أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خالد الفيشاوي - انتفاضة يناير 1977 ... ذروة ازدهار اليسار















المزيد.....

انتفاضة يناير 1977 ... ذروة ازدهار اليسار


خالد الفيشاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1821 - 2007 / 2 / 9 - 12:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في اعقاب 18 و19 يناير 1977... امتلأت السجون بمناضلي اليسار.. وفي اكتوبر 1981، بعد اقل من خمس سنوات فقط، وفي اعقاب اغتيال "السادات"، اكتظت السجون بالجماعات الاسلامية، لتعكس التحول السياسي الضخم الذي شهده المجتمع السياسي.

في اقل من خمس سنوات، تحول المزاج العام في انعطافة حادة نحو اليمين.

كانت انتفاضة يناير 1977، ذروة التقاء الشارع مع كافة فصائل اليسار الماركسي، ذروة حركة انفجرت في مصر في اعقاب هزيمة 1967، تلك الهزيمة العسكرية التي انطلقت في اعقابها تمردات للعمال والطلبة، لأول مرة منذ اواسط الخمسينات، لتتحدى حالة الاستبداد وسطوة الدولة الناصرية، التي استمرت وقتها لاكثر من عشر سنوات متصلة. اعلنت هذه التمردات عن بداية لسنوات عشرة اخرى، عقد من الزمان، قاد فيها اليسار المصري (منفردا تقريبا) حركات العمال والطلبة، التي فضحت ادعاءات النظام بالاشتراكية، وبالقدرة على التصدي للمطامع الامبريالية والصهيونية في البلاد وفي المنطقة. كما واجهت هذه الحركات ايضا تسلط النظام الحاكم وانفراده المطلق بالحياة السياسية.

حقبة سيادة اليسار

امتدت حقبة نهوض الحركة الوطنية الديموقراطية واليسار المصري من عام 1968 حتى 1977، متزامنة عالميا مع نهوض حركات اليسار على النطاق العالمي، المعروفة بحركة 1968، التي اجتاحت غرب اوروبا وشرقها، وتزامنت ايضا مع الثورة الفيتنامية، والثورة الثقافية الصينية، وواكبت ايضا على المستوى الاقليمي نهوض حركة التحرير الفلسطينية وانتصارات اليسار في لبنان والسودان والمغرب والعديد من بلاد المنطقة.

وبدا العالم آنذاك يفتح ذراعيه لليسار. لذلك لم يكن غريبا على اليسار المصري، الذي اعاد خلق منظماته، بعد ان فرض عليه النظام الناصري حلها عام 1964.

انضمت الى صفوف اليسار منظمات يسارية جديدة ومتنوعة تعكس التيارات الماركسية المستحدثة والمزاج الثوري العام للستينات. لذلك لم يكن غريبا ان ينفرد اليسار المصري بقيادة تمردات العمال والطلبة.

لم تكن تعددية المنظمات اليسارية آنذاك تعيق حركته او تفاعله مع حركة الطبقات والفئات المتمردة، بل كانت شكلا من اشكال التنوع الخلاق والحيوي، ويعكس حيوية النهوض الشعبي، والمزاج الثوري للعمال والطلبة.

لكل ذلك، كان من الطبيعي ان يكون اليسار المصري ضيفا دائما على السجون المصرية في تلك الفترة، وان يكون القوة السياسية الوحيدة المتفاعلة مع تمردات العمال والطلبة آنذاك. حتى عندما قامت جماعة اسلامية في اوائل السبعينات بمحاولة انقلابية من داخل الكلية الفنية العسكرية، لم تجد تجاوبا او تعاطفا من الرأي العام.

الغرق في آبار النفط

لم يكن انحسار الزخم الثوري للعمال والطلبة في اواخر السبعينات نتيجة القمع وحده، ولا لتردي اوضاع معظم المنظمات اليسارية التي انتهى امر العديد منها الى التحلل والاختفاء.

كانت هناك العديد من الظروف الدولية والاقليمية والمحلية جرفت معها اليسار المصري، كما جرفت العديد من المنظمات والحركات اليسارية على المستويين الدولي والاقليمي.

في السبعينات، غرقت المنطقة في النفط وعوائده، واصبح الحل الفردي بالحصول على عقد عمل في بلدان النفط سبيلا اكثر يسرا من النضال الطبقي الجماعي لتحسين شروط حياة العمال او توفير مستقبل آمن ومستقر للطبقة الوسطى.

مع النفط، استوردت العمالة المهاجرة عادات وثقافات مجتمعات تعيش على ما تجود به الطبيعة والاقدار من ثروة. ولا يطمح سكان تلك البلاد الى تنمية او تمثل قيم العصر. كان هذا المناخ، المرعى الملائم لازدهار اليمين الاسلامي الذي لقى الدعم الكامل على المستويين المحلي والدولي.

محليا، رأى النظام الحاكم (وغيره من الانظمة العربية والاقليمية) في اليمين الاسلامي اداة لمواجهة قوى اليسار والمزاج الثوري السائد في اوساط العمال والطلبة، والفقراء عموما. كما رأى فيه الغرب سلاحا اساسيا لمواجهة المد الشيوعي والنفوذ السوفييتي.

تحالف امراء النفط مع الغرب، متفانين في دعم تيارات الاسلام السياسي. وبحلول الثمانينات، ومع الاحتلال السوفيتي لافغانستان، تولى كلاهما تدريب وتمويل وتجييش "المجاهدين"، لتحرير افغانستان!

وفي هذا المناخ التواكلي، اليميني، في مصر والمنطقة، تصاعدت الضربات الامنية لاستنزاف اليسار وتصفية منظماته، بعد ان تقلص المزاج الثوري للعمال والطلبة، وسعي الناس فرادى للعمل في بلاد النفط.

بعيدا عن جلد الذات

لم يفسد للود قضية بين النظام والجماعات الاسلامية وقطاعات واسعة من التيار الناصري، الا بعد زيارة السادات للقدس وتوقيعه اتفاقا للسلام مع اسرائيل.

من ناحية اخرى، وعلى المستوى الدولي، فقد الاتحاد السوفيتي لبريقه، ولم يعد يلهب خيال او يستقطب طموحات وآمال الشعوب في العالم، خاصة وان الاتحاد السوفيتي لم يختلف نوعيا بقدر كبير عن نموذج رأسمالية الدولة الاستبدادية في معظم البلدان التي حصلت على استقلالها رسميا في اعقاب الحرب العالمية الثانية. وفي اواخر السبعينات ايضا بدأت بوادر اللهاث الصيني نحو ما يسمونه "السوق الاشتراكي".

تكالبت كل هذه الظروف، وغيرها من الظروف الاخرى الغير مواتية لتقضي على حركة المد الثوري والميل نحو الاشتراكية الذي ميز الفترة من 1968 حتى 1977، ازهى فترات نهوض اليسار والحركة الواسعة للعمال والطلبة في مصر. ويمكننا القول بنفس الشيء ايضا على المستوى الاقليمي.

تراجع نفوذ اليسار في مصر، كما همدت التحركات الواسعة للعمال والطلبة، بينما طغت تحركات اليمين الديني، ولم تستقطب حركاته فقط قطاعات واسعة من العمال والطلبة، بل ايضا استقطبت العديد من رموز يسار 68/1977.

وفي الاثناء، حاولت السلطات الامنية والسياسية الحاكمة، ولا زالت تسعى جهدها لاستعادة كامل سطوتها المطلقة، والانقضاض على هوامش الحريات التي حققتها نضالات السبعينات.

ما تبقى لنا من الانتفاضة

رغم انهماك قادة المنظمات اليسارية المترهلة والمنحلة في السعي لاحياء ما كان، او الغرق في جلد الذات، الا ان ثمار نضال منظمات اليسار والعمال والطلبة في حقبة 1968 – 1977 لم تضع هباء. صحيح ان الاحلام كانت كبيرة، والآمال صورت لنا ان الاشتراكية "قريبة المنال". صحيح ايضا ان نضالات هذه المرحلة لم تخلف لنا مؤسسات جماهيرية ديموقراطية واسعة للعمال والطلبة وباقي الفئات، ولكنها حققت انجازا كبيرا بمعايير زمانها..

كسرت هذه النضالات حواجز الخوف التي شيدها نظام يوليو، واتاحت هوامش واسعة للتحرك، واعطت لمعارضة النظام الحاكم مشروعيتها، وجعلت مصر حالة مختلفة عن بعض البلدان المجاورة التي تحكمها انظمة حكم شيدت على الطريقة الناصرية، ولا زالت تحكمها سلطات استبدادية، ولا تعرف أي هوامش تتيح الحق في المعارضة او الاجتماع او الكلام بحرية والنقد.

باختصار، هذه الحقبة، كسر فيها اليسار وتمردات العمال والطلبة سطوة نظام يوليو واستبداد دولته المطلق، وفرض هوامش من الحريات، لا تزال مصر تعيش عليها، رغم انها لم تكن يوما كافية او مرضية، لانها لم تقض بشكل ملموس على الاستبداد.

مؤشرات جديدة

منذ 1977 وحتى الان، تغيرت امور كثيرة...

اخذت هذه التغيرات منا رفاقا كثيرين اخلصوا لاحلام ضخمة... لكن الزحف اليميني واستمرار اشكال الاستبداد المتعددة والمتحورة قلصت كثيرا من المكتسبات المحدودة التي تحققت في حقبة 68/1977. ويبدو اننا سنشهد مزيدا من التقلص والانحسار في ظل تراجع الحقوق الديموقراطية واستشراء المد اليميني في العالم برمته.

وإن كنا في هذه المناسبة لا ننسى ان حقوق النشاط السياسي للاحزاب والجماعات والمنظمات غير الحكومية الراهنة، رغم محدوديتها، مدينة بوجودها لنضالات اليسار والعمال والطلبة في تلك الفترة.. فإننا ايضا لا ننسى من فقدناهم من قاتها ورموزها ومنهم: احمد عبد الله رزة، وتيمور الملواني، واسامة خليل واحمد الشاذلي وعشرات ممن رحلوا عنا مبكرا.. وكأنهم اختاروا الرحيل بدلا من العيش في مناخ مغاير لاحلامهم.

في النهاية...

اذا كان نهوض 68/1977 تزامن وتفاعل مع المزاج الثوري على المستويين الدولي والاقليمي، وينطبق ذلك ايضا على الانحسار الذي يشهده نفوذ اليسار المصري في العقدين الاخيرين من القرن الماضي، والذي شهد ايضا انحسار لنفوذ اليسار على المستويين الدولي والاقليمي... فلعل النهوض الراهن لليسار على النطاق العالمي يوفر ظرفا مواتيا لو احسن اليسار المصري والاقليمي التفاعل معه لمواجهة المناخ اليميني الاسلاموي والقومجي السائد حاليا في مصر والمنطقة..



#خالد_الفيشاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع حول المستعمرات الجديدة فى العالم أوربا تدخل حلبة المناف ...
- استقالة دونالد رامسفيلد: نهاية مجرم حرب
- بعد تزوير الانتخابات فى المكسيك: اليسار يعلن تشكيل -حكومة ظل ...
- العروش الصديقة لواشنطن تهتز..
- تقرير عن أمريكا اللاتينية
- حوار مع تريفور نجوين - جنوب افريقيا والنضال ضد الخصخصة
- المؤتمر العام لليسار المصري
- مالي والمنتدى الاجتماعي العالمي
- مالي : تختتم قمة حكومات أفريقيا – فرنسا وتستعد لاستقبال المن ...
- المظاهرات تحاصر اجتماعات منظمة التجارة العالمية في هونج كونج
- الانتخابات البرلمانية في مصر مفارقات انتخابات مجلس البلطجية
- أوروبا والفاشية في الشرق الأوسط
- الرهان المزدوج على الرضا الأمريكي
- بيان حركة تحرير الحيوان
- تقرير معهد واشنطن - ماذا بعد الانسحاب السوري من لبنان ؟
- ترشيح - وولفوتيز- رئيسا للبنك الدولي التحول الأمريكي من الحر ...
- ادارة بوش تقيم شبكة معتقلات في المنطقة العربية والإسلامية
- حتى الكوارث لم تعد طبيعية الطوفان الآسيوي .. حدث عارض.. أم ب ...
- مأزق الديموقراطية في المجتمعات العربية
- مبدأ بوش - حوار بين نعوم تشومسكي وجيريمي باكسمان


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خالد الفيشاوي - انتفاضة يناير 1977 ... ذروة ازدهار اليسار