أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خليل إبراهيم كاظم الحمداني - تذكرة إلى جنيف: حين تنتصر الدبلوماسية وتبكي العدالة في بغداد. العراق عضوا في مجلس حقوقةالانسان














المزيد.....

تذكرة إلى جنيف: حين تنتصر الدبلوماسية وتبكي العدالة في بغداد. العراق عضوا في مجلس حقوقةالانسان


خليل إبراهيم كاظم الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 18:14
المحور: حقوق الانسان
    


مقدمة: مفارقة دبلوماسية في زمن الانتهاكات
مرة أخرى، يطرق العراق أبواب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، معلناً ترشحه لعضوية المجلس للفترة 2026-2028. يأتي هذا الترشيح، الذي تقدمه بغداد بفخر دبلوماسي، ليكون الثاني في تاريخها بعد عضويتها الأولى بين عامي 2017 و2019. للوهلة الأولى، قد يبدو الأمر نجاحاً للسياسة الخارجية العراقية، لكن نظرة أعمق تكشف عن مفارقة صارخة ومقلقة؛ ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتلميع صورتها على المسرح الدولي، يعيش الداخل العراقي واقعاً حقوقياً قاتماً، يتسم بالإفلات من العقاب وقمع الحريات وتغييب متعمد لمؤسسات العدالة.
"انتخابات" صورية: نجاح بلا استحقاق
يأتي ترشح العراق ضمن مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ، حيث تتنافس أربع دول هي العراق والهند وباكستان وفيتنام على أربعة مقاعد متاحة. هذا الترتيب، المعروف بـ"القائمة المغلقة" (Clean Slate)، يعني فعلياً أن "الانتخابات" شكلية والنتيجة محسومة سلفاً، فكل مرشح ضامن للفوز ، هنا يكمن أول أوجه السجال: كيف يمكن لدولة أن تحصل على عضوية في أرفع هيئة أممية معنية بحقوق الإنسان دون منافسة حقيقية أو تدقيق في سجلها؟ إن هذا "النجاح" الدبلوماسي، المبني على التوافقات الإقليمية، يفرغ عملية الانتخاب من مضمونها ويطرح أسئلة جدية حول مصداقية المجلس نفسه، الذي يفترض أن يضم في عضويته الدول الأكثر التزاماً بمعايير حقوق الإنسان.
سجل حافل بالوعود المنكوثة والفشل الحقوقي
إن المفارقة تزداد حدة عند استعراض السجل الحقوقي للعراق، خاصة في السنوات التي تلت عضويته الأولى. فقد خسر العراق مقعده في انتخابات عام 2019 بالتزامن مع القمع الوحشي لانتفاضة تشرين، حيث واجهت القوات الأمنية والميليشيات المسلحة المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف وبعد مرور خمس سنوات، لا تزال العدالة غائبة تماماً.
• إفلات تام من العقاب: على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة وتشكيل لجان تحقيق، لم تتم محاسبة أي مسؤول رفيع المستوى أو قائد أمني عن الجرائم المرتكبة ضد المحتجين لقد تحول الإفلات من العقاب إلى سياسة ممنهجة تحمي الجناة وتخذل الضحايا وعائلاتهم.
• تقويض حرية التعبير: يشهد الفضاء المدني في العراق تضييقاً متزايداً. فالسلطات تستخدم قوانين فضفاضة مثل "التشهير" و"المساس بالنظام العام" لملاحقة الصحفيين والناشطين ومنتقدي الأداء الحكومي. كما تسعى لتمرير مشاريع قوانين جديدة، مثل قانون "حرية التعبير" وقانون "الجرائم الإلكترونية"، والتي حذرت منظمات دولية من أنها ستفرض قيوداً صارمة على الحريات الأساسية وتشرعن القمع
• تغييب مؤسسات الرقابة: في خطوة تكشف عن نية مبيتة لتقويض الرقابة الحقوقية، تعيش المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق حالة شلل تام منذ انتهاء ولاية مجلس مفوضيها في عام 2021. وقد أدت الخلافات السياسية والمحاصصة إلى إبقاء هذه المؤسسة الدستورية الحيوية معطلة، مما أفقد العراق هيئة وطنية مستقلة لمراقبة الانتهاكات، وأدى إلى تخفيض تصنيفها الدولي.
توقيت مريب: ورقة انتخابية أم التزام حقيقي؟
لا يمكن فصل هذا الترشيح عن السياق السياسي الداخلي، حيث من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في نوفمبر 2025 يبدو أن الحكومة الحالية تسعى لاستخدام عضوية مجلس حقوق الإنسان كورقة انتخابية، لتقدم نفسها للناخب العراقي بصورة الدولة المقبولة دولياً والتي تحظى باحترام المجتمع الدولي. إنه استعراض دبلوماسي يهدف إلى التغطية على الإخفاقات الداخلية العميقة في ملفات الاقتصاد والخدمات والعدالة. فبدلاً من مواجهة التحديات الحقوقية الجسيمة وتحقيق العدالة لمواطنيها، تختار الحكومة الهروب إلى الأمام، باحثة عن شرعية خارجية قد لا تعكس الواقع المرير الذي يعيشه العراقيون.
خاتمة: عضوية تجرح مصداقية المجلس
إن عودة العراق المحتملة إلى مجلس حقوق الإنسان عبر بوابة "انتخابات" غير تنافسية تمثل انتكاسة لمبادئ المجلس ذاتها. فكيف يمكن لدولة لم تحاسب قتلة أبنائها، وتعمل على تكميم أفواه منتقديها، وتعطل مؤسساتها الرقابية، أن تساهم في تعزيز حقوق الإنسان في العالم؟ إن هذا الترشيح ليس سوى محاولة لتوظيف الدبلوماسية كغطاء للفشل الحقوقي، وهو ما يضع على عاتق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مسؤولية مساءلة المرشحين عن سجلاتهم، والتأكد من أن عضوية المجلس لا تمنح كمكافأة سياسية، بل هي تكليف لمن يثبت جدارته قولاً وفعلاً في حماية كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.



#خليل_إبراهيم_كاظم_الحمداني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق الطفل في العراق: بين النصوص المعلَّقة والواقع الموجِع… ...
- عندما يحتج السفّاح على صوت الضحية- الانسحاب من عضوية مجلس حق ...
- عائلتي تربح-: عندما يصبح تسطيح العقول مرآة بائسة للشاشة العر ...
- سقوط نظام صدام وتدوير ثقافته ‏ جمهورية التعذيب: العراق وثغرا ...
- الحماية الاقتصادية والقيم السائلة قراءة في أثر سياسات ترامب ...
- العدالة في مواجهة السياسة: تداعيات الانسحاب المجري المحتمل م ...
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ...
- حقوق الإنسان كنتاج تاريخي دور الدولة القومية في صياغة مفاهيم ...
- -الجلادون الجدد: كيف يصنع اللااكتراث مجتمعاتٍ مريضة؟-
- الخوف من الحرية: بين التاريخ والفلسفة وعلم النفس والأدب
- التنافر المعرفي وتبرير انتهاكات حقوق الإنسان: صراع القيم وبر ...
- الانحيازات المعرفية وتأثيرها على القبول المجتمعي لانتهاكات ح ...
- الخيانة المقننة: كيف تستخدم الحكومات قوانين العمالة للأجنبي ...
- تعيين مستشار للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق : أزمة ...
- السيداو و التوصية 40: هل تجرؤ الحكومات على إعادة تشكيل -خرائ ...
- العراق في مواجهة التقييم الدولي توصيات الاستعراض الدوري الشا ...
- عشقٌ مشروط، ووداعٌ محسوب: أمريكا ومجلس حقوق الإنسان
- العراق في الاستعراض الدوري الشامل تحت الأضواء مجددًا.. اختبا ...
- -أن تكون مثقفًا في بلاد تحاول أن لا تموت على مهل-
- -الكرامة الغاضبة: كيف يولد الغضب الثورات ويعيد تشكيل العالم- ...


المزيد.....




- الحوثيون: ألقينا القبض على موظفين بالأمم المتحدة للاشتباه في ...
- غوغل توقع عقداً مع مكتب نتنياهو لتضخيم الدعاية ونفي المجاعة ...
- بـ45 مليون دولار.. غوغل توقع عقداً لدعم حملة نتنياهو الدعائي ...
- -الدعم السريع- تقصف المستشفى السعودي والنازحين بالفاشر غربي ...
- البرلمان اليوناني يقر قانونا جدليا يعيد -قسريا- المهاجرين غي ...
- الأمم المتحدة تعلن المجاعة في غزة... مبادرات أهلية ودولية تق ...
- رابطة حقوق الإنسان بتونس: قتل الذيبي من قبل الشرطة الفرنسية ...
- غزة: الحصيلة الإجمالية للشهداء تصل إلى 64,231.. 84 شهيداً في ...
- اعتقال فرنسي يعكس توترات متصاعدة بين بوركينا فاسو وفرنسا
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تدعو لتظاهرات للضغط من أجل صفقة ت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خليل إبراهيم كاظم الحمداني - تذكرة إلى جنيف: حين تنتصر الدبلوماسية وتبكي العدالة في بغداد. العراق عضوا في مجلس حقوقةالانسان