عزالدين عفوس
الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 00:06
المحور:
القضية الفلسطينية
يبرز اختلاف جوهري في مقاربة القضية الفلسطينية بين المؤرخ والأكاديمي الإسرائيلي "إيلان بابي"و السوسيولوجي المغربي "جمال فزة".
يأخذ "فزة" بمنظور زمني محدود، مبتدئا تحليله من عام 1987 مع ظهور حركة حماس وإعطاء القضية الفلسطينية طابعها الديني حسب زعمه، متجاهلا بذلك السياق التاريخي الأعمق للصراع ونشأته، ويصور إسرائيل كدولة راغبة في السلام وأنها ليست دولة متوسعة، معتبرا أن ادعاءات التوسع الإسرائيلي من صنع الخيال الإسلاموي، وأن الحركات الفلسطينية يخص (حماس) هي من حمل السلاح ضد إسرائيل ردا على اتفاقات السلام التي التزمت بها اسرائيل حسب لازم قوله.
يعتمد في طرحه هذا على شذرات تاريخية مجتزأة من سياقاتها، مستدعيا بعض المصطلحات السوسيولوجية كـ"الحياد الأكسيولوحي" بطريقة انتقائية تفتقر إلى الدقة العلمية في توظيفها.
في المقابل، يقدم "إيلان بابي" تحليلا تاريخيا متجذرا يبدأ من عام 1947، مستندا إلى وثائق الأرشيف الإسرائيلي الرسمي.
يكشف في كتابه "التطهير العرقي لفلسطين" كيف كانت النكبة نتيجة خطة ممنهجة (خطة داليت) لطرد الفلسطينيين قسرا وإقامة دولة يهودية عنصرية نقية ديموغرافيا، يعتمد "بابي" على وثائق الجيش ومذكرات القادة الصهاينة كـ"ابن غوريون" أنفسهم لتوثيق عمليات التهجير والترهيب وتدمير القرى والإبادة الجماعية لسكانها، رابطا أحداث 1948 بسياسات التمييز المستمرة حتى اليوم.
هذا التباين المنهجي يكشف عن موقفين متعارضين: فبينما يحاول "فزة" تقديم رواية مخففة للصراع تحت غطاء أكاديمي"، يصر "بابي" على مواجهة الرواية الرسمية وفضحها بكشف الحقائق التاريخية المدعمة بالوثائق.
يعتمد "جمال فزة" على قراءة انتقائية تخدم سردية محددة، بينما يقدم "إيلان بابي" تحليلا شاملا يعري الأسس العنصرية للمشروع الصهيوني منذ نشأته.
يتبين من هذه المقارنة أن تحليل القضية الفلسطينية تتطلب منهجية علمية صارمة تقوم على الوثائق والسياق الشامل، لا الانتقائية والتأويل المصلحي، بينما تسقط بعض القراءات في فخ التبسيط والتبرير، تثبت المنهجية التاريخية النقدية قدرتها على كشف الحقائق وفضح الروايات الزائفة.
يبقى الفارق الأهم هو الموقف الأخلاقي من التاريخ: بين من يساهم في تزييف الوعي، ومن يكرس جهده لكشف الحقيقة مهما كانت مريرة.
#عزالدين_عفوس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟