أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قيس كاظم - وفاة الطبيبة بان زياد طارق: انتحار أم جريمة؟














المزيد.....

وفاة الطبيبة بان زياد طارق: انتحار أم جريمة؟


محمد قيس كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 02:46
المحور: حقوق الانسان
    


في الرابع من آب/أغسطس 2025، استيقظت مدينة البصرة على خبر صادم: العثور على جثة الطبيبة النفسية بان زياد طارق داخل منزلها في ظروف غامضة. بان، التي لم تكن مجرد طبيبة شابة ناجحة، بل شخصية معروفة بين زملائها ومرضاها، تحولت في ساعات قليلة إلى حديث الشارع العراقي، بعد أن تضاربت الروايات حول وفاتها بين الانتحار والجريمة المدبرة.

منذ اللحظة الأولى، بدت القصة محاطة بالغموض. الصور والمعلومات الأولية التي تسربت تحدثت عن جروح قطعية عميقة في ساعديها، وكدمات في الوجه والرقبة، ودماء على ملابسها. هذه التفاصيل دفعت كثيرين إلى الاعتقاد بأن الطبيبة كانت ضحية اعتداء أو جريمة قتل داخل منزلها. سرعان ما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بوسوم تحمل اسمها، فيما خرج أطباء وزملاء لها يرفضون رواية الانتحار، مؤكدين أنها كانت متفائلة، نشطة، وتخطط لمستقبلها المهني.

لكن مسار التحقيقات أخذ منحى مختلفاً. رئيس الوزراء أوعز بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في القضية، ونُقل الملف إلى بغداد لمراجعته من قبل الطب العدلي والأدلة الجنائية. جرى توقيف أحد المشتبه بهم من أفراد العائلة لفترة قصيرة، الأمر الذي زاد التكهنات بوجود شبهة جنائية. وفي خضم ذلك، خرجت مظاهرات صغيرة في البصرة تطالب بتحقيق نزيه وشفاف، وسط دعوات من منظمات نسوية لإشراك خبراء مستقلين في القضية.

وبينما كان الرأي العام يترقب نتائج التحقيق، صدر بيان رسمي عن مجلس القضاء الأعلى في 18 آب/أغسطس 2025، أعلن فيه أن وفاة بان زياد طارق كانت نتيجة انتحار. البيان استند إلى عدة أدلة: وجود عبارة كتبت بدمها تقول "أريد الله"، تبيّن أنها بخط يدها، وعدم وجود آثار خنق أو اعتداء جنسي أو مواد سامة في جسدها. كما أوضح التقرير أن بعض الكدمات على جسدها تعود لأيام قبل الوفاة، بينما نتجت أخرى عن نقل الجثة بعد الوفاة.

رغم ذلك، لم ينهِ البيان الجدل. كثير من الأصوات اعتبرت أن القضية لم تحظَ بالتحقيق الكافي، وأن الإعلان الرسمي بالإغلاق كان متسرعاً. شبكة النساء العراقيات، على سبيل المثال، طالبت بإجراء تحقيق مستقل لضمان الشفافية، ورأت أن ظروف وفاة طبيبة شابة ناجحة لا يمكن أن تُختزل ببيان رسمي.

الإعلام الدولي بدوره زاد الغموض، حيث نشرت صحيفة "يورو تايمز" تقريراً يشير إلى أن الوفاة ربما كانت نتيجة "صدمة قلبية مفاجئة"، في تناقض مع الرواية الرسمية التي حسمت الأمر بوصفه انتحاراً. هذا التباين بين المصادر لم يسهم إلا في توسيع مساحة الشك، خصوصاً في بلد يعاني من أزمات ثقة متكررة بين الجمهور والمؤسسات الرسمية.

اليوم، بعد إغلاق الملف قضائياً، تبقى وفاة بان زياد طارق جرحاً مفتوحاً في الذاكرة العراقية الحديثة. بالنسبة للبعض، هي قصة انتحار مأساوي لطبيبة لم يحتمل قلبها ضغوط الحياة. أما بالنسبة لآخرين، فهي جريمة لم يكشف بعد عن خيوطها. لكن المؤكد أن القضية سلّطت الضوء على هشاشة الثقة بالعدالة، وعلى حساسية قضايا المرأة في مجتمع يعيش أزمات متشابكة من العنف، والفساد، وانعدام الشفافية.

وفاة بان زياد طارق لم تكن مجرد حادثة عابرة. لقد تحولت إلى قضية رأي عام، وأصبحت رمزاً لصراع العراقيين بين الروايات الرسمية وهاجس الشك الدائم. وحتى مع إغلاق الملف، ستظل الأسئلة قائمة: هل انتحرت بان زياد حقاً؟ أم أن الحقيقة ضاعت في زحمة السياسة والضغوط الاجتماعية؟



#محمد_قيس_كاظم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن التشكيلي في العراق: هوية ثقافية وإبداع متجدد
- جرف الصخر
- ويكيبيديا.. وفلسطين


المزيد.....




- شهداء بينهم أسرة كاملة في قصف على النازحين بغزة.. وحصيلة جدي ...
- الأمم المتحدة: 181 عاملا في الإغاثة الإنسانية قُتلوا بغزة في ...
- الأمم المتحدة: 181 عاملا في الإغاثة الإنسانية قُتلوا بغزة ف ...
- رئيس المحكمة العليا بإسرائيل: سجوننا أصبحت غوانتانامو
- رايتس ووتش تنتقد صفقة أسلحة أميركية لنيجيريا
- الحريديم يتظاهرون ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي
- الحريديم يتظاهرون ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي
- سوريا تعين إبراهيم علبي سفيرا جديدا لدى الأمم المتحدة
- تسريب عن مطالبة نتنياهو بجميع الأسرى وعائلاتهم تتهمه بالكذب ...
- الشرع يعيّن مندوبا جديدا لسوريا في الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد قيس كاظم - وفاة الطبيبة بان زياد طارق: انتحار أم جريمة؟