أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - الكورد، نجاح في أمريكا واخفاق في العراق















المزيد.....

الكورد، نجاح في أمريكا واخفاق في العراق


نصير عواد

الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 00:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة العراقيّة الانفتاح على جيرانها العرب والعمل على تنويع علاقاتها الاقتصادية مع الصين والدول الأوربية، يعزز إقليم كوردستان العراق علاقات منفردة مع الولايات المتحدة الأمريكية. فقبل أيام قليلة (19 مايو2025) جرى التوقيع على اتفاقيتين استراتيجيتين في مجال الطاقة بين شركتي "إتش كيه إن إنرجي" و"ويسترن زاغروس" الأميركيتين وحكومة إقليم كوردستان، بقيمة إجمالية تقدر بــ (110) مليارات دولار، سارعت الحكومة العراقيّة إلى معارضتها، معتبرة إياها مخالفة للقانون العراقي ولقرار المحكمة الاتحادية الذي نصّ على ان (الثروات النفطية ملك لجميع أبناء الشعب العراقي، وأن أي إجراء لاستثمار هذه الثروات يجب أن يكون من خلال الحكومة الاتحادية) من جهته الإعلام الحزبي بإقليم كوردستان تناول الاتفاقية على انها منفعة عامة للإقليم وللمدن الأخرى، وأنها قانونيّة ودستوريّة، وفي ذات الوقت نوه إلى انه لم تتم مشاورة الحكومة الاتحادية بشأن الاتفاقية. ووسط هذه المناوشات الإعلامية والسياسية لم يجرِ الحديث بالتفصيل عن طبيعة هذه الاتفاقية، إنْ كانت اقتصاديّة بحت ام انها مرتبطة باتفاقيات أخرى وبشروط سياسيّة وأمنيّة، أم انها فرقعة إعلاميّة لجس نبض حكومة المركز؟ على العموم شكّلت الاتفاقية النفطية منذ الإعلان عنها ضغطا على الحكومة المركزيّة ببغداد، صاحب ذلك عودة للتوترات القديمة والحديث عن بقاء القوات الامريكيّة بالعراق وحل المليشيّات المسلّحة وتحديد طبيعة العلاقة مع إيران... وبما ان العراق على أبواب انتخابات برلمانيّة نهاية هذا العام فإن هذه الاتفاقية قد تتحوّل في قادم الأيام إلى ورقة سياسيّة، يستخدمها المتزاحمون على المقاعد البرلمانيّة لتزيين صورتهم والظهور بمظهر الوطني الغيور على ثروات بلده، وقد يلجأ بعضهم إلى شحن الشارع بشعارات طائفيّة قوميّة تحرض فقراء العرب على فقراء الكورد.
المتتبع للقضية الكوردية سيجد ان قادتها في حالة بحث دائم عن حليف خارجي قوي يساندهم في محيط مضطرب، أكثر من بحثهم عن حليف داخلي مقرب. ولذلك بدا وصول "رونالد ترامب" للبيت الأبيض فرصة جيدة للكورد في تحصين حقوقهم القومية، خاصة وأن سياسات "ترامب" المعلنة تجارية وشخصية وأمنية، لا تعترف بالحدود والقوانين الدولية والأعراف السياسية، تجلى في حديثه عن غزة وقناة بنما وجزيرة غرينلاند... وكانت قد سبقت الاتفاقية النفطية تصريحات في الكونغرس الأمريكي تتحدث عن اهمية إقليم كوردستان العراق وسط الاضطرابات الحاصلة في الشرق الأوسط، كان أكثرها وضوحا تأكيد وزير الخارجية الأمريكي "ماركو روبيو" على ضرورة تأمين "شريان اقتصادي" خاص بالإقليم لا يعتمد على الغاز الإيراني. يدعم هذا التوجه الأمريكي ما يحدث في الإقليم من اعمار واستقرار نسبي، إضافة إلى ما يمتلكه من علاقات خارجية جيدة مع دول أوربا ودول الخليج وإسرائيل، وهو ما يجعل الإقليم أكثر موثوقية من حكومة المركز ببغداد. وهذا يمهد لنا بالقول ان الإدارة الأمريكية الجديدة قد تذهب أبعد من تطوير العلاقات الاقتصادية مع الإقليم، وصولا إلى الاعتراف باستقلاله. فبالقياس إلى الإدارات السابقة فإن الإدارة الأمريكية الحالية هي الأكثر قدرة على فعل ذلك، حتى لو بدا الاعتراف باستقلال الإقليم صفقة تجارية أكثر منه قضية سياسية واخلاقية وقانونية تضمن حق الشعب في تقرير مصيره. ورغم ان وزير الخارجية الأمريكيّة أشار إلى طبيعة الحكم الذاتي الذي يتمتع به الكورد ضمن الدولة العراقيّة، إلاّ ان التطورات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة قد تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياستها، وتذهب للاعتراف باستقلال الإقليم. فلقد سبق للولايات المتحدة ان دافعت عن وحدة الصومال عندما وجدت ذلك يخدم مصالحها، ولكن عندما شعرت بمنافسة الصين وتركيا في القرن الأفريقي غيرت خطابها باتجاه انفصال إقليم " صوماليلاند".
كان الشائع في الأدب السياسي ان رواج حالات الانفصال في البلدان المضطربة يؤثر سلبا على مصالح الدول العظمى، ولكننا في زمن "ترامب" زمن يجلس فيه المثلث بالمقلوب. فالرجل بث الحياة في الاستعمار القديم، وادار ظهره للديموقراطيات الأوربيّة الكلاسيكية، وأبدى ميّلا للقادة الأقوياء في دولهم مثل "بويتن والسيسي وأردوغان" ولليمينيين المرفوضين في بلدانهم الأوربية، ولأمراء الحرب مثل " أبو محمد الجولاني" وللقادة السياسيين الذين لا يحفلون بمؤسسات الدولة الرسمية مثل "مسرور بارزاني".
إنّ الخلاف حول الاتفاقية النفطية الأخيرة ليس سوى فصل مستجد من فصول التوتر بين الحكومة الاتحاديّة وإقليم كوردستان. فبعد دخول الاحتلال الأمريكي، وحصول الكورد على بعضٍ من حقوقهم، نشط ساسة الإقليم في استثمار أية أزمة داخلية أو تغيرات في دول الجوار او في النظام الدولي لحماية وتوسيع حقوقهم الجغرافية والسياسية والاقتصادية. وما زالت ذاكرتنا القريبة تحتفظ بالكثير من المواقف والسياسات التي نشبت بين الإقليم والمركز في فترات الانتخابات والحروب الأهلية والأزمات الإقليمية، أثرت سلبا على الحياة اليومية للشعب الكوردي. أسباب التوترات كثيرة، من بينها ان قادة الإقليم يبحثون عن حقوقهم عبر صفقات واتفاقات من تحت الطاولة مع الأحزاب السياسيّة في فترات الانتخابات، لا عبر الدستور وحقوق الإقليم القانونية، ولذلك نجد الكثير من الدعاوى القضائية التي رُفعت ضد الإقليم جرى كسبها، إنْ كان ذلك في انتخابات الانفصال او عقود شركات النفط الأجنبية أو حصة الكورد من خزينة الدولة (17%) والتي سبق للسياسي "أياد علاوي" ان اتفق مع الإقليم خارج سياقات الدولة الرسمية. وفي العودة للاتفاقية النفطية، موضوع مقالنا، فإنها ما زالت طازجة وقليلة التفاصيل ولا يمكن الحديث عن نجاحها أو فشلها، إلاّ ان ذلك لا يمنع البحث في العراقيل التي قد تواجهها. ولو تركنا إلى حين سياسات العند والتزاحم على الحصص التي تمارسها الحكومة الاتحادية في بغداد، فإن حكومة تصريف الاعمال التي يقودها "مسرور بارزاني" في اربيل ليس من صلاحيتها التوقيع على معاهدات استراتيجية، وأن مهمتها فقط الإدارة اليومية لمؤسسات الإقليم. بل حتى لو تشكّلت حكومة رسمية للإقليم فليس من حقها التوقيع على معاهدات بهذه الضخامة (110مليار دولار) من دون موافقة برلمان كوردستان وبرلمان الحكومة الاتحادية، وحتى الآن لم تتم مناقشة ذلك رسميا، الأمر الذي يبقي الاتفاقية معلقة. من العراقيل الأخرى ان مشروع الاتفاقية مقدر انشاؤه في أراضي "گرميان" على الجهة الإيرانية، وهي مناطق تابعة لمدينة السليمانية التي يهمن عليها "الاتحاد الوطني الكوردستاني، أوك" والجميع يعرف ما صنع الحداد بين الحزبين الكورديين "أوك والبارتي" طوال نصف قرن من الخلافات والضغائن والدماء. وللتذكير فقط ان الكثير من الشركات العالمية التي دخلت العراق كانت قد تلكأت مشاريعها بسبب عدم التعامل المدروس مع التهديدات الأمنية على الأرض. ومن العراقيل أيضا التي ستثير غبار الشك حول الاتفاقية النفطية الأخيرة هي ان الكورد سبق لهم ابرام اتفاقيات نفطية مع شركات عالمية من دون مشاورة الحكومة الاتحادية، أحدثت مشاكل كثيرة، تدخلت في واحدةٍ منها غرفة التجارة الدولية بباريس، قضت بتحميل تركيا خرق المعاهدات، وطالبتها بدفع مبالغ مالية لم يتم تسديدها، لجأت بعدها تركيا للضغط على الحكومة العراقية للتنازل عن حقها القانوني، وهو ما أدى إلى اغلاق انبوب النفط حتى كتابة هذه السطور. ويشير أهل الاختصاص إلى ان العراق خسر (20) مليار دولار نتيجة هذا الاغلاق.
وتأسيسا على ما مر فإنّ ثقة الساسة الكورد بالولايات المتحدة، واندفاعهم في تحقيق اهدافهم بالطرق المشروعة وغير المشروعة، سيجلب مشاكله معه، وسيجعلهم جزء من لعبة خطرة على الإقليم وثرواته. ليس فقط لأن تاريخ الولايات المتحدة خال من قصص دعم استقلال الشعوب وحقوقها القانونية، أو أن سيد البيت الأبيض سيرحل بعد أربعة أعوام وتتغير الوجوه والخرائط، بل خطورة اللعبة تتأتى من حقيقة ان السياسة الأمريكية الحالية خاضعة لمزاج "ترامب" الشخصي وطريقة تعامله مع القضايا الدوليّة كصفقات تجارية. وأنه مثلما دعم إقليم كوردستان العراق سيخذله، وسبق له ان فعل ذلك بأكراد سوريا.



#نصير_عواد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشيخ الموضوعات ويبقى الإنسان
- تأخرنا في نزع سلاح الفصائل
- متلازمة حزب البعث، وماذا بعد؟
- المفكّر نصر حامد أبو زيد -عراقيّا-
- سماع الكلام أولى من رؤية العمامة
- التشوّهات الطبقية في العراق
- عندما يخسر التلْفاز موقعه
- في تحوّل المنضمات المسلّحة إلى -الجريمة المنظمة-
- لماذا نردّد كلمات دون غيرها؟
- الدعوة لانتخاب -ترامب-
- لن يمروا، باقٍ ويتمدد، وحدة الساحات..
- هل الغرب الامبريالي فقط هو سبب مشاكلنا؟
- الاغلبية العراقيّة بين السكوت والصمت
- ديموقراطية الفوضى، خمسمائة حزب عراقي
- في انتصار الأحزاب على العراق
- السلاح الموازي متعدّد الاستعمالات
- الاغنية -السبعينيّة- سيدة الشجن العراقيّ
- حضور الجنس وغياب الحب في رواية (الحُلْو الهارب إلى مصيره)
- النّاس هم الأغنية
- خبراء خارج قائمة المطلوبين


المزيد.....




- السعودية.. فيديو إحباط تهريب أكثر من 1.8 مليون حبة إمفيتامين ...
- لوبان تلوّح بإمكانية سحب الثقة من الحكومة الفرنسية بسبب الضر ...
- السعودية.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.8 مليون حبة من مادة ...
- سرايا القدس: فخخنا منزلا في خان يونس تحصن فيه جنود إسرائيليو ...
- محادثات ترامب-إيران.. -ورقة شروط- أميركية تُربك حسابات إسرا ...
- القضاء التونسي يشدد عقوباته على 20 متهما في قضية -السفارة ال ...
- لبنان.. إغلاق معابر غير شرعية على الحدود الشمالية والشرقية م ...
- رئيس طاجيكستان يقترح وضع استراتيجية لحماية الأنهار الجليدية ...
- موقع عبري يعدّد أسباب تكتم حماس عن إعلان موقفها النهائي من ا ...
- كان مكبا للنفايات.. إسرائيل تتابع ترميم قبر -إسحاق جاؤون- في ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - الكورد، نجاح في أمريكا واخفاق في العراق