أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - الوطنيون العراقيون... لديهم ما يخسرونه















المزيد.....

الوطنيون العراقيون... لديهم ما يخسرونه


نصير عواد

الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 00:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس ثمة في عراق "بول بريمر" ما هو أكثر حزنا من رؤية الوطنيين وهم يقلّلون من قيمة الدولة، ولا يرون غضاضة في عودة المجتمع إلى مؤسسات ما قبل الدولة، إلى الطائفة والقبيلة. لا نريد الدخول في متاهة مصطلحات "الدولة، الوطن، الحكومة، السلطة..." فالاحتلال الأمريكي أعاد البلد إلى ما دون الصفر، جرف معه الأحزاب والأيدولوجيات والتقاليد السياسية التي كانت سائدة طوال القرن الماضي، وأحدث فراغا سرعان ما امتلأ بمجموعات غاضبة كانت غائبة عن المشهد، تبحث عن دورٍ لها وسط الفوضى. صاحب ذلك ظهور شرائح وطنية وجدت سهولة عقلية واجتماعية في العودة إلى طوائفها، بعد ان عانت من تجارب قومية واشتراكية قاسية. وبعد أعوام من الاستقواء ومن تعطيل آلة الدولة وإضعاف مؤسساتها وجدت الأحزاب الإسلامية واجنحتها المسلّحة الحل برفع شعارات معادية للغرب الرأسماليّ وراعيته أمريكا، لغرض إلهاء العراقيين وجذب الوطنيين وتأجيل البحث في مشاكل البلد الاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة، صار فيه الحديث عن تدعيم المؤسسات وحصر السلاح بيد الدولة سيضع صاحبه في شبهة العداء للدين وللعملية السياسيّة، وقد يضعه في خانة العمالة لأمريكا.
في مكان آخر قلنا ان الشعارات التي ترفعها الاحزاب الإسلامية ضد الولايات المتحدة الأمريكية تُعلن غير ما تُبطن، فهي تُستخدم للاستهلاك الإعلامي تارة وتارة أخرى هراوة لإسكات الآخرين وثالثة لتحويل الأنظار عن المشاكل الحقيقية التي يواجها البلد... في حين يعلم القاصي والداني ان الولايات المتحدة هي التي جلبت أصحاب "الأيدي المتوضئة" من المنفى وسنت لهم دستورا مكوناتيا يحلمون في الحصول عليه في ظل أي نظام وطني، وافسحت لهم المجال بتشكيل احزاب إسلامية وفصائل مسلّحة هيمنت على مقدرات البلد، فماذا يريدون أكثر من ذلك؟ ولو توقفنا قليلا عند السياسة الأمريكية المعادية للشعوب فالمواطن العراقي تشرّب بها منذ طفولته، وأن الحكومات والأحزاب الاشتراكية والقومية تبنت طوال القرن الماضي سردية العداء لأمريكا، الأمر الذي جعل من السهولة إلقاء اللوم على أمريكا وتحميلها كلّ مشاكلنا، بما فيها اوساخ شوارعنا وعدم ذهاب أطفالنا للمدارس. والمفترض بالوطنيين أصحاب الخبرة أنهم يعرفون جيدا ألاعيب السلطة، ولا يغيب عنهم ان حكومات "الأنفاس الزكية" ترفع شعار معاداة أمريكا وإسرائيل لخلق حالة شبيهة بتلك "القوانين العرفية" التي كان القادة العرب في السابق يفرضونها لإسكات شعوبهم. ومع ذلك وقع العديد من الوطنيين في مكيدة اعتبار ان الشعارات التي ترفعها الأحزاب الإسلامية ضد الولايات المتحدة هي للدفاع عن العراق، حتى لو ضربت اجنحتها المسلّحة مواقع مدنية وقتلت جنودا عراقيين واحدثت اضطرابا في المجتمع.
الوطنيون واليساريون الذين حملوا ألقاب عشائرهم، ووضعوا على جنب أسمائهم الثلاثية، يعارضون العملية السياسية الطائفية وفي ذات الوقت يدعمونها بما يتبنوه من مواقف ضد القوى المناهضة للعملية السياسية. هم، الوطنيون، لا يبحثون عن انتماء بديل ولكنهم يشعرون بأنهم ما زالوا قادرين على المشاركة وأن دورهم لا يقتصر بالضرورة على عمل سياسي معين، وهو ما ألبسهم ثوب الوطني المسكين الذي يساير ويبرر ويعمم. فبخصوص انفلات السلاح، على سبيل المثال لا الحصر، تجدهم يميلون إلى التعميم بقصد التقليل من خطورة الظاهرة، ويسهبون بالحديث عن سلاح العشائر وسلاح البيشمه ركه الكُردية، ويدعمون ذلك بالأرقام والمصادر، لغرض إيصال معلومة أن سلاحا كثيرا خارج سلطة الدولة وليس فقط سلاح الأحزاب الإسلامية. ولم يكلفوا أنفسهم التوقف عند حقيقة ان سلاحا بيد المليشيات الشيعية مجهولة أهدافه وأعداده وتمويله، وآخر بيد الفصائل الكُردية معلومة اعداده وأهدافه. ومع ذلك يبقى تعميم ظاهرة انفلات السلاح مقبولا في إطار فهم دوره في تهديد الاستقرار المجتمعي، على ان لا يلغي الفوارق المهمة بين سلاح وسلاح. فسلاح الفصائل نشأ في العراق مع دخول الاحتلال الأمريكي، وظيفته حماية الطائفة والعملية السياسيّة لا حماية البلد، في حين ان سلاح العشائر والكُرد قديم وله مبرراته الاجتماعيّة والسياسيّة. فالشعب الكُردي مثلا له خصوصية قومية وحقوق شرعية وأحزاب مقاتلة في الجبال سبقت حتى تأسيس الجمهورية العراقيّة. ينبغي الإشارة إلى ان تركيزنا أكثر على سلاح الفصائل لا يعني بأي حال التغطية على سلاح آخر، ونرى ان ساسة الإقليم وساسة المركز عملا معا على نهب واضعاف الدولة العراقية، وأن قوات البيشمه ركه الكُردية التي قاتلت عشرات الأعوام دفاعا عن حقوق شعبها القومية تحوّلت بعد الاحتلال إلى فصائل تحمل اجندات حزبية وعشائرية، منذرة بصدامات داخلية، أخطرها كُردي كُردي.
الوطنيون واليساريون الذين حملوا السلالم بالعرض لديهم اعتراضات على كل ما يجري بالعراق، وهم على حق في كثير منها: اعتراضات على العملية السياسيّة الطائفيّة وعلى إقليم كُردستان الذي يتعامل كدولة جارة، ولديهم اعتراضات على الأحزاب الوطنية المعارضة للعملية السياسية وعلى الحراك الجماهيري المطالب بحقوقه المعيشية والوطنية، الذي جسدته تظاهرت تشرين (2019). فيما يخص الجزء الأخير فلقد شكّك بعض اليساريين بدايةً بمن يقف خلف التظاهرات، ثم تحولوا إلى اسداء النصح لحراكها والتساؤل عن أسباب غياب التنظيم عنها، انتهى الأمر إلى غمزها من طرف السفارة الأمريكية، وهي ذات التهمة التي أطلقتها الفصائل المسلّحة على المتظاهرين المطالبين بوطن في ساحة التحرير. يومذاك وقفت المرجعية الدينية في النجف إلى جانب المتظاهرين، وطالبت مرارا بحصر السلاح بيد الدولة، ومع ذلك لم يتم اتهامها بالعمالة لأمريكا، لا من الإسلاميين ولا من غيرهم، فعلى ما يبدو ان التهم الجاهزة لا يمكن اطلاقها في كل الأوقات. بعض حَمَلة السلالم بالعرض، من الذين يهونون من قيمة الدولة ويشككون بحراك الجماهير، ويعظمون دور السلاح والأفراد، لا يستطيعون هضم حكاية انّنا نحترم كثيرا السيد "حسن نصر الله" باعتباره صاحب قضية ضحى بحياته من أجلها، ولكنّنا لا نتفق مع مشروعه السياسي-الطائفي الذي أضعف الدولة اللبنانية وساند البعثيين في قمع الشعب السوري وأرسل مدربيه إلى دول مضطربة كاليمن والعراق لتدريبهم على أساليب الحرب الأهلية. هم، اليساريون، يظنون ذلك تناقضا في المواقف، في حين نرى نحن أن سلاح "المقاومة" وضعنا امام معادلة سياسية لا تستقيم مع المنطق، فكيف بفصائل وأحزاب تؤذي شعبها وتضعف دولتها، وفي ذات الوقت تناوئ أمريكا وتنشد تحرير شعب آخر "فلسطين" فلقد كان ديكتاتور العراق قد سبق الأحزاب الإسلاميّة واجنحتها المسلّحة في أذلال شعبه وفي عدائه لأمريكا وفي رفع شعار تحرير القدس عبر "عبادان" في ظروف الحرب العراقيّة/الإيرانيّة. هذا الخطل القومي عند ديكتاتور العراق يشبه إلى حد بعيد الخطل الديني عند "السيد الخميني" في ذبحه المعارضين الإيرانيين وفي ذات الوقت عدائه لأمريكا ورفعه شعار تحرير القدس عبر كربلاء، وبالتالي لا غرابة في سوق الشعارات هذا أن يُذبح فقراء العراق واليمن ولبنان وإيران... وان يستمر احتلال القدس وتستمر معه معاناة الشعب الفلسطيني.



#نصير_عواد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد، نجاح في أمريكا واخفاق في العراق
- تشيخ الموضوعات ويبقى الإنسان
- تأخرنا في نزع سلاح الفصائل
- متلازمة حزب البعث، وماذا بعد؟
- المفكّر نصر حامد أبو زيد -عراقيّا-
- سماع الكلام أولى من رؤية العمامة
- التشوّهات الطبقية في العراق
- عندما يخسر التلْفاز موقعه
- في تحوّل المنضمات المسلّحة إلى -الجريمة المنظمة-
- لماذا نردّد كلمات دون غيرها؟
- الدعوة لانتخاب -ترامب-
- لن يمروا، باقٍ ويتمدد، وحدة الساحات..
- هل الغرب الامبريالي فقط هو سبب مشاكلنا؟
- الاغلبية العراقيّة بين السكوت والصمت
- ديموقراطية الفوضى، خمسمائة حزب عراقي
- في انتصار الأحزاب على العراق
- السلاح الموازي متعدّد الاستعمالات
- الاغنية -السبعينيّة- سيدة الشجن العراقيّ
- حضور الجنس وغياب الحب في رواية (الحُلْو الهارب إلى مصيره)
- النّاس هم الأغنية


المزيد.....




- أمريكا: هبوط اضطراري لطائرة بملعب غولف.. ومصادرة كوكايين بقي ...
- سوريا.. عشائر الجنوب تعلق على بيان الرئيس أحمد الشرع
- سوريا.. أحمد الشرع يعلق على أفعال بعض الدروز في السويداء وال ...
- سوريا: الرئاسة تعلن وقف إطلاق نار -فوري- في السويداء وتدعو ك ...
- الشرع: سوريا ليست ميدانا لمشاريع الانفصال
- فريدريش ميرتس ..لماذا يشكر إسرائيل على قيامها بـ-أعمال قذرة- ...
- الاحتلال يوسع اقتحاماته بالضفة ويجبر فلسطينيين على هدم منازل ...
- لماذا لا تُصنّع هواتف -آيفون- في أميركا؟
- قوات العشائر السورية تدخل عددا من البلدات في محافظة السويداء ...
- القنبلة التي قد تعيد تفجير الصراع بإقليم تيغراي الإثيوبي


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصير عواد - الوطنيون العراقيون... لديهم ما يخسرونه