أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - تحَـولات الطقس الجنائزي !!














المزيد.....

تحَـولات الطقس الجنائزي !!


نجيب طلال

الحوار المتمدن-العدد: 8440 - 2025 / 8 / 20 - 02:50
المحور: الادب والفن
    


نــجـيب طــلال

مبدئيا هاته المقالة/ الوثيقة: ستفيد أهل علم الاجتماع ، وأهل الفن والإبداع ، من زاوية تناول لقطات الجنازة والذهاب بها لمثواها الأخير[المقبرة] وخاصة السينمائيين، الذين يكثرون في أفلامهم من هذا النمط الجنائزي، لأن المشاهد لم تعد هي المشاهد والمفاهيم لم تعُـد هي المفاهيم ! وذلك بعد اجتياح وباء "كورنا " الذي خلف ما خلف من مآسي وتدمير للاقتصاد المحلي والوطني وتشتيت الأسر؛ جراء وفيات وقتـل وطلاق وبطالة وهروب من بيت الزوجية ، نتيجة اهتزازأو انعدام الدخل الفردي؟ وهذا تحول رهيب وقع في أغلب المجتمعات، وامتد حتى للطقوس والعادات المتوارثة. والتي أساسا تحدد هوية مجتمعات المواطنة. وأخص هنا ظاهرة "الموت" وتشكل طقوسها الجنائزية، بحكم أن الطقوس المتعلقة بالموت تؤدي وظيفة أساسية في المجتمع وفي ثقافته وخاصة الثقافة الدينية. باعتبارها نسقا او نظاما ثقافيا قائم الذات في روح الجماعة ونظرتها للكون. لأن الموت نهاية وجود للكائن، ليلتقي بأعماله ومواجهة العالم الآخر تلك الحياة الاْبدية. حيث انوجاد السراط والرب والعقاب...
سأركز هاهنا على طقس حمل الميت لمتواه الأخير [ القبر] وذلك إثر حضوري لعِـدة جنائز، آخـرها جنازة أخي الأوسط، في غضون هـذا الشهر ( الحار) في فضاء شعبي، وتحديدا منطقة ( فاس الجديد) مدينة ومعقل الدولة المرينية .حيث كان موطن ولادتي وشبابي. إذ قبل (مصيبة كوفيد19) كان إخراج الميت من المنزل، ووضعه على "المحمَـل" يعقبه بكاء ونواح وآهات النسوة والأطفال، حسب درجة القرابة من الراحل" رحم الله الجميع" وفي بعض الحالات يختلط النواح والبكاء بالزغاريد إن كان الميت [ أعـزبا أو شهيدا ]هنا طبعا في منطقتي، لأن مسألة إخراج الميت والتوجه به إلى أقـرب مسجد "مخصص" لاستقبال الجنازة ، في منطقتنا "جامع البيضاء" مرتبط بالمعتقدات المتعلقة بالموت والعائد الى التنوع الثقافي بين المناطق والجهات.
إذ بعْـد إخراج الميت من منزله، تضع إحدى السيدات طبقا واسعا فيه طحين ، قرب الباب كرمز لإبقاء البركة رغم رحيل الميت ( ذكرا/ أنثى) وفي نفس الوقت يضع المعزون أيديهن على الطحين قبل دخولهن لمنزل الميت، إما إيقافا للعين الشريرة أو إشارة للتسليم والسلام الطيب، هذا لم يبق بعد اجتياح( كورونا) وبعـد صلاة الجنازة[ جنازة رجل] ينقسم الموكب الجنائزي لفريقين( أمام/ خلف) ووسطا الميت، وهُـم مشاة نحو المقبرة القريبة بأميال عن المنطقة، فكلما مر الموكب، إلا وينخرط أحد المارة فيه تلقائيا ،إما مؤازرة أولأنه من الساكنة أو صديق أحد أصدقاء " الميت" مما يتوسع الموكب ويتقرب الناس بعضهم بعضاً ، لتزداد حارة التفاعل بشكل غرائبي، تفاعل خاشع يفرض لغة الله السائدة في المشهد، مما يقف المارة احتراما للجنازة وخشوعا لها واستدراكا أنهم يوما ما سيكونون فوق المحمل ( هذا) مشهد شعبي مثير للغاية ، والذي يزيده غرابة وتأثيرا جنائزيا، فحتى لو كنت ( جلادا/ سفاحا ) ستنهار أمام ارتفاع اسم الجلالة بلسان واحـد. لسان واحد يردد سنفونية ابتهالية بصوت جهوري وبالتناوب بين جموع المنوجدة في ( الأمام/ خلف) والحاملين للمحمل يبقوا صامتين


* سبحان الله... .والحمده لله،
* ولا حـول ولا قوة إلا بالله ،
* من أما علم وزنة عليم.
وهكذا في خشوع إلى باب المقبرة، هنا يتغيرالذكروالقول الديني، إلى قول أكثر قوة وجللا، إشارة للاقتراب من مكان الدفن، مفاده:
*البشير النذير و السراج المنير...سيدنا محمد صلى الله عليه *
هاته اللازمة يرددها الجميع، بدون استثناء، وحينما يتم الإقتراب من القبر خطوات، يتغير الإيقاع والقـول الديني إلى ما يلي:
* مولانا نسعوا رضاك على بابك واقفين ...لمن يرحمنا سواك... يا أرحم الراحمين *
طبعا في لحظة وضع الجثمان في قبره. نلاحظ سويا، بأن الأغلب يتعاضد ويقدم يد العون من أجل أن تتوارى الجثة التراب بعناية وفي مأمن من المفاجآت، إشعارا بروحها الطاهرة أنها انتقلت الى خالقها بسلام ، فيتدخل أكبر مسن في الموكب بدعاء رهيب، يبدأ بصرخة مدوية هكذا:
*نحن في حماك يا محمد...نحن في حماك يا رسول الله*
والعجيب في لحظة الدعاء للميت في قبره: تفوح روائح الطيب من العود الخالص يعبق المكان ، بواسطة آلـة ( المِبْـخرة) مرفقا بماء الزهر الذي يتطاير على الأكتاف والملابس ، وشخصين توزعان الخبز وشرائح التين أو التمر على كل الحاضرين
كل هذا الطقس الجنائزي لم يعد له أثر، إذ الموكب الجنائزي من المسجد إلى القبر، أمسى يمر بصمت مدهش؟ يا إلاهي: تغير وتغيير شبه جذري، ومثير للحيرة والتساؤل؟ بصدق صمت لم أعايشه في جنائز مـا قبل اجتياح لعنة ( كوفيد).
فما مرد هذا التحول هل حقيقة وباء كورونا هو السبب المباشر لهذا التحول ؟ أو بفعل التغير الثقافي للمجتمع، أو نتيجة للعوامل الاقتصادية والاجتماعية هي التي لعبت الدور الأساس في تغيير هذه العادات والطقوس لدى منطقتنا؟ ناهينا عن المدار الذي يسمى" حضاري" فالسيارات لم تعد تحترم الموكب الجنائزي، رواد المقاهي وغيرهم، لا يقفون إجلالا للميت. أما الصمت يبدأ من باب المقبرة، بعد إنزال الميت من سيارة الإسعاف، ولا وجود لطبق الطحين في الباب، لآن الميت له شقة في ( عمارة) مشاهد بين الأمس القريب والآن ( هي) بالتأكيد مفارقة؟ هنا فالموضوع ليس نوستالجيا، لأن الوفاة ليست نوستالجية. بل هي الوجه الآخر للحياة.



#نجيب_طلال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هــوية المــسرح الحـساني
- اخــتلالات المسرح في المغـرب !!
- نوستالجيا في نوستالجيا... !!
- بلخيري: بين النقد والدراماتورجيا
- استباحة مسرحنا
- سوق المداويخ- نص - بين الرمز والترميز
- بلاغات من أوراق كلينكس !!
- وتلك الأيام !!!
- المقاهي والجريدة !!
- ناسور ممثلا
- التلقي بين الجمالية والإشكالية
- أي مهـــرجـان مسرحي هـذا ؟؟
- المسرحي السليماني عاشق متفرد
- مهرجان الفوضى الخلاقة ؟
- هي فوضى مهرجانيــة ؟؟
- المسرحي الخطيب :جمرة العشق
- سيـــاق مسرح الجـيب
- شطحات ليلية مؤرقة
- الفعل المسرحي والعطب الفكري !!
- رحل المسرحي الداسوكين ، وماذا بعد؟


المزيد.....




- قصر الكيلاني يتحول إلى مركز عالمي للخط العربي والفنون الإسلا ...
- مطالب بوقف عرض -سفاح التجمع-.. والمخرج: لا نوثق الجرائم الحق ...
- الاكتئاب.. مرض خطير جعلته بعض الأفلام حلما للمراهقات
- اُستبعدت مرشحة لبطولته بسبب غزة.. كريستوفر لاندون يتحدث عن ر ...
- معلمو اليمن بين قسوة الفقر ووجع الإهمال المزمن
- باب الفرج في دمشق.. نافذة المدينة على الرجاء ومعلم ناطق بهند ...
- ربما ما تتوقعونه ليس من بينها.. كوينتن تارانتينو يكشف عن -أف ...
- كلية الفنون الجميلة في دمشق تمنع الموديل العاري.. فهل سيؤثر ...
- رحيل الفنانة السورية إيمان الغوري.. وداعًا -خيرو-
- مراسم وداع في كييف لفنان أوكراني قُتل على الجبهة في زابوريجي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - تحَـولات الطقس الجنائزي !!