أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نصير عواد - صعوبة العيش من دون قضية














المزيد.....

صعوبة العيش من دون قضية


نصير عواد

الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 02:38
المحور: القضية الفلسطينية
    


كلّما عَلَت أصوات "الثوريين" وغطت على صوت الشعب الفلسطيني، أتوه بترتيب الأولويات. فالفكرة التي تملأ رأسي هي ان فلسطين المحتلة لها أهلها وليس هناك من هو أشجع وأحرص، وتأكدت هذه الفكرة بعد مواكبة طويلة. في أعوام بعيدة كنت اسمع مِمّن هم أكبر سنا عن موضوع انشقاق القيادة المركزيّة عن الحزب الشيوعي العراقي، وكيف إن نفرا من المنشقين وجدوا أنفسهم معزولين، من دون مهام كانوا معتادين عليها، فتركوا البلد والتحقوا بالفصائل الفلسطينية المتواجدة ببيروت. فالقضية الفلسطينية كانت، وما زالت، جرحا عميقا في الذاكرة الاجتماعيّة، يعود إليها كثيرون لموازنة الخراب الداخلي الذي يعيشونه. بعد أعوام من ذلك أُنشأت الجبهة الوطنية بين البعثيّين والشيوعيّين العراقيّين، ظهرت تكتلات يسارية رافضة لهذه الجبهة الوطنية، سرعان ما وجدوا أنفسهم خارج التنظيم الحزبي، فشدوا رحالهم صوب المنضمات الفلسطينية. حسب المعطيات كان هذا النزوح فرديا ولم يتحوّل بعد إلى ظاهرة لحين قرار ديكتاتور العراق إنهاء الحياة السياسية بالبلد، وتهجير وسجن وقتل من لم يدِن بالولاء لحزب السلطة. يومذاك، نهاية السبعينيات، هاجر المئات من اليساريّين العراقيّين للعمل والتدرب على السلاح مع المنضمات الفلسطينيّة ومن ثم التوجه للقتال في جبال كُردستان العراق، حاملين معهم أسماء وذكريات عن طبيعة الفلسطينيّين، وحكايات عن ثلاثية الزيت والزعتر والزيتون... ولذلك ليست مصادفة ان نجد اليوم أصحاب التجارب النضالية القديمة يتألمون بصدق لما يحدث في غزة، ويدعمونها بالكلمة والموقف، أكثرهم نشاطا اليساريون الذين بالغوا في الاختلاف مع احزابهم. وهذا الجزء الأخير سنعود إليه بعد حين.
وبما ان النكبة الفلسطينية تتكرر، وتلقي بظلها على الجميع، فلقد كانت الأحداث التي أعقبت نكسة حزيران قد أدت إلى انشقاقات في الأحزاب القومية والاشتراكية الممسكة بمقاليد السلطة في بلدانها، غادر الذين شعروا بالخطر على حياتهم صوب الشام وبيروت، بحثا عن المنظمات الفلسطينية. من جهتهم الملوك والرؤساء العرب كذلك استثمروا بالقضية الفلسطينية وأنشأ كل واحد منهم فرعا مسلّحا يمثل سياسة بلده. في سبعينات العراق زاد حزب البعث دعمه لجبهة التحرير العربية بقيادة "زيد حيدر ومنيف الرزاز" وكان ديكتاتور العراق يتحدث بمناسبة ودون مناسبة عن تحرير فلسطين، وفي ذات الوقت كان يذل شعبه ويقصف معارضيه بالسلاح الكيمياوي. هذا التخبط الفكري أفقده بوصلته السياسية ودفعه إلى تحرير فلسطين عن طريق عبادان، ثم أرسل جحافله للبحث عن طريق أقصر لتحرير فلسطين عبر الكويت، وكان على وشك البحث عن طريق آخر لولا حكمة رب العالمين ورعونة جورج بوش الأبن.
غزة، موضوع أكثر من مليوني إنسان حوصروا وجُرّبت بهم كل اساليب القتل والتهجير والتجويع، وسط صمت رسمي عالمي مخز. هذا الجحيم وهذه الوحشية يعيدان للذاكرة الجمعية احساسها بالجرح القديم، ويجددان الفهم بما حدث ويحدث خلال سبعين عام من الاحتلال. بعد شهور من احداث غزة كانت الغالبية في الشارعين العربي والإسلامي على اطلاع وشعور لا يقهر بظلم الفلسطينيين، وكل فرد عبر عن هذا الشعور بالطريقة التي يستطيع. بل حتى شوارع أوربا وأمريكا وأفريقيا شهدت حراكا ونشاطا مذهلا في دعم القضية الفلسطينية، وفي ذات الوقت ادانة ممارسات إسرائيل الوحشية. في قلب هذا الحراك والشعور الناقم استمرت شريحة من العقول اليسارية النشطة في متابعة وتغطية الاحداث بشكل يومي لفضح المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون، وتولدت عندهم بمرور الأحداث مهارات في التقاط وتوظيف أي خبر جديد يدعم اهل غزة، على الرغم من أنهم بعيدون عن واقع الاحداث. في الحقيقة كان من الرائع ان يستعرض أصحاب التجارب والتاريخ الوطني أفكارهم في المجال العام، وأن يغرف من أفكارهم مَن يريد قدر المستطاع، ولكن استعراض الاخبار والأفكار لفرض الدعم المطلق لسلاح "المقاومة" وتوجيه الاتهامات لمن لديه رأي آخر، جلب مشكلاته معه. فأسوء ما يحدث للتضامن مع معاناة الفلسطينيين هو جر الحوار إلى صراعات دينية وسياسية وطائفية على وسائل التواصل الاجتماعي، لتصفية حسابات لا علاقة مباشرة لها بموضوع التضامن. أردنا القول انه حتى لو كان أصحاب المواقف والتجارب الوطنية على حق في تضامنهم فإن الدفاع عن أخطاء الأحزاب السياسية والمبالغة في تقديس الشخوص والقيادات وأمراء الحرب، سيملي عليهم لا محالة سلوكا لا يخلو من جين سلطوي قمعي، فيه رائحة ما كان يحدث داخل الأحزاب السياسية الرسمية التي أخذت على عاتقها تدمير بلدانها. فخطاب "التذكير" والسخرية المبطنة بمن لا يعلن كل صباح تأييده لسلاح "المقاومة" خلق حالة من التوقعات السلبية عند متابعي الاحداث، جعلهم في غنى عما يبحثون. بسبب ان دعم القضايا الوطنية والقومية والإنسانية يختلف من زمن إلى آخر، يختلف من شخص إلى آخر. أحدهم يدعم فلسطين من بعيد حتى لو كان وحيدا في الصحراء، وآخر ليس لديه القوة فيدعمها بالمال، وثالث يصيبنا بالملل من كثر صوره بالتظاهرات، ورابع...
على العموم لا توجد خلافات حادة بين المتحاورين حول القضية الفلسطينية، ولكن التراشق السياسي يبدأ مع الحديث عن دور منظمة "حماس" في الازمة التي عصفت بالشارع الفلسطيني الذي أصابه الخراب وما زال يسقط فيه الشهداء كل ساعة وكل يوم. دعا متحاورون إلى تضامن غير مشروط، وإلى رفض أو تأجيل مناقشة الأخطاء التي قد تكون ارتكبتها منظمة "حماس" في حين رفض آخرون الفكرة، خاصة وأن الفلسطينيين أصحاب الشأن لم يسكتوا على ما يحدث لهم، فلماذا يسكت الآخرون؟ فمن يبذل الدم لا يسكت على خطأ ولا يتردد في مناقشة قادته ولا يؤجل الموضوع لحين توقف القتال، إذ لا أحد يعرف ساعة توقفه. ولذلك بدت كتابات الفلسطينيين أكثر شجاعة في تناول مشاكلهم السياسية والعسكرية من كتابات غير الفلسطينيين المليئة بالتعاطف والتحريض، والشتائم أحيانا.



#نصير_عواد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنيون العراقيون... لديهم ما يخسرونه
- الكورد، نجاح في أمريكا واخفاق في العراق
- تشيخ الموضوعات ويبقى الإنسان
- تأخرنا في نزع سلاح الفصائل
- متلازمة حزب البعث، وماذا بعد؟
- المفكّر نصر حامد أبو زيد -عراقيّا-
- سماع الكلام أولى من رؤية العمامة
- التشوّهات الطبقية في العراق
- عندما يخسر التلْفاز موقعه
- في تحوّل المنضمات المسلّحة إلى -الجريمة المنظمة-
- لماذا نردّد كلمات دون غيرها؟
- الدعوة لانتخاب -ترامب-
- لن يمروا، باقٍ ويتمدد، وحدة الساحات..
- هل الغرب الامبريالي فقط هو سبب مشاكلنا؟
- الاغلبية العراقيّة بين السكوت والصمت
- ديموقراطية الفوضى، خمسمائة حزب عراقي
- في انتصار الأحزاب على العراق
- السلاح الموازي متعدّد الاستعمالات
- الاغنية -السبعينيّة- سيدة الشجن العراقيّ
- حضور الجنس وغياب الحب في رواية (الحُلْو الهارب إلى مصيره)


المزيد.....




- أفيخاي أدرعي في قرى درزية بجبل الشيخ، فإلى أي مدى اقترب من ا ...
- جدل كبار السن والتيك توك في المغرب ومشروع قرار مرتقب
- قانون أوروبا الأخضر في مهبّ الغاز القطري
- بوتين: نريد سلاماً دائماً ومستقراً في أوكرانيا
- الغارديان: إسرائيل تدير الجوع في غزة عبر -حسابات بسيطة-
- العلماء يحلون لغزًا عمره ملايين السنين... هل يعود أصل البطاط ...
- -خمس ساعات في غزة-.. تفاصيل زيارة ستيف ويتكوف إلى القطاع
- رغم تحذيرات.. إسرائيل تؤكد مواصلة عمل سفارتها وقنصليتها في ا ...
- الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان يصف الحرب في غزة بـ-الإبادة ...
- -يأكلون مما نأكل-.. القسام تبث مشاهد أسير إسرائيلي بجسد هزيل ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نصير عواد - صعوبة العيش من دون قضية