قراءة في خطاب الجولاني الأخير في نيويورك حول القضية الكردية في سوريا

حجي قادو

الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 14:13
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

من يتابع تصريحات أبي محمد الجولاني يدرك أنّ ما يقوله ليس ارتجالًا، بل خطاب مدروس بعناية، يختار فيه ألفاظه بدقة ويعي أبعادها السياسية.
فعندما يتحدث في مقابلاته التلفزيونية عن «قسد» بوصفها تنظيمًا عسكريًا خارجًا عن القانون، ويصوّرها كما لو أنّ سوريا الجديدة تمتلك جيشًا وطنيًا متماسكًا، مدرّبًا ومنضبطًا، فإنّه يسعى من خلال ذلك إلى إضفاء صفة الشرعية والانضباط على ما يصفه بأنّه «جيش وطني» لا «جيش عقائدي». هذه المقاربة تهدف إلى رسم صورة مشوّهة لقوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد، بما يخدم أجندته السياسية والإعلامية.

الأمر ذاته ينطبق على استخدامه المتكرر لمصطلح «المجتمع الكردي». فاختيار هذه العبارة ليس وليد الصدفة، بل يعكس توجهًا يرمي إلى تقزيم القضية الكردية وتحويلها من قضية قومية عادلة إلى مجرد ملف مجتمعي، شبيه بما يُطرح عند الحديث عن الطوائف والمذاهب، بدلًا من الاعتراف بها كقضية شعب يعيش على أرضه التاريخية ويتمتع بحقوق قومية مشروعة، شأنها شأن الأمة العربية التي يُنظر إليها بوصفها كيانًا سياسيًا وثقافيًا جامعًا.

وفي مقابلته الأخيرة في الولايات المتحدة، ذهب الجولاني أبعد من ذلك حين قدّم أرقامًا زعم فيها أنّ سكان شرقي الفرات يتوزعون بنسبة 75% من العرب و25% من الكرد. مثل هذا الطرح لا يعكس فقط قراءة مشوّهة للواقع الديمغرافي، بل يشير أيضًا إلى محاولة لتقليص الحضور الكردي سياسيًا واجتماعيًا، بما يمثّل شكلًا من أشكال الإقصاء والانتقاص من حقوق مكوّن أساسي في سوريا.

إنّ قراءة متأنية تكشف أنّ القضية الكردية ليست تفصيلًا هامشيًا في سجالات القوى السورية، بل هي قضية شعب وأرض وحقوق تاريخية راسخة. والردّ على مثل هذا الخطاب لا يكون بالانفعال أو المواقف المتسرّعة، بل بطرح وطني رصين يؤكد أنّ الكرد في سوريا جزء أصيل من النسيج الوطني، ولهم الحق في تقرير مصيرهم ضمن دولة ديمقراطية حديثة، تصون حقوق جميع مكوّناتها على قدم المساواة، وتضمن العيش المشترك في إطار العدالة والاحترام المتبادل.

#حجي_قادو (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل