أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عزيز صادق سنبه - معهد القضاء الدستوري














المزيد.....

معهد القضاء الدستوري


عزيز صادق سنبه

الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 13:31
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


من المؤسف ان نجد القرارات القضائية وباعلى مستوياتها تتراجع يوم بعد آخر، لاسيما قرارات القضاء الدستوري، كما هو الحال مع القرار (281/اتحادية/2024)المؤرخ 13/5/2025 -وامثاله كثيرة-، الذي يخلو من "التسبيب" الذي يمثل جوهر القرار، فقد استند المدعي في طلبه لعدم دستورية النص القانوني - الذي قيّد منصب وظيفي بشروط -على نصوص دستورية، والمحكمة الاتحادية العليا ردّت الطلب دون ان تناقش هذه الادعاءات ولم تنفِ العلاقة التي استند لها المدعي بين النصوص الدستورية وبين ماطلبه في عريضته، واكتفت بالقول ((وإن هذا القيد لا يتعارض مع المواد الدستورية التي أوردها المدعيان في عريضة الدعوى ولا يمثل أي مخالفة دستورية))!. هذا النمط من القرارات بات شائعا لدى المحكمة الاتحادية العليا، مخالفا وبكل وضوح المادة 159/2 من قانون المرافعات التي جاء فيها ((على المحكمة ان تذكر في حكمها الاوجه التي حملتها على قبول او رد الادعاءات والدفوع التي اوردها الخصوم والمواد القانونية التي استندت اليها.)).
تتمتع قرارات المحكمة الاتحادية العليا بقوة لانظير لها، هي "البتات" وعدم جواز الطعن فيها وواجبة التنفيذ وفقا للمادة 94. المشرع الدستوري لم يدرج هذه الميزة الدستورية الفريدة الا لان طبيعة قرارات القضاء الدستوري تقتضي ذلك، ويفترض ان القاضي الدستوري يعي هذه الأهمية، لا ان تكون -هذه الميزة- سبباً لفقدان الصبغة القضائية لقرارات المحكمة وتتحول اشبه ما تكون بقرارات صادرة عن جهة إدارية، أي مجرد أوامر ادارية سلطوية واجبة التنفيذ، لااكثر. بكلمة ادق، ان هذا النمط من القرارات الذي لايلتزم باسس وقواعد القرار القضائي وأهمّا "تسبيب القرار" سيؤدي الى فقدان المحكمة الى دورها الأساس وهو الرقابة الدستورية للتشريعات، لانها استبدلت المنهج القائم على الموضوعية القانونية بمنهج خاص بها لايقوم على أسس قانونية، او انها باتت تسير وفقا رؤية مفروضة عليها من خارجها. وفي كلا الامرين تكون قد انتزعت اللباس القضائي لترتدي بدلا عنه السياسي، وعند هذه المرحلة -في حال بلوغ نهاياتها- فانها ستكون المرحلة الختامية للقضاء الدستوري في العراق، اذا ستتحول الى مؤسسة لها ايدلوجية، ومن ثم ستوازي السلطتين التنفيذية التشريعية بدلا من مراقبة مخرجاتهما، وستدخل شريكا فاعلا في المنظومة السياسية بمختلف مستوياته.
ان نمطية القرارات المذكورة انفا والتي لاتعتمد الأسس القانونية واسس التفسير السليمة، متجذر منذ نشأة المحكمة الاتحادية العليا عام 2005 ومنذ قراراتها الأولى، وهو مؤشر واضح على فقدان المؤسسة القضائية لقاضٍ يحرز ويمتلك مقومات القاضي الدستوري، سواء من حيث إعاء واستيعاب فرق القضاء الدستوري عن القضاء الاعتيادي وتفهم الاختلاف النوعي بينهما، او من حيث القدرة العلمية والفكرية على فهم النص الدستورية تفسيراً وأُسساً، -وهنا لانتحدث عن معايير القاضي الشخصية من حياد والنزاهة وغيرها-، فتجربة القضاء الدستوري منذ عام 2005 اثبتت ان القاضي العراقي لم ينجح في ان يبلغ مرتبة القاضي الدستوري حتى يومنا هذا، لانه يفتقد هذه المقومات. ومن هنا تتضح أسس مشكلة القضاء الدستوري في العراق، انها مشكلة لاتتعلق بالنظام المؤسسي للمحكمة، فقد كفلت القوانين فضلا عن الدستور على منح القضاء عموما والمحكمة تحديدا استقلالا ماليا وإدارياً مُطلقاً. انها مشكلة الحصول على قاضٍ دستوري مكتمل المقومات.
لن تتمكن المؤسسة القضائية من حلّ هذه المعضلة، والسبب هو عدم قدرتها على منح "المقومات" اللازمة لصناعة قاضٍ دستوري، وهذه حقيقية يتطلب ادراكها واستيعابها من قبل إدارة هذه المؤسسة الدستورية، بكلمة أخرى ان تدرك ان هذه الحلول ستكون من خارجها تماما. ولا بأس من الاطلاع على تجارب الأنظمة الدستورية الأخرى في الجانب القضائي، وعلى سبيل المثال، مصر، التي مزجت أعضاء المحكمة الدستورية من ثلاث فئات، الأستاذ الاكاديمي، والمحامي، والقاضي. فلا تقتصر على القضاة فقط. وغيرها من التجارب التي لاتترك عملية اختيار أعضاء المحكمة الدستورية دون وضع معايير تعمتد العلمية والكفاءة والقدرة على فهم النصوص وتفسيرها.
نقترح...ومن باب الحلول لهذه المشكلة، ان يتم انشاء معهد خاص لاعداد "القاضي الدستوري" يقوم على اسس موضوعية بعيدا عن التدخلات السياسية وبمستوى عالٍ، تقرر مناهجه الدراسية من قبل الاكاديميين متخصّصين بالعلوم القانونية والسياسية وبالحقوق والحريات العامة وباصول التفسير واسسها، وتنتخب أعضاؤه التدريسية ممن يشهد له الوسط العلمي بالكفاءة العلمية والبحثية والتجدد في نشاطاته العلمية، كما يُقيّد الانتماء له بشروط مُشدّدة على نحو تضمن تخرج فئة لها مؤهلات علمية وفنية وكذلك نفسية تحصّنهم من الخضوع للضغوط الخارجية، ويُدار المعهد من قبل السلطة القضائية لكي لايكون لاي طرف سياسي دور وتاثير في مدخلاته ومخرجاته.
العمل على هذا الاقتراح او نحوه ستكون بداية صحيحة نحو الطريق السليم لانشاء قاضٍ دستوري يتولى مهام القضاء الدستوري، فليس من العيب ان تعترف المؤسسة القضائية بانها تفتقد لقضاة مؤهلين لتولي هذا النوع من القضاء، انما الخلل ان يستمر الوضع الحالي الذي سيؤدي الى المزيد من تدهور الموثوقية والمصداقية بقرار المحكمة الاتحادية العليا، وانهيارها كموسسة دستورية قضائية وتحول قراراتها القضائية الى مجرد قرارات إدارية.



#عزيز_صادق_سنبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلل في تصحيح الأخطاء -المطبعية- للتشريعات المنشورة
- قرار الدخول الشامل للامتحانات العامة...المزيد من تدهور التعل ...
- نظرة في قرار المحكمة الاتحادية العليا ذي العدد 89/اتحادية/20 ...
- مَدى إستِيفاء تسبيب الأحكام لدى المحكمة الإتحادية العليا
- لَو كُنتُ عُضواً في المَحكَمة الاتّحاديَّة العُليا...لَكانَ ...
- دورُ الحُكومة في تَنفيذ القَرارات القضائيَّة ضد الارهابيّن
- المَحكمة الاتحاديَّة العُليا تُوقف المادة 71 -إنهاء الإدارة ...


المزيد.....




- 22 شخصا في أسبوع بينهم صحفي..-هيومن رايتس ووتش- تنتقد السعود ...
- السعودية تدين إمعان الاحتلال في ارتكاب جرائم التجويع والتطهي ...
- تركيا تستهدف المنتقدين المعارضين في حملة جديدة لمكافحة الفسا ...
- خمسُ وفيات جدد بينهم طفلان نتيجة المجاعة وسوء التغذية
- إنفوجراف | أحكام الإعدام في مصر لشهر يوليو 2025
- نائبة بريطانية تحذر من جرائم حرب في غزة وتطالب بمحاكمة دولية ...
- صحة غزة: تسجيل 5 وفيات جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية
- النيابة العامة السويدية تحقق في جرائم حرب يشتب? بأرتکابها في ...
- 5 وفيات بينها طفلان نتيجة المجاعة وسوء التغذية خلال الـ24 سا ...
- الأمم المتحدة: مقتل 60 شخصا بسبب المجاعة في الفاشر


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عزيز صادق سنبه - معهد القضاء الدستوري