أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عزيز صادق سنبه - المحكمة الاتحادية تسبب قراراتها بالادعاءات...لابالحجج














المزيد.....

المحكمة الاتحادية تسبب قراراتها بالادعاءات...لابالحجج


عزيز صادق سنبه

الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 14:12
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


ان تسبيب القرارات يعني تقديم الحجج والبراهين على صحة الحكم الذي توصلت له المحكمة وفقا لمبادئ لالبس فيها، سواء اكانت هذه المبادئ جاءت صراحة بنص دستوري، أم تم استنباطها منه. وعند مراجعة قرارات المحكمة الدستورية العراقية المتمثلة بالمحكمة الاتحادية العليا المشكلة منذ عام 2005 سنجد ان الكثير منها لاترقى "التسبيبات" لتكون بمستوى الحجج والبراهين وفق المفهوم المذكور آنفاً. على سبيل المثال القرار الصادر في 24/7/2024 ذي العدد (149/اتحادية/2024) التي طعن المدعي بدستورية المادة 68 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 التي لاتجوّز ان يكون الزوج شاهدا على زوجه، مُدّعيا بانها تخالف المادة (2) من الدستور، التي قيّدت التشريعات بان لاتكون مخالفة للشريعة الإسلامية، وان المادة المطعون فيها مخالفة لاحكام الشريعية، لانها وضعت هذا القيد بين الأزواج كشهود. المحكمة ردَّت الطلب بحجة ان هذه المادة لاتخالف الدستور، وسببت قراراها بـ:
1- ((أنه خيار تشريعي ضمن اختصاص مجلس النواب المنصوص عليه في المادة (61/أولاً) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥)). وهذا مبرر لا علاقة له فيما ادعى فيه المدعي، الذي حدد مخالفة النص للمادة (2) من الدستور، فهو لم يدعِ تجاوز مجلس النواب لاختصاصاته. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أنَّ مجرد ان يكون التشريع صادرا ضمن اختصاص المجلس لايعني استيفائه وتحقيقه ومطابقته لجميع المبادئ التي جاء فيها الدستور، ومن هنا تبرز وظيفة المحكمة الدستورية في رقابة دستورية التشريعات، المتمثلة في جوهرها الكشف فيما اذا كانت هذه التشريعات خالفت المبادئ الدستورية من عدمه.
2- الحجة الثانية التي استندت لها المحكمة((إن قصد المشرع من تشريع هذه المادة يكمن بأنه أراد أن يصون الأسرة ويحافظ عليها من التفكك))، وفي حقيقة الامر ان قول المحكمة هذا ليس حجةً، انما هو ادعاء من المحكمة مقابل ادعاء المدعي، فقولها بحاجة الى اثبات، في وقت انها اكتفت بعبارة مقتضبة يخلو -أدعاؤها-من أي أسس ومبادئ دستورية تنقض ادعاء المدعي.
3- ((عملاً بحكم المادة (۱۳۰) من دستور جمهورية العراق لعام ٢٠٠٥ فإن التشريعات النافذة تبقى معمولاً بها ما لم تلغ أو تعدل وفقاً لأحكام الدستور))، أي سنّدت قراراها على المادة 130 من الدستور التي نصت ((تبقى التشريعات النافذة معمول بها، مالم تلغَ او تعدل، وفقا لاحكام هذا الدستور)). وهذه المادة لاتصلح حجة، لعدِّ النص المطعون فيه مُوافقا للدستور، ومن ثمَّ لايَصلح سببا لرد ادعاء المدعي، لان أغلب القوانين النافذة حاليا هي تشريعات ما قبل دستور عام 2005، فهل هذا يعني ان جميعها موافقة للدستور؟!، ان المحكمة بهذه "الحجة"، كأنّها أعطت رأياً مسبقا بدستورية مطلقة لهذه التشريعات ومنحتها حصانة قطعية من الطعن. وفي واقع الامر ان المادة 130 هي مبدأ عام في النظم الدستورية هدفه تثبيت دستورية "نفاذ" التشريعات السابقة، لتجنب حدوث فراغ تشريعي، وليس من اجل بيان مطابقتها للدستور الجديد.
مما سبق يظهر ان المحمكة لم تناقش محتوى المادة القانونية مثار الطعن، من حيث مطابقتها لاحكام الشريعية الإسلامية من عدمه، أو إجراء المُقرابة على أقل تقدير، بدليل انها لم تذكر رأياً فقهيا لفقيه او مدرسة فكرية يمكن ان تتّكئ عليه، وأكتفت بتقديم "تبرير" لم يرتقِ الى مستوى "الحجة". ومن يدقق في هذه "التبريرات" سيلاحظ ان المحكمة اعتمدت الدفوع التي قدمها المدعى عليه لرد عريضة الدعوى، أي انها اعتمدت كليّا على اقوال المدعى عليه بدليل انها لم تزيد عليها شيئاً.
هذا القرار ومن امثاله التي يتكرر فيها هذا النمط من "التسبيبات" يدعو الى نتيجة، مفادها:
1- ان المحكمة تعاني من عدم إدراك معنى "التسبيب"، بوصفه مجموعة حجج وبراهين، وليس ادعاءات سندها قناعة شخصية. فخلطت بين أمرين، بين "الحجة" التي مؤدّها الى القطع والايقان، وبين والتبرير المستند على "الادعاء" دون تقديم الحجة عليه.

2- انها لاتُدرك قيمة هذه "التسبيبات"كجوهر للقرار القضائي، وما يؤول اليه من تبعات، تتمثل بفقدان مكانته، وتحول القرار القضائي الى مجرد أمر سلطوي ملزم التنفيذ، أي برتبة أوامر السلطة التنفيذية والتشريعية، بدلا من مرتبة توازي رتبة التشريعات. في وقت ان مصدر القوة في القرارات القضائية ليس في الزامية تنفيذها التي تمثل مرحلة لاحقة له، فحسب، انما في منحه الاطمئنان لدى الخصوم وشعوراً بوجود العدالة من خلال تطبيقها للمبادئ والاسس التي جاءت بها التشريعات، وهذا الاطمئنان وهذا الشعور يتولد عند الاطلاع على "التسبيبات" التي تعتمدها المحكمة في قرارها، لاسيما من قبل ذوي التخصص.
3- ان المحكمة خالفت نظامها الداخلي رقم 1 لسنة 2022 وفقا للمادة 34/رابعا التي وضعت مجموعة متطلبات لصحة القرار الصادر عن المحكمة، ومنها ((الأسباب التي استند اليها المحكمة))
ان الأسباب التي تقدمها المحكمة في قراراتها انما تدفع كل من الخصوم والمتابعين والاختصاصيين والمهتمين بالقضاء الدستوري الى اتجاه يزعزع الثقة والقبول بهذه القرارات، والى بلورة قناعات بانها قرارات فقدت صبغتها الدستورية والقانونية، لتتحول الى أوامر سلطوية بدلا من قرارات تحسم الخصومة وفقا لحجج والبراهين.



#عزيز_صادق_سنبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معهد القضاء الدستوري
- خلل في تصحيح الأخطاء -المطبعية- للتشريعات المنشورة
- قرار الدخول الشامل للامتحانات العامة...المزيد من تدهور التعل ...
- نظرة في قرار المحكمة الاتحادية العليا ذي العدد 89/اتحادية/20 ...
- مَدى إستِيفاء تسبيب الأحكام لدى المحكمة الإتحادية العليا
- لَو كُنتُ عُضواً في المَحكَمة الاتّحاديَّة العُليا...لَكانَ ...
- دورُ الحُكومة في تَنفيذ القَرارات القضائيَّة ضد الارهابيّن
- المَحكمة الاتحاديَّة العُليا تُوقف المادة 71 -إنهاء الإدارة ...


المزيد.....




- البرش: إسرائيل تخطط لإنشاء معسكرات اعتقال شبيهة بمعسكرات الن ...
- الجزيرة ترصد معاناة النازحين من مدينة غزة عبر شارع الرشيد
- البرش: إسرائيل تخطط لإنشاء معسكرات اعتقال شبيهة بمعسكرات الن ...
- الأونروا: قدمنا قرابة 10 ملايين استشارة صحية منذ بدء الحرب ف ...
- الجفاف وتراجع الإغاثة يتركان ثلث أطفال توركانا فريسة لسوء ال ...
- عَلمان وصورة.. مظاهرات تطالب بـ-تقرير المصير- في السويداء
- الجفاف وتراجع الإغاثة يتركان ثلث أطفال توركانا فريسة لسوء ال ...
- -العضوية الكاملة-.. ما هو المسار القانوني لدولة فلسطين في ال ...
- الجفاف وتراجع الإغاثة يتركان ثلث أطفال توركانا فريسة لسوء ال ...
- مركز حقوقي فلسطيني: الاحتلال يحاول خلق أمر واقع تستحيل معه ا ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عزيز صادق سنبه - المحكمة الاتحادية تسبب قراراتها بالادعاءات...لابالحجج