علي الرديني
الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 20:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
من عمق التجربة ومراقبة الذات ومن حياة الزهد والتأمل التي عاشها الحكماء المتصوفة والرهبان القدامى , ظهرت مفاهيم روحية عميقة تتناول ما يعرف بطاقة الحياة تلك القوة الحيوية التي تنشط الجسد وتوقظ الوعي وتغذي الفلب وتربط الروح بمصدر النور الأعلى.
هذه الطاقة حملت أسماء مختلفة حسب الثقافات :
البرانا ( قوة الحياة الحيوية النابعة من الخالق) في الفلسفة الهندية
التشي ( الطاقة الداخلية الكامنة في الجسم ) في الطب الصيني
الكي ( الطاقة الكونية المستخدمة للشفاء باللمس) في الثقافة اليابانية
الأنوار ( التجليات الروحية) والهمة ( قوة الإرادة والنشاط الداخلي وشحنة روحية) والنفحات ( مدد روحي يحي القلب) في التصوف الإسلامي.
ما يقوى هذا النوع من الطاقة هو الدعاء والصلاة وقراءة النصوص المقدسة والتسابيح بشكل متكرر أو بممارسة التأمل والتنفس العميق والصمت والقيام بحركات معينة مع تركيز واستحضار النية للنماء الروحي والشفاء من خلال اليوغا والتي تشي والريكي وغيرهم.
نشرح بإيجاز ابرز الممارسات الروحية المتربطة بالطاقة :-
1-اليوغا: تعني الاتحاد في سنسكريتية أي اتحاد الانسان مع الكائن الأعلى والروح الإلهية الأسمى لتحرر من المعاناة وتحقيق السلام الداخلي وبلوغ حالة التنوير وصفاء الذهن. مارسها قديما حكماء الهند والريشيون وهي تشمل مجموعة من الحركات والوضعيات الجسدية وتامل العميق والتنظيم التنفس والتركيز والابتعاد عن ثرثرة العقل ومؤثرات الحواس الخارجية والالتزام بسلوك أخلاقي منضبط للوصول الى السمو الروحي للاتحاد مع الذات العليا.
بسبب تصاعد وتيرة الحياة وشدة تعقيدها وكثرة مشاغلها بات الناس في حاجة لمثل هذه الممارسات التي تساعد على خفض التوتر والقلق وضبط النفس ودعم الشفاء البدني والنفسي والعاطفي.
2- (Tai Chi)التي تشي : وتعني الطاقة العليا
وهي فن قتال صيني تطور عبر الزمن ليصبح ممارسة تستخدم لتحسين تدفق الطاقة في الجسم وتحفيز الشفاء الذاتي والتخلص من القلق وتحقيق التوازن بين الجسد والنفس والعقل وتنقية الذهن يجمع بين التأمل والحركة والتنفس ويعد من أدوات المهمة في الطب الصيني القديم ويرتبط بالفلسفة الطاوية ومبدأيها الين واليانغ أي التوازن بين القوى المتضادة.
3-(Reiki) الريكي :وتعني الطاقة الكونية التي تدعم قوة الحياة والتي تتدفق في كل كائن حي وهي فن علاجي ياباني يقوم على نقل الطاقة الكونية (كي) عبر اليدين بوضعها بالقرب من جسد المريض او فوقه مباشرة للمساهمة في شفائه من خلال تمرير الطاقة الكونية لفتح مسارات المغلقة واذابة انسدادات الطاقية في قنواتها وتحفيز الشاكرات لاستعادة التوازن بين الجسم والعقل والروح.
ومبادئ الريكي الخمسة التي أوصى بها مؤسسها والذي أعاد اكتشافها الطبيب والراهب الياباني ميكاو اوسوي وهي كتالي:
لا تغضب
لا تقلق
كن ممتنا
اعمل بجد وإخلاص
كن لطيفا مع نفسك ومع الاخرين
اما المفاهيم الصوفية المرتبطة بالطاقة :-
1-التجلي: في الفلسفة الصوفية هو ظهور نور إلهي يلقيه الله في قلب عبده كإشراق وهبة دون كسب مباشر س يرفع ذبذبات النفس ويحركها نحو السمو بعد ان تصفى النفس من درائنها ويهذب القلب ويشفى من امراضه ويفتح شاكرا التاج والعين الثالثة (البصيرة).
2-الهمة: هي القوة الداخلية دافعة للتحول والتغير والترقي في المقامات نحو الله بنية طاقية مركزة يشحن الإرادة للاتصال الروحي الأسمى.
3-النفحات: هي تدفق مفاجئ للطاقة وتساهم في شفاء العبد وتمنحه الطاقة والسكينة والفهم الصافي وتؤثر في شاكرة التاج والقلب.
ولابد لنا ان نبين أيضا ماهي المصطلحات المهمة التي ذكرناها أعلاه مثل الشاكرات وقنوات الطاقة.
(Chakra) الشاكرات: تعني عجلة او دوامة بالسنسكريتية ويعتقد انه مراكز الطاقة غير مرئية في الجسم وتعد الشاكرات السبع هي الرئيسية والتي تمتد على طول العمود الفقري من قمة الراس الى القاعدة وكل واحده منهم ترتبط بوظائف جسدية ونفسية وعقلية وروحية وطريقة عملهم كتالي:
أولا: شاكرا الجذر او الأساس الذي يقوم عليه الشيء وتقع في قاعدة العمود الفقري عند عظم العصص وتمثل البقاء والانتماء والأمان والاستقرار النفسي والجسدي والارتباط الاراض وعنصرها الأرض ولونها الأحمر.
ثانيا: شاكرا العجز وهي مقر الذات والقوة الذاتية وتقع أسفل البطن بين السرة وعظمة العانة وتمثل المشاعر والعلاقات والابداع والمتعة والخصوبة ويرمز لها بالعنصر المائي ولونها البرتقالي.
ثالثا: شاكرا الضفيرة الشمسية وتقع في منطقة البطن فوق السرة مباشرة وتمثل الثقة بالنفس والإرادة وقوة الشخصية وضبط الذات والقوة الداخلية وعنصرها النار ولونها الأصفر الذهبي.
رابعا: شاكرا القلب تقع في منتصف الصدر فوق القلب وتمثل الحب والعاطفة والاتزان والغفران والعطاء والتوازن بين الروح والجسد وعنصرها الهواء ولونها الأخضر او الوردي.
خامسا: شاكرا الحنجرة تقع عند الحلق وترمز الى التواصل والتعبير الذاتي والصدق والابداع الصوتي وعنصرها الاثير الفضائي ولونها السماوي او الفيروزي.
سادسا: شاكرا العين ثالثة وتقع في مركز الجبهة بين الحاجبين وترمز الى الحدس والبصيرة والتفكير العميق وحدة الادراك وعنصرها الضوء ومرتبطة بالدماغ والعينان والغدة الصنوبرية وتعطى اللون النيلي.
سابعا: شاكرا التاج وتقع اعلى الراس وهي مرتبطة بالروحانيات والاتصال بالسماء يرمز لها بزهرة لوتس وعنصرها غير مادي وتمثل الصفاء والحكمة والاتصال بالمصدر الهي وتعطى اللون الأبيض الذهبي والبنفسجي.
عبر التأمل العميق والمراقبة للنفس والوعي التي مارسها الريشيون الهنود واليوغيون لساعات طويلة يوميا تم تحديد ومعرفة هذه الشاكرات ولمسوا أثرها الفعال في مشاعرهم وعيهم واجسادهم وصحتهم عند التركيز على مراكز معينة مما أكد لهم أن هناك طاقة نشطة في تلك المناطق مثلا لاحظوا أن الخوف مرتبط بأسفل العمود الفقري (شاكرا الجذر) والحب مرتبط بشاكرا القلب والابداع الصوتي واللغوي مرتبط بشاكرا الحلق.
مسارات او انابيب الطاقة: هي قنوات غير مرئية التي تتحرك الطاقة الحيوية من خلالها داخل الجسم وتربطه بالشاكرات واذا أغلقت تسبب التوتر والخمول والتعب وتسمى في الطب الصيني الميريديان (Meridians)
وفي الطب الهندي او المارما تسمى ناديز (Nadis) وفي الريكي تسمى كي.
لا يعترف الطب الحديث بوجود هذه الطاقة بل يقر بأثرها الواضح على تحسين أداء الجهاز العصبي والمناعي والحالة النفسية والجسدية ويمكن اعتبارها نظام متداخل من أنسجة، أعصاب، وسوائل، يستجيب بطريقة دقيقة لممارسات مثل اليوغا، والريكي، أو الوخز بالإبر الذي يحفز نقاط معينة في الجسم التي يمكن ان تفسر علميا نقاط ذات كثافة عصبية وعضلية عالية او مناطق ذات مقاومة كهربائية منخفضة في الجلد او تفسر هذه المسارات الطاقية باللفافة وهي نسيج يضم ويربط العضلات والأعضاء لان هناك تشابه كبير بين نقاط خارطة الميريديان وشبكة اللفافة لهذا قد تصنف على انها نوع من الطاقة الكهربائية العصبية تنقل عبر انسجة الجسم.
يمكن ان نشبه الشاكرات بالمصابيح والمسارات الطاقية بالأسلاك الكهربائية فان حصل انقطاع في سلك من الاسلاك او كان هناك أي عائق لن تصل الطاقة لشاكرا لكي تشغلها وتنشطها.
ليس من السهولة نكران مثل هذه المنظومة التي كشفها الانسان قبل الميلاد بعد ان عاش مراقبا لنفسه وحركة الكائنات من حوله والكواكب واجرام من فوقه وربط بين تناسق حركاتها وحياته وتدفق الطاقة بين السماء والأرض وتأثيرها على نفسه فتوصل الى فهم روحي عميق يربط الوعي وبالطبيعة والكون.
وصفوة القول لمن أراد تحسين نفسيته وضبط انفعالاته وسمو بذاته ودخول جنته عليه بتزكية النفس وتطهير القلب والتقرب الى الله بالعبادات والابتهال اليه بالدعوات ودمتم في رعاية الله ونوره.
#علي_الرديني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟