أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بحضاض محمد - الحركات الإسلامية بالمغرب: النشأة والمسار















المزيد.....

الحركات الإسلامية بالمغرب: النشأة والمسار


بحضاض محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6266 - 2019 / 6 / 20 - 10:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم : بحضاض محمد .

لقد شكلت العلاقة بين الدين والسياسة منذ استقلال المغرب إحدى أهم الإشكالات التي طبعت خطاب المؤسسة الملكية وخطاب الفاعلين السياسيين، وذلك من خلال محاولات الطرف الأول بناء شرعية نظامه السياسي وفق ثابت أن الدين والسياسة يجتمعان عند مستوى إمارة المؤمنين، مقابل خطاب الأحزاب السياسية المنقسمة بين ذات المرجعية الفكرية اليسارية التقدمية التي هدفها بناء دولة علمانية، أو ذات المرجعية المحافظة التي تدافع عن لزومية الجمع بين الدين والسياسة.

هذا الأمر أفرز على المستوى السياسي أطروحتين: أطروحة السلطة السياسية التي هدفها إقصاء الجماعات الإسلامية من الحقل السياسي، بحجة أن النظام مؤسس على الإسلام وبالتالي لا حاجة لوجود أحزاب ذات مرجعية إسلامية، وأطروحة القوى السياسية المتمثلة في الحركات الإسلامية التي ترمي إلى أسلمة السياسة، سواء عبر إخضاع السياسة للدين جماعة العدل والإحسان نموذجا، أو من خلال ضبط الدين بالسياسة حركة التوحيد والإصلاح نموذجا .

وقد أدى غياب الضوابط المنهجية في التعامل مع ظاهرة الإسلام السياسي في المغرب إلى إنتاج عدة مغالطات: أولا - الخلط بين ظاهرة الإسلام السياسي و الظاهرة الإسلامية بشكل عام، وهذا الخلط يتجلى واضحا فيما يذهب إليه بعض الباحثين الأكاديميين من كون المغرب تتواجد به أكثر من سبعين جمعية إسلامية. ثانيا – الخلط المنهجي الثاني يتمثل في كون الباحثين في الإسلام السياسي المغربي غالبا ما يهتمون فقط بالجماعات، في حين أن هذه الجماعات لا تشكل إلا شكلا من الأشكال التي يعبر بها الإسلام السياسي في المغرب عن نفسه. ثالثا – الخلط المنهجي الذي يتجسد في إرجاع جذور جماعات الإسلام السياسي إلى تيار السلفية الوطنية كما جسدتها الحركة الوطنية من خلال علال الفاسي ، التي كانت محاولات لاستيعاب إيجابيات الغرب، في حين تجسد جماعات الإسلام السياسي تعبيرا عن رفض الغرب الجاهلي . رابعا – المغالطة المنهجية المتعلقة بالربط الآلي بين ظاهرة الإسلام السياسي في المغرب والترسانة الدينية للنظام السياسي المغربي إيديولوجيا ومؤسساتيا.

اتجهت معظم التفسيرات التي درست الحركات الإسلامية في المغرب إلى اختصار ظهور هذه الحركات بالتركيز على الظرف العام والمتمثل بالأساس في اعتبارها رد فعل على المد اليساري والناصري ونجاح الثورة الخمينية. ولم يتم التركيز كثيرا عن الشروط الخاصة التي أدت إلى ظهور هذه الحركات التي أضحت أمرا واقعا في الشأن العام المغربي. (...) وبالرجوع إلى مسألة ظهور ونشأة الحركات الإسلامية بالمغرب نسجل وجود ثلاث محطات بارزة في عملية تكوين هذه الحركات في المغرب وتبلورها.

التأسيس الأول: يصعب التحقيب للنواة الأولى التي أدت إلى بروز الحركات الإسلامية في المغرب، فعلال الفاسي الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال يعتبر من المؤسسين للحركة السلفية في المغرب، وخطاب حزبه ظل حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي يستثمر الخطاب الديني في برامجه وايديولوجيته. ويندرج في ذات الإطار حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية الذي كان يترأسه عبد الكريم الخطيب حيث ظل هذا الحزب الغطاء السياسي والقانوني الذي يشتغل داخله عدد كبير من الإسلامين الذين فضلوا الشرعية القانونية على العمل السري. 

والملاحظ أن الروافد الأولى للمرجعية الإسلامية لدى التنظيمات السياسية انبثقت مع هذين الحزبين، هذا قبل أن يظهر النزوع الأول نحو الفعل الحركي للإسلاميين وكان ذلك بداية مع حركة الشبيبة الإسلامية التي تعتبر أول تعبير حركي يعتمد الأيديولوجيا الإسلامية كمرجعية تنظيمية وفكرية وكأساس لإقامة مجتمع بديل. وقد ظهرت البوادر الأولى لهذه الحركة سنة 1969 ورسميا سنة 1972 تاريخ إيداع ملفها التأسيسي لدى الجهات الرسمية. احتضن المغرب رسميا هذه الحركة الإسلامية بزعيمها عبد الكريم مطيع واستعملها كورقة لمواجهة المعادين للنظام كالناصرية وكذا كرد فعل على بروز التيار اليساري داخل المشهد السياسي المحلي. 

قد يكون هذا التفسير مصيبا في بعض جوانبه، لكنه يتغاضى عن جوانب النفور والتباعد بين المشروع الذي جاءت به هذه الحركات في بؤرتها الأولى والتي كانت تهدف إلى إقامة مجتمع بديل عن بنية السلطة الراسخة في المغرب. فهذه الحركات تشكل حقلا مضادا للحقل الرسمي القائم على حقل إمارة المؤمنين وعلى ديباجة الدستور الذي ينص على إسلامية الدولة. وبالتالي فإن ظهور هذه الحركات في تأسيسها لأول المتمثل في حركة الشبيبة الإسلامية هو تعبير عن البنية التقليدية للدولة وانعكاس لإيديولوجيتها الرسمية. 

التأسيس الثاني للحركات الإسلامية في المغرب بدأ مع التفكك التنظيمي لحركة الشبيبة الإسلامية، حيث أدت الانشقاقات التي عرفتها مع بداية الثمانينيات إلى ظهور بعض المراجعات الفكرية للإيديولوجية الانقلابية التي كانت تتبناها الحركة. مما أفرز نخب إسلامية شابة أعلنت قطيعتها مع عهد الشبيبة الإسلامية وأبانت عن استعدادها للانخراط في العمل تحت غطاء رسمي. هنا سيبرز اسم عبد الإله بنكيران كزعيم لهؤلاء الشباب الذين سيتجهون نحو البحث عن شرعية رسمية للعمل، إلى أن قاموا بتقديم ملف لتأسيس جمعية الجماعة الإسلامية ، حيث بدأت مرحلة البحث عن الشرعية من خلال مجموعة من البيانات والتوضيحات، ترتب عنها صيرورة من النقد الذاتي والمراجعات الفكرية. حيث عملت الجماعة على التكيف مع البنية القانونية للنظام وأقامت تعديلات مسطرية في قانونها الأصلي المؤرخ بتاريخ 13 يونيو 1983 وذلك بتاريخ 7 أكتوبر 1990 واستبدال اسم الجمعية من الجماعة الإسلامية إلى حركة الإصلاح والتجديد .

في ذات الفترة المنتعشة بزخم وصول الإسلاميين الشيعة إلى السلطة في إيران وانتصار نظرية ولاية الفقيه ستظهر بوادر تنظيم حركي إسلامي جديد متمثل في جماعة العدل والإحسان بزعامة عبد السلام ياسين الخارج من الطريقة الصوفية البوتشيشية بعد وفاة شيخها الحاج عباس. (...) وكما الجماعة الإسلامية عمدت أسرة الجماعة وهو الاسم الذي عرفت به جماعة العدل والإحسان عند تأسيسها سنة 1981، عمدت إلى البحث عن العمل العلني تحت الغطاء القانوني الرسمي، وعليه تم إيداع الملف القانوني لدى السلطات في شتنبر 1982 لكن سرعان ما قوبل هذا الطلب بالرفض على اعتبار أن الجماعة ذات توجهات سياسية.

بعد ذلك ستغير الحركة اسمها إلى جمعية الجماعة الخيرية لرفع أي لبس حول خلطها بين السياسي والدعوي، بيد أنه في أواسط الثمانينيات ستشهد الجماعة تطورا تنظيميا بنيويا باعتمادها شعار العدل والإحسان الذي ظل لصيقا بها إلى اليوم، هذا بالتزامن مع غزارة الإنتاج الفكري لعبد السلام ياسين الذي بدأت تظهر معه ملامح المشروع الأيديولوجي الذي تصبو إليه الجماعة، حيث بادرت إلى استقطاب النخب المثقفة رافعة شعار دولة الخلافة على المنهاج النبوي، والانقلاب على الحكم الجبري، وقد استطاعت الجماعة حقا أن تستقطب شرائح مهمة من النخب التعليمية التي وجدت في هذا الخطاب بديلا لخطاب القوى الوطنية التي أضحت مدمجة في في لعبة النظام وتزكي طروحاته.

وفي أواخر التسعينيات سيعرف تاريخ الحركات الإسلامية في المغرب تأسيسها الثالث، وذلك باندماج مكونين أساسين من هذه الحركات وهما حركة الإصلاح والتجديد و رابطة المستقبل الإسلامي في تنظيم موحد تمثل في حركة التوحيد والإصلاح التي كان هدفها هو المساهمة في إقامة الدين وفسح المجال للتعاون على الالتزام به عقيدة وعبادة وسلوكا. لم تشكل الحركة الجديدة من خلال الحمولة الأيديولوجية التي تتبناها أي تهديد للسلطة السياسية، بل هي تتلاقى بشكل موضوعي مع توجه السلطة في ابتعادها عن كل ما يتعارض مع البنية التقليدية للسلطة واحترامها للثوابت الراعية لمشروعيتها. هذا التلاقي الموضوعي يعبر عن بروز الجيل الثالث من الحركات الإسلامية التي ظهرت في المغرب، وهي حركات خرجت من نطاق التضاد والمعارضة للسلطة القائمة. ممهدة بذلك لدخول التيار الإسلامي الإصلاحي إلى المعترك السياسي مع الاعتراف بشرعيته القانونية، حيث أن استراتيجية السلطة مع تيارات الحركات الإسلامية بعد أن أصبحت أمرا واقعا، كان يصب في إدماجها داخل الحقل السياسي الرسمي وفق شروطه القائمة على الاعتراف بالشرعية الدينية والسياسية للمؤسسة الملكية، بالشكل الذي لا يجعل من هذه الحركة حقلا مضادا ومنافسا لأيديولوجية النظام القائم. 

خلاصة القول مما سبق أن الإسلام السياسي في المغرب متمثلا في الحركات الإسلامية التي مرت من ثلاثة مراحل تأسيسية، حيث تميزت كل مرحلة ببيئة داخلية وخارجية أملت شروطها العامة والخاصة في اختيارات هذه الحركات وحسابات السلطة تجاهها، ومعها تبرز المتغيرات التي أدت لظهور هذه الحركات. ما بين تأثير المد الناصري واليساري الراديكالي في أواخر الستينيات الذي أفرز حركة الشبيبة الإسلامية، وما بين تأثير الثورة الإيرانية ونموذج ولاية الفقيه الخمينية الذي أفرز جماعة العدل والإحسان، وما بين التعاطي الإيجابي للسلطة السياسية التي مهدت وأعطت الضوء الأخضر لدخول الإسلاميين إلى الحقل السياسي الرسمي بمباركة رسمية. 
وتبقى مسألة الترابط بين الدين والسلطة هي واقعة تاريخية عرفتها جل المجتمعات الإنسانية، وهي نتاج سيرورة العلاقات الاجتماعية وعلاقات الإنتاج، إذ أن العلاقة بين هذين الفاعلين تراوحت ما بين هيمنة الدين على السياسة وكبح طموحاتها والحد من جبروتها، وبين استعمال السياسة للدين لتقوية النفوذ وإحكام السيطرة.

لائحة المراجع المعتمدة:
-لكموش محمد، الدين والسياسة في المغرب، أفريقيا الشرق، شارع يعقوب المنصور، الدار البيضاء، 2013.
-ضريف محمد، الإسلام السياسي في المغرب، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، الطبعة الأولى، 1992.
-مجلة وجهة نظر، العدد 59 ، 2014



#بحضاض_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في معوقات الإنتقال الديمقراطي بالمغرب
- قراءة في ظاهرة الانشقاقات الحزبية بالمغرب


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بحضاض محمد - الحركات الإسلامية بالمغرب: النشأة والمسار