أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد جاسم دشتي - ميثالوجيا تقدير الذات | أساطيرنا الشخصية التي نصنعها لننهض














المزيد.....

ميثالوجيا تقدير الذات | أساطيرنا الشخصية التي نصنعها لننهض


محمد جاسم دشتي

الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 12:24
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


مهما كنتَ مغمورًا بصور الآخرين عنك، ستكتشف دائمًا، في أعمق لحظاتك، أنّ فكرتك عن نفسك تتبدّل بصمت، تنمو على مهل، ثم تباغتك بحقيقتها في لحظة صفاء. إنك أمام مرآة وعيك ترى وجهًا لم تألفه من قبل: وجهًا نَحَتته التجارب، وصقلته الخيبات، وارتفع بفضل إيمانك بأنك قادر على أن تجعل من حياتك قصة تستحق التأمل.

وكأنك، وأنت تراقب صورتك في مرايا وعيك، ترى ذاتك تتأرجح بين ظلٍّ ونور، تختبر هشاشتها حينًا وقوّتها حينًا آخر، فتدرك أن تقدير الذات ليس عطية جاهزة، بل كتابة يومية، وأن كل جرح، وكل تنهيدة، وكل عودة من سقوط، إنما يحفر فيك معنى جديدًا، يضيف فصلًا آخر إلى أسطورتك.

وتفهم أن كل شيء يبدأ من الجوهر، من ذلك الصدق الأول مع الروح. حين تواجه نفسك في أعماقك، وتكف عن التنكر لملامحك، تبدأ بالتصالح مع المرآة الداخلية. وحين تتأنّق في خيالك، وتمنح صورتك في مخيلتك قدرًا من الجمال النابع من الصدق، تسير في الدنيا بخفة مدهشة، وفي حضور ثقيل المعنى، جميل المحيا، كأنك تقول للعالم: أنا هنا بما فيّ، لا بما يريد الآخرون أن أكون.

ثم، وأنت تنسج ميثالوجياك، تتساءل بصوت خافت: أي أثر أريد أن أتركه في سجل عائلتي؟ وكيف أحب أن يذكرني الذين أحببتهم؟ وتعلو بك الأسئلة: ما موقعي في سجل وطني؟ وما نصيبي، مهما كان صغيرًا، من ذاكرة هذا العالم؟ هل ستبقى حكايتي محصورة بين جدران بيت وصورة مؤطرة، أم ستجد طريقها، ولو بخيط واهن، إلى شيء أكبر؟ أسئلة لا تطلب منك بطولة كبرى، بقدر ما تطلب منك أن تصغي إلى ما تستطيع أن تمنحه وتتركه، في زمن تُستهلك فيه الأساطير بسرعة وتُنسى.

وتدرك أن هذه الأسطورة التي تصنعها ليست عزلة متعالية، بل خيط دافئ بينك وبين من حولك. فأنت لا تنكر أبطالهم ولا تقلل من حكاياتهم. بل تراهم كما هم: جميلون بأساطيرهم، كما أنت جميل بأسطورتك. تحبّهم لأنك تعرف أن كلاً منهم يقف في قلب حكايته الخاصة، يصارع تنينه الخاص، ويحمل جناحيه بين الحذر والرغبة.

إن تقدير الذات ليس ترفًا ولا تصنعًا ولا وهمًا هشًا. إنه ميثالوجيا شخصية، تُنقذ بها قلبك من الضياع. تخيطها كما يخيط الشاعر ملحمته، عارفًا أن لكل إنسان نثره الذي لا يشبه سواه. إنها خيوط من الألم، والسقوط، والفقد، والانتصار الصغير، ومن القدرة على البدء من جديد وكأنها المرة الأولى.

كلما أحببت نفسك بصدق، كلما رأيت هشاشتك امتدادًا لقوتك، وكلما منحت أسطورتك دفئًا ورحابة، ازددت قربًا من البطولة الحقيقية: أن تمضي خفيف الخطى، ثقيل الحضور، جميل المحيا، صادقًا مع نفسك أولًا، محبًا لمن حولك كما هم، واثقًا أن لكل واحد أسطورته، وأن أسطورتك أنت، مهما بدت بسيطة، كافية لتملأ مكانك بكرامة وهدوء وضياء.



#محمد_جاسم_دشتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في فلسفة ما بعد الرحيل
- الرجماتية والمأذون


المزيد.....




- دمشق تشكل لجنة تحقيق في أحداث السويداء
- بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغت ...
- المبعوث الأميركي يشيد بالشرع وإسرائيل توجه رسالة لدمشق
- ويتكوف يزور غزة.. وإسرائيل تلمّح إلى إمكانية توسيع عمليتها
- حماس وفصائل أخرى: الطريق إلى الحل يبدأ بوقف الحرب
- بشرى لمرضى الشلل.. شريحة في الدماغ قد تتيح التحكم بالأدوات
- لقاء سوري إسرائيلي جديد.. بين رسم تفاهمات وتصفير المشكلات
- دمشق تعلّق على -اللقاء التاريخي- بين بوتين والشيباني
- وزارة العدل السورية تشكل لجنة للتحقيق في أحداث السويداء
- سلوفينيا تحظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل على خلفية حرب غزة


المزيد.....

- عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السو ... / بندر نوري
- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد جاسم دشتي - ميثالوجيا تقدير الذات | أساطيرنا الشخصية التي نصنعها لننهض