أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حازم القصوري - الدولة الوطنية في العالم العربي اليوم














المزيد.....

الدولة الوطنية في العالم العربي اليوم


حازم القصوري
محام/ خبير الشؤون السياسية و الأمنية

(Hazem Ksouri)


الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 16:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشهد الدولة الوطنية في العالم العربي اليوم حالة من التصدّع البنيوي، نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية، تزامنت مع تحولات إقليمية ودولية غير مسبوقة. ولئن كانت هذه الأزمات متعددة الأسباب، فإن القاسم المشترك بينها يتمثل في فقدان التوازن بين متطلبات السيادة، ضرورات العدالة الاجتماعية، وشروط التنمية المستدامة.

في صلب هذا التحدي، تبرز الحاجة إلى ترسيخ الاستقرار السياسي، ليس بمعناه الظرفي أو الأمني الضيق، بل كاستقرار مؤسساتي قائم على الشرعية، المشاركة، والحوكمة الرشيدة. ذلك أن مشروعية السلطة لا يمكن أن تُستمد من التغوّل أو الاستقطاب، بل من التوافق الوطني والإدارة الحكيمة للتعدد.

ومن جهة أخرى، فإن سيادة القانون تُمثل العمود الفقري للدولة الحديثة. فاستقلال القضاء، وتحديث المنظومة التشريعية، وضمان الحقوق والحريات، كلها عناصر تكرّس العدالة كمبدأ مؤسس للعقد الاجتماعي الجديد. فالمواطن لا يستعيد ثقته في الدولة إلا حين يشعر أن القانون يحميه، لا يُستخدم ضده.

الجانب الاقتصادي بدوره يشكّل رهانًا محوريًا في بناء الدولة الوطنية. فلا يمكن الحديث عن استقلال القرار السياسي دون استعادة السيادة الاقتصادية، عبر تنويع مصادر الإنتاج، تشجيع الاستثمار الوطني، وتأمين الأمن الغذائي والطاقي. كما أن الخدمات العمومية – وعلى رأسها التعليم والصحة – يجب أن تعود إلى صلب وظيفة الدولة، لأنها الضامن الأول للعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين.

ولا يكتمل بناء الدولة دون تصور شامل لمفهوم الأمن. ففي زمن تتعاظم فيه التهديدات المركبة – من الإرهاب إلى الأمن السيبراني، مرورًا بالتصحر وتغير المناخ – لم يعد مقبولًا أن يُختزل الأمن في بعده العسكري. بل أصبح لزامًا تبنّي مقاربة شاملة تُدمج الأبعاد الاقتصادية، البيئية، والرقمية، ضمن استراتيجية استباقية طويلة المدى.

كما أن القانون، بوصفه الإطار المنظم للعلاقات داخل الدولة، لم يعد صالحًا إذا ظل في حالة جمود. فالمراجعة التشريعية ليست ترفًا، بل ضرورة تفرضها التحولات المجتمعية والاقتصادية. وتقتضي هذه المراجعة مقاربة عقلانية تُعيد الاعتبار لمفهوم “القانون العادل”، القائم على التوازن بين الحقوق والواجبات، بين الحريات والنظام العام.

وفي قلب هذه المعادلة، تظل المصلحة الوطنية هي البوصلة الوحيدة القادرة على توجيه السياسات العمومية والخارجية. إذ لا معنى لأي إصلاح لا يخدم الصالح العام، ولا مشروعية لأي قرار لا يحمي سيادة الدولة ووحدة ترابها. من هذا المنطلق، تبرز أهمية دبلوماسية فعالة وذات رؤية استراتيجية، قادرة على تموقع الدولة ضمن خارطة التوازنات الجيوسياسية الجديدة، بما يضمن استقلال القرار الوطني وتكريس الشراكات الندية لا التبعية.

إن مشروع الدولة الوطنية، كما نراه اليوم، لم يعد مجرد عنوان نظري، بل استحقاق تاريخي يفرض نفسه بإلحاح. إنه مشروع يقوم على إعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها، على قاعدة العدالة، المشاركة، والكفاءة. إنه دعوة إلى تجاوز منطق التسيير اليومي نحو هندسة استراتيجية تؤسس لمرحلة جديدة من السيادة الحقيقية، والتنمية الشاملة، والعدالة الاجتماعية.

فإما أن نعيد تأسيس الدولة وفق هذا الأفق الجديد، أو نتركها رهينة التآكل البطيء والاختراقات المتعددة. ولعل أولى خطوات الإنقاذ تكمن في الاعتراف بعمق الأزمة، ثم الجرأة في مواجهة أسئلتها الكبرى، لا الالتفاف حولها.



#حازم_القصوري (هاشتاغ)       Hazem_Ksouri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة قانونية حول العدوان الأمريكي المحتمل على مواقع إيرانية ...
- السنوات العشر وتهمة الإرهاب تلتصق بالإسلام السياسي فرع تونس
- محاكاة الشكل القرآني لا يمكن له أن يشكل جريمة
- الصحافة الورقية و زمن مابعد الكورونا
- حكومة الجملي تتنكر لمكاسب المرأة التونسية
- المقاتلون الأجانب والمرتزقة
- الإرهاب في القانون الدولي
- الندوة الإقليمية حول معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بتنظيم تجار ...
- بيان جمعية تونس الحرة يدين تصريحات المنصف المرزوقي الداعية إ ...
- خطر فوضى السلاح على العالم والمنطقة العربية
- الحماية القانونية للتونسيين خارج أرض الوطن
- الاصلاحات بالبلاد التّونسيّة ق 19
- محاكمة مجرمى حرب الكيان الغاصب
- السلم الأهلي
- تحية شهيد الوطن شكري بلعيد
- بيان جمعية تونس الحرة : العالم ليس على ما يرام وإن كان الحلم ...
- الأمن الجمهوري ؟


المزيد.....




- بيونسيه تتجاوز لحظات حرجة خلال حفلها في هيوستن ضمن جولتها ال ...
- مصر.. طلبات استجواب للحكومة بعد مصرع 19 فتاة في حادث المنوفي ...
- أسرار -لغة اليد- التي تجعلك أكثر جاذبية وإقناعاً
- أرضنا، غذاؤنا، مناخنا – معا من أجل أنظمة غذائية تواجه تغيرات ...
- هآرتس: الجيش يؤيد اتفاق أسرى والحسم عند ترامب
- مشروع سميسمة السياحي.. تعرف على أحد أضخم المشاريع الترفيهية ...
- -ذهب أيلول- يحصد الجائزة الأولى في المهرجان العربي للإذاعة و ...
- كيف تواجه الأجهزة الأمنية انتشار العصابات المسلحة في غزة؟
- شاهد.. سرايا القدس تقصف قوات إسرائيلية وتغتنم عتادا عسكريا
- -قشور السيليوم- كنز الألياف في نظامك الغذائي


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حازم القصوري - الدولة الوطنية في العالم العربي اليوم