|
لا نراهن على الموقف الأمريكي في غزة والضفة والجدال حول مآلات “طوفان الأقصى” لا يخدم إلّا العدو
فهد سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 8458 - 2025 / 9 / 7 - 16:16
المحور:
القضية الفلسطينية
يهدّد وزير الدفاع الصهيوني، يسرائيل كاتس، بـ “فتح أبواب الجحيم” على غزة. وكأن 700 يوم من العدوان المستمر على القطاع لم ترَ أهالي القطاع المحاصر والمجوّع بعد كل أشكال الخراب. يمضي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في قرار الإبادة والتهجير، متمسكا بقرار خوض معركة السيطرة على غزة وإجبار أهلها على النزوح القسري، مدعوما بدعم أميركي وصمت عربي مطبق. في ضوء زحف الخراب إلى غزة وانتظار أبنائها الموت المحتم قتلاً أو جوعاً، وفشل المفاوضات في وقف إطلاق النار، وضمن سلسلة “مع الأمين” حاورت صحيفة “مرآة الجزيرة” أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الدكتور فهد سليمان. مرآة الجزيرة- حوار يارا بليبل استهل سليمان حديثه بالتطرق إلى المواقف الدولية الشاجبة للعدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة، مؤكدا ما شهدته من تطورات إيجابية مهمة لصالح القضية الفلسطينية. واستدل على ذلك بـ “البيان الأخير لمجلس الأمن بموافقة 14 عضواً، باستثناء المندوبة الأميركية، وتصريحات قادة أوروبيين، اعترفوا بالدولة الفلسطينية أو أعلنوا عزمهم على ذلك في الأيام القادم”. ولفت السياسي الفلسطيني إلى تظاهرت العواصم الغربية الكبرى “وما تحمله هي الأخرى من دلالات على تطور في الرأي العام الغربي، وغياب الادعاء بأن أي نقض لإسرائيل وجرائمها في قطاع غزة أو الضفة الغربية هو “عداء للسامية””. وأردف بأن كل ما ورد “يشكل مكسباً سياسياً ومعنوياً لشعبنا يعزز استقطاب التأييد الدولي الرسمي والجماهيري، ولا يمكننا أن نقلل من قيمة هذا التأييد”. بالمقابل، أشار سليمان إلى “أن الدول والعواصم التي طوّرت مواقفها من القضية الفلسطينية والحرب الإسرائيلية في القطاع والضفة الغربية، لا تجند طاقاتها المتاحة للضغط على “إسرائيل” وتحويل التأييد السياسي المعنوي لشعبنا إلى فعل مؤثر، يُمَكِّن من لجم الهجمة الإسرائيلية أو إضعافها، أو وضع حدّ لسياسة التجويع والقتل اليومي وإنقاذ المنظومة الصحية”. واستدل على ذلك بقوله “الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، الشريك الاقتصادي الأول مع دولة الاحتلال، فشل في اتخاذ قرار بإعادة النظر باتفاقية التجارة المشتركة مع “إسرائيل”، على الرغم من أن بعض الدول إتخذت موقفاً واضحاً من إمداد “إسرائيل” بالأسلحة، إلا أن آخرين ما زالوا على الوفاء لاتفاقيات تبادل المصالح العسكرية مع “إسرائيل”، كألمانيا وبريطانيا وغيرها”. وأبدى الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قناعته أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة على وقف الحرب. وأضاف “لكننا لا نراهن على ذلك، مهما علت الضغوطات على واشنطن. فالحرب الدائرة ضد شعبنا في القطاع هي حرب إسرائيلية – أميركية في المقام الأول، ومشروع الضمّ لمناطق واسعة في الضفة الغربية بهدف إقامة دولة “إسرائيل” التلمودية، والتي تعدّ مشروعا أمريكيا – إسرائيليا من الطراز الأول. إن الولايات المتحدة دولة معادية لشعبنا ولا نراهن على إمكانية تعديل موقفها، بل نراهن على وحدتنا الميدانية ومقاومتنا للاحتلال، وصمود شعبنا الباسل، والتفاف الحركة الشعبية حولنا، وكذلك الدول التي طورت مواقفها، وتدعمنا سياسياً ومعنوياً، وتعترف لنا بالحق في الحرية، والاستقلال وحق العودة لأبناء شعبنا من اللاجئين.” “مؤتمر نيويورك” : مؤتمر غير منصف ويشرعن الاستيطان وعرّج الدكتور فهد سليمان خلال حديثه لـ”مرآة الجزيرة” على مبدأ عقد مؤتمرات دولية لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وأكد أن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين “إلى جانب كل المؤتمرات الإقليمية والدولية التي تعقد لصالح قضيتنا الوطنية، إذا ما انتهت مخرجاتها إلى احترام حقوقنا الوطنية المشروعة، وتكفلها قرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك حق شعبنا في الحرية وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 يونيو /حزيران 1967، وضمان حلّ قضية اللاجئين بموجب القرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948”. ولم ينفِ السياسي الفلسطيني وجود مؤتمرات لا تنصف تماماً الحقوق المذكورة، منها “مؤتمر نيويورك” المسمى لحماية “حل الدولتين” الذي انعقد أخيراً برعاية عربية فرنسية، باعتباره مسّ بحدود الدولة الفلسطينية حين دعا إلى حلّ على “أساس حدود حزيران”، أي جعل من الحدود مادة تفاوضية، وأي تفاوض في هذا المجال معناه تقديم تنازلات لـ”إسرائيل” التي على الدوام تزعم عن حقها في “حدود آمنة”، أي أن نترك لها “حقها” المزعوم في رسم حدود دولتنا (وكذلك حدود الدول العربية الأخرى المجاورة لفلسطين)، بما يتطابق مع رؤية دولة الاحتلال لأمنها واستقرارها، وهذا منطق استعماري خطير يتوجب أن نقف كلنا ضده”. وعن “مؤتمر نيويورك” المنعقد مؤخرا، لفت فهد سليمان إلى احجام المؤتمر عن تفكيك الاستيطان، “ما يجعل دولة فلسطين تقطع أوصالها بالمستوطنات، والمواقع العسكرية والجسور والأنفاق والحواجز، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار قرار بناء مستوطنات في المنطقة (E1) التي ستمزق الضفة إلى ضفتين، وتُغرق القدس بالمستوطنين وتعزلها عن محيطها الفلسطيني العربي”. وشدّد سليمان على تمسّك الجبهة “بالمؤتمر الدولي الذي توافقنا عليه في المؤسسة التشريعية الفلسطينية، أي مجلسنا الوطني (الدورة 23 للعام 2018) ومجلسنا المركزي (الدورة 32 للعام 2022)، وتكفله قرارات الشرعية الدولية، وأي مؤتمر ينعقد تحت إشراف الأمم المتحدة، والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، بموجب قرارات الشرعية الدولية، التي تكفل لنا حقنا في الحرية والاستقلال وحق العودة للاجئين، يعقد في نيويورك أو في جنيف، تتمثل فيه منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا بوفد يعكس وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة حقوقه، وبجدول أعمال يكفل الانسحاب الإسرائيلي العام من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران /يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وحلّ قضية اللاجئين بموجب القرار 194، بحيث تصدر عن المؤتمر قرارات ملزمة وبجدول زمني ملزم لـ”إسرائيل” ولأطراف المؤتمر.” وأضاف “هذه هي رؤيتنا للمؤتمر الدولي المنشود، ولا نريد مؤتمرات تخرج عن أهدافها أن تبعث برسائل تنازلية إلى الجانب الإسرائيلي”. وأردف “نحن ندرك أن مجمل هذه المؤتمرات هي تعبير عن اهتمام بالقضية الوطنية وبضرورة الوصول إلى سلام واستقرار إنهاء مأساة شعبنا تحت الاحتلال، لكننا لا نريد حلاً ناقصاً يؤسس لحروب جديدة في المنطقة بدلاً من أن يؤسس للاستقرار الحقيقي”. وبناء عليه، “نحن نرسم موقفنا من كل مؤتمر وفقا لمخرجاته، ومدى إقترابه وتلبيته لحقوق شعبنا”، بحسب سليمان. الذي أضاف “نحن لا نتصور دولة فلسطينية لا تكون عاصمتها القدس المحتلة في حرب حزيران/ يونيو 1967، ولا نتصور دولة فلسطينية تنتشر في ربوعها المستوطنات، وتكون بذلك دولة منقوصة السيادة، مرتبطة إقتصادياً بإسرائيل التي نهبت مياه الضفة، وتصر على حل يكفل لها أن تبقى على نهبها لمياه الضفة. نحن لا نقبل حلاً لقضية حوالي 6 ملايين لاجئ، ما زالوا مشردين منذ العام 1948، ولا يعترف بحقهم في العودة إلى أملاكهم وممتلكاتهم التي هجروا منها عام 1948.” وتابع “إن مواقفنا تقوم على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ونعتقد أن على الجميع احترام قرارات الشرعية الدولية، ليس بالبيان والتصريح فقط، بل بالعمل على تطبيقها حتى ولو تطلب ذلك اتخاذ عقوبات بحق “إسرائيل” التي تتمرد على الدوام على هذه القرارات.
“طوفان الأقصى”: انقلاب على “المقاومة السلمية” وحول ما يواجهه السابع من أكتوبر من انتقادات وإعادة قراءة لما حققه من أهداف مقارنة بالنتائج التي آلت إليها أوضاع القطاع، رأى سليمان “أنه من الخطأ الدخول في تقييم تجربة “طوفان الأقصى” بإيجابياتها وسلبياتها، ونحن في أوج المعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل انقسام سياسي على العملية يرتكز على شيطنة المقاومة، ويرفع شعارات تقود إلى إسقاط خيارات المواجهة مع الاحتلال لصالح ما سميّ بـ”المقاومة السلمية”، الأخيرة التي فشل أصحابها في تقديم تعريف برنامج واضحين لها” وأوضح أن “الهدف من شعار “المقاومة السلمية” يتمثل بإسقاط كل أشكال المواجهة الصدامية مع الاحتلال، حتى بالحجارة، بل وحتى بالبيان والتصريح، باعتبارها تحريضاً ضد “إسرائيل” وتوتيراً للعلاقات معها ومع الولايات المتحدة”. ومع ذلك، وفقا للقيادي الفلسطيني، “إن “طوفان الأقصى” شكل انقلاباً على واقع سياسي إقليمي وفلسطيني، كان يتم من خلاله التحضير لمشروع سياسي إستراتيجي، يقوم على تعميم التطبيع العربي – الإسرائيلي، وإعلان نهاية الصراع العربي – الإسرائيلي، ودمج “إسرائيل” في المنطقة، والتعامل الاقتصادي العربي – الإسرائيلي، من ثم عزل القضية الفلسطينية، وتحويلها إلى مجرد مسألة أرض ورسم حدود ومن ثم إفراغها من مضمونها، وما تشكله من قضية مصير شعب ومستقبله السياسي. إن المسار الذي سبق “طوفان الأقصى” كان يمضي بالقضية باتجاه تقويض أسس قيام الدولة الفلسطينية، وأسس حق العودة، وبالتالي منح المشروع الصهيوني مشروعية عربية وإقليمية ودولية، في تصادم وتعاكس صارخ مع قرارات الشرعية الدولية، وقرارات القمم العربية التي كانت قد ربطت إقامة علاقات طبيعية (أي عادية) مع “إسرائيل” بالانسحاب من كافة الأراضي المحتلة في الضفة والقطاع والقدس والجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا”. “جاء “طوفان الأقصى” ليقلب الطاولة، ويُدخل المنطقة والعالم في مرحلة جديدة من الصراع مع “إسرائيل”. فضلاً عن ذلك كشف “طوفان الأقصى” الحدود اللامتناهية للتحالف الأميركي الإسرائيلي، حين قَدِمت الأساطيل الأطلسية إلى المنطقة لنجدة الكيان، كذلك كشف “الطوفان” الثغرات التي يقوم عليها النظام الإسرائيلي، وأزماته الداخلية والأمنية والاقتصادية، وكشف حقيقته أمام العالم باعتباره نظاماً فاشياً، عدوانياً لا يُقيم للقوانين والمواثيق الدولية أي اعتبار، واستعداده لارتكاب أبشع الجرائم خدمة لمشروعه الاستعماري الذي يتجاوز حدود القضية الفلسطينية ليطال منطقة الإقليم (أي جزيرة الشرق الأوسط)، ربطاً بتصريحات نتنياهو الواضحة والصريحة بهذا المضمار”. انقسام الفصائل الفلسطينية: أساس التشظي الداخلي وعند سؤاله حول ملف الفصائل الفلسطينية وفرص المصالحة، سيّما في المرحلة الحالية، أكد الدكتور سليمان على ما ألحقه “الانقسام من ضرر بالقضية الوطنية وبمصالح الشعب الفلسطيني”، وأشار إلى “الأولوية التي تحظى بها مهمة إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية لدى الجبهة، لتحقيق ما هو في خدمة شعبنا، بما ينهي الإنقسام، ويعيد توحيد الحالة الوطنية، بكل مكوناتها في المؤسسة الوطنية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في كافة مناطق تواجده”. وأوضح سليمان “كنا مبادرين في العديد من المحطات الحوارية لإنهاء الانقسام، حين قدمنا أفكارنا ورؤيتنا لاستعادة الوحدة الداخلية، منها على سبيل المثال دورنا في صياغة وثيقة غزة – رام الله (ما سمي وثيقة الأسرى) في 26 حزيران/يونيو 2006، حين تعطلت أعمال حكومة حماس الأولى بفعل الانقسام الميداني؛ وفي حوارات القاهرة والجزائر ورام الله وبيروت وموسكو وبكين، قدمنا أفكاراً أسهمت في الوصول إلى توافقات وطنية، ولعلّ أهم هذه المحطات من منظار مسار إنهاء الانقسام هي محطة العاصمة الصينية بكين في حزيران/ يونيو 2024، حقق توافقاً على ثوابت الكيانية الفلسطينية التالية: 1- اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا. 2- تبني البرنامج الوطني وإعلان الاستقلال: الحرية وتقرير المصير والدولة المستقلة، وحق العودة للاجئين. 3- اعتبار قرارات الشرعية الدولية المرجعية القانونية للحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني”. ورأى القيادي الفلسطيني أن ما ورد “ما زال يشكل أساساً صالحاً لاستعادة الوحدة الداخلية وإنهاء الانقسام، والبناء عليه لإعادة تشكيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بالانتخابات العامة للرئاسة، والمجلسين التشريعي (للسلطة) والوطني (م.ت.ف.) بنظام التمثيل النسبي الكامل، تشارك فيها كافة مكونات الحالة الوطنية دون استثناء، دون شروط مسبقة سوى ما جرى التوافق عليه”. ولفت إلى أن “غياب الإرادة الوطنية لدى أطراف الانقسام، والضغوط الخارجية، خاصة الأميركية والإسرائيلية، التي ما زالت ترى في بعض الأطراف الفلسطينية منظمات إرهابية، تضع الفيتو على انتسابها للمؤسسات الوطنية، عطّل إنفاذ ما تم التوافق عليه، بما في ذلك تشكيل حكومة وفاق وطني تدير شؤون القطاع والضفة الغربية، بعد وقف الحرب وانسحاب الاحتلال، ومن ثم قطع الطريق على مشاريع الاستعمار الأميركي– الإسرائيلي والانتداب الخارجي للهيمنة على القطاع، واستدامة الانقسام بين الضفة والقطاع.
وجدّد اعتقاده بأن “ما تمّ التوافق عليه في بكين والمذكور أعلاه، يصلح حتى إشعار آخر، أساساً لإنهاء الإنقسام، وهذا ما نتمسك به وندعو له”. التطبيع العربي: منطلق الاختلال أما فيما يتعلّق بملف التطبيع العربي مع الاحتلال، رأى السياسي الفلسطيني أنه “منذ “تحالف أبراهام” بين الكيان المحتل وعدد من الدول العربية، أصاب المنظومة العربية اختلالاً في العلاقات الهيكلية من جهة، وفي النظر إلى القضية الفلسطينية من جهة أخرى. وبالمقابل حافظت دول عربية أخرى على اهتمامها بالقضية الوطنية، لأنها قضية ضاغطة على أوضاع هذه الدول، كمصر والأردن، على سبيل المثال”. وأكد حرص الجبهة على “وحدة العرب خلف قضيتنا ومصالح شعبنا وحقوقه. ما زالت إسرائيل عدوتنا، وتقف خلفها الولايات المتحدة، ولا نريد في هذا السياق أن نحرف البوصلة عن اتجاه العمل الصحيح الذي يوحّد الطاقات ويفعّلها بمواجهة الخطر الرئيسي على فلسطين وعموم الحالة العربية”. التهجير: مشروع بديل مرفوض وفي سؤاله عن مشاريع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، أكد الأمين العام للجبهة الديمقراطية على أن “الشعب الفلسطيني يرفض كل أشكال التهجير من وطنه، وهو على استعداد للمقاومة حتى اللحظة الأخيرة، للظفر بحقه في البقاء على أرضه، كذلك يرفض شعبنا مشروع الاحتلال الصهيوني بتهجير أبناء القطاع إلى جزيرة في المتوسط، أو مشروع ترامب لتهجير أبناء القطاع إلى مصر والأردن وسوريا ولبنان والصومال وإندونيسيا وغيرها من الدول”. وأضاف “نحن لسنا شعباً زائداً في المنطقة، كالحمولة الزائدة في السفينة التي تلقى في البحر عند هبوب العاصفة، نحن شعب أصيل متجذر الوجود على ترابه الوطني، له تاريخ عريق وحضارة يفخر بها، وماض يشرّف، وتاريخ نضالي ترى فيه شعوب الأرض نموذجاً للدفاع عن الكرامة الإنسانية في العالم”. وتابع “كل مشاريع التهجير هي مشاريع استعمارية عنصرية فاشية، لا ترى في البشر سوى قطعاناً تسوقها من مكان إلى مكان، ولا تعترف بكرامة الشعب وبحقها في تقرير المصير، على أرض وطنه عملاً بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تنصّ على الديمقراطية في العلاقات بين الشعوب، وتدين الحرب العدوانية ذات الأهداف الاستعمارية، كحرب “إسرائيل” على شعبنا في الضفة والقطاع”. وقال سليمان” خيارنا الثبات على أرض الوطن والدفاع عن كل شبر منها، ورفض كل المشاريع البديلة لمشروعنا الوطني، أي الحرية وتقرير المصير، والاستقلال وحق العودة”. “ما بعد” العدوان على غزة وفي حديثه لـ”مرآة الجزيرة” عن “اليوم التالي” لغزة، أي مرحلة ما بعد العدوان، اعتبر الدكتور سليمان الأمر بأنه رهن بالنتائج التي ستسفر عنها الحرب في القطاع. ورأى أن رئيس حكومة الاحتلال يراهن على كسب الحرب، ونزع سلاح المقاومة، وتهجير السكان، ما يتيح له ضمّ القطاع، وتحويله إلى منتجعات على حساب أبناء غزة وحقوقهم. وأردف “نحن في الحركة الوطنية توافقنا على حكومة فلسطينية ذات طابع إداري واختصاصي، تدير شؤون القطاع والضفة، وتعيد توحيد أرضنا. في حواراتنا الوطنية، اتفقنا على قطع الطرق أمام كافة المشاريع المعادية لشعبنا، وبالتالي تشكيل حكومة وفاق وطني، تضم شخصيات مستقلة، تعود مرجعيتها إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وتكون معنيّة بإعادة توحيد الضفة والقطاع، وإدارة شؤون المنطقتين باعتبارهما جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية”. “وعلى هذا الأساس، نقاتل في قطاع غزة لإسقاط المشروع الاستعماري الإسرائيلي الأميركي، وفي الوقت نفسه نواصل الحوار للاتفاق على صيغة وطنية لمرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي، والقضية في جوهرها هي قضية موازين قوى وإرادات وطنية، وإذا ما توفرت الأدوات الوطنية لحل وطني، فمن شأن هذا الحل أن يشق طريقه.” وأكد القيادي الفلسطيني على أن الوضع “شديد التعقيد خاصة وأن أطراف عربية، بالتفاهم مع الكيان وأميركا، قدما مشروعا لحل بديل عن المشروع الوطني، ومدعوم ماليا، وهذا ما نرفضه، ونواصل التحرك مع الأشقاء العرب، خاصة مصر والأردن، والوزارية العربية، لإرساء الحل الوطني لمستقبل القطاع، كما تصوغه منظمة التحرير الفلسطينية وشعبنا وفقا لحقه في تقرير المصير”. رؤية الجبهة واستراتيجيتها إزاء التحديات أمام التحديات الماثلة في غزة خصوصا وفلسطين عموما، وحول رؤية الجبهة الديمقراطية واستراتيجيتها العملية للتعامل مع التحديات الراهنة، أوضح الدكتور فهد سليمان عددا من النقاط: • تحديات فلسطينية داخلية، كإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، وإصلاح النظام السياسي الفلسطيني وتصليب عوده. • تحديات فلسطينية – إسرائيلية، لمواجهة المشروع الصهيوني وشق الطريق بكل أساليب النضال أمام المشروع الوطني الفلسطيني. • تحديات فلسطينية -عربية، تدور حول كيفية تطوير الموقف العربي لصالح حقوقنا المشروعة. • تحديات فلسطينية – أميركية، في مشروع ترامب، تأييد المشروع الصهيوني بإقامة “إسرائيل الكبرى”، وتعميم التطبيع العربي الإسرائيلي، وفرض الهيمنة التامة إقليمياً، ونهب ثروات شعبنا واستتباع أنظمتها دولياً. “إن كسب كل هذه التحديات رهن بنجاحنا في حلّ التحدي الفلسطيني – الفلسطيني، أي إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، والتوافق على إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، والتوحد حول رؤية وطنية كفاحية للمواجهات الاستراتيجية مع العدو والولايات المتحدة وباقي محاور التحدي المذكور”.
وبحسب الدكتور سليمان تقوم رؤية الجبهة حول التالي : 1- الوقف الفوري لحرب الإبادة الجماعية في القطاع، وإمداده بكل احتياجاته، وإعادة بناء بنيته التحتية، وإنجاز مشروعنا الوطني لما يسمى “اليوم التالي” للقطاع في إطار مشروع وطني متفق عليه. 2- العمل مع الأشقاء العرب وبشكل خاص مع مصر، لإطلاق مشروع إعادة إعمار القطاع. 3- التوافق على مشروع وطني لمواجهة الاحتلال ومشروع الضم في الضفة الغربية، بما فيها القدس. 4- العمل لعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وبموجب قراراتها ذات الصلة، لحل متوازن للقضية الوطنية، يكفل حقنا في الحرية وقيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود حزيران /يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948. واعتبر سليمان أن “الرؤية بعناصرها المذكورة، تعبّر عن رؤية كفاحية تستوجب وحدتنا الوطنية والميدانية، ووحدة مؤسساتنا الجامعة، والزج بكل طاقات شعبنا في كل مناطق تواجده، بما في ذلك أراضي 48، وإقامة تحالفات إقليمية ودولية، تعزز القدرة على الصمود في الميدان وفي الفضاءات السياسية، انطلاقًا من موقف عربي يؤيد هذه الحقوق بكل قناعة”. “لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون حل القضية الفلسطينية، حلاً متوازناً يكفل حقوقنا المشروعة كاملة”. الجبهة الديمقراطية كـ”معارضة سياسية” وحول النهج السياسي المعتمد في الجبهة، أوضح القيادي الفلسطيني انطلاق الجبهة الديمقراطية في شباط/ فبراير 1969، كعضو مؤسس في منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تغادر موقعها طيلة مسيرتها النضالية، دأبت على الدوام على الدفاع عن المنظمة ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا في كل مكان ولا زلنا نفتخر وسنبقى كذلك، أن برنامجنا المرحلي الذي صادق عليه شعبنا في المجلس الوطني عام 1974، وطوره نضالياً، صار هو البرنامج الوطني لعموم أبناء شعبنا وتحت رايته اقتحمت م. ت. ف. الأمم المتحدة، عضواً مراقباً، ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا كما احتلت مكانتها هذه في جامعة الدول العربية والعديد من المؤسسات الدولية والإقليمية، الإسلامية والعربية، الآسيوية والإفريقية، وكذلك في أميركا اللاتينية وغيرها. وتابع “وقفت الجبهة الديمقراطية على الدوام ضد أي تشكيلات أو تحالفات تقدم نفسها بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، حتى في أحلك الظروف وأكثرها صعوبة. نمارس دورنا كمعارضة سياسية نضالية ضد التزام منظمة التحرير بـ”اتفاق أوسلو” وضد سياسات التفرد والاستفراد، ولصالح إصلاح النظام السياسي الفلسطيني ديمقراطياً، وإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، والتوافق على الاستراتيجية الكفاحية لخلاص شعبنا والظفر بحقوقه الوطنية المشروعة”. وأكد السياسي الفلسطيني معارضة الجبهة للسياسات الخاطئة داخل منظمة التحرير الفلسطينية في مؤسساتها المختلفة، من المجلس الوطني إلى المركزي إلى اللجنة التنفيذية إلى النقابات وباقي المؤسسات، وأضاف “نعارض في الشارع، مع باقي القوى والأطراف السياسية التي نلتقي معها”. وتابع تحركاتنا “لا تدعو إلى سياسة المحاور، والتحالفات ذات الطابع الإنقسامي. تمارس الجبهة سياسة وطنية شديدة المرونة، وشديدة الواقعية، ومدروسة بدقة، في ظل حرصها على التمسك بأمرين: الأول اعتبار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد، والثاني اعتبار برنامجنا الوطني هو البرنامج النضالي لكل شعبنا.” سلاح الفصائل الفلسطينية في لبنان فيما يتعلق بالسلاح الفلسطيني وسائر القضايا المتعلقة بالأوضاع الفلسطينية في المخيمات، أكد أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لـ”مرآة الجزيرة” أن الجبهة تنطلق في مقاربتها للملف بالاستناد إلى حرصها الشديد على إقامة أفضل العلاقات مع الشعب اللبناني والمرجعيات الرسمية اللبنانية على قاعدة احترام سيادة الدولة والالتزام بقوانينها وتطبيع وضع المخيمات مع محيطها”. أما فيما يتعلّق بالسلاح، وفقا لسليمان، “إن ما هو قائم لا يتعدى كونه سلاحاً بوظائف شرطية بيد تشكيلات تضطلع بمهام تضمن الأمن الداخلي في المخيمات، لذلك نحن منفتحون على أي حل أو صيغة تتحرك تحت مظلة المرجعيات الرسمية في لبنان، آخذاً في الاعتبار أن القضية الرئيسية التي تواجهنا تتمثل في حالة المخيمات انطلاقًا من حاجتها إلى مشروع اجتماعي تنموي يخرجها من تخلّف وسائل التعليم، والخدمات الصحية والاستشفائية والبيئية، وإصلاح البيوت المهددة بالانهيار، وترميم الأزقة والشوارع، وإلغاء إجراءات التضييق على الحقوق الاجتماعية، بما في ذلك إلغاء القوانين التي تمنع على الفلسطيني مزاولة أكثر من 70 حرفة ومهنة، وامتلاك شقة للسكن.”
وختم حديثه لـ”مرآة الجزيرة” بالقول “باختصار، إن الشعب الفلسطيني في لبنان بحاجة إلى تشريع الحقوق المدنية التي تسمح له بالعيش الكريم، وما يسمح أيضاً بمواصلة نضاله من أجل حق العودة إلى الديار والممتلكات، ومواصلة دعمه لنضال شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على طريق الظفر بحقوقه الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة بعاصمتها القدس”.
مع الأمين | أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فهد سليمان لـ”مرآة الجزيرة”:
#فهد_سليمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى ال 56 لتأسيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كلمة
...
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
-
في ذكرى الرحيل..
-
الياس خوري.. اللبناني، الذي اختار فلسطين قضية
-
على خلفية إستراتيجية «التطبيع» ، المقاومة في مواجهة «حرب الإ
...
-
على خلفية إستراتيجية «التطبيع» المقاومة في مواجهة «حرب الإست
...
-
فهد سليمان : نخوض حرب إستنزاف، ستشكل نتائجها عنصراً رئيسياً
...
-
فهد سليمان: نخوض حرب إستنزاف، ستشكل نتائجها عنصراً رئيسياً ف
...
-
تمر قضيتنا بمرحلة مشارفة آفاق الحرية والإستقلال
-
طلال أبو ظريفة: لسنا هوية تبحث عن مكان، بل مناضلون من أجل حر
...
-
ثلاثة شروط لصمودنا ونجاحنا في كسر العدوان: المقاومة والوحدة
...
-
اجتياح رفح لن يغيّر من حقيقة الميدان، إلا بزيادة أعداد الشهد
...
-
فهد سليمان: سننتصر على العدوان في غزة، ومستقبل القطاع أمر وط
...
-
نحن في حالة حرب مع الاحتلال ما زالت تداعياتها الكبرى تتوالى
...
-
في الحرب والسياسة فلسطين والإقليم بعد «طوفان الأقصى» - حرب ت
...
-
فهد سليمان: حرب «طوفان الأقصى» (7/10/2023) هي الحرب الإقليمي
...
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
-
فهد سليمان يقدم رؤية الجبهة الديمقراطية لوقف إطلاق النار وضم
...
-
إنه «الضم» .. يا ذكي !
-
القضية الفلسطينية في إطار التطورات الإقليمية تقف على عتبة مر
...
المزيد.....
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض 3 مسيرات انطلقت من اليمن ورابعة
...
-
شواطئ مغلقة وبحر جائع: لماذا يبتلع بحر الإسكندرية ضيوفه كل ص
...
-
ما الأهداف الاستراتيجية من وراء عملية إسرائيل العسكرية بمدين
...
-
إسرائيليون يخشون أن يعرض الهجوم على مدينة غزة الرهائن للخطر
...
-
ماكرون أمام تحدي إيجاد رئيس جديد للوزراء قبل يوم واحد من سقو
...
-
المصور الصحافي الإيرلندي إيفور بريكيت يفوز بجائزة -فيزا دور
...
-
خبير إسرائيلي: تعزيز احتلال الضفة يجري عمليا بدون إعلان رسمي
...
-
فرنسا على مفترق.. إغلاق كامل وحكومة مهددة بالسقوط
-
البرش: لن نغادر مستشفيات مدينة غزة ونترك المرضى
-
مظاهرة في العاصمة البريطانية لندن للمطالبة بوقف فوري للحرب ع
...
المزيد.....
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
/ سعيد مضيه
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
/ سعيد مضيه
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2].
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
/ سعيد مضيه
-
رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
/ سعيد مضيه
-
تمزيق الأقنعة التنكرية -3
/ سعيد مضيه
-
لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
/ سعيد مضيه
-
ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|