أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عدي الراضي - التنشيط الثقافي بين الترفيه الهادف وعبث التطفل.














المزيد.....

التنشيط الثقافي بين الترفيه الهادف وعبث التطفل.


عدي الراضي
باحث في التاريخ والتراث.

([email protected])


الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 18:16
المحور: قضايا ثقافية
    


التنشيط الثقافي بين الترفيه الهادف وعبث التطفل
بقلم: عدي الراضي

في زمن التعدد الثقافي والانفتاح الإعلامي، أضحى التنشيط الثقافي في المهرجانات والمناسبات الرسمية والمجتمعية أحد الروافد الحيوية في تشكيل الذوق العام وترسيخ القيم الجمالية والفكرية لدى الجمهور. غير أن هذا الدور، الذي يفترض أن يُناط بالكفاءات المتخصصة، بدأ يتحول إلى حقل للتجريب المجاني، وملاذ للمتطفلين الذين يفتقرون لأبسط أدوات التنشيط، سواء من حيث التكوين أو اللغة أو الوعي بالرسائل الثقافية المنوطة بهم. التنشيط الثقافي ليس مجرد حضور على الخشبة أو ترديد كلمات محفوظة، بل هو عملية معقدة تتداخل فيها الكفاءة اللغوية، والوعي الثقافي، والقدرة على التواصل مع جمهور متنوع. ولهذا الغرض، أنشئت معاهد متخصصة كالمعهد العالي للصحافة والتنشيط الثقافي، لتكوين منشطين يجمعون بين الاحتراف والرسالة، ويستطيعون تحويل المناسبات إلى لحظات تنوير وترفيه ملتزم. لكن في ظل تفشي منطق المحسوبية والتساهل في المعايير، أصبحنا نرى كيف يتسلل إلى واجهة المهرجانات أشخاص لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بعالم التنشيط الثقافي. يكفي أن يكون "المنشط" معروفًا على وسائل التواصل، أو من حاشية أحد المنظمين، ليتصدر منصة مهرجان وطني أو محلي يُفترض أنه يعكس صورة ثقافية عن المدينة أو الجهة. هكذا، اختلط الترفيه بالابتذال، وغابت الرسائل التربوية والإنسانية والاجتماعية، لتحل محلها لغة هجينة، ونكات سمجة، وسلوكيات لا تمت للثقافة بصلة. يظل الترفيه جزءًا لا يتجزأ من الوظيفة الثقافية، لكنه لا يعني الانحدار إلى التهريج والميوعة. فالمهرجانات ليست فقط مناسبات للفرح، بل منصات للتعبير عن الهوية الثقافية، وتثمين الموروث المحلي، والانفتاح على الآخر من موقع المعرفة والاحترام. وما يُنذر بالخطر هو أن يصبح التنشيط، في بعض المناسبات، أداة لهدم الذوق العام عوض أن يكون مدخلًا لتأهيله. فحين يصعد إلى الخشبة منشط يخطئ في أسماء الضيوف، أو لا يُحسن نطق العربية أو الأمازيغية، أو يطلق تعليقات بذيئة في حضور الأطفال والعائلات، فإننا أمام خلل عميق لا يجب التساهل معه. المفارقة أن كثيرًا من الجهات المنظمة تغض الطرف عن ضرورة اعتماد معايير واضحة لاختيار المنشطين، مثل الكفاءة اللغوية، التجربة الميدانية، التكوين المعتمد، والقدرة على التفاعل مع مختلف الفئات. وتُستبدل هذه المعايير بعوامل لا تمت للمهنية بصلة، كالعلاقات الشخصية، أو الشعبية الافتراضية، أو الانتماء السياسي أو الجمعوي. لا يمكن إصلاح هذا الخلل دون الرجوع إلى مبدأ التكوين والتأهيل. فلا يعقل أن تظل المهرجانات، التي تُنفق فيها ميزانيات ضخمة، رهينة لأشخاص لا يمتلكون أدوات التواصل ولا حس المسؤولية. يجب منح الفرصة لخريجي المعاهد، وإطلاق برامج تكوين مستمر، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية للمنشطين المعتمدين، أسوة بما يحدث في كثير من دول العالم. إن ما يحدث اليوم هو موت سريري بطيء للثقافة الجماهيرية. فحين تصبح الرسالة الثقافية في يد من يجهلها أو يحتقرها، فإن النتيجة لا تكون سوى تعميم التفاهة وتهميش الوعي. لذلك، فإن المعركة الحقيقية ليست ضد أشخاص بعينهم، بل ضد منظومة تطبيعية تسمح بالرداءة وتقصي الكفاءات. وإذا كانت المهرجانات مرآة للمجتمع، فإن صورة هذا الأخير باتت مشوشة، تحتاج إلى إعادة ضبط عدسة الكاميرا وضبط المايكروفون في يد من يستحقه. الترفيه ضروري، نعم. لكن الترفيه الهادف هو ما نحتاجه. المنشط ليس مهرّجًا، بل هو قائد للجمهور، وصوت للمجتمع، ورسول للقيم. وحين يدرك المنظمون والجهات الداعمة هذه الحقيقة، يمكن حينها أن نستعيد ثقة الجمهور في مهرجاناتنا، وفي ثقافتنا التي لم تمت بعد… ولكنها تستغيث.



#عدي_الراضي (هاشتاغ)       [email protected]#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مسقط الرأس ومسقط القلب: مقاربة نفسية بعلاقة الإنسان بالم ...
- الشباب المغربي وسؤال القدوة : حين تخصب التفاهة وتجف القيم.
- أيت هرهور : البنية المجالية والتحولات السوسيو-تاريخية
- أضواء كاشفة على جوانب قاتمة من تاريخ قرية أفراسكو النائية.
- ثورة الملك والشعب قفزة نوعية في مسيرة الكفاح الوطني بالمغرب.
- الوضعية الاقتصادية والإجتماعية لقبائل الجنوب الشرقي بعد معرك ...
- قراءة في قصيدة -نسير في فوضى -للشاعرة فاطمة بورزى.
- معركة -تحيانت-محطة نوعية في تاريخ مقاومة أيت حديدو للإستعمار ...
- التقاط الأخبار ؛بين سطور الأسفار؛ لإنارة عتمة تاريخ مجاط.
- -ثِمْجّاط-مجال الرعي ومنتجع الرحال.
- جيل مخضرم.
- -زلاغ -و-ثغاط-أعلام أمازيغية تحرس مدينة فاس.
- شظايا جسد متفتت.
- جسور من الاوراق.
- أشاوس المقاومة المنسيون من رجال أيت حديدو الشجعان:عادين وعرا ...
- القنديل الوامض في عتمة تاريخ قرية أفراسكو الغامض.
- -أنرار- في تاريخ قصور منابع زيز بين الوظيفة الزراعية والسوسي ...
- أنوار ساطعة على أركان دامسة من تاريخ تاعرعارت المنسية.
- منتدي شباب اميلشيل من أجل التنمية المستدامة: قراءة في الشعار ...
- الأنظمة الرعوية بأعالي زيز-تويلي-نموذجا.


المزيد.....




- إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن ودوي صفارات الإنذار ...
- علماء يكتشفون أكبر اندماج على الإطلاق بين ثقبين أسودين هائلي ...
- طواف فرنسا: الهولندي آرينسمان يحقق انتصارا بطوليا وبوغاتشار ...
- مظاهر تصاعد وتيرة التحريض العنصري والسياسي على فلسطينيي 48
- خامنئي: تطوير القدرات العسكرية والعلمية سيشهد تسارعا
- فرنسا تدعو لتوحيد سوريا عبر حلول سلمية وضمان حقوق الأكراد
- وسط مواقف متباينة.. فرنسا تدافع عن قرارها الاعتراف بدولة فلس ...
- حرائق جديدة تلتهم غابات تركيا والحكومة تعلن منطقتي كوارث
- مراقبون: مقتل العشرات بهجمات للدعم السريع في قرية بغرب السود ...
- بسبب الحرب في غزة.. هل ستنهج ألمانيا موقفا أكثر صرامة إزاء إ ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عدي الراضي - التنشيط الثقافي بين الترفيه الهادف وعبث التطفل.