ديمة جمعة السمان
الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 00:12
المحور:
الادب والفن
القدس: 7 -8 – 2025
ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية الأسبوعية قصة الأطفال: "بماذا تميّز الغراب" للكاتب طارق المهلوس.
تقع القصة في 27 صفحة من الورق المقوى والمصقول وبألوان زاهية، ورسومات متميزة بريشة الفنانة مريم الرفاعي، وتنسيق آلاء مارتيني.
افتتحت الندوة مديرتها ديمة جمعة السمان، حيث رحبت بالحضور وقدّمت الكاتب، ثم قالت:
"بماذا تميّز الغراب" قصة أطفال تدعو إلى تقدير الذات واكتشاف كنوزها الكامنة.
تقدّم قصة "بماذا تميّز الغراب؟" للكاتب الفلسطيني طارق المهلوس نموذجًا أدبيًا وتربويًا راقيًا في آنٍ واحد، حيث تتقاطع عناصر الحكاية مع الرسائل العميقة التي تلامس الوجدان والعقل، لدى الطفل والقارئ الكبير على حدّ سواء .
تدور القصة حول الغراب، الطائر الذي كثيرًا ما حُصر في الصور النمطية كرمز للتشاؤم أو القبح لكنه في هذه القصة ينقلب إلى رمز للذكاء الخفي والتميّز الحقيقي الذي لا يُقاس بالمظهر أو القوة الجسديّة.
يجمع الأسد "ملك الغابة" الحيوانات ويطلب من كل واحد منها أن يكتشف ما يميّزه عن غيره من الحيوانات ليحصل بذلك على منصب وجائزة.
تتحرك القصة على لسان الغراب، الذي يعجز في البداية عن اكتشاف أي شيء يميّزه، فينطلق في جولة بين حيوانات الغابة ليقارن نفسه بها: الفيل قوي، يستطيع سحب جذوع الشجر، والحرباء تتغير ألوانها وتندمج مع محيطها، والطاووس جميل بألوانه الزاهية، والطائر الطنّان سريع.
الجولة تعكس بدقة الحالة النفسية التي يعيشها الطفل حين يقارن نفسه بالآخرين فلا يرى في ذاته قيمة، ويغيب عنه ما يملكه من قدرات غير مرئية.
لكن القصة تأخذ منعطفها الأهم حين يقع الغراب في قبضة صياد ويُحبس في قفص ويشعر بالعطش.. هناك، في قمة المحنة، تُتاح له الفرصة ليُظهر ما لم يعرفه عن نفسه:
يرمي الحصى في زجاجة الماء ليرتفع الماء ويشرب، ثم يستخدم منقاره بذكاء لفتح القفل والخروج من القفص .
في هذه اللحظة يكتشف الغراب أن ما يميّزه ليس القوة ولا الجمال ولا السرعة، بل الذكاء والقدرة على حلّ المشاكل.
يعود إلى الغابة محلقًا، فرحًا، وقد أدرك أنه لا يحتاج إلى أن يشبه الآخرين كي يكون جديرا بالاحترام والتقدير.
تتسم القصة بلغتها البسيطة المناسبة للأطفال، وسردها المتوازن الذي لا يُمل، وهو ما يجعلها أداة فعالة في التربية وغرس القيم.
كما تمتاز القصّة برسوماتها الجميلة والمعبرة التي أنجزتها الفنانة مريم الرفاعي، إذ أضفت لمسات بصرية راقية عمّقت الإحساس بالمشاهد، وقرّبت الأحاسيس من الطفل القارئ.
جاءت الألوان والخطوط متناغمة مع الحالة الشعورية لكل مشهد، من بهجة الغابة إلى ظلمة القفص، وصولًا إلى لحظة الطيران الحر.
أما التنسيق الفني من إعداد آلاء مارتيني فقد أضفى على العمل تناسقًا بصريًا مريحًا وجاذبًا، يعزّز من قدرة الطفل على التفاعل مع القصة صفحة بعد صفحة.
على الرغم من أنّ القصة تعتبردعوة إلى التحرر من المقارنات، والنظر إلى الذات بعين التقدير والاستعداد لاكتشاف الكنوز الكامنة حين يتطلّب الأمر، وهذه رسالة في غاية الأهمية، إلا أنني كنت آمل أن تكون بداية القصة أكثر جذبا للطفل، إذ كان الحوار غير مبررا بين الغراب والكاتب، قبل البدء برواية القصة.
في المحصلة، هذه القصة أشبه بمرآة تعكس قلق الإنسان في رحلة بحثه عن نفسه، ورسالة تربوية راقية تقول: "لكلٍ منّا ما يميّزه .. علينا أن نؤمن به ونمنحه الفرصة ليظهر".
وقالت نزهة أبو غوش:
قصّة" بماذا يتميّز الغراب" هذه القصة تصلح أن تُدرّس في رياض الأطفال، أو المرحلة الابتدائية ضمن دروس القيم أو "مهارات التفكير" أو "اكتشاف الذات"
لعدة أسباب حيث أنّ لها فوائد مختلفة للأطفال فمن النّاحية التربويّة فإنها تساهم في تعزيز التفكير الإبداعي (الذكاء العملي؛ حيث أنّها تُظهر كيف أن الذكاء في حل المشكلات أهم من القوة أو المظاهر الجسدية و الطفل يتعلّم أن يستخدم عقله ويفكر بطريقة غير تقليدية، مثل الغراب الذي رمى الحصى في الزجاجة ليرتفع الماء. كذلك فإنها تساهم في بناء الثقة بالنفس فالغراب لم يعرف ما يميّزه في البداية، لكنه اكتشف نفسه من خلال تجربة صعبة. هذا يعزز لدى الطفل فكرة أن لكل شخص قدرة فريدة، حتى لو لم تظهر مباشرة. غرس قيمة التنوّع وتقدير الآخر. إن كل حيوان كان فخورًا بما يميّزه، وهذا يُعلّم الأطفال احترام الاختلافات بين الأفراد. القصة تشجع على الحوار والاستكشاف وتفتح باب النقاش بين الطفل ونفسه، أو بينه وبين أقرانه حول سؤال: "ما الذي يميزني أنا؟" هل أسلوب الحوار وتدخّل الكاتب الذي مفيد لقصص الأطفال؟ أرى إنه أسلوب ذكي وحديث في قصص الأطفال؛ حيث أنّه يساعد في التّطور
الذهني، فعندما يقرأ الطفل حوارًا، يشعر أنه جزء من القصة وليس مجرد مستمع سلبي، كما أنّه ينمّي المهارات اللغوية: الحوار يعزز فهم الجمل القصيرة والسؤال والجواب، وهو أساسي لتطوير اللغة عند الأطفال يُضفي الحيوية على النص فالأطفال يملّون من السّرد المتواصل، لكن الحوار يُدخل التغيير والإيقاع ويجعلهم يتخيلون أصوات الشخصيات و يعزز الفهم العاطفي فمن خلال الحوار، يفهم الطفل مشاعر الشخصيات (الحيرة، الفخر، السعادة، القلق)، مما يساعد على تنمية الذكاء العاطفي.
عنصر الخيال في القصة هنا: واقعي–رمزي: ففكرة أن الغراب يرمي الحصى ليرتفع الماء مستوحاة من تجربة علمية واقعية (معروفة باسم تجربة "غراب أيسوب")، لكنها تقدَّم في قالب رمزي لتُظهر الذكاء. تحفيزي ومحبب للأطفال: وجود حيوانات تتكلم وتتبادل الحوار شيء يُحبّه الطفل ويغذّي خياله. تخيّل الغراب وهو يفتح القفص برجله ثم يطير سعيدًا يُحفّز الخيال والتحرر من القيود.
تمنح القصّة فرصة جيّدة تمكّن المربي من طرح أسئلة مثل: ماذا تعلّمت من الغراب؟ هل تفضّل أن تكون قويًا أم ذكيًا؟ ولماذا؟ ما الشيء الذي تظن أنه يميزك أنت؟
وقالت د. رفيقة عثمان أبو غوش:
احتوت القصّة على سبع وعشرين صفحة، رافقتها رسومات ملوّنة تصويريّة تجسيدًا لبعض الأحداث؛ والمُحبّبة لدى الأطفال.
اختار الكاتب العنوان بطرح سؤال، "بماذا تميّز الغراب؟، ممّا يثير قدرة التّفكير لدى الأطفال، وخلق التشويق حول البحث عن الإجابة؛ برأيي الشّخصي، أجد بأنّ الكاتب نهج طريقة تربويّة سليمة في حث الطّفل على التّفكير الذّاتي، والتّحليل؛ والتّوصّل لحلول سليمة بطريقة الاستكشاف الذّاتي، بشكل مستقل؛ وكانت نهاية القصّة الإجابة المفتوحة، والّتي تتطلّب من الطّفل معرفتها لوحده.
تقلّد الغراب دور البطولة، ورافقه البطولة الثّانويّة بعض الحيوانات مثل: ( الأسد – الحرباء – الفيل – الطّنّان – الطّاووس). توجّه الغراب لكل أصدقائه؛ لمعرفة الصّفة الّتي تميّزه، كل الأصدقاء عبّروا عن ميزاتهم، بينما الغراب لم يكتشف الشّيء المميّز لديه، إلّا في نهاية القصّة. اكتشف الغراب الصّفة االّتي تميّزه، بعد عذة تجارب قام بها أثناء وجوده بالقفص، عندما عطش، وحاول إضافة بعض الحصوات، ممّا أدّى إلى ارتفاع منسوب المياه في الوعاء، فتمكّن من الشّرب، ومن ثمّ نجح في فتح القفص بمنقاره والهروب؛ حينها أدرك ما هي قدراته المميّزة، لكن! نهاية القصّة ظلّت مفتوحة، بحيث اكتشف الغراب قدراته المميّزة بنفسه، ولكنه لم يُصرّح عنها علنًا. برأيي هذه النّهاية تتيح للطفل التّفكير، واكتشاف ما هي صفة الغراب المميّزة بطريقة مستقلة. كما يبدو بأنّه أراد الكاتب أن يكشف للأطفال صفة الذّكاء الحاد، وقدرة الغراب على استخدام الأدوات؛ لحل المشاكل، وبأنّه يتمتع بذاكرة قويّة. أتاح الكاتب الفرصة لتحث الأطفال البحث عن المواطن القويّة الكامنة لديهم، وأنّ لكل إنسان قدرات خاصّة تميّزه، وما عليه إلّا أن يكتشفها، ويطوّرها في ذاته. لم تخلُ القصّة من الرّسائل التّربويّة المتعدّدة مثل: حث الطّفل على الاكتشاف الذّاتي، وعدم تلقي المعلومات والحلول الجاهزة، بالإضافة لإكساب الطّفل صفة التّعاون والمشاركة مع الأصدقاء، وغرس صفة التّحدّي؛ لإيجاد الحلول نحو الحصول على الحرّيّة، باستخدام العقل، دون الاعتماد على الآخرين؛ بالإضافة لغرس قيمة الصّبر وعدم الاستسلام.
استخدم الكاتب تقنيّة السّرد الحواري، في هذه القصّة كان الكاتب حاضرًا، ومتفاعلًا كبطل من أبطال القصّة. "هيه! أيّها الكاتب هل يعجبك منظري وأنا داخل هذا القفص؟. الكاتب: "انتظر لحظة وأخبر الأطفال ماذا حصل معك من البداية، فهم لا يعلمون ما حصل معك ولماذا أنت هنا". هذا الأسلوب أعجبني، بحيث يثير التّشويق عند الأطفال، والتّفاعل مع أحداث القصّة. تُستخدم هذه التّقنيّة غالبًا في السّرد الذّاتي أو ما يُسمّى بالرّاوي العليم أو "الميتاسرد"؛ ممّا تساهم في توجيه القارئ لفهم مغزى معيّن، أو إبداء رأي ضمني، أو التّنبيه على رمز معيّن، ربّما أيضًا يضفي طابعًا فكاهيّا قد يستخدمه الكاتب لإضافة لمسة ساخرة ، أو لطرح تساؤلات عميقة من خلال حوار مباشر مع الشّخصيّات، وحوار ذاتي للغراب بينه وبين نفسه، ممّا خلق تفاعلًا حيًّا يُشعر القارئ بأنّ الشّخصيّات "حيّة" وقادرة على الرّد على الرّاوي، ممّا يجعل النّص أكثر ديناميكية ومتعة. هذا النمط من الأسلوب يُعد جزءًا من الأدب ما بعد الحداثي الّذي يكسر النّمط الكلاسيكي، ويقدّم شكلًا جديدًا من تفاعل النّص. هذا النّمط من الأسلوب يُحسب لصالح للكاتب.
نجح الكاتب في تسخير القصّة؛ لإظهارالرّسالة التّربويّة، بأنّ الحاجة أم الاختراع، وأنّ الذّكاء والتّفكير العلمي يتغلّبان على القوّة؛ للحصول على الحرّيّة.
قصّة "بماذا تميّز الغراب" قصّة أطفال ممتعة، تناسب الأطفال في جيل السّبع سنوات ولغاية جيل التّاسع سنوات؛ رسومات القصّة جميلة ومعبّرة، ذات خيال علمي عالٍ، وتخلّلتها لغة بسيطة ، مع مصطلحات لتجارب علميّة، تناسب مستوى الأطفال في هذه الأعمار.
وقال بسام داوود:
بماذا يتميز الغراب قصة موجهة للاطفال وتدور حول كيف كان الغراب يعيش في الغابة مع باقي الحيوانات والطيور جمعهم الاسد جميعا اراد ان يعمل لكل حيوان عملا يتناسب مع ما يتميز به عن باقي الحيوانات .
اعطى لكل حيوان 5 ايام للتفكير ليخبر الاسد بماذا يتميز حتى يعطيه جائزة وعملا مناسبا .
بدأ الكل يبحث عن تميزه.
-الفيل يتميز بقوته .
-الحرباء تتميز بتغيير لونها .
-الطنان يرفرف بسرعة عالية جدا .
-الطاووس جميل بريشه الملون ورقصته المميزة .
-الغراب لم يعرف ماذا يميزه . سأل الفيل قال له فكر ,سأل الحرباء لتعطيه فكرة ,سأل الطنان قال له فكر .
حاول لم يسبق الفيل بقوته ولم يستطع ان يرفرف بجناحيه مثل الطنان شعر بتعب ولم يكن جميلا مثل الطاووس .
لكنه لم ييأس سيحاول على الرغم من انه شعر بخجل امام الحيوانات .
طار بعيدا شعر بالعطش الشديد رأى ماء نزل ليشرب اصطاده الصياد وضعه في قفص ووضع عنده زجاجة فيها القليل من الماء ووضع بجانبها مجموعة من الحصى .
حاول ادخال منقاره في باب الزجاجة لم يستطع ,حاول القاء حصاة ليكسر الزجاجة لم يستطع غضب ,بدأ يرمى الحصى في الزجاجة والماء يرتفع الى ان تمكن من وصول منقاره للماء فشرب وارتوى .
بدأ يفكر بالهرب اخرج رجله من باب القفص حرك المزلاج فتح الباب وخرج ليطير بعيدا يقول الان عرفت تميزي .....الذكاء .
ماذا يتعلم الاطفال من الغراب :
-الذكاء وحل المشكلات فالغراب لم يستسلم بل فكر وجرب حتى وجد الحل .
-يعلم الاطفال كيف يستخدمون افكارهم .
-الغراب يلاحظ العالم من حوله ويتعلم منه .
-يتعلم الطفل ان الذكاء ليس بالحفظ بل بالفهم والتفكير والابداع .
-يتعلم الطفل ان يراقب, يجرب ,يتعلم من اخطائه .
-الغراب يعيش في مجموعات ويتعلم من غيره .
-يتعلم الاطفال ان المشاركة مع الاصدقاء تساعد في النجاح .
-يتعلموا ان الحاجة هي ام الاختراع .
-الاستفادة من تجارب الاخرين .
-التعاون مع الاخرين .
-المشاركة مع الاخرين .
-التعلم من الاخطاء .
-التجربة والمحاولة .
-المخلوقات بفطرتها تحب الحرية .
-يتعلم الاطفال ايضا ان الشخص المناسب في المكان المناسب بان يعمل كل شخص في مجال تميزه .
-الله سبحانه وتعالى ميز كل مخلوق بميزة خاصة به .
-على كل شخص عنده تميز او ابداع او موهبة ان يعمل على تطويرها.
-للاستفادة مما حولك من ادوات لتساعدك في حل مشاكلك كما فعل الغراب باستخدام الحصى والعيدان والاسلاك.
-يمكن حفز الاطفال بمنحهم الجوائز .
الغراب من اذكى الطيور بل الحيوانات كلها .
يستطيع التعرف على الوجوه البشرية ويفرق بين من يؤذيه ومن يلاطفه .
يحب الحرية بان يعيش طليقا في الغابة
ورد ذكره في القران الكريم في قصة قابيل وهابيل .
يعيش في بيئات متعددة وعنده القدرة على التكيف مع الظروف البيئية المختلفة .
يأكل كل شيء فيسمى بالقارت .
ينظف البيئة لانه بأكل بقايا الطعام ,الحشرات ,الفواكه ,المكسرات ,الحبوب .
في بعض الدول يتم تدريبه لجمع القمامة .
يخزن الطعام ويعيد استخدامه .
يسمى صوته بالنعيق ويستخدم نبرات مختلفة للتواصل مع باقي الغربان .
يعيش في مجموعات .
يشعر بالحزن على موتا بني جنسه .
يعيش مع شريكة حياته لفترة طويلة .
في بعض الثقافات يعتبر رمزا للتشاؤم .
عند الهنود الحمر يعد رمزا للحكمة .
يوجد منه عدة انواع الغراب الاسود ,الغراب الامريكي ,الغراب الهندي .
يتراوح طوله من 40 -70 سم .وزنه من 0.3-1.5 كم
يعيش من 10-15 سنة وقد يصل الى 30 .
تضع الانثى من 3-7 بيضات .
كلا الابوين يشاركان في رعاية الصغار وتغذيتهم .
الصغار تبقى مع والديها فترة طويلة لتتعلم المهارات .
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
قصّة الأطفال"بماذا يتميّز الغرّاب" تبدأ من حيث العنوان بطرح السؤال التعليمي،بماذا يتميز الغرّاب؟هذا السؤال يجعل بطل القصّة الغرّاب في البحث عن الإجابة بواسطة استجواب بعض الحيوانات بماذا هم يتميزون؟في محاولة معرفة بماذا يتميّز هو،ويحثّ القارئ على انتظار معرفة الإجابة.
وفي نهاية القصّة يعرف الغرّاب ما يميّزه، لكنه لا يفصح عن إجابة السؤال، ولكن القارئ يستنتج الإجابة من خلال حوار الحيوانات مع الغرّاب.
وقد ظلّت النهاية مفتوحة للقارئ الطفل ليخمن بنفسه الإجابة.
أسلوب الكاتب-
بدأ الكاتب بسرد القصة من خلال أنسنة الحيوانات، وهو الأسلوب المحبب للأطفال .وممّا يلاحظ في القصّة هو الحوار بين الغرّاب والكاتب، هذا الحوار هو تجديد في قصّة الأطفال فقلمّا نقرأ عن خروج الشخصية من النّص كي تواجه الكاتب وتنفذ نفسها.
جاء الحوار باللّغة الفصحى، وقد غلب الحوار على السّرد من أجل الوصول إلى هدف القصّة
بماذا يتميّز الغرّاب.
في القصّة نستنتج أنّ الغرّاب يتميّز بالذكاء بسبب نجاحه في إنقاذ نفسه من سجن القفص الذي مكث فيه.
والسّؤال الذي يطرح،ما دام الغرّاب يتميّز بالذكاء لماذا لم يدرك منذ البداية بماذا يتميّز؟
فإذا بحثنا عن صفاته، نجد أنّ الذكاء والنعيق يميّزان الغرّاب.وأنّ الغرّاب هو من الطيور الجارحة الأكثر ذكاء،ويقدر الباحثون أنّ ذكاءه بعمر طفل خمس سنوات.
القصّة قصيرة مكثفة،تعليمية،لا نجد فيها متعة للطفل،ولكنّ فكرتها مهمّة ولا تقتصر على الأطفال،بل للإنسان ككل في معرفة ذاته، ففي القصّة تحثّ الطفل في اكتشاف ذاته، ومعرفتها ،وتنمية مهاراته،ونجد أحيانا أن الطفل قد يخطىئ في معرفة صفاته وتميّزه، مثلما حدث مع الحرباء التي ظنت أنّها تتميّر باللسان الطويل،لتكتشف بعدها أنّ الخجل هو ما يميّزها أكثر.وعليه هنا رسالة للطفل أنّ يثق بنفسه، والتّعرف على ذاته.فالوعي في فهم الذات يساهم في التطور العاطفي والنفسي عند الطفل، ويمكنه من فهم قدراته وتميّزه.
في القصّة أيضا،رسالة تعليمية للتعرّف على حيوانات الغابة،الأسد،الفيل،الطنّان،ومعرفة ميزة كلّ حيوان.ومن هنا يتلقى الطفل معلومات عن ميزة الحيوانات.
وأيضا رسالة للطفل أن لا يبحث عن الحل عند الآخرين، بل يجتهد بنفسه،والاستعانة بنصيحتهم.
في القصّة صراع بين الغراب مع الكاتب، حيث ينفعل الغراب ويحتج على تقرير مصيره، صراع بين الذات والقوّة الخارجية، من يتحكم بمن، الإنسان ذاته يتحكم بنفسه أم يجعلها عرضة للآخرين في السّيطرة عليه، هنا رسالة أخرى بأهمية تنشأت الطفل في الاعتماد على نفسه، أن يفكر ليبدع، ليتطور.
جاءت الرّسومات للفنّانة مريم الرّفاعي شكل جميل مناسبة للأطفال.
وقالت رائدة أبو صوي:
بداية العنوان مثير للاعجاب للقاريء الكبير قبل الصغير .
عنوان غير مستهلك . بداية القصة: (وهناك ) هذا الصوت القادم من عمق الذاكرة . أشبه بافلام الكرتون التي كنا نتابعها على أحر من الجمر . الأفلام التي كانت تبدأ ( بِ هناك ) مثل (زينة ونحّول).
في مكان ما هناك ...حيث الازهار وندى الصباح مع زينة والأصدقاء.
هناك ( ساندي بل) عبر الزمان والمكان ( لبنى السريعة).
عنصر المكان هام جدا في قصص الأطفال، يوسع الخيال .
القصة مثيرة للاعجاب ومثيرة للتفكير .
بداية في موقف الغراب من الكاتب عندما طلب منه أن يتحدث بلسانه عن ما حدث معه .
لم يترك للكاتب حرية التعبير عنه .
هذا الموقف يساعد الطفل المتلقي على اتخاذ مواقف شجاعة بالحياة وعدم الاستسلام حتى ولو كان الشخص المقابل أقوى ولديه صلاحيات في اتخاذ القرارات .
القصص التي تجسد الحيوانات مستساغة جدا لدى الأطفال ، ترسخ في الذاكرة .
في القصة رسالة تحث على البحث والاستقصاء، خصوصا عندما ذهب الغراب وأجرى لقاءات مع الحيوانات وسأل كل حيوان ( بما تتميز) حتى يصل إلى الإجابة عن السؤال الذي كان يبحث عنه
.(بماذا تميز الغراب)
يحيا الذكاء الصفة الرائعة التي وهبها الله سبحانه وتعالى للغراب .
وهنا نتذكر قصة قابيل وهابيل والعبرة التي قدمها الغراب .
القصة ترمز بعمق للإنسان، ترمز لأهمية الذكاء وأهمية التفكير.
في نهاية القصة فرح وتفاؤل عندما تحرر الغراب من القفص.
الرسومات مطابقة للقصة .
القصة تستحق الاقتناء وقراءتها للأطفال في زاوية القصة ، مناسبة للأطفال بين سن 3-9.
وقال د. سرمد التايه:
قصة هادفة، تحاكي عقول اليافعين بطريقة ذكية من خلال وضع المعطيات أمامهم وجعلهم يتفكّرون في المآلات التي قد تُفضي اليها الافكار لتحقيق الهدف المنشود لهم ولبطل القصة- الغراب-، ناهيك عن حجم الخط الكبير والواضح، والرسومات الجميلة المعبرة والتي تقود للفكرة وتسوق لها حتى دون أن يتلفظ الكاتب بما أراد ويُريد.
وحتى تكتمل الصورة، نرى أنّ الكاتب طارق مهلوس والرسامة مريم الرفاعي قد تعاونا معاً وضخا جُلَّ انسجام افكارهما لتوضيح الفكرة والهدف من وراء هذا العمل وبسطة بصورة شيِّقة امام القارئ؛ وقد تجلّى ذلك في (صفحة 4) عندما جعلا الغراب داخل القفص والدفاتر والاقلام خارجه للتلميح لمضمون فكرة العمل.
لا اعلم لماذا اختار الكاتب مكاناً بعيداً ابتدأ به قصته؟ حيث يجلس غراب حزين في قفص حديدي ظهر حزنه بوضع جناحية على منقاره تعبيراً عن شدة الحزن.
استهلت القصة بظهور حصى مُتناثرة في أرضية القفص، وزجاجة ماء بجانبه في قاعها القليل من الماء. وهنا تظهر الحبكة التي يُريدها المؤلف من قُرائه لاستنباط هدف وجود هذه الأشياء على هذه الهيئة في هذا المكان. ليكون الجواب في نهاية القصة في (صفحة 25) وذلك بعد ان تم استثارة عقل الطفل القارئ بهذا المشهد ليُدرك بعدها ان كان تفكيره ابداعياً يتوافق مع ما أراده صاحب القصة ام لا.
يكمن جمال هذا العمل في ان الغراب قد خرج من محبسه في القصة – رغم انه ما زال في قفصه - وبدأ يحاور الكاتب. وهذا أسلوب جديد مُميَّز ومُثير للاهتمام. وهنا نرى ان الكاتب هو الآخر راح يحاوره ويخبره انه سيُخبر الأطفال الذين سيقرأون هذه القصة بفحوى قضيته وسبب وجوده هنا حبيس القفص والقصة معا!
لقد اظهر الغراب السوداوية والبؤس بين جنبات هذه القصة حينما قال في (صفحة 5): كل الغابة تكرهنني. كما راح يتساءل بذات الصفحة: ما لي وللمناصب والجوائز؟ وكأنه يريد ان يقول لنا ان سبب وجوده هنا والذي يعرفه هو جيداً يكمن في الحصول على الجوائز، فيعود ويستذكر أيامه الهانئة وهو في الغربة. وبرأيي هذا أسلوب جميل ومُحفِّز أيضاً لذهن القارئ من جانب، ومن جانب آخر، فكأنه يريد أن يُرسل رسالة مفادها أن كل الجوائز والمناصب لا تغني ولا تسمن من جوع امام عطش الحرية.
والسؤال هنا: هل كان هناك صفقة او اتفاق بين الكاتب والغراب لإخراجه من الغابة وايداعه في القفص؟ كما انه ما الذي كانت تريده الفنانة راسمة القصة عندما خطت ريشتها في (صفحة 6) نفسها وهي تقوم بعملها على أوراقها الخاصة بحضور الغراب؟
بعد ان وضع "مهلوس" كل ادواته التشويقية امام الطفل القارئ، وجعله يتفكّر في المسير والمصير المُتوقع لبطل قصته، راح يشرح على لسانه-الغراب- سبب وجوده هنا. فبدأ بالإخبار عن قيام الاسد بجمع كل حيوانات الغابة ليجعل لكل واحدٍ منهم عملاً يناسبه حسب تميزه، هذا وقد اعطاهم خمسة أيام حتى يبحث كل واحد منهم عن الشيء المميز عنده، ومن وجده، يحصل على الجائزة الملكية والمنصب الفخم الذي يليق به.
يستطرد الغراب بالإبلاغ ان الجميع بدأ بالبحث عما يميزه، ومر يومان دون أن يجد هو ذاته ذلك. ومثل الكثير من الناس، اراد ان يستطلع أوضاع أصدقائه من الحيوانات لعله يجد ما يفتح له الطريق لاستكشاف ذاته او ان ينكفئ خاسراً كما يظن الجميع ان ليس لديهم مواهب او قدرات يُعتدُّ بها؛ فيرتاح ضميره دون أن يؤنبه أو أن يقُضَّ مضاجعه. وفي هذا إشارة ذكية من الكاتب الى أن الشخص كثيراً ما يجهل ميزاته وقدراته، وغالباً ما يبحث عن أحد يُماثله أو يُجاريه في فشله؛ فيرتاح من عناء التفكير وتأنيب الضمير.
يبدأ الغراب باستطلاع أوضاع الحيوانات حوله: (الفيل، الحرباء، الطائر الطنان، الطاووس)، فيجد كل واحدٍ منهم قد أدرك قدراته وعرف ميزاته، الا انه هو ظل عاجزا عن اكتشاف مكامن قدراته، ما جعله يُصاب بالحزن والإحباط وقال في نفسه: شَعَرْتُ بِالْإِحْبَاطِ الشَّدِيدِ وَالْحُزْنِ ... لَنْ أَعْرِفَ ما يُمَيَّزني وَسَأَشْعُرُ بِالْخَجَلِ أَمَامَ الْحَيَوَانَاتِ والطيور. (صفحة 19). ثم يُخبر انه تم اصطياده من قبل صياد عندما نزل ليشرب الماء هو في حالة الحزن والتعب والعطش الشديد. فآل به الوضع الى هذا المكان حبيساً بين جنبات قفصه وقصته.
بعد حوار واستجداء طويل لم يتم الرد عليه من الكاتب (صفحة23)، شعر الغراب بالعطش، وبدأ محاولات الحصول على الماء من الزجاجة شبه الفارغة التي كانت امامه، فأخذ بضربها بالحصى في حالة يأسٍ شديد، الا انها لم تنكسر، بل تناثرت منها قطرة ماء لمست منقاره، فشعر بالانتعاش. وعندما كرر العملية، لاحظ ارتفاع مستوى الماء عند رمي حصاة وراء الأخرى حتى وصل الماء الى الفوهة فشرب وارتوى. وهنا كانت المفاجأة والكنز الثمين الذي كان يبحث عنه ويجهله؛ فقد اكتشف ذكائه قبل ان يرتوي من الماء! ولما أرد ان يكرس هذا الذكاء والعبقرية بزيادة، قام بسحب المزلاج وفتح باب القفص وطار عالياً مُنتشياً وقد أدرك ما يُميزه. فقال:" عَرَفْتُ مَا يُمَيَّزنِي... عَرَفْتُ مَا يُمَيَّزُني." (صفحة 25). هذا وقد تناثرت أوراق القصة اثناء طيرانه ليتحرر من قيد القفص ويعود حراً بعد ان تحرر من خوفه وهواجسه وسوداويته وعدم تقدير ذاته.
#ديمة_جمعة_السمان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟