|
شبح الثورة الاجتماعية في اجندات البرجوازية، ملاحظات حول مؤتمر السليمانية للتحالف الديمقراطي الاجتماعي- في العالم العربي!
مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 00:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شبح الثورة الاجتماعية في اجندات البرجوازية ملاحظات حول مؤتمر السليمانية للتحالف الديمقراطي الاجتماعي- في العالم العربي!
مؤيد احمد 2 أيلول 2025 عقد في مدينة السليمانية-اقليم كوردستان العراق خلال الأيام 27-30 آب 2025 مؤتمر لأحزاب ومنظمات التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي (SDA-AW)، لم يجلب ذلك الانتباه الذي يجدر ذكره لكونه من حيث الشكل لا يختلف عن كل تلك المؤتمرات التي بات ينظمها الاتحاد الوطني الكوردستاني (الاتحاد)، للمؤسسات البرجوازية العالمية واحزابها ومراكزها الفكرية النيو ليبرالية، في هذه المدينة، خلال العقدين الأخيرين. لقد تم تنظيم عقد المؤتمر المذكور برعاية (الاتحاد) وانتخب بافل جلال الطالباني، رئيس (الاتحاد)، رئيسا لهذا التحالف. ان عقد هذا المؤتمر في السليمانية، في وقت تشتد قبضة الحكم الميليشية والاستبدادية للحزبين الحاكمين الحزب الديمقراطي الكوردستاىي( البارتي ) و(الاتحاد) على الجماهير في اقليم كوردستان، بوتائر متسارعة وباستمرار، وفي وقت لازالت الأجواء العسكرتارية وآثار تصفية الحسابات الدموية بين القوى المسلحة الميليشية لـ (الاتحاد) ومعارضيه السياسيين، من داخل منظومة الحكم نفسها، تخيم بظلالها على هذه المدينة، وفي وقت يعاني العمال والموظفون والمعلمون من وضعهم الاقتصادي المزرى بسبب عدم صرف رواتبهم لأشهر الصيف الثلاثة، وفي أجواء تزايد قمع تظاهراتهم وتظاهرات الجماهير المطالبة بحقوقها العادلة، فان مجمل ذلك وبحد ذاته دليل قاطع على ما يحمل هذا المؤتمر من الصورية الخادعة حينما يتحدثون عن الحريات السياسية والعدالة الاجتماعية وغيرها من الخطابات. ان الأحزاب المجتمعة في هذا المؤتمر يعتبرون انفسهم أصحاب منهج واجندة "الديمقراطية الاجتماعية" ويدعون ان هذا هو ما دفعهم الى تشكيل التحالف الديمقراطي الاجتماعي ( SDA-AW)وتسميته بهذا الشكل. من المعلوم ان هذه التسمية مشتقة من اسم الاشتراكية الديمقراطية بعد شطب كلمة الاشتراكية واستبدالها بكلمة "الاجتماعية"، استجابة لأجندتهم السياسية وتماشيا مع ما هو سائد في أجواء البرجوازية العالمية الحالية وما تستخدمها من وسائل وأسماء جديدة في سعيها لاحتواء الحركات الاشتراكية والثورية. ان هذا المؤتمر لـ (SDA-AW) في السليمانية يحمل في طياته الكثير من التاريخ ومن ما جرى ويجري في العالم الرأسمالي المحيط بنا من قمع نضال العمال والكادحين وجماهير النساء المضطهدات والشبيبة الثورية بوجه الرأسمالية العالمية، ودور الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية الإصلاحية تاريخيا في احتواء النضالات الثورية لجماهير العمال، وفي خيانة الثورة الاشتراكية العالمية وفي التحالف مع البرجوازية القومية في بلدانها منذ العقد الثاني من القرن الماضي وتحديدا اثناء الحرب العالمية الأولى. هذا، ويخيم على هذا المؤتمر شبح الانتفاضات الثورية لعام 2011 في مصر وتونس وبلدان منطقة الشرق الأوسط. كما وان هذا المؤتمر، يُذكرنا بما جرى لـ (جمال عرفان) ورفاقه حين تم اغتيالهم في مدينة السلمانية في 12 كانون الأول 1922على ايدي السلطات الكوردية العشائرية آنذاك بسبب أفكارهم الاشتراكية وكما يقول البعض بسبب ترويجهم للأفكار البلشفية. لتوضيح اكثر بهذا الصدد، من الضروري ان نشير الى بعض المعلومات التاريخية بخصوص اصل هذا التحالف وارتباطه بأفق واجندة وممارسات الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية العالمية وغيرها من الأحزاب. ان التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي (SDA-AW) جزء من (التحالف التقدمي) Progressive Alliance (PA) والاخير يجمع في اطاره حاليا اكثر من 150 حزبا ومنظمة منتسبة اليه من ضمنهم الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية وأحزاب ومنظمات بلدان العالم المختلفة ويضم في عضويته أيضا (الاتحاد)، كما هو واضح في الرابط ادناه. (1) تأسس PA في مدينة لايبزيغ في المانيا في 22 مايو 2013 بمشاركة 70 حزبا ومنظمة وبمبادرة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني( SPD) وذلك بعد انسحاب هذا الحزب من الأممية الاشتراكية (SI) بعد حدوث الانتفاضات الثورية في مصر وتونس عام 2011 التي أطاحت بحكم الحزبين الحاكمين في تونس ومصر واللذان كانا أعضاء في (SI). (2) وهكذا فان PA تاسس كبديل عن الاممية الاشتراكية (SI) التي كان تضم في عضويتها الحزب الحاكم في تونس؛( التجمع الدستوري الديمقراطي) برئاسة زين العابدين بن علي، وفي مصر؛ (الحزب الوطني الديمقراطي) برئاسة حسني مبارك. ان الاممية الاشتراكية SI لازالت موجودة بموازاة PA وحسب صفحتها الرسمية على الانترنيت فان عددا كبيرا يتجاوز 80 حزبا بمن فيهم ( الاتحاد) اصحاب العضوية الكاملة فيها.(3) اما فيما يخص SDA-AW فانه امتداد لمنتدى الديمقراطي الاجتماعي الذي تأسس في تونس عام 2015 ومن ثم غير اسمه الى SDA-AW حينما انضم الى (PA) في أيلول سبتمبر 2024. وعليه، هناك ارتباط وثيق بين احداث الثورات في مصر وكذلك المنتدى الذي تشكل عام 2015 في تونس بهذا الاسم. كما وان لظهور (PA)، وكما سبق وذكرنا، صلة مباشرة بثورتي تونس ومصر حيث اصبح امرا مفضوحا ومبعث خطر على الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني والأحزاب المماثلة وعلى مهامها في احتواء الحركات الثورية الاشتراكية في أوروبا، البقاء في اطار "اممية" كانت لحد الامس القريب تضم في صفوفها أحزاب حاكمة أطاحت بها ثورات مصر وتونس بداية عام 2011.
نبذة عن التطورات ما بعد انهيار "الاممية الثانية" ربما يبدو هذا غريبا ولكنه حقيقة كون هذا المؤتمر في السليمانية له صلة ولو غير مباشرة بتاريخ يرجع الى اكثر من 110 عاما وتحديدا الى انهيار "مؤتمر الاشتراكية الأممية" المعروفة بـ "الاممية الثانية" وبالانشقاق الكبير الذي حدث في صفوف الحركة الاشتراكية الأوروبية على أساس الموقف تجاه الحرب العالمية الأولى 1914-1918، وبالتالي ذات صلة بتلك الانشقاقات والمساعي للأحزاب ما يعرف بالاشتراكية الديمقراطية الإصلاحية داخل الحركة العمالية والاشتراكية على صعيد نشاطها العالمي. ان انهيار الأممية الثانية، او على حد قول لينين "افلاس الأممية الثانية" في خضم تلك الحرب كانت بسبب الموقف القومي الشوفيني لمعظم احزابها الرئيسية الإصلاحية المؤلفة منها، على النقيض من الموقف الاممي الاشتراكي الثوري، تجاه الحرب، وانضمام تلك الاحزاب اي الأحزاب الإصلاحية الى صف البرجوازية الحاكمة في بلدانها متبنيين سياسة إدامة الحرب مع ما نجم عن ذلك من خلق المآسي واستمرار ارتكاب المجازر بحق العمال والكادحين والجماهير عموما في بلدان الدول المتحاربة، وبالتالي تبنيهم لسياسة الدفاع عن الوطن في حرب امبريالية إجرامية للرأس المال التي نشبت واستمرت من اجل إعادة تقسيم غنيمة النهب الرأسمالي الامبريالي على الصعيد العالمي. تجاه هذه التطورات داخل الحركة الاشتراكية الأوروبية آنذاك، لم تقف الاشتراكية الثورية الأممية مكتوفة الايدي اذ تصدت لسياسة هذه الأحزاب الإصلاحية ومواقفها وممارساتها والتي طغت عليها الشوفينية والانتهازية و"خيانة" قضية الاشتراكية والثورة الاشتراكية. لقد استمرت الأحزاب الاشتراكية الثورية الأممية وقادتها مثل لينين ورزا لوكسمبورغ وتروتسكي على نهج الخط السياسي الثوري الماركسي تجاه الحرب والازمة الثورية الناجمة عنها في أوروبا، والذي سبق وان تبنته كتلة هذه الأحزاب الاشتراكية الثورية في مؤتمرات الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في أوروبا، والمتمثل بمناهضة الحرب والنضال من اجل الحيلولة دون اندلاعها، والنضال لتحويلها الى حرب ثورية، أي ثورة بروليتارية اشتراكية بوجه الطبقة البرجوازية الحاكمة في حالة وقوعها واستمرارها وكل في بلده. لقد نجح البلاشفة والبروليتاريا في روسيا في تحقيق هذه الثورة البروليتارية واستولوا على السلطة السياسية ولكن الحركة البروليتارية الاشتراكية في البلدان الأخرى الأوروبية ولأسباب عدة لم تستطع تحقيق ذلك. ازداد عدد الأحزاب الاشتراكية الثورية والأممية اثر تلك التطورات وما جرى من حدوث انشقاقات في صفوف الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية. وقد ادى ذلك الى نشوء أحزاب اشتراكية ثورية تبنت خطا ثوريا امميا واطلقت على نفسها اسم أحزاب شيوعية وذلك بعد تغيير حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي (جناح البلاشفة) لاسمه إلى الحزب الشيوعي الروسي عام 1918. ان عهد ازمة ثورية عارمة كان قد بدأ في أوروبا اثر هذه التطورات، وان إمكانية نشوب ثورة اشتراكية عالمية بات في اجندة التاريخ والتي كانت تلوح في الأفق. في خضم هذه الأوضاع تأسست الأممية الثالثة المعروفة بالأممية الشيوعية في موسكو عام 1919. مع رحيل لينين عام 1924 وصعود الستالينية شيئا فشيئا وتراجع المد الثوري في أوروبا، فقدت هذه الأممية دورها ورونقها السابق ولكنها استمرت، وبالرغم من انها قد تحولت الى أداة بأيدي ستالين والطغمة الحاكمة في الاتحاد السوفيتي لخدمة مصالحهما السياسية القومية، لغاية عام 1943حينها اعلن ستالين عن حلها في سياق تحالفه مع قوى الدول الامبريالية الغربية خلال الحرب العالمية الثانية. وبالتزامن مع ظهور الأحزاب الشيوعية وتأسيس الأممية الثالثة باشرت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الإصلاحية في خضم هذه التطورات بمساعيها الانتهازية والإصلاحية المساومة لأحياء الأممية الثانية وفق نفس المنهج والخط السياسي القديم الذي أدى الى انهياره تماما عام 1916، وهكذا اجتمع قسم من احزابها في بيرن بسويسرا في شباط 1919 لتشكيل الأممية الثانية المعاد تشكيلها أي ما يعرف بـ"الأممية الاشتراكية العمالية". وبعد ذلك بفترة، اجتمع ممثلو ما يعرف بتيار الوسط في الحركة الاشتراكية الديمقراطية الاوروبية في فينا لتشكيل "اممية فينا" في شباط 1921 والتي كانت تطلق عليها الأحزاب الشيوعية ومن باب السخرية بـ "الأممية الثانية و النصف". وأخيرا، فان الأممية الثانية المعاد تأسيسها و"أممية فيينا" اندمجتا لاحقًا في اجتماع هامبورغ بألمانيا عام 1923 لتشكيل ما أصبح يُعرف لاحقًا بـ الأممية الاشتراكية (Socialist International) واستمرت في العمل لغاية عام 1947حينها تم الإعلان عن حلها. وبعد ذلك تأسست منظمة جديدة بنفس الاسم أي الاشتراكية الأممية (Socialist International) (ٍSI) في مؤتمر لندن، باعتبارها الوريثة التنظيمية والفكرية للأممية الاشتراكية السابقة. ان الاتحاد الوطني الكردستاني لا زال عضوا منذ 2003 في هذه المنظمة بشكل متزامن مع عضويته في PA . (4) أما الأممية الرابعة، فقد تم تأسيسها عن طريق مبادرة ليون تروتسكي في سبتمبر عام 1938 من منظمات عاملة في عديد من البلدان متبنين لخطه النظري والسياسي والتنظيمي واطروحاته فيما يخص جملة من المسائل المحورية في الحركة الشيوعية والعمالية بما في ذلك تعريف خاص للدولة في الاتحاد السوفيتي كـ" دولة عمالية مشوهة" تحت قيادة ستالين، وغيرها من الاطروحات والأفكار الأساسية. انبثقت الأممية الرابعة في ظروف عالمية جديدة حيث واجهت تحديات تنظيمية وسياسية وفكرية كثيرة وملاحقات متواصلة من قبل لأجهزة القمعية لستالين في الكثير من البلدان. بعد اغتيال تروتسكي في مكسيك يوم 21 آب 1940، من قبل عميل ماجور لستالين، ظهر اول انشقاق في صفوفها في نفس العام. غير ان الانشقاق الأكبر داخل صفوف الأممية الرابعة حدث في عام 1953 حول تقييم الستالينية، والعمل داخل الأحزاب الجماهيرية وغيرها من المسائل. (5) هذا، فضلا عن ظهور تيارات ومنظمات داخل أوساط المدافعين عن خط تروتسكي ولكن غير منظمين في اطار الأممية الرابعة، تطورات منذ 1948 مثل الحزب الاشتراكي العمالي (SWP)بقيادة توني كليف، وتيار المليتانت (MILITANT TENDENCY) بقيادة تيدي غرانت في الوقت الحالي هناك مساعي لبناء اممية اشتراكية ثورية على الصعيد العالمي حيث تم تأسيس أحزاب شيوعية ثورية في العديد من بلدان العالم والمؤلفة أساسا من المنظمات التي كانت تنتمي الى (التيار الماركسي الاممي) وتبعا لذلك تم انعقاد المؤتمر العالمي الأول للأممية الشيوعية الثورية في آب 2025.(6) ان ضرورة بناء اممية شيوعية ثورية على الصعيد الإقليمي والعالمي في الوقت الحالي تعتبر من مهام الشيوعيين الملحة بالرغم من مصاعب شتى نظرية وسياسية وتنظيمية تواجه تحقيق هذه المهمة. ان بحث هذا الموضوع والنقاش بصدده مسالة غاية في الأهمية للحركة الشيوعية.
اين يقف (PA) و(SDA-AW) في خارطة الصراع الطبقي العالمي والإقليمي؟ ان المسالة التي اود تناولها هنا، ليس تقييم الحركة الاشتراكية العالمية والانشقاقات التي حدثت في صفوفها بالتفصيل او تفاصيل ما آل اليه مصير تلك التجمعات العالمية للحركة العمالية والاشتراكية وصراع خطوطها السياسية والفكرية المختلفة، ولا تقييم تجربة الأممية الثالثة ما بعد رحيل لينين وما مارسه الحزب الشيوعي السوفياتي، على يد ستالين واتباعه، من جرائم، وما وجهوها من ضربات للحركة الشيوعية ومسيرة الثورة الاشتراكية العالمية. ما اود تبيانه في هذا المقطع من مقالي، هو ما يربط دور الأحزاب التي يتألف منها التحالف الديمقراطي (PA)، وبطبيعة الحال التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي SDA-AW في خارطة الصراع الطبقي الدائر بين البرجوازية والبروليتاريا العالمية المعاصرة وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وكذلك في إقليم كوردستان حيث تم عقد هذا المؤتمر هناك. كما راينا، فان تاريخ كل من SI و PA يرجع الى التيار الانتهازي والقومي الشوفيني في الحركة العمالية والاشتراكية العالمية وموقفها المضاد لمصالح العمال والكادحين وبوجه تطور الثورة الاشتراكية العالمية اثناء الحرب العالمية الأولى. ولكن، وبالرغم من هذه الصلة التاريخية المشتركة لهما، فانPA له صلة إضافية حاله حال SDA-AW بتاريخ اقرب للصراع الطبقي، وهو الصراع الطبقي المعاصر ومساعي الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية المستهدفة لاحتواء الثورات المعاصرة وذلك بعد تجربته المكتسبة من الانتفاضات الثورية في تونس ومصر واطاحتهما بحزبين استبدادين وهما كانا أعضاء في نفس تجمع SI الذي يضم في عضويته هذه الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية. لتحقيق تلك الاجندة المعاصرة، تم تشكيلPA وذلك عبر تزين الوجه والابتعاد عن بعض الدكتاتوريين المفضوحين وتغير الاسم بشكل يخلو من كلمة الاشتراكية لتحقيق مهمتها الرئيسية في احتواء المد الثوري. كما ان أحزاب ومنظماتSDA-AW تم تشكيلها وفق نفس التوجه والاجندة السياسية البرجوازية الإصلاحية والتي وبطبيعة الحال، مع اشتداد الصراع الطبقي، يقدمون على شل الثورات، وهي تشكلت في مجرى التطورات الثورية في تونس ومصر واطلقوا على انفسهم اسم "الديمقراطية الاجتماعية." ان تاريخ SI ذو صلة باتجاه مضاد لتاريخ تطور الثورة الاشتراكية العالمية في أوروبا وإمكانية اندماج نضالات الجماهير في بلدان ما يعرف بالشرق آنذاك، بمسيرة هذه الثورة العالمية وبالنضال من اجل التحرر من قبضة الدول الامبريالية، وانPA و SDA-AW وبمعزل عن خصائص احزابه على انفراد، فانهما انبثقا للحد من تأثيرات الهبات الجماهيرية الثورية في العالم العربي ويعكسان مساعي البرجوازية لتأطير تناقضات المجتمع الرأسمالي المعاصر في اطار لا يدك أسس النظام .أي ان كل من SI، و PA ومنظمته الاقليمية SDA-AW، فضلا عن محتواهما الطبقي البرجوازي المشترك يحملان علامات سياسية بالارتباط مع مهامهما بخصوص احتواء الثورة؛ أي الثورة الاشتراكية في أوروبا والانتفاضة الثورية في مصر وتونس. وهما بالتالي يمثلان أدوات سياسية وتنظيمية برجوازية إصلاحية للحد من ضربات الثورات والحفاظ على النظام البرجوازي.
الصراع الطبقي والثورة الاجتماعية في العالم الحالي نعيش اليوم في عالم رأسمالي مترابط اقتصاديا الى اقصى الحدود بحيث ليس فقط راس المال هو الذي يتحكم بالحياة الاقتصادية والاجتماعية في جميع انحاء الكرة الأرضية، انما الصراع الطبقي بين قطبي هذه العلاقة، أي بين العمل وراس المال، بين البرجوازية والبروليتاريا في كل انحاء العالم اصبح عالميا اكثر مما مضى، وبالتالي فان السياسة، والتي ليست شيئا سوى العلاقة بين الطبقات الاجتماعية، أصبحت عالمية بشكل كبير أيضا. كما وان الصراع الطبقي وكمحرك تاريخ المجتمعات يجعل من تأسيس اممية بروليتارية اشتراكية ثورية مهمة لا تقبل التأجيل وذلك، بالرغم من هيمنة ونفوذ القوى البرجوازية على مسارات الأوضاع السياسية في بلدان العالم المختلفة وعلى الصعيد العالمي والإقليمي. على العكس مما تقول لنا ظواهر الأشياء، فان الصراع بين هاتين الطبقيتين هو الذي يترك بصماته باستمرار على كل عمل سياسي وخطة سياسية والصراعات السياسية والفكرية للتيارات البرجوازية، ويضفي بطابعه على طبيعة الأحزاب وبرامجها وممارساتها السياسية وتكتلاتها وتحالفاتها العالمية والإقليمية وغيرها، بحيث لا يمكن الحديث عن فصلها عن هذا الصراع الطبقي باي شكل من الاشكال. كما وان الحروب والصراعات الجيو سياسية والاستراتيجية والجيو اقتصادية بين الدول، ككيانات سياسية قومية لراس المال وضمن النظام السياسي البرجوازي العالمي المعاصر، وبين الدول الامبريالية والاقطاب الإقليمية وغيرها من الدول، هي حروب وصراعات ممثلي راس المال ودوله لتقاسم السوق العالمية فيما بينها، وهي حروب البرجوازية الحاكمة في كل دولة والتي ترتبط سياساتها الخارجية وحروبها ارتباطا مباشرا بإعادة انتاج تحكمها وسيادتها الطبقية داخليا على صعيد المجتمع، وبالتالي ذات علاقة مباشرة بالصراع الطبقي بين البروليتاريا والبرجوازية داخل بلدانها أيضا. لقد تحول العالم الرأسمالي خلال 45 سنة الماضية بشكل كبير من خلال عولمة حركة وتراكم راس المال اكثر فاكثر وفتح الأسواق العالمية من امامها، ولغاية ما اصطدمت بالأزمة الرأسمالية عام 2008، وتزامنا مع ذلك من خلال السياسات النيو ليبرالية الاقتصادية لراس المال خلال كل هذه الحقبة وحتى الان. غير ان هذه العولمة الاقتصادية وهذه السياسات النيو ليبرالية هي نفسها حملت، في مجمل بنيانها، بصمة هذه الحرب الطبقية بين العمل وراس المال، وان راس المال لم يخلق عالما سوى لتحقيق ذاته والذي بدوره لا ينفصل عن تشديد تناحره الطبقي الكامن في حركته وتوسيع مدى هذا التناحر باضطراد. ان انطلاقة النيو ليبرالية الاقتصادية كانت ردا من قبل البرجوازية الامبريالية الغربية على ازمة الرأسمالية، غير ان هذا الرد لم يكن سوى حربا طبقية وسياسات اقتصادية وهجوم فكري وثقافي لفتح المجال وإزالة كل ما يعيق حركة راس المال وتراكمه، والتغلب على ازمة تراكمه. وهذا ما تطلب إزالة أي عائق امامه وازدياد أرباحه بمختلف الوسائل وفوق كل شيء وبالدرجة الاساس بشن حرب طبقية بالضد من الطبقة العاملة العالمية واتحاداتها ونقاباتها ووسائلها النضالية الجماعية، حربا هدفها وضع ثقل ازمته على كاهل هذه الطبقة العالمية مع ما يترتب عن ذلك من المزيد من افقارها وتشديد اضطهادها، وبتقليل مستمر لدور الدولة في توفير الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية العامة لها. ان اللائحة البرجوازية العالمية، هي الهجوم المكثف على كل قلعة من قلاع مقاومة كل من يعيش على قوة عمله وفرض سيطرتها عليه، وإزالة كل ما هو مرتبط برفاهيته. لقد ازداد تراكم راس المال بمستوى اسطوري في ايدي قلة في قطب، وتفاقم البؤس في القطب الآخر بالنسبة لمعظم سكان الكرة الأرضية. لقد أصبحت الدول البرجوازية في كل العالم وبشكل فاضح أداة اضطهاد راس المال بوجه البروليتاريا العالمية. ليس هناك سياسة وعمل سياسي على درجة من الأهمية لا يرتبط بشكل او باخر بهذا الواقع الاقتصادي الاجتماعي العالمي وتناقضاته والصراع الطبقي الجاري في بنيته، او لا يعكس آثار احدى البديلين اللذين كانا قد اصبحا بشكل فعلي امام البشرية في غضون الحرب الامبريالية العالمية الأولى، وهي؛ اما انتصار الثورة الاشتراكية العالمية والاممية الاشتراكية الثورية واسقاط راس المال وبناء المجتمع على أساس رفاهية الانسان وتحرره من الاضطهاد الطبقي والقمع السياسي والحروب والتراجع المعنوي، او الادامة بسيادة راس المال وجرائمه وحروبه، وبكلمة وحسب قول روزا لوكسمبورغ؛ ( الاشتراكية او البربرية). ان تفاقم الصراع الجيو سياسي والاقتصادي والجيو استراتيجي فيما بين الدول الامبريالية والدول البرجوازية الإقليمية على أساس ازمة النظام الرأسمالي المعاصر وتفاقم العسكرتاريا وسباق التسلح والحروب القائمة الان في أوكرانيا والابادة الجماعية في غزة وحرب إسرائيل وأمريكا في الشرق الأوسط والحرب بين إسرائيل والنظام السياسي الإسلامي في ايران والصعود المتزايد للنيو فاشية في البلدان الامبريالية الغربية، تشهد بمجملها تصاعد هذه الرجعية السياسية والعسكرتارية للقوى البرجوازية العالمية ودولها وتياراتها واحزابها وقواها المسلحة، والتي تضع بكامل ثقلها المدمر على نضالات البروليتاريا العالمية في كل بلد وتضع عراقيل هائلة امام نضالها الاممي الثوري والشيوعي وتفرق صف نضالها، ليس فقط على الصعيد الإقليمي والعالمي فحسب، بل داخل البلدان نفسها. غير ان هذا الصراع الطبقي بين جماهير الشغيلة وبين راس المال لم يتوقف لحظة في أي مكان في العالم، وان القمع والحروب والصراعات الجيو سياسية تضع عوائق كبيرة امامه ولكنها عاجزة عن انهائه، لأن الصراع الطبقي ببساطة جزء من حياة راس المال نفسه وتناقضاته الداخلية وصراع اقطابها المضادة. ان مساعي مختلف القوى الاجتماعية والسياسية لتحقيق الإصلاحات في هذا او ذاك الميدان من الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بما فيها نضالات التيارات الإصلاحية داخل الحركة العمالية والحركة النسوية وحركة الشبيبة، هي جزء من ديناميكية الصراع داخل النظام الرأسمالي المعاصر ولها موضعيتها، ولكن نفس تحقيق تلك الإصلاحات ذات صلة وثيقة بالصراع الطبقي الدائر بين البروليتاريا والبرجوازية وبإمكانها ان تكون جزءً، من حيث الأفق والتوجه السياسي والممارسة العملية، من صراع البروليتاريا باتجاه تحقيق الهدف النهائي لإنهاء نظام الطبقات، أي تحقيق الثورة الاشتراكية الأممية، او تدعم القطب المقابل أي راس المال في إبقاء سطوته على البشرية، والسعي لتحقيق بعض الإصلاحات ضمن اطاره، وهذا ما بينته تجربة الأممية الثانية من ان تتحول الى أداة البرجوازية لخنق الثورة البروليتارية. ان كل منPA وSDA-AW وكما يبين من تركيبة احزابها وبرامجها، مَجمَع برجوازي لقوى قومية والنصف اصلاحية داخل بلدان مختلفة لترتيب امور النظام السياسي البرجوازي والاتفاق على ما يضمن مصالح حزبية وقومية لكل طرف، ولكن وبطبيعة الحال، له مهمة اخرى اكثر جدية وهي السعي لاحتواء الحركة الشيوعية والثورات البروليتارية على الصعيد العالمي والاقليمي بما فيه العالم العربي واقليم كوردستان، وهذا ما يجب علينا فضحه نحن في الحركة العمالية والشيوعية. 2 ايلول 2025 ---------------------------------------------------------------------------------------------- (1) Parties & Organisations – Progressive Alliance (2) The Socialist International, 1951–, and the Progressive Alliance, 2013– (Chapter 15) - The Cambridge History of Socialism (3) Progressive politics For a fairer world - Socialist International (4) جدالات وكتابات الاشتراكيين الثوريين في فترة الحرب العالمية الأولى وما بعدها تتناول التطورات التي ذكرتها أعلاه. (5) الأممية الرابعة - ويكيبيديا (6) انعقاد المؤتمر العالمي الأول للأممية الشيوعية الثورية في خضم اضطرابات عالمية – ماركسي
#مؤيد_احمد (هاشتاغ)
Muayad_Ahmed#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بصدد الموقف تجاه الحرب والهدنة في حرب إسرائيل وأمريكا على اي
...
-
على هامش قيام عمال ميناء (فوس سور مير) الفرنسية برفض تحميل ا
...
-
رسالة عبد الله أوجلان ومستقبل الاضطهاد القومي في كوردستان حو
...
-
ترامب والمد الرجعي العالمي، تغييرات في النظام السياسي البرجو
...
-
ما بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق مرحلة جديدة في
...
-
احداث سوريا ومنطقة الشرق الأوسط ما بعد سقوط نظام الأسد
-
الخطوة الأولى هي فضح الطابع البرجوازي للنظام وانتخاباته في
...
-
الماركسيون والموقف من الحرب الحالية في الشرق الأوسط
-
تعديل قانون الأحوال الشخصية! لماذا؟ الإسلام السياسي والرعب م
...
-
في الذكرى السنوية الخامسة لانتفاضة أكتوبر 2019، شعار (كل الس
...
-
التيار الماركسي ومسارات الأوضاع السياسية الراهنة في العراق
-
التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية؛ هدية الامبريالية الام
...
-
في الذكرى السنوية السادسة لتأسيس منظمة البديل الشيوعي في الع
...
-
الرأسمالية النيوليبرالية وبيع “مكان الصلاة” في إقليم كردستان
-
الاوهام حول قرار المحكمة الاتحادية بصرف الرواتب، والانجرار و
...
-
رسالة تهنئة الى المؤتمر الرابع لاتحاد المجالس والنقابات العم
...
-
الاحتكار الرأسمالي لثمار التكنولوجيا والبحث العلمي العائق ام
...
-
ما يحسم صرف الرواتب في الاقليم هو إيجاد توازن قوى طبقي جديد
-
حوار حول حرب الابادة في قطاع غزة
-
دروس الأدب والفن في انتفاضة أكتوبر في العراق*
المزيد.....
-
لوحة جدارية في المحكمة العليا بلندن بعد احتجاجات -فلسطين أكش
...
-
ضربة قطر.. غضب بأروقة البيت الأبيض ومقربين من ترامب.. إليكم
...
-
تغريم ترمب 83 مليون دولار لتعويض كاتبة في قضية تشهير
-
اتجاه مصري للعفو عن سجناء بينهم علاء عبد الفتاح
-
15 طائرة إسرائيلية شاركت في الهجوم على الدوحة
-
مسلحون مرتبطون بـ-داعش- يقتلون 50 مدنيا في الكونغو
-
جنود احتياط إسرائيليون يرفضون استدعاءهم لغزة بـ-صوت عال-
-
الدوحة: واشنطن أبلغتنا بالهجوم بعد حدوثه بـ10 دقائق وترمب لت
...
-
العثور على رؤوس خنازير خارج مساجد في باريس
-
كتائب -حزب الله- العراقية تطلق سراح الباحثة الإسرائيلية الرو
...
المزيد.....
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|