|
رسالة عبد الله أوجلان ومستقبل الاضطهاد القومي في كوردستان حوار شمال علي مع مؤيد أحمد على قناة هيوا اليوتيوبي
مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 14:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رسالة عبد الله أوجلان ومستقبل الاضطهاد القومي في كوردستان حوار شمال علي مع مؤيد أحمد على قناة هيوا اليوتيوبي
تنويه: النص ادناه، الترجمة العربية لحوار اجراه باللغة الكردية (شمال علي) على قناة هيوا مع مؤيد احمد بعنوان: رسالة عبدالله أوجلان ومستقبل قضية الاضطهاد القومي في كوردستان. العبارات الواردة بين القوسين الكبيرين هي إضافات ضرورية للتوضيح.
شمال علي: ما هي أسباب رسالة أوجلان والدوافع التي أدت إلى إعلانها في هذا الوقت بالذات (27-2-2025)؟ مؤيد أحمد: هناك بعض العوامل والاسباب الجديدة لدى كلا الجانبين، نظام أردوغان وأوجلان، ولكن كل هذه المبادرات الرامية للمصالحة بينهما ليست بالجديدة، كونها حدثت بأشكال أخرى في السنوات القليلة الماضية. بالنسبة للدولة التركية، ونظام أردوغان، فإن بعض الأسباب تتعلق بالصراع السياسي الداخلي في تركيا، والبعض الآخر يتعلق بالتغيرات والتطورات في الشرق الأوسط بعد 16 شهراً من الإبادة الجماعية لحكومة إسرائيل في قطاع غزة والضربات التي تلقاها حزب الله اللبناني، وسقوط النظام السوري وتراجع النظام الإيراني على صعيد المنطقة. ولكن الاسباب الجوهرية هي الرد على مشاكل ومعضلات الرأسمالية في تركيا، والسياسات والخطط والاستراتيجيات لإدارة المصالح القومية والإقليمية والدولية لـ(رأس المال الاجتماعي في تركيا)، وهي الرد على معضلات هذا النظام الرأسمالي والمسارات الاقتصادية والسياسية الجارية في هذا البلد. هذا بالإضافة إلى مصالح أردوغان في إنقاذ نفسه ونظامه، والاعداد لانتخابات 2028، والحاجة إلى اصوات الناخبين في مناطق كوردستان تركيا، وهي بمجملها عوامل سياسية لعبت دوراً في طرح هذه المبادرة. ولكن الأهم من كل ذلك وفي قلب هذه التحولات هو إن تركيا، كدولة رأسمالية إقليمية قوية وحتى كقوة على الصعيد الدولي، ودولة عسكرية إمبريالية، تريد أن تلعب دورها في المنطقة، وأي سياسة تتبناها في هذا السياق (في هذه المرحلة) مرتبطة، في نهاية المطاف، بهذه القضية؛ أي بمصالحها الامبريالية في المنطقة. شمال علي: ما هو رأيك عن دور التغييرات في عالم اليوم، في تحقيق هذه الاتفاقية؟ مؤيد أحمد: صعود الترامبية والفاشية الجديدة والعنصرية، وتبني هذه السياسة والاستراتيجيات، أصبح واقعا سياسيا في معظم الدول الغربية، وهذا لا يتناقض مع نظام أردوغان لأنه ليس متناقضا اصلا مع هذه التطورات وتنامي الرجعية السياسية في عالم اليوم، لأن منهج اردوغان استبدادي اسلامي، وهو يسعى لتقوية الدولة البرجوازية التركية وينتهج سياسات فاشية جديدة في مجالات مختلفة، ويسعى لزيادة عدد سكان تركيا وتعزيز "إمبراطوريته". من الواضح أن نظام أردوغان يواجه في الوقت نفسه أزمة اقتصادية وأزمة سياسية فيما يخص (سلطته السياسية ونظامه)، ولكن كل الدول لديها أزمات بدرجات متفاوتة وفي نفس الوقت لديها استراتيجيات. نحن هنا نتحدث عن هذه الاستراتيجية فيما يخص تركيا. إن هذه الاستراتيجية، تتضمن بحد ذاتها عناصر الأزمة وعناصر الطموحات الإمبريالية والجيوسياسية للهيمنة الإقليمية لدولة هي قوة عسكرية كبرى في المنطقة تبيع الطائرات المسيرة (درونز) وغيرها من الأسلحة، وجيشها بات متدربا من خلال الحروب المستمرة. بالنسبة لتركيا، فإن كلاً من سياستها السلمية وسياساتها (التوسعية) الإقليمية هي تعزيز لمكانتها كأول وأقوى دولة في المنطقة في ظل تراجع النظام الإيراني وتعرض الاخير لضغوط داخلية وأمريكية كبيرة، وتغيير الوضع في سوريا لصالح تركيا. ولذلك، فإن نظام أردوغان يحاول، أكثر من أي وقت مضى، أن يكون له امتداد إقليمي ليس فقط كفكر "إخواني" وإسلامي، بل كقوة وسلطة ونفوذ إقليمي أيضاً. ومن الواضح أن كل هذا يقف خلف مبادرة أردوغان ونظامه لإعطاء هذه الفرصة لأوجلان بما في ذلك من احتمال التوصل إلى اتفاق مع حزب العمال الكردستاني( ب ك ك)، ولكن في الوقت نفسه فإن هذه الاستراتيجية والسياسة مليئة بالتناقضات وليست عملا عادياً بسيطاً. شمال علي: لماذا يتم إرسال هذه الرسالة من قبل اوجلان الآن؟ من الواضح أن ما جاء في الرسالة ليس بجديد والمبادرة تعود لتركيا، ولكن لماذا تم اتخاذ هذه المبادرة الآن؟ مؤيد أحمد: من الواضح أن المصالح السياسية والاستراتيجية الحالية لتركيا، هي التي دفعت هذه القضية إلى الواجهة (وتقوم بهذه المبادرة). بالنسبة لأوجلان ايضاً، فان هذا (المشروع) ليس جديداً، وربما كان حل حزب العمال الكردستاني هو الشيء الجديد في رسالته. كما أن حزب العمال الكردستاني يتعرض لضغوط كبيرة، ورسالة أوجلان ليست من موقع القوة، لأن تركيا أقوى بكثير من أي وقت مضى وتشكل ضغوطا عسكرية كبيرة على حزب العمال الكردستاني، اذ قُتل العديد من كوادر هذا الحزب. ومن ناحية أخرى، يتمتع حزب العمال الكردستاني بقوة اقتصادية ونفوذ سياسي وفكري وثقافي داخل الحركة القومية الكوردية، وخاصة في تركيا وسوريا، وله قاعدة اجتماعية واسعة. هذه العوامل تساعده على مواصلة مسيرته السياسية بطرق أخرى، إذا تخلى عن العمل المسلح وقواه المسلحة. ولكن رسالة أوجلان هذه، بمعزل عن محتواها الفكري والسياسي وقضاياها وخططها، مقارنة بالواقع الخارجي، هما مسألتان مختلفتان تماماً. ليس بالضرورة ان تُترجم هذه الرسالة إلى أفعال، وحتى ان اتفق حزب العمال الكردستاني مع الرسالة، على الرغم من كل النفوذ الفكري والسياسي الذي يتمتع به أوجلان. شمال علي: ما هو الاحتمال الاكثر توقعا؛ الفشل ام التنفيذ؟ مؤيد أحمد: هناك عناصر فشل كثيرة برأيي، لأن هناك جانبين غير متكافئين في هذا الاتفاق، احدهما، أي اوجلان، مفروض عليه شروط، و(الآخر)، أي اردوغان ليس بصدد الوصول الى مصالحة جادة. كما، ومن جانب حزب العمال الكردستاني هناك مجال لمواصلة عمله إذا لم تنجح هذه العملية حيث هناك النظام الإيراني القادر على مساعدته، وفي نفس الوقت لديه القوة وقوات "قسد"، ولذلك انا لا اعتقد ان عميلة المصالحة هذه ستجري بسهولة. بالإضافة الى ذلك، لا يتعرض نظام أردوغان لضغوط داخلية كبيرة من قبل قوى تحررية مؤثرة لحل هذه القضية، ويرجع ذلك بوضوح إلى الاقتتال والصراع والانقسامات بين الطبقة العاملة داخل تركيا وجزءها الكوردستاني، والتي نشأت بسبب تأثير الأيديولوجية القومية لدى الجانبين. شمال علي: لكن تركيا تتعرض لضغوط اقتصادية كبيرة، ويجب أن نعلم حقيقة أن هناك ضغوطاً اقتصادية على نظامها. مؤيد أحمد: مبادرة أردوغان هذه لم تأت بالضرورة كسياسة و حل اقتصادي، لأن حل الأزمة الاقتصادية يحتاج إلى سياسة اقتصادية أكثر تحديداً، وحتى الآن تمكن اردوغان من تغيير السياسة في هذا المجال، و(استطاع) خفض الأسعار قليلاً (على سبيل المثال). لا أعتقد أن الحل الاقتصادي هو ما يقف وراء هذه المبادرة التركية، بل إن النظام التركي لديه سياسة واستراتيجية لإدارة الرأسمالية ومصالح النظام الإقليمية وطموحاته الإمبريالية، وهذا هو ما يكمن خلف مشروع المصالحة هذا. لقد أشار أردوغان قبل دولت باخجلي إلى أن الوضع في المنطقة قد تغير ويجب على تركيا أن تحدد موقفها واستراتيجيتها تجاه هذا الوضع. وليس هذا فحسب، بل اعتقد إن هذه التغييرات (في المنطقة) تشكل فرصة لأردوغان ونظامه لتعزيز هذه المصالح الاستراتيجية، وان هذه المبادرة تأتي في نفس هذا السياق. شمال علي: لقد ذكرت عبارة الإمبراطورية. هل يريد أردوغان إعادة تعريف نفسه، أم ماذا؟ مؤيد أحمد: أردوغان نفسه يتحدث عن هذه القضية و(يستخدم عبارة الإمبراطورية)، ولكن أي تعبير أو مفهوم سياسي يمكن أن يكون له معنى في الواقع الرأسمالي والجيوسياسي اليوم. تريد تركيا أن تصبح قوة إقليمية كبرى، وهي تلعب الآن هذا الدور. وهذا هو ما يعنيه بحديثه عن الإمبراطورية. شمال علي: يعتقد قسم من اليسار أن أوجلان وتركيا لا يستطيعان حل القضية القومية في كوردستان تركيا؟ ماذا تقول انت؟ مؤيد أحمد: المسألة القومية ليست مسألة اشتراكية كي لا يمكن حلها في إطار المجتمع البرجوازي. لذلك، فان الامر ليس بهذه الصورة المطلقة. إن المشكلة القومية هي قضية وعملية يمكن حلها في مسارها الخاص وقد تُحل في مسار تطور صراعات المجتمع الرأسمالي والصراع الطبقي في هذا البلد. شمال علي: ما هو تأثير عملية و(مشروع) أردوغان على الحركة القومية الكوردية؟ وكيف يكون هذا التأثير على الحركة الاشتراكية؟ مؤيد أحمد: هذه العملية لها تأثير على كوردستان تركيا والعراق والعديد من الأماكن الأخرى، وعلى الأجنحة المختلفة للحركة القومية، على سبيل المثال، سوف يكون لهذه السياسة والإستراتيجية والعملية تأثيرا سلبيا على أولئك الذين ما زالوا ملتزمين بالقتال المسلح. أن القوميين الراديكاليين في الحركة القومية (الكوردية) يشعرون، منذ الآن، بخيبة أمل اذ ان الأمر كله بالنسبة لهم كان يتعلق بمدى معارضتهم للحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي)، لكنهم الآن يرون أن حزب العمال الكردستاني والبارتي ينفذان معا مشروعا مشتركا. ويختلف تأثير العملية على الحركات الاشتراكية والعمالية في كوردستان سوريا وتركيا والأماكن الأخرى. إن الطبقة العاملة في هذه المناطق مقيدة بأغلال الفكر القومي (والافق السياسي) القومي، وأي تراجع قد يحدث في السيطرة السياسية والهيمنة الفكرية والسياسية للحركة القومية، يفتح المجال أمام الطبقة العاملة وأمام نضالها الطبقي. وبهذا المعنى، فهو امر إيجابي، اذا لم تحصل صراعات وقتال، وأن يواصلوا صراعاتهم في إطار عملية سياسية واجواء سياسية سلمية مفتوحة. شمال علي: لننتقل إلى تحليل محتوى رسالة أوجلان. مؤيد أحمد: رسالة أوجلان هي نفس المنظومة التي عبر عنها بعد انهيار (الاتحاد السوفييتي) اذ لم يعد، منذ ذلك الحين، يتبنى فكرة الدولة القومية والفيدرالية والحكم الذاتي. وكذلك رسم خطا فاصلا مع الاشتراكية الرسمية والستالينية. ومن المعضلات الأساسية التي يعاني منها أوجلان (ومنظومته) هي أنه لا يتجه إلى الطبقة والاشتراكية، كما كان يدعي سابقا، وقد ترك هاتين القضيتين خلفه. إن رسم الحدود مع الاشتراكية القائمة (الاشتراكية المشيدة) بالنسبة لأوجلان يحمل مغزى محددا، وهو رسم الخط الفاصل بينه وبين أي نوع من الاشتراكية، قد يسمي منظومته بالاشتراكية، ولكن كسياسة وأجندة فإن الاشتراكية لم تعد موجودة بالمعنى الطبقي في النظام الفكري والسياسي لأوجلان. شمال علي: لكن ما يسمى بالإدارة الديمقراطية لأوجلان هي أطروحة بوكشين التي تقول بان )مجالس( البلدية municipality هي الوسيلة لتحقيق الاشتراكية. على أية حال، صحيح انه لا يوجد أي ذكر للطبقة والصراع الطبقي في فكر أوجلان. مؤيد أحمد: علاوة على ذلك، أوجلان لا يتحدث عن رأس المال، ولا يتحدث عن الرأسمالية كنظام، لكنه ينتقد الدولة القومية. الاشتراكية تعني التخلص من رأس المال، والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وهذا المفهوم لم يعد موجوداً لدى أوجلان. إن النظام الفكري والسياسي الذي يتبناه أوجلان بحد ذاته، إذا نظرنا إليه من منظور اشتراكي، فانه يشكل حلقة وسطية لحل المسألة القومية، ولكن هذه الحلقة لا تعني الوصول إلى حل اشتراكي للقضية، بل هي حلقة وسطية تقوم باحتواء واجهاض الحل الاشتراكي. إن الحركة القومية الكوردية التقليدية، من نمط [البارزاني والبارتي]، تتحدث عن إقامة دولة كوردستان، وحتى ان مسعود البارزاني اجرى الاستفتاء عليها عام 2017 حيث أراد تحقيق ذلك عندما كان رئيساً للإقليم. اذ ان لدى هذه الحركة هذه الاستراتيجية، ولكن أوجلان يأتي ويتناول القضية من منطلق آخر، وهو يبدأ الأمر من القاعدة وينطلق من المجتمعات communities ذات هويات مختلفة. لقد تخلى أوجلان عن ادعاءاته السابقة، ولم يعد هناك حتى حديث حول مسألة الطبقات وإسقاط رأس المال وإقامة المجتمع الاشتراكي وإقامة المساواة بين البشر على أساس إقامة نظام اجتماعي اقتصادي أرقى وهو (الشيوعية)، ولا يوجد هذا التوجه في المنظومة الفكرية لحزب العمال الكردستاني ولا في أي من الأحزاب التي تدافع عن أوجلان. إن الحدود التي رسمها أوجلان ضد "الاشتراكية الواقعية" ليست انفصالا عن هذا النوع من الاشتراكية فحسب، بل هي أيضاً وبالأساس انفصال عن الاشتراكية الثورية والماركسية نفسها. إذا نظرنا إلى الأمر من وجهة نظر تاريخية، فإننا نرى أن طرح أوجلان هو طرح وسطي وانتقالي لحل المسألة القومية وينتمي إلى قوة وحزب قومي وبالتالي طرح يهدف إلى إجهاض الحل الاشتراكي للمسألة القومية. شمال علي: ما يريد أوجلان تحقيقه هو ما يحدث في غرب كوردستان. لا أستطيع أن أتهم أوجلان بما هو موجود في أربيل لأن أوجلان يعارض بكل حدة ما يجري في الإقليم . مؤيد أحمد: قلت إن ما يطرحه أوجلان هو حلقة انتقالية، وأنه تجاوز ما هو موجود في أربيل، ولكنني أتحدث عن شيء أبعد من ذلك. لقد ذكرت انت بعض الصراعات، حتى اشرت الى مسألة انتهاكات الحريات السياسية ودور قوات (قسد) فيها. هذه كلها تشكل إشكالية جدية، ولن تمر بسهولة، ان المجتمع هو أكثر تعقيدًا مما يمكنك إزالة مفهوم الطبقية من نظامك الفكري والسياسي ثم الادعاء بإنك تنتج شيئًا مختلفًا (لمصلحة جماهير الفقراء). وتلك هي تجربة كل العالم. إن ما يطرحه أوجلان يحتوي على بعض الأمور الجيدة فيما يتعلق بقضية حريات المرأة، وتجاوز الحدود القومية، والإصلاح البيئي، وكل هذه الأمور محل (التأييد)، لكن النقاش يتجاوز ذلك. شمال علي: كيف تقف الديمقراطية الكونفدرالية وهذه الاستراتيجية في مقابل الحل الاشتراكي؟ ما الذي يجعل الحل الاشتراكي للمسألة القومية أكثر فعالية؟ مؤيد أحمد: هناك مشكلة وهي الاضطهاد القومي الذي يطال بالدرجة الأولى العمال والكادحين والنساء والشباب المضطهدين، وهناك صراع ومقاومة ضده (اي ضد هذا الاضطهاد). ولكن حين تأتي سياسة مواجهة هذا الاضطهاد من قبل التيار البرجوازي- القومي الكوردي، يتم إجهاض (هذه المقاومة) ويتم إعطائها شكلاً وأسلوباً وآلية لتحقيق أهداف هذا التيار البرجوازي وبالتالي تمنع تقدم (الحركة الطبقية المستقلة للعمال). وهذا ينطبق على ممارسات البرجوازية القومية العربية والفارسية والتركية وغيرهم كذلك. وبدلاً من تجسيد وتحقيق السياسة ضد الاضطهاد القومي في علاقته بالمجتمع ونفس الطبقة التي تعاني بالدرجة الاساس من هذا الاضطهاد، فإن الحركة القومية تجرها على الفور إلى اتون الصراع الإقليمي والجيوسياسي، وتعطيها هذا الشكل. وواضح انها في نفس الوقت تقوم بذلك من خلال قواتها المسلحة وهكذا تنهي العملية نهائياً، ويصبح ذلك جزءاً من سيطرة البرجوازية القومية على الحركة الاشتراكية في جميع مناطق كوردستان وتتكرر دائمًا، وهذا ما يفعله حزب العمال الكردستاني ايضاً. إن بعض القوميين اليساريين وحتى بعض الاشتراكيين الذين ينتمون إلى اليسار القومي يتبعون هذه الثقافة والتقاليد وطريقة العمل بنفس الطريقة، وفي التحليل الاخير يعملون كجناح آخر للحركة القومية ويمنعون الحركة العمالية والشيوعية من أن تصبح (قوية كحركة طبقية مستقلة) ومن ان تحقق سياساتها المستقلة في مجال إنهاء الاضطهاد القومي، ومن ان تجسد الحل الاشتراكي للقضية القومية. وهكذا يقومون بسرعة بقمع الطبقة العاملة والحركة الشيوعية و(يمنعون تطور الأممية والتضامن الطبقي بين العمال من مختلف القوميات). لقد عشنا ورأينا كل هذا الصراع بأنفسنا. في عام 1984، أثناء الصراعات داخل اتحاد نضال الشغيلة وبداية تشكيل "التيار الشيوعي"، أصدرنا بياناً بخصوص مفاوضات(الاتحاد الوطني الكوردستاني) مع نظام البعث، وأصدرناه تحت اسم "الشيوعي". ففي البيان قلنا: أنه بالنسبة لنا كشيوعيين لا يهم سواء تفاوض الاتحاد الوطني الكردستاني مع البعث أو قاتَلهُ، لأن كلاهما ( أي التفاوض والقتال) نفس السياسة وعمل نفس الحركة التي نحن خارجها وضدها. الرسالة التي يحملها أوجلان وحزب العمال الكردستاني هي نفسها سواء كانت حرباً أو سلاماً لانهم تيار واحد وسياسات تعود لنفس التيار. ما تطرحه الحركة القومية الكلاسيكية هو إنشاء دولة كوردستان المستقلة، وإن هذه الدولة [في نظر بعض اليسار ] لا يهم سواء كانت تحكمه البرجوازية، أو [البارتي]، أو أي جهة اخرى. وحتى في استفتاء عام 2017، كان من الواضح جداً أن نسبة كبيرة من اليسار والاشتراكيين انجرّوا وراء هذه المسألة. كانت نظريتهم هي أنه لا يهم أن [البرزاني] يتحدث عن الاستفتاء، حيث ان "الأمر المهم" هو أنه سيحقق استقلال كوردستان ويجب أن نمضي معه لأنه سيحل القضية القومية. تلك كانت نظريتهم وواضح ان هذه ليست اشتراكية. كشيوعيّ، يجب عليك أن تتحدث عن القضية القومية بصورة مشخصة (وأن تضع مصالح نضال العمال الاشتراكي أساسا في استراتيجيتك). كشيوعي، أنت تدافع عن حق تقرير المصير، ولحد انشاء الدولة المستقلة، ولكن هذا المبدأ العام في واقع الرأسمالية اليوم وتوازن القوى الطبقية في داخلها وفي عهد استقطب العالم فيه طبقيا الى اخر درجة، له معناه، ولا يمكن القول بسهولة فيما اذا انجز البارتي الاستفتاء فهذا يعني انها تحل المسالة القومية وانتهى الامر [وكأن هذه القضية مستقلة وليس لها ابعادا طبقية أو تحمل طابع الصراعات الطبقية]. ان البارتي يسعى لحل المسألة القومية بشكل يناسب البرجوازية والحركة القومية، ولكن بالنسبة للطبقة العاملة تبقى نفس المشكلة بشكل آخر نقل الاضطهاد (من البرجوازية خارج كوردستان إلى البرجوازية داخل كوردستان). خارج هذا الطرح الكلاسيكي وطرح أوجلان لحل المسألة القومية هناك طريقة حل الاشتراكي التي تختلف عن كليهما. كما قلت، ان الطرح الاشتراكي لحل المسألة هو، أولاً، مشروع طبقي وينطلق من أساس الطبقة ويأخذ في الاعتبار مصالح الصراع الطبقي البروليتاري. ثانياً، الاشتراكية والنضال من أجل الاشتراكية، هي عملية، وليس شيئا يكون تحقيقها مشروطا بإنجاز الاستقلال على الأساس القومي، كما يزعم، كي تصل الى الاشتراكية. يقول كثير من اليساريين والاشتراكيين دعونا نحقق الاستقلال ومن ثم سوف تتحقق الاشتراكية في كوردستان. في الرد على هذا الطرح أقول؛ ولكن الاشتراكية هي عملية ونضال طبقي، ومن الممكن ان يحقق العمال الناطقون بالتركية والعربية والفارسية والكوردية، التي تجمعهم مصالح طبقية مشتركة، تحقيق الاشتراكية في هذه العملية قبل أي استقلال (وان ينجزوا بأنفسهم شكلاً معيناً لحل نفس المشكلة القومية). من الواضح أن هذا الطرح مختلف تمامًا عن الطرح الاخر، وهما مشروعان طبقيان مختلفان ومنهجان ونظريتان مختلفتان. باعتقادي، أن طرح أوجلان، وبغض النظر عن تفاصيل فقراته، هو الحلقة الوسطية بين الطرح القومي الكلاسيكي والطرح الاشتراكي، ولكن هذه الحلقة الوسطية احتواء للحل الاشتراكي ووضع العراقيل امامه، وبالتالي لا يمكن الحديث عن تطور حل أوجلان باي شكل من الاشكال الى الحل الاشتراكي.
#مؤيد_احمد (هاشتاغ)
Muayad_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ترامب والمد الرجعي العالمي، تغييرات في النظام السياسي البرجو
...
-
ما بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق مرحلة جديدة في
...
-
احداث سوريا ومنطقة الشرق الأوسط ما بعد سقوط نظام الأسد
-
الخطوة الأولى هي فضح الطابع البرجوازي للنظام وانتخاباته في
...
-
الماركسيون والموقف من الحرب الحالية في الشرق الأوسط
-
تعديل قانون الأحوال الشخصية! لماذا؟ الإسلام السياسي والرعب م
...
-
في الذكرى السنوية الخامسة لانتفاضة أكتوبر 2019، شعار (كل الس
...
-
التيار الماركسي ومسارات الأوضاع السياسية الراهنة في العراق
-
التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية؛ هدية الامبريالية الام
...
-
في الذكرى السنوية السادسة لتأسيس منظمة البديل الشيوعي في الع
...
-
الرأسمالية النيوليبرالية وبيع “مكان الصلاة” في إقليم كردستان
-
الاوهام حول قرار المحكمة الاتحادية بصرف الرواتب، والانجرار و
...
-
رسالة تهنئة الى المؤتمر الرابع لاتحاد المجالس والنقابات العم
...
-
الاحتكار الرأسمالي لثمار التكنولوجيا والبحث العلمي العائق ام
...
-
ما يحسم صرف الرواتب في الاقليم هو إيجاد توازن قوى طبقي جديد
-
حوار حول حرب الابادة في قطاع غزة
-
دروس الأدب والفن في انتفاضة أكتوبر في العراق*
-
تحديات ومهام، في الذكرى السنوية الخامسة لتأسيس منظمة البديل
...
-
المسار السياسي في إقليم كوردستان في ارتباطه بالصراع الطبقي
-
في ذكرى اغتيال الرفاق الأعزاء، السبب وذروة الدراما
المزيد.....
-
قصف وقتل وتجويع واغتيال في غزة
-
قمة -اختر فرنسا-.. ماكرون يراهن على الاستثمارات الأجنبية
-
المئات من عشّاق -حرب النجوم- يحتشدون في شوارع سانتياغو للاحت
...
-
وزير الدفاع السوري يمنح الجماعات المسلحة مهلة 10 أيام للاندم
...
-
إيران تلوح بفشل التفاوض إذا أصرت واشنطن على وقف كلّي للتخصيب
...
-
للحوامل.. كيف تساعد الأفوكادو في صحة الجنين ؟
-
احتجاجات سائقي سيارات الأجرة تعيق حركة المرور في مختلف المدن
...
-
ستارمر وفون دير لاين يعلنان توقيع عقد شراكة بين الاتحاد الأو
...
-
كوريا الشمالية تزيل كلمة -التوحيد- من اسم مبنى في قرية الهدن
...
-
مقتل 4 أشخاص وإصابة 20 آخرين بانفجار في جنوب غرب باكستان
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|