحكم في أي دولة فرض سيطرته وتقعيد نظمه على الواقع المعاش، تتهافت وتُنتزع ثقة الشعب منه، وتعود الجُموع الى منظومة ما قبل الدولة، مثل القبيلة أو العشيرة أو القرية التي يعتقد أنها أكثر أمانا، مع رفع سقف مطالب كل فئة من دخل ريع الدولة، التي يمثلها النفط في الحالة الليبية، بل تصبح أموال الدولة غنيمة مستباحة لا تستطيع أن تلبي جشع تلك المنظومات البدائية، والملاحظ أن الملتقي بين الامازيغ وورفلة هو ملتقى المهمشين الذين لم ينزلقوا لهذا المنحى.
والحال هكذا تبرز إلى الوجود أزمة ثقة بين المجموعات، يعبر عنها بالتخوين واتهام الاخر بانه المعرقل لقيام الدولة، وينتج عن ذلك ضخ إعلامي كبير لمنع أي تقارب أو توافق بين المكونات المختلفة، وأن أي توافق يفسر أنه مكيدة ضد الاخر الغائب عن الاجتماع. للاسف لا يختلف المواطن الليبي سواء من العامة أو النُخب في تقبله لتلك المكائد الاعلامية، فتصبح الإشاعة والخبر المفبرك عقيدة لا يتزحزح عنها جموع الاصطفاف الاجتماعي أو السياسي أو الأيديولوجي.
في هذه الظروف يكون "الكل ضد الكل" والجميع يتهم الآخر، ويزداد انقسام المجموعات المناطقية، شرقا وجنوبا وغريا، ثم القبلية وحتى العائلة في المدينة الواحدة، ويستغل تُجار الحروب تلك الانقسامات لاطالة عمر الازمة، لاجل تعظيم مكاسبهم.
ما زاد الامر سؤاً، أن الشعب الليبي ربما الاكثر ميلا إلى متابعة وتلقي الاخبار السياسية، والاكثر نقلا لها، فتترسخ الاشاعات المفبركة لتمنع أي خطوات قد تفضي إلى حلول وسطية للازمة الليبية. ويرجع ذلك إلى أن هذا الشعب لم يتعود على التفكير الناقذ ليتفحص محتواها، فتكون تلك الإشاعات من ثوابت القبيلة أو المدينة.
ان الدول المتقدمة قد اجتازت هذه المرحلة منذ زمن طويل بثوابت واضحة، منها الاتفاق على أسس تكوين الدولة ونظام الحكم الذي تطور إلى توثيقه ثم دستور يقبله الجميع، والأمر الآخر تخويل نواب الأمة في البرلمان كأحزاب بتعاطي سياسات الدولة، ويصبح الشعب مراقب لهم ويقول كلمته في الانتخابات اللاحقة بإسقاط من يتهاون أو لا يعمل لمصالح الأمة، وبذلك تتفرغ الشعوب للبناء والتعمير وليس للمناكفات الاجتماعية والسياسية.
في ليبيا أساسيات تكوين الدولة لا زالت موضع نقاش بعد 15 سنة من الانتفاضة الليبية، ويرجع ذلك الى عدم الاتفاق على مسالة الهوية: والتي يمكن تعريفها بانها "الخصائص التي تجمع الشعب الليبي دون غيرة وتكون أسس لبناء الدولة الليبية".
في بداية القرن العشرين سئم المسيحيون العرب من الخلافة الإسلامية العثمانية، ووصفت الدول الغربية الخلافة بانها الرجل المريض، وقرر الجميع بوجوب إيجاد بديل لها، وتم الاتفاق على جسم آخر لكل العرب يكون تحته العربي المسلم والعربي المسيحي وحتى اليهودي وهو القومية العربية، ووضع لهذا الكيان مجال جغرافي من الخليج إلى المحيط، تفاديا للمسالة الاسلامية، وتم تبني اللغة العربية كرابط وأساس لقيام الدولة، رغم وجود مئات اللغات القومية في هذا المجال.
وحيث أن اتفاق سايكس بيكو قد أوجد دول ذات جغرافيا محددة مع مراعات الفروقات الاجتماعية والتاريخية لكل منها، تحول التنظير الى بناء الدولة بتضمين الدين والعادات والتقاليد مع بقاء اللغة على سلم الاساسيات.
بعد أربع هزائم متتالية لدول الكيان المأمول في 56 و64 و67 و73 وما تلا ذلك من ثورات 2011 أصبح التشكيك أو الرفض لذلك الكيان شرعيا، فأعادت الكثير من الدول صياغة أسس واقعية جديدة لاستمرار الدولة الحديثة وكان ذلك في المغرب ودول الخليج ولبنان، وبقي طيف من الشعب الليبي متمسكا بذلك الأمل في تحقيق دولة العرب، مع أطياف أخرى في اليمن والسودان والعراق وهي دول غير مستقرة سياسيا ولا اجتماعيا لعقود.
إن دراسة مشكلة الهوية في ليبيا ومقارنتها بالدول الأخرى كان محط اهتمام لأكثر من 5 عقود، ولقد تم بلورة تلك الافكار في دراسة تاريخية جغرافية اجتماعية صدرت في كتاب بعنوان "إشكاليات الهوية ليبيا" والتي تصل في فصولها الاخيرة إلى عرض فسيفساء الشخصية الليبية وخصائص كل منها، ثم تعريف الهوية والانتماء، وأخير طرح حداثي لمفهوم "الهوية الوطنية الليبية" التي تعتمد على أسس متينة، وهي الجغرافيا والتاريخ المشترك، وبعيدا عن مسالة العرق واللغة والدين الذين تسببوا في جدل عقيم وتشظي هائل وتغليب عرق ولغة على أخري، وهذا الطرح متوافق مع منطلقات الدولة المدنية الحديثة.
فنحن كلنا ليبيون بفسيفساء عرقية متنوعة، ونحن نعيش على جغرافيا واحدة ليس لنا غيرها وما يجمعنا هو تاريخ نضالي مشترك لقرون طويلة. أما اللغة فهي وسيلة تخاطب يمكن أن تكون لغة واحدة أو عدة لغات، وليست أساس لقيام الدولة أو تحديد الهوية لأي شعب من الشعوب.
في ملتقى بن وليد بين المجلس الاعلى لأمازيغ ليبيا الممثل لكل البلديات الامازيغية والمجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة الممثل لقبائل ورفلة في بن وليد والشرق الليبي والجنوب كان اللقاء مفعم بالكثير من الصراحة والتفاهم والامل في أن يكون الملتقي قاطرة لجلب كل الليبيين كقبائل أو مدن إلى ميثاق شرف يوثق توحيد الامة الليبية، وبناء الدولة بنظام ديموقراطي يكفل للجميع حقوقه ويكون ذلك الميثاق سبيل إلى التوافق على دستور دائم يحدد نظام الحكم ويوزع الصلاحيات وينقل الدولة الليبية الى الوضع الدائم. إلا أنه للاسف كان تباين في وجهات النظر حول فقرة واحدة تخص الهوية الليبية الجامعة حالت دون نشر البيان، ولكن تبقى الزيارة مهمة والنقاش مثمر لفهم الواقع وفرص التوافق عالية، وأن تكون بن وليد ومكون الامازيغ سبيل للم الشمل وبناء الدولة كما حدث عند التوافق بين سليمان الباروني وعبدالنبي بالخير على إعلان الحكومة الطرابلسية في 16 نوفمبر 1918.



#عيسى_مسعود_بغني (هاشتاغ)       Issa__Baghni#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية التخصص والإبداع
- ثورات 2011 من الإنهاك إلى استبداد الوفرة
- وهم الحل الليبي الليبي
- مراجعة تقرير اللجنة الاستشارية الليبية حول القضايا الخلافية
- التظاهر السلمي وزلات إخوة النفط
- خطوات التغيير والحل للأزمة الليبية
- فشل محاولات الاتفاق على ميثاق وطني
- الإنسداد السياسي وأفاق الحل الدائم
- السودان: حرب الهويات والغنيمة
- القضية الفلسطينية العادلة والحرب العبثية
- إستقلال شعب لبناء دولة فاشلة
- عمق العلاقات بين الشعبين الليبي والمغربي
- صناعة حكومة ليبية موحدة برعاية أمريكية لطرد الروس
- الحروب العبثية باسم الدين
- توسنا والاقصاء اللغوي
- لعبة الأمم: وهل للرئاسي الليبي من دور؟
- قصة طائرة لوكربي وفظاعة الموت
- كيف يفهم الغرب الإسلام
- نهاية كابوس المجالس المتهالكة
- الحراك الشعبي ضرورة لتغيير الاجسام القائمة بليبيا


المزيد.....




- صحف غربية: خطاب ترامب استهدف قاعدته السياسية واليمين المتطرف ...
- صحف غربية: خطاب ترامب استهدف قاعدته السياسية واليمين المتطرف ...
- رواية -حوريات- للجزائراي كمال داود: ضد النظام والإسلامويين و ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- نجاح كبير للإضراب الوطني في الوكالة الوطنية للمياه والغابات ...
- وزير المالية السوري للجزيرة نت: برامج للإصلاح الضريبي ودعم ا ...
- إضراب عام واعتصامات ومظاهرات في إيطاليا دعمًا لغزة
- بيان القطاع الطلابيّ لحزب التقدم و الاشتراكية حول الدخول الج ...
- الولايات المتحدة اغتيال كيرك يجعل اليسار في خطر
- إيران: نظرة إلى السنوات الثلاث المنصرمة منذ بداية انتفاضة ”ا ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عيسى مسعود بغني - ملتقي الامازيغ وورفلة قاطرة التأسيس للدولة الليبية