أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة ومكافحة بطالة الشباب














المزيد.....

صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة ومكافحة بطالة الشباب


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 09:37
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في بلادٍ يزخر شبابها بالطاقة والطموح، لكنهم يقفون طويلاً على أعتاب الفرص الموصدة، باتت البطالة أكثر من أزمة اقتصادية؛ إنها قيدٌ ثقيل على الحاضر، وتهديد صامت للمستقبل. فما من دولةٍ يطول فيها انتظار الشباب دون عمل، إلا ويذبل فيها الأمل، وتخور فيها ركائز الاستقرار.
إن استمرار هذا الواقع بلا حلول جذرية، لا يعني فقط ضياع الطاقات، بل هو إيذان بانزلاق المجتمع نحو الاحتقان والتهميش والاضطراب. ومن هنا، تبرز الحاجة إلى رؤية وطنية تُعيد تنظيم العلاقة بين المواطن والعمل، وتُؤسّس لنهضةٍ تُبنى بسواعد العراقيين، لا على استيراد الجاهز ولا على اتكال الريع.
وليس من قبيل المبالغة أن نذكّر بحقيقة ديموغرافية صلبة: لقد شهد العراق قبل عشرين عامًا معدلات ولادة سنوية تراوحت بين 600 ألف و800 ألف مولود جديد، ما يعني أن ملايين من أولئك الأطفال أصبحوا اليوم في سنّ العمل، يطرقون أبواب الحياة، ويتطلّعون إلى فرص تُنصف أعمارهم وتعترف بكرامتهم.
فهل تستطيع الدولة، بكل ما تحمله من التزامات وتحديات، أن توظّف كل هذا الزخم البشري في الوظيفة العامة؟ وهل من المنطقي أن نواجه هذا الطوفان السكاني بسياسات التعيين وحدها؟ إن الإجابة تفرض علينا انتقالاً شجاعاً من منطق التوظيف إلى منطق التمكين والإنتاج، ومن انتظار الفرصة إلى صناعتها.
لقد آن للعراق، بوصفه دولة غنية برجاله وثرواته، أن يتحرّر من منطق التوظيف الوهمي وأن يبني استراتيجيته الاقتصادية على أساس العمل المنتج والمهارة المحلية. فما زال آلاف الشباب العراقيين يقفون على الأرصفة بانتظار فرصة، بينما تتدفق العمالة الأجنبية إلى قلب المصافي والحقول النفطية والفنادق الراقية والمطاعم والمشاريع الحيوية، من دون رؤية تحمي حق الوطن في أبنائه.
إنَّ تأخر الدولة في استثمار طاقاتها الشابة لا يعني فقط تفويت فرص للنمو، بل يُشكّل تحديًا حقيقيًا يتطلب التفاتة جادة. فالبطالة حين تطول وتتمادى، تُضعف الثقة، وتُنهك الروح المجتمعية، وتفتح نوافذ القلق على المستقبل. ومن هذا المنطلق، فإن الحاجة الوطنية تستدعي اليوم تبنّي استراتيجية شاملة لتأهيل وتشغيل الشباب المهني، باعتبارها ضرورة تنموية وأمنية في آنٍ معًا، وخطوة مسؤولة نحو ترسيخ الاستقرار، وصناعة اقتصاد أكثر توازنًا وعدالة.
ففي قطاعات حيوية كالنفط والغاز والبتروكيمياويات، لم تعد الغلبة للخبرة العراقية، بل للعمالة الصينية والهندية والفلبينية. وفي السياحة الدينية والفندقة والمطاعم، بات السوري والآسيوي حاضراً، بينما يُهمّش الشاب العراقي لغياب التأهيل والدعم المؤسسي.
نحن اليوم بحاجة إلى إرادة سياسية شجاعة تُعيد ترتيب الأولويات، وتمنح المهنة هيبتها، وتفتح أبواب التمويل والتدريب، وتحوّل الحرفيين الشباب من عاطلين إلى بنّائين للوطن.
نحتاج إلى مشروع يحمل عنوانًا صريحًا: "صُنّاع العراق" – مشروع يعيد صياغة العلاقة بين الشباب والدولة على أساس العطاء لا الاستجداء، والإنتاج لا التوظيف الاتكالي.
وإن من دواعي هذا المقترح الوطني أن العراق، وهو يخوض معركة الاستقرار الاقتصادي، يشهد استنزافًا خفيًا لكنه مؤثر لاحتياطياته من العملة الصعبة، بفعل التحويلات المالية المتزايدة التي تُجريها العمالة الأجنبية، والتي تتجاوز في كثير من الأحيان ما يُعاد استثماره داخل البلاد. فالدولار الذي كان يُفترض أن يُضخ في مشاريع وطنية، أو أن يُعاد تدويره في سوق العمل الداخلي، يغادرنا يوميًا بصمت عبر قنوات التحويل، ليغذّي اقتصادات دول أخرى على حساب شبابنا وعمالنا ومهنيينا. وهذا لا يُعدّ خيارًا تنمويًا فحسب بل ضرورة اقتصادية عاجلة لوقف هذا النزيف، واستعادة التوازن في دورة المال الوطنية، وربط الثروة بالإنتاج المحلي، لا بالاستهلاك المستورد.
إن هذه الاستراتيجية، التي تقوم على خمسة محاور رئيسية – (تبدأ من إصلاح التعليم المهني، وتمر عبر التدريب، والربط مع حاجة سوق العمل، ودعم المشاريع، وتنتهي بحملات التوعية) – إذ يمكن أن تُحدث تحولًا نوعيًا في المشهد الاقتصادي والاجتماعي، وتفتح نافذة أمل حقيقية أمام الشباب في المحافظات كافة.
ولتكن البداية من أعلى الهرم بالدولة وبقرار حاسم، وإرادة واضحة، بوضع أستراتيجية وطنية تهدف إلى رفع كفاءة العمالة العراقية وتدريبها وفقاً لأحدث المعايير الدولية، لكي تكون لائقة لفرص العمل وتليق بالشباب العراقي في الداخل والخارج، وتعزيز مكانة العراق كمصدر إقليمي للكفاءات المهنية المدربة، العراق دولة غنية بالمواهب والكفاءات، فالعراق لا يفتقر إلى المال، بل إلى الثقة بالكفاءة العراقية. ولا يحتاج إلى عمالة وافدة، بقدر حاجته إلى قرار وطني يمنح شبابه فرصتهم في بناء حاضر العراق ومستقبله، نتوجه بهذا المقترح الوطني بقلوب يملؤها الأمل، وأعين شاخصة إلى الغد: أن يكون هذا المشروع حجر الأساس في بناء الدولة المنتجة، والدولة العادلة. فلنعمل معاً على تمكين شباب العراق، ومنحهم الفرصة ليكونوا جزءاً من صناعة الحل، لا ضحايا للمشكلة. فالشعوب التي تنهض، إنما تنهض بسواعد أبنائها، حين تؤمن الدولة بقدرتهم وتفتح لهم أبواب الأمل.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين كسلاح جيوسياسي: الحروب المقدسة الجديدة في الشرق الأوسط
- العجز المائي والعجز المالي كيف يقود سوء إدارة المياه إلى نزي ...
- نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاق ...
- إيران بعد الضربة الأميركية من الردع النووي إلى معادلة الردع ...
- العراق في قلب ممرات النقل العالمية: كيف يستثمر في طريق التنم ...
- الاقتصاد العراقي تحت المجهر


المزيد.....




- حريق محدود في مصفاة آبادان.. والإنتاج مستمر دون انقطاع
- إيران تحقق صادرات غير نفطية بـ11.6 مليار دولار في الربيع رغم ...
- رويترز: شركات أميركية تعد خطة للطاقة في سوريا بعد رفع العقوب ...
- أفريقيا تسعى للتجارة البينية بعد الرسوم الأميركية
- توقّف عن تكرارها... 9 أخطاء مالية قد تُسقطك في الديون
- ترامب يحذر: بريكس -ستنهار سريعا- إذا شكلت يوما ما أي كيان فا ...
- كأس الأمم الأفريقية للسيدات: -لبؤات الأطلس- يبلغن المربع الذ ...
- من البيع إلى البورصة.. هل تغير مصر أدوات التخارج من الشركات؟ ...
- بين عدن وصنعاء.. الريال المنقسم ينهك اليمنيين
- ترامب يحذر: بريكس -ستنهار سريعا- إذا شكلت يوما ما أي كيان فا ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة ومكافحة بطالة الشباب