أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بحضاض محمد - الكيان الصهيوني... والموت السريري للديمقراطيات الليبرالية














المزيد.....

الكيان الصهيوني... والموت السريري للديمقراطيات الليبرالية


بحضاض محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 18:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ عقود والشعب الفلسطيني يواجه أعتى آلة استعمارية استيطانية عرفها العصر الحديث، آلة لا تكتفي باحتلال الأرض، بل تمارس حرب إبادة جماعية متواصلة، وتجويعًا ممنهجًا، وترحيلاً قسريًا يطال الأطفال والنساء والشيوخ، كل هذا يجري تحت أعين ما يُسمّى بـ"المجتمع الدولي"، بينما تُغدق عليه الأنظمة الغربية الأموال والسلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي..

لقد بلغ تغوّل الكيان الصهيوني حدًّا يجعل كل محاولات الغرب في تبرير صمته مجرد مهزلة أخلاقية، فكيف يمكن لهذه الديمقراطيات الليبرالية أن تدّعي الدفاع عن "حقوق الإنسان" بينما تعجز حتى عن تسمية الجرائم بأسمائها الحقيقية، وكيف لها أن تفرض عقوبات صارمة على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، بينما تحتضن الكيان الصهيوني الذي يرتكب جرائم حرب موثقة كل يوم، هذه ليست فقط ازدواجية معايير، بل انهيار كامل لمنظومة القيم التي طالما تشدّقوا بها..

الاتحاد الأوروبي الذي كان يروّج لنفسه كقوة سياسية ودبلوماسية قادرة على فرض مبادئ "التقدمية" و"الليبرالية" على العالم، صار اليوم كيانًا عاجزًا، فاقدًا لأي نفوذ حقيقي، تتجاهله القوى الصاعدة وتزدريه الأنظمة الاستعمارية الحليفة، لقد تحوّل من لاعب مؤثر إلى متفرج صامت، يكتفي بإصدار بيانات جوفاء، بينما تُسحق المبادئ التي ادّعى الدفاع عنها تحت أقدام المصالح الإمبريالية..

إن الديمقراطية الليبرالية الغربية ليست سوى قناع زائف يخفي وراءه سيطرة رأس المال والهيمنة الإمبريالية، حيث تُحوّل الانتخابات إلى مهزلة، تُخضع الشعوب للضغوط الاقتصادية، وتحول الحريات إلى مجرد خطاب إنشائي لا أثر له على أرض الواقع، هذه الديمقراطيات التي تزعم التعددية والتنوع لا تسمح إلا بمنظومة فكرية واحدة، وتخنق أي صوت معارض، وتراقب مواطنيها بأدوات الرقابة الحديثة التي تفوق حتى جيوش الديكتاتوريات..

هذا النموذج الغربي المتهالك، بدل أن يكون منارة للحرية والعدالة، صار أداة لتصدير الفوضى والحروب، ونشر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تدمّر المجتمعات، في كل مرة تتحدث عن حقوق الإنسان تجد أن الصوت غائب تمامًا عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو بقضايا الشعوب المضطهدة، أما حين يكون الخصم روسيا أو الصين، يتحول هذا الدفاع إلى آلة عقوبات وحصار اقتصادي لا يرحم..

هذا النموذج لم يعد يعبر إلا عن مصالح النخب الطفيلية التي تستغل الأيديولوجيات الزائفة لتحافظ على هيمنتها، متجاهلة شعوبها التي تنهار من كثرة البطالة، الفقر، والهشاشة الاجتماعية، وتفشي الكراهية والعنف، لقد استبدلت الديمقراطيات الغربية قيمها الحقيقية بمصالحها الاقتصادية، فانقلبت إلى أنظمة بوليسية تخشى حتى أصوات احتجاجات سلمية..

هذا الانحطاط الأخلاقي لم يعد مقتصرًا على المؤسسات، بل أصبح مرضًا عالميًا يهدد بانهيار شامل للمنظومة الأخلاقية الكونية، لم تعد هناك خطوط حمراء، ولم يعد لحقوق الإنسان أي وزن خارج إطار الاستخدام السياسي الانتهازي، فالقيم التي يتغنى بها الغرب لم تعد سوى أدوات للابتزاز حين تخدم مصالحه، وأوراقًا تُلقى في سلة المهملات حين يتعلق الأمر بحلفائه الاستراتيجيين..

الأخطر من ذلك أن الشعوب خاصة في أوروبا وشمال إفريقيا فقدت الثقة الكاملة في حكوماتها، لم يعد المواطن الأوروبي يصدق أن دولته تدافع عن "الحرية" أو "العدالة"، ولم يعد المواطن في جنوب المتوسط يصدق أن الغرب حليف لـ"الديمقراطية"، هذه الثقة التي كانت يومًا ما سندًا للأنظمة تآكلت حتى العظم، والهوة بين الشعوب وحكوماتها اتسعت لدرجة قد تنفجر في أية لحظة..

إن ما نشهده اليوم ليس مجرد فشل سياسي أو إخفاق دبلوماسي، بل لحظة تاريخية تكشف عري النظام الرأسمالي العالمي وأدواته الليبرالية أمام شعوب الأرض، فلسطين اليوم ليست مجرد قضية شعب يُباد، بل مرآة تعكس سقوط الهيمنة الغربية وانكشاف جوهرها الاستعماري المقيت..



#بحضاض_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوضع السياسي الراهن بالمغرب، إلى أين؟ الجزء 2
- الوضع السياسي الراهن بالمغرب، إلى أين؟ الجزء الأول.
- الشعوب تقاوم والرجعية تساوم، فلسطين قضية والفاصل مسافة ثورة. ...
- قراءة تحليلية حول مقاطعة المنتوجات الفرنسية
- نحو انهيار شامل للمنظومة الأخلاقية في ظل هيمنة النظام الرأسم ...
- الماركسية وفكرة المساواة
- إشكالية المجتمع المدني في المغرب
- قراءة في أزمة اليسار المغربي
- التجربة الحزبية بالمغرب
- الحركات الإسلامية بالمغرب: النشأة والمسار
- قراءة في معوقات الإنتقال الديمقراطي بالمغرب
- قراءة في ظاهرة الانشقاقات الحزبية بالمغرب


المزيد.....




- قوات روسية تخترق دفاعات أوكرانية في دونيتسك قبل أيام من قمة ...
- الانتقال إلى إيطاليا قد يكون خطة جيمي كيميل البديلة
- إسرائيل: حرب ردود بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.. و-التعيينا ...
- - فلسطين حرّة-.. رسالة من مراقب جوي فرنسي إلى طياري شركة -إل ...
- شركة -البحري- السعودية تنفي نقلها أسلحة لإسرائيل على متن سفي ...
- رونالدو وجورجينا.. خطوبة وقصة حب وقيراطات ألماس ثمنها ملايين ...
- -قبة حرارية فوق أوروبا!-.. جفاف وحر وحرائق وجو يحبس الأنفاس ...
- لماذا اغتالت إسرائيل أنس الشريف؟
- سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مستوطنتين إسرائيليتين بغلاف غزة
- نشطاء يشيدون بنباهة طفل يمني أنقذ شقيقته من محاولة اختطاف


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بحضاض محمد - الكيان الصهيوني... والموت السريري للديمقراطيات الليبرالية