أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فوزي البصري - هل يكون طارق بن زياد هو طريف أبو زرعة ؟ بحث في الفرضية.















المزيد.....



هل يكون طارق بن زياد هو طريف أبو زرعة ؟ بحث في الفرضية.


فوزي البصري

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 15:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ملخص المقال:
تُعد شخصية طارق بن زياد من أبرز الشخصيات التاريخية التي أثارت جدلًا واسعًا، نتيجة الغموض الذي يكتنف الروايات المتعلقة بأصله ونسبه، إضافة إلى الملابسات التي أحاطت بمصيره عقب الخلاف الذي نشب بينه وبين القائد موسى بن نصير.
يهدف هذا المقال إلى كشف الستارعن التلاعب الذي طال السردية التاريخية المتعلقة بفتح الأندلس، وذلك من خلال تتبّع شخصية طريف (أبو زرعة) وكيف أُقحمت في الروايات بشكل يُراد به تهميش دور طارق بن زياد ، وطمس هويته ، وصولًا إلى إقصائه من سياق أحداث كبرى مثل ثورة البربر الكبرى وتأسيس إمارة برغواطة.

سردية الفتح بين مرحلتين
يتطلّب التدقيق في النصوص المرجعية القديمة تركيزًا بالغًا، إذ إن إغفال تفصيل بسيط قد يحرّف مسار السردية ويقودها نحو رؤى مغلوطة، في حين أن الانتباه إلى جزئية صغيرة قد تكون مفتاحا لكشف حقيقة بالغة الأهمية ، طُمِسَتْ عبر الزمن.
ولعل أبرز وأغرب ما سجلته بعد مطالعتي للروايات المختلفة لتفاصيل أحداث فتح الأندلس قبل العبور، هونص تلك الرسالة الموجهة لموسى بن نصير من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك ، والتي لم تظهرفي النصوص إلا بعد منتصف القرن الرابع الهجري! ، وتقول :

" ...خصها بالسرايا حتى تختبر ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الاهوال،... فبعث رجلا من مواليه يقال له طريف ويكني بأبي زرعة في أربعمائة ومعهم مائة فرس فسار في اربعة مراكب حتى نزل بمراكبه جزيرة يقال لها جزيرة الاندلس التي هي معبر مراكبهم ودار صناعتهم يقال لها جزيرة طريف سميت به لنزوله فيها ..".

هكذا، وبعد قرنين ونصف بعد أحداث الفتح سيظهر "طريف أبو زرعة" في كتاب "أخبار مجموعة" لمؤلف مجهول !. ورغم قصرهذه الفقرة، إلا أنها شكلت الحد الفاصل بين سرديتين مختلفتين ، لتصبح عندنا روايات ما قبل و مابعد كتاب "أخبار مجموعة " .

1 - مرحلة ما قبل " أخبار مجموعة "

روايات ما قبل منتصف القرن الرابع الهجري لم تذكر "طريف أبو زرعة "، وتذكر بأن طارق بن زياد اجتازبحر المجاز وفتح الأندلس بدون حضور أو موافقة أو توجيه من موسى بن نصير، وكلها تتحدث عن عدم علمه وغضبه، وسوء معاملته لطارق بعد عبوره سنة 93 ه .

لائحة بأهم مصادر هذه المرحلة:

• الواقدي : محمد بن عمر بن واقد ( 130 ه 207 ه )
يعتبر أقدم المؤرخين، روى عنه البَلَاذُرِيُّ ( ت 279 ه)

• عبد الرحمن بن عبد الحكم (187 ه-257 ه )
مؤرخ مصري ينحدرمن عائلة اشتهرت بالعلم وكانت على صلة بفقهاء المالكية بالأندلس ، ومنهم عبد الملك بن حبيب الأندلسي الذي تتلمذ على يد عبد الله بن عبد الحكم (والد عبد الرحمن ) .
يعتبر كتابه "فتوح مصرو المغرب" أهم وأقدم المصادرالعربية،

• عبد الملك بن حبيب السلمي الأندلسي ( 174- 238 ه):
يعتبرهو أيضا من أقدم الإخباريين الأندلسيين، ويتميز بغرابة أخباره ، ومع ذلك فهو يمدنا بعدد من المعطيات التي تتقاطع مع باقي السرديات.

• أحمد بن محمد الرازي ( 274 – 344ه ) :
رغم المكانة المرموقة التي حظي بها هذا المؤرخ في باب أخبار و جغرافيا الأندلس ، إلا أن كتبه على غزارتها ومنها كتاب" الرايات " ضاعت ولم يتبقى منها إلا شذرات و مقاطع نسبها مؤلفون متأخرون إليه.

2 - مرحلة ما بعد " أخبار مجموعة "

مع منتصف القرن الرابع الهجري ومع ظهور"أخبار مجموعة" سيتردد إسم "طريف أبو زرعة " و سيصبح عبور طارق بن زياد إلى الأندلس مقترنا بإشراف مباشر لموسى بن نصير بل و بمباركة وبتعليمات من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك ، وهكذا ففي الصفحة 5 و6 تحديدا، سيتم إقحام خبر حملة استكشافية محدودة بقيادة شخصية جديدة "طريف أبو زرعة " لتأخد السردية منحى آخر ، وجاءت هذه الفقرة كالآتي :

" خصها بالسرايا حتى تختبر ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الاهوال،... فبعث رجلا من مواليه يقال له طريف ويكني بأبي زرعة في أربعمائة ومعهم مائة فرس..".

جاء في كتاب "فتوح افريقية والمغرب والأندلس "للمؤرخ أحمد الطاهري (ص 197)، فقرة تعكس مدى غرابة و غموض هذا الفصل من فصول الفتح و يقول :
"ولا يخفى كيف ظل الباحثون . عرباً ومستشرقين . على مدار القرنين الماضين إلى اليوم متخبطين في متاهة لا مخرج منها. فبالإضافة للغموض الذي يكتنف السياق العام الذي تم فيه العبور، فقد ظل البحث التاريخي المعاصر دون القدرة على تقديم الجواب الشافي عن مغزى هذه الحملة والأهداف المتوخاة منها. كما ظل السؤال مطروحاً بخصوص شخصية قائدها وكيفية صدور القرار بإنفاذ الحملة، إلى ما عدا ذلك من القضايا العالقة. ومن الطبيعي أن ينعكس الغموض الذي شابها، على كل ما يرتبط بفتح الأندلس من أحداث."

فقرة "خصها بالسرايا "، ستتردد عند أغلب المؤرخين المتأخرين ، وكي لا نطيل على القارئ ، سنكتفي بذكر أهم من تناقلوا هذه الفقرة و أسسوا عليها روايتهم ، ومن بينهم :
• ابن عذارى المراكشي ( توفي حوالي 695ه)
في كتاب "البيان المغرب " (ج 2 ص 5 )

• ابن الأثير (558-637ه)
في كتاب "الكامل في التاريخ "

• المقري التلمساني (ولد سنة 992هـ )
" نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ".( ج 1 ص253)

" أخبار مجموعة " الكتاب اللغز
في مقدمة كتاب " أخبار مجموعة " طبعة دار الكتاب المصري و دار الكتاب اللبناني، يمدنا ذ إبراهيم الابياري - باعتباره محقق هذه النسخة – بمجموعة من المعلومات و الملاحظات المتصلة بأهمية هذا الكتاب ومحتواه وأهمها :

• الكتاب يُغطي تاريخ الأندلس منذ الفتح العربي حتى عهد الخليفة الناصر(حوالي 350 ه)مما يعني أن صاحبه عاصر هذا الأخير.
• ذهب بروكلمان إلى أن مصنف هذا الكتاب كان فقيها من الأسرة الأموية بقرطبة فكتب :

" وفي عهد الخليفة عبد الرحمن الثالث الأموى (صنف فقيه من أسرة الأمويين في قرطبة 300 - 350 ه ) ، لا يعرف اسمه ، أخباراً في فتح الأندلس كتاب : "أخبار مجموعة في فتح الأندلس ". (تاريخ الأدب العربي ج 3 : 88 )

• مخطوطة "أخبار مجموعة " تضم أيضا كتاب آخر باسم "افتتاح الأندلس" وهو للأديب والمؤرخ الشهير ابن القوطية.

هنا لابد للمرء أن نتساءل :
هل كان كتاب " أخبار مجموعة " سينال شهرة واسعة لو لم يرد إلى جانب كتاب ابن القوطية (المقرب من دار الخلافة) في نفس المخطوط ؟ .

النسخة الخطية لكتابين متوفرة بموقع المكتبة الوطنية الفرنسية .
https://gallica.bnf.fr/ark:/12148/btv1b11002633f

************
ابن القوطية ، أديب مؤرخ بجوار الخليفة

يروى أن الخليفة الحكم المستنصرسأل ذات يوم أبو علي القالي، وكان أستاذ النخبة من علماء وأدباء وفقهاء الأندلس:
"من أنبل من رأيته ببلدنا هذا في اللغة؟ فقال محمد بن القوطية".
ولد محمد بن عمر بن القوطية في قرطبة، من أسرةٍ تنحدر من سارة القوطية حفيدة "غيطشة " ملك القوط الغربيين، وجده هوعيسى بن مزاحم مولى الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز .
كان والده قاضي إشبيلية في عهد الخليفة الناصر، درس ابن القوطية الفقه والحديث والأدب، وبرع خاصة في اللغة والتاريخ.
قال عنه الذهبي بأنه اخباري باهر وقال أيضا :

"وقد صنف تاريخا في أخبار أهل الأندلس ، فكان يمليه من صدره غالبا"
( سير الأعلام ج 16 ص 220)
المستنصر : الخليفة العالم

لا يخفى على أي دارس، أهمية السرديات التاريخية في تشكيل وعي النخب وتوجيه الأفكاروتثبيت الشرعيات أو صناعتها. هذا الأمر لم يكن ليخفى على خليفة عالم كالحكم المستنصر وهو من قال فيه ابن حيان في دهشة وإعجاب :

" وَلم يسمع فِي الْإِسْلَام بخليفة بلغ مبلغ الحكم فِي اقتناء الْكتب والدواوين وإيثارها والتهمم بهَا أَفَاء على الْعلم ونوه بأَهْله وَرغب النَّاس فِي طلبه ووصلت عطاياه وَصلَاته إِلَى فُقَهَاء الْأَمْصَار النائية عَنهُ ..."
(الحلة السيراء لابن الآبار ص 201 )

أنشأ الحكم المستنصر(350-366ه) أكبرمكتبة في العالم الإسلامي وضمت 400 ألف مجلد ،ولم يقتصر جهده على الجمع، بل امتد إلى التأليف حيث ألّف "جمهرة أنساب العرب" التي أصبحت مرجعاً معتمداً لابن حزم ، عرف عنه الكتابة و التأليف و التعليق كما يخبرنا ابن الأبار :
"... وقلما تَجِد لَهُ كتابا كَانَ فِي خزانته إِلَّا وَله فِيهِ قِرَاءَة وَنظر من أَي فن كَانَ من فنون الْعلم يَقْرَؤُهُ وَيكْتب فِيهِ بِخَطِّهِ إِمَّا فِي أَوله أَو آخِره أَو فِي تضاعيفه نسب الْمُؤلف ومولده ووفاته والتعريف بِهِ وَيذكر أَنْسَاب الروَاة لَهُ وَيَأْتِي من ذَلِك بِغَرَائِب لَا تكَاد تُوجد إِلَّا عِنْده لِكَثْرَة مطالعته وعنايته بِهَذَا الْفَنّ وَكَانَ موثوقاً بِهِ مَأْمُونا عَلَيْهِ صَار كل مَا كتبه حجَّة عِنْد شيوج الأندلسيين وأئمتهم ينقلونه من خطه ويحاضرون بِهِ..."
نفس المرجع ص 202
ويضيف في الصفحة الموالية :
"...وَكَانَ لَهُ وراقون بأقطار الْبِلَاد ينتخبون لَهُ غرائب التواليف وَرِجَال يوجههم إِلَى الْآفَاق عَنْهَا وَمن وراقيه بِبَغْدَاد مُحَمَّد بن طرخان وَمن أهل الْمشرق والأندلس جمَاعَة وَكَانَ مَعَ هَذَا كثير التهمم بكتبه والتصحيح لَهَا والمطالعة لفوائدها"...
الخلافة تمنع ذكر طريف في أحداث فتح الأندلس !
يشير ابن حيان القرطبي (1979: 30، ص. 956) إلى أن سلطات الخلافة الأموية شنّت حملة منظمة تهدف إلى محو ذكر طريف بن عبد الله المصمودي من جميع المصادر المعتمدة في تأريخ الأندلس. وقد بدأت هذه الحملة يوم الجمعة، الثامن من ربيع الأول سنة 345هـ، الموافق لـ21 يونيو.
ويبدو أن عملية جمع الكتب والمخطوطات التي تولاها الحكم المستنصر- إلى جانب أهدافها العلمية والثقافية الظاهرة- كانت مدفوعة أيضًا برغبة ضمنية في إقصاء كل وثيقة تتضمن إشارة إلى طريق بن عبد الله (أبو زرعة)،
يعلق الدكتور الطاهري على ذلك بقوله :
"...في تقديرنا أنه بدءاً من هذا التاريخ لم يعد مقبولاً من طرف الخلافة الأموية الإقرار بأي دور لمؤسس مملكة برغواطة طريف بن عبد الله المصمودي في تاريخ شبه الجزيرة، ولم يعد مُستساغاً - على المستويين السياسي والمذهبي . الإقرار أن طريفاً هو أول من دخل الأندلس من المسلمين..."
("فتوح افريقية و المغرب و الأندلس " ص 190)

هذا الإجراء يفيد بما لا يدع مجالا للشك ، بأن حملة تجميع المخطوطات القديمة التي قادها الخليفة الحكم المستنصر-بالإضافة إلى طابعها العلمي – ساعدت في محو كل أثر لاسم "طريف/ طريق" ، مهيدا لإرساء سردية رسمية جديدة حول الفتح الأندلسي، وذلك لأهداف ودواع سنعرض لها تباعا في هذا البحث.

لم أكن لأنتبه لإسم "طريف أبو زرعة " هذا، ولم أكن لأفترض ما افترضت لولم أجد في أقدم مخطوطة قشتالية والمعروفة باسم حوليات المستعربة 754 Crónica Mozárabe del فقرة تذكر فاتح الاندلس تحت اسم " طارق أبو زرعة " Taric Abuzara .
هذه الوثيقة ورغم قصر نصها فهي تعتبر من الوثائق البالغة الأهمية نظرا لكون كاتبيها من رجال الدين الإيبيريين ممن عاينوا الأحداث ودونوها بعد فرارهم نحو الشمال إلى منطقة الأستوري عقب انتصار طارق في معركة وادي لكة .

جاء في ترجمة جزئية لهذا النص ما يلي :

"...استولى رودريغو على الصولجان بشكل فوضوي بدعم من مجلس الشيوخ. لم يبقَ على العرش سوى عام واحد، إذ بعد أن جمع جيشاً لمواجهة العرب والمور الذين أرسلهم موسى، وهم طارق أبو زرعة Taric Abuzara وآخرون كانوا يقومون بغارات متكررة في المنطقة التي كُلِّفوا بها، كما دمّروا العديد من المدن في السنة الخامسة من حكم جستنيان، 93 للعرب والسادسة الوليد، في العام [712م] ..".
https://en.wikipedia.org/wiki/Chronicle_of_754#/media/File:Chronicle_of_754,_London,_Egerton_1934,_fol._2r.jpg

يعتقد عدد من الباحثين بأن كُتّاب هذه الوثيقة أخطأوا أوخلطوا بين اسمي"طريف و طارق"، وهو قول لا يستقيم، ذلك أن احتمال حدوث مثل هذا الخلط يمكن تقبّله لو أن المصادر العربية القديمة أشارت إلى شخصية تُدعى طريف إلى جانب طارق في نصوص ما قبل القرن الرابع الهجري .
ويردد أصحاب هذا القول- دفاعا عن حقيقة وجود طريف - ما جاء في"أخبار مجموعة"، كون هناك جزيرة سميت "طريفة" تخليدا لعبور طريف المزعوم. ومرةأخرى لانجد ذكرا لتلك الجزيرة قبل القرن الرابع الميلادي، فالجغرافييْن ابن حوقل و اليعقوبي - وكلاهما قدم وصفا لجغرافية جنوب الأندلس قبل ظهور كتاب "أخبار مجموعة " - لم يذكرا اسم طريف أو طريفة كجزيرة في كتابيهما "صورة الأرض " و "كتاب البلدان ".
هناك من الدارسين الغربيين، من شكك فعلا في وجود شخصية "طريف" وأبرزهم الأكاديمي (فالفي Joaquín Vallvé:1967) لكنه قال بأن ذلك الإختلاق كان لموافقة اسم جزيرة "طريفة ".
فيما يقول آخرون بأن الإسم الأصلي لتلك الجزيرة هو" طريسة (Tarissa) وهو الإسم الذي ورد في عدد من الخرائط القديمة.
Los autores árabes ubicaron a la Isla Atlantis y la Isla de las Amazonas en Andalucía.

لاحظ أحدهم خلال القرن الرابع الهجري وجود تشابه بين اسمي طريف و طارف في الخط الأندلسي المغربي، وكان بحاجة ماسة لطمس جوانب من هوية الفاتح "طارق أبو زرعة" فوجد في ذلك التشابه، إمكانية خلق شخصية دوخت الباحثين والمؤرخين، فكان "طريف أبو زرعة" .

للعلم، فبالإضافة الى أن حرف القاف يكتب بالخط المغربي الأندلسي فاءً، فإن ألف المد كان يشار لها بعكفة فقط وذلك لأن نطق الأسماء باللهجة المغربية يلغي ألف المد .
فاسم خالد مثلا ينطق إلى يومنا هذا خليد ، واسم طارق ينطق طريق
مما يعزز الاحتمال بأن اسم طارق أبو زرعة كان يكتب في المخطوطات القديمة على النحو التالي :
"طريف أبو زرعة "

**********
التقارب الأموي البرغواطي:
خلال فترة الناصر و المستنصر (300-366هـ):

عانت الدولة الأموية في الأندلس، خلال حكم عبد الرحمن الناصر (300-350ه) وابنه الحكم المستنصر (350-366ه)، من تزايد الأخطار الداخلية والخارجية،وكانت قد شكلت تهديدا وجوديا للدولة ، إذ وجدت قرطبة نفسها تحت ضغط ثلاثي متمثل في:
• الخطر الفاطمي :
برز في استيلاء الفاطميين على سبتة عام 319هـ وتحويلها إلى قاعدة لدعم الثوار المحليين مثل ابن حفصون. عاد التهديد مع هجوم بلقين بن زيري عام 361ه عقب انهيار حليفتها التقليدية (دولة الأدارسة). اضطرالأمويون لمواجهة التوسع الفاطمي إلى تحويل مواردهم العسكرية والمالية نحو الجنوب، مما أثرسلباً على الجبهة الشمالية المهمة.
• الضغط المسيحي :
وصل ذروته في معركة الخندق (327هـ) حيث أسفرت هجمات التحالف المسيحي عن مقتل أربعين ألف جندي من الأمويين.
تفاقم التهديد في ظل حكم المستنصرمع تشكيل تحالف مسيحي رباعي استغل فترة التغير في الحكم، وتجسد في هجمات متنوعة، مثل الهجوم على حصن غرماج الإستراتيجي عام 364هـ
بينما كانت القوات الأمويّة مشغولة في المغرب.
• الثورات الداخلية :
انتشرت هذه الثورات نتيجة التمييز ضد المولدين، كما يتضح في ثورة ابن حفصون (267-316هـ). واستغل الفاطميون هذه الانتفاضات كوسيلة لإحداث عدم الاستقرار، خاصة بعد انهيار الأدارسة عام 361هـ.

سفارة زمور البرغواطي :
في هذا السياق المتأزم ، شكلت سفارة زمور البرغواطي إلى قرطبة في عام 352ه (البكري ص 819 ) نقطة تحول استراتيجية في سياسة الدولة الأموية، إذ مثلت أول اتصال رسمي بين الطرفين منذ الثورة البربرية الكبرى (123ه) مع ما خلفته من عداء مذهبي و سياسي بين الطرفين.

أجبر التهديد الفاطمي الطرفين على تجاوزحاجز العداء.
فقد فهم البرغواطيون - كقوة بربرية مستقلة - أن التوسع الفاطمي يشكل تهديدًا لوجودهم في المغرب عقب سقوط جيرانهم الأدارسة وقبلهم الإمارتين الخارجتين :(بني رستم سنة 296 ه و بني مدرارسنة 297 ه ).

مكّن هذا التعاون العسكري -على مدى عقدين - من تقديم الدعم اللوجستي للقوات الأموية في عملياتها شمال المغرب، مثل حصار "حجر النسر" (363ه) ضد الحسن بن كنون الإدريسي ، ما مكنهم من إعادة جزء كبير من قواتهم من المغرب لوقف الهجوم المسيحي المنسق على حصن غرماج (364هـ) في الشمال .

خلفيات خلق شخصية " طريف البرغواطي " :
قبل زمن التدوين الأموي بالأندلس خلال القرن الرابع الهجري، غابت إمارة برغواطة ومؤسسها عن سجلات المؤرخين التي وصلتنا، وذلك رغم أن هذه الإمارة كانت قائمة وصامدة منذ أحداث ثورة البربر الكبرى لسنة 123 ه .
مؤرخين مثل ابن عبد الحكم وابن حبيب السلمي وابن قتيبة ، ورغم أنهم عاصروا برغواطة -الإمارة الخارجية - إلا أنهم تجنّبوا الخوض في أخبارها وأخبار زعمائها. لكن، ومع دخول عصر التدوين الأموي في الأندلس، وفي ظل صمود إمارة برغواطة لقرون، ومع ضرورة الاعتراف الصريح بوجودها والتعاون معها ، وجدت الخلافة الأموية نفسها مضطرة لبناء سردية تاريخية متماسكة تضمن لها تحقيق أهداف محددة ومن بينها :

• تقديم فتح الأندلس على أنه إنجاز أموي ، تم بإشراف للخليفة الوليد شخصيا .

• تحسين صورة موسى بن نصير لكون مشروعية حكم الأمويين بالأندلس ترتبط بسمعته ؟

• طمس أي علاقة لطارق بن زياد بأحداث ثورة البربرو تأسيس برغواطة وذلك من خلال إقحام شخصية "طريف" الجديدة.

لتأكيد تبعية طارق بن زياد لموسى بن نصير في السردية الجديدة ، سيبادرنا ابن القوطية في السطورالأولى من كتابه افتتاح الأندلس (ص 2 ) بالقول بأن أبناء "غيطشة "Wittiza لما اتصلوا بطارق بن زياد قُبيل معركة وادي لكة، قالوا له :
"... أأنت أمير نفسك أم على رأسك أمير ؟
قال لهم : بلى ، على رأسي أمير ، وعلى الأمير أمير ،
وأذن لهم باللحاق بموسى بن نصير بإفريقية ليؤكد سببهم به ، وسألوه الكتاب إليه بشأنهم معه ، وما أعطاهم من عهده ، ففعل..."
وستأتي رواية "أخبار مجموعة " في نفس المخطوط ، لتأكيد هذه التبعية وهذا الخضوع للقيادة الأموية من خلال رسالة الوليد "خصها بالسرايا".
بخلق شخصية "طريف أبو زرع كمؤسس لبرغواطة "، ستتخلص السردية الأموية من عار لحقها وضرب مشروعيتها في العمق وسيرفع عنها حرج الانقلاب الذي قام به موسى بن نصير على طارق بن زياد و على أهل المغرب الأقصى عموما عقب الفتح.
هكذا سيصبح تأسيس إمارة "برغواطة " مرتبطا بنشاط حركة مذهبية خارجية وبانشقاق قائد ثانوي اسمه "طريف أبو زرعة" ، لتنبري الأقلام فيما بعد للنيل منه و من نسبه و مذهبه لدرجة تكفيره .
ومع تعاقب السنين سيمضي التزوير بعيدا باختلاق نسب يهودي لطريف هذا، كما جاء عند ابن عذارى المراكشي (البيان المغرب :ص 56):
"...قال ابن القطان وغيره:
كان طريف من ولد شمعون ابن إسحاق ..."
كما سيمضي أبو زرع الفاسي ( توفي سنة 726هـ ) في الطعن في"طريف" و ذريته بناء على السردية الأموية المكذوبة التي انتهت إليه ، ليقول في كتابه (الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس) :
"....وكـان أصلـه ـ لعنـه اللـه ـ مـن بربـاط مـن عمـل شذونـة مـن بـلاد الأندلـس؛ فكـان يقـال مـن تبعـه ودخـل في ديانتـه بربـاطي؛ فعربتـه العـرب، وقالـوا برغـواطي؛ فسمـوا برغواطـة. وكـان صالـح بـن طريـف الـذي ادعى فيهـم النبـوة رجـلا خبيثـا يهـودي الأصـل؛ مـن ولـد شمعـون بـن يعقـوب عليـه السـلام؛ نشـأ ببربـاط مـن بـلاد الأندلـس...."

التعتيم على إرث موسى بن نصير الكارثي.
حسب ابن بشكوال، هو "موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد"، ويعود لقبه "اللخمي" إلى كونه من قبيلة لخم اليمنية . خدم والده في حرس معاوية بن أبي سفيان خلال فترة حكم عمر وعثمان.
اتهمه الحجاج بن يوسف الثقفي باختلاس أموال خراج البصرة وهو نائب عن بشر بن مروان المتوفى. غرمه الخليفة عبد الملك بن مروان ، فتكفل عبد العزيز بن مروان بسداد النصف.
أخذه معه عبد العزيزبن مروان إلى مصرفكلفه عوض حسان بن النعمان بولاية المغرب .لكن تكليفه بقي ناقص الشرعية لكونه تم ضد إرادة الخليفة ، يقول ابن عبد الحكم (فتوح مصر و المغرب ص 231):

"...وقدم حسّان بن النعمان من قبل عبد الملك متوجّها إلى المغرب، فلما قدم مصر قال لعبد العزيز: اكتب إلى عبدك بالإعراض عن أنطابلس، فقال له عبد العزيز:
ما كنت لأفعل بعد إذ ضيّعتها فاستولت عليها الروم، فقال حسان: إذا أرجع إلى أمير المؤمنين. فقال عبد العزيز: ارجع، فانصرف حسان راجعا إلى عبد الملك، وخلّف ثقله بمصر، فقدم على عبد الملك وهو مريض، ووجّه عبد العزيز موسى بن نصير إلى المغرب ..."

بعد توليه شؤون افريقية وكي ينال رضا الدوائر العليا في الخلافة كان عليه توجيه حملاته نحو البربر تحديدا، كما يخبرنا ابن عبد الحكم (فتوح ص 231 - 232 ):
"... موسى بن نصير حين غزا المغرب بعث ابنه مروان على جيش، فأصاب من السبى مائة ألف، وبعث ابن أخيه فى جيش آخر فأصاب مائة ألف. فقيل لليث بن سعد، من هم؟ فقال: البربر. ..."

بعد وفاة عبد الملك وولي عهده عبد العزيز بن مروان في بحر سنة 86 ه وتولي الوليد الخلافة، دخلت ولاية موسى بن نصير مرحلة جديدة ، سيتوصل خلالها بكتاب تنصيب على ولاية إفريقية و المغرب (ابن عذاري 41 ج 1) بل واقتطاعها لتصبح تابعة بشكل مباشر لدمشق ، كما توصل بأمر خطي كي يقوم بحملة على المغرب الأقصى ، و يبدو أن هذه الحملة كان الهدف من وراءها تجديد البيعة و استخلاص المواثيق وهو الأمر الذي نجح فيه بتكليفه لشخص يدعى" أبي زرعة " .
"...إن موسى بن نصير بعث ، إثر بيعته للوليد في هذه السنة المؤرخة ،زرعة بن أبي مدرك إلى قبائل من البربر..." فانتهت خيله الى السوس الأدنى ..."
(ابن عذاري 42 ج 1)
حملة " زرعة بن أبى مدرك" لم تواجه أدنى مقاومة من طرف قبائل تامسنا المصمودية،في الروايات:
- " ولم يلق منهم حرباً " ابن قتيبة (58)
- "و لم يُدافعه أحد" الرقيق القيرواني:ص 39.
- تقدم مشايخ قبائل تامسنا إلى زرعة بن أبي مدرك "فرغبوا في الصلح" (ابن عذاي 43 (ج1) "وأدوا إليه الطاعة "(البلاذري: 232).
- فما كان عندئذ إلا أن "وجه رؤوسهم إلى موسى فأعطاهم الأمان" (ابن قتيبة: 39، (2ج).
لن نقف مطولا عند صحة الاسم كما تداولته الروايات أهو " زرعة بن أبي مدرك"عند ابن قتيبة أم " أبو مدرك زرعة بن أبي زرعة " عند ابن عذارى؟، إذ يبدو بأنه هناك خلط أو إقحام مقصود لأسماء محدثيْن ورد ذكرهما في صحيح البخاري:
حدثنا حجاج قال حدثنا شعبة قال أخبرني علي بن مدرك عن أبي زرعة عن جرير :
" أن النبي (ص) قال له في حجة الوداع استنصت الناس فقال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"
الطابع السلمي و السلس لهذه الحملة بمنطقة السوس الأدنى يرجح لدينا القول بأن يكون قائدها "أبي زرعة" من أبناء المنطقة وبالتالي يدفعنا للاعتقاد بأن الأمر يتعلق ب"طارق أبو زرعة" الاسم الذي جاء في حوليات المستعربة .
أما بمجال طنجة بشمال المغرب الأقصى فيبدو بأن تلك الحملة اعترضتها تعقيدات استوجبت إخضاع بعض القبائل بالقوة ،جاء عند عبد الحكم :
"... وجه موسى بن نصير ابنه مروان بن موسى إلى طنجة مرابطا على ساحلها فجهد هو وأصحابه فانصرف وخلف على جيشه طارق..."
تولّى طارق أبو زرعة قيادة الجيش عقب فشل و انسحاب مروان فتمكن من تحقيق نجاحات قد يكون الاتفاق السلمي مع صالح بن منصور إحداها، إذ سيصدرالخليفة الوليد قرارا يقضي باقتطاع إمارة نكورسنة91ه بالريف المغربي، لفائدة صالح بن منصوراعترافا بجهوده في نشر الإسلام سلميا في تلك المنطقة ، وربما كان انتماء كل من طارق أبو زرعة و صالح بن منصور الى قبيلة نفزة الزناتية قد لعب دورا في هذا الاتفاق السلمي.
في نهاية هذه الحملة تعرض أبوزرعة لجرح في ساقه وهو يقاتل لإخضاع إحدى القبائل بالقوة و نجد لهذا الحادث صدى عند ابن قتيبة (الامامة و السياسة ص 205):

"... قال: قاتل يومئذ زرعة بن أبي مدرك قتالاً شديداً أبلى فيه حتى اندقت ساقه قال: فالى موسى أن لا يحمل إلا على رقاب الرجال، حتى يدخل القيروان، وأن يحمله خمسون رجلاً، كل يوم يتعاقبون بينهم، ..."

هذه المعطيات تفيد بصعود نجم هذا القائد خلال السنوات الأولى لخلافة الوليد بن عبد الملك ، وبالتالي يصبح توليه لإمارة طنجة قبل فتح الأندلس أمرا منطقيا، (إمارة طنجة، شمال المغرب الحالي الى حدود تلمسان ) .

يبدو بأن موسى بن نصير وبعد ولاية أولى منقوصة الشرعية، وجد نفسه في ولايته الثانية أمام منافس شاب وقوي في مجال المغرب الأقصى ،استطاع خلال فترة وجيزة من تثبيت الولاء لصالح خلافة الوليد بن عبد الملك بأقل الأضرار، وهو طارق أبو زرعة.

وجود أحد المقربين من الخليفة الوليد وهو مغيث الرومي (حفيذ جبلة،آخر ملوك الغساسنة)، كمرافق لطارق بل وواحد من قواده خلال معارك فتح الأندلس، يوضح لنا المكانة التي أصبح يحضى بها طارق أبو زرعة لدى دمشق ، يقول ابن عبد الحكم (فتوح مصر و المغرب :ص 234):

"...وكان معتّب الرومىّ غلام الوليد بن عبد الملك على خيل طارق..."

• هل كان موسى بن نصير ليرضى بتقليص مجال نفوذه غرباً،
• هل استشعر قرب نهاية مشواره السياسي هو وأبناؤه ؟

انقلاب موسى بن نصير :
• غدر بالمغرب الأقصى :

كافة المصادر العربية القديمة - قبل منتصف القرن الرابع الهجري - تشير إلى أنه وبعد بلوغ موسى بن نصير خبر دخول طارق أبو زرعة الأندلس و انتصاره على ملك القوط لوذريق في معركة برباط سنة 92 ه جن جنونه وحسده و خرج متجها إلى الأندلس وهو غاضب ، مغيظ عليه ، يقول ابن عبد الحكم:
"...ثم خرج موسى بن نصير إلى الأندلس فى رجب سنة ثلاث وتسعين بوجوه العرب والموالى وعرفاء البربر، حتى دخل الأندلس، وخرج مغيظا على طارق، وخرج معه حبيب ابن أبى عبيدة الفهرىّ، واستخلف على القيروان ابنه عبد الله بن موسى،.."

المصادر الأموية بالأندلس وكذا ابن عبد الحكم، سكتت عن حملة موسى بن نصير على المغرب الأقصى قبل عبوره الى الأندلس ، لكننا نجد صدى لذكرى هذا المرور العنيف في المصادر المغربية. فهذا الرقيق القيرواني ( توفي – 420ه ) يقول (" تاريخ افريقية و المغرب" ص 54 و 55)
"...ولما كان موسى بن نصير بطنجة قبل جوازه مال عياض بن عقبة إلى قلعة يقال لها (سقيوما ) وكان فيها بقية قتلة عقبة ، ومال معه سليمان بن أبي المهاجر ، وسألا موسى أن يميل معهما فكره ذلك وقال : " هؤلاء قوم في الطاعة ، فأغلظا لهم الكلام حتى يرجع فقاتل أهل سقيوما قتالاً شديداً ... ، فانهزم البربر واشتد القتل عليهم ..."

ويواصل الرقيق القيرواني :

"... وذكر ابن أبي حسان أن موسى لما فتح [سقيوما] كتب إلى الوليد بن عبد الملك : إنه صار لك من سبى سقيوما مائة ألف رأس . فكتب إليه الوليد :
( ويحك ! إني أظنها من بعض كذباتك ، فإن كنت صادقاً فهذا محشر الأمة ) ..."

نجد في كتاب "الاستبصار في عجائب الأمصار" لكاتب مراكشي مجهول من القرن السادس الهجري ما يلي :
"...كانت أوربة آنذاك من أعظم قبائل بلاد المغرب، وكانت لها مدن كثيرة منها مدينة سكوما، وكانت على مقربة من فاس، وكانت مدينة عظيمة لم يكن بالغرب أعظم منها. يقال إن موسى بن نصير لما دخل بلاد المغرب، نازل مدينة سكوما وحصرها حتى افتتحها عنوة، وأخذ فيها سبيا كثيرا، ..."

مذبحة "سكوما" التي قامت بها قوات موسى بن نصير بقيادة "عياض بن عقبة " كانت بخلفية الانتقام من قبيلة أوربة في مقتل والده عقبة بن نافع على يد ملكها السابق كسيلة.
من الواضح أن موسى خرج في تلك الغزوة بدون تصريح من الخليفة الوليد ،وفي نيته إحكام السيطرة على المغرب الأقصى عبر الترهيب و التقتيل و الأسر و أخد الرهون قبل التوجه لطنجة والعبور بجيشه الى الأندلس لحسم أمر انقلابه.
انتصارات موسى في المغرب الأقصى خلال تلك الحملة كانت سهلة المنال ،كون المنطقة كانت مكشوفة عسكريا لوجود الجيوش رفقة طارق بن زياد متوغلة بعيدا في الأندلس .
• غدر بالأندلس :

كان الأنقسام سيد الموقف في الجنوب الأندلسي ، قام الملك "غيطشة" Wittiza (حوالي 710–711 م) بتنصيب أخيه الغير الشقيق أوباس (Oppas) (عباس حسب ابن القوطية ) في منصب الأسقف السابع والثلاثون لإشبيلية . ويسميه أغناسيو أولاغوي بزعيم الحزب "ما قبل إسلامي Pré-musulman "
بعد وفاة "غيطشة"واغتصاب الملك من طرف لوذريق الكاثوليكي، تتفق المصادر أن أبناء غيطشة - مدعومين من عمهم عباس - اتجهوا لطلب مساعدة طارق أبو زرعة المسلم.
أما "تودمير" الكاثوليكي حاكم مجال تدمير / بلنسية فاستنجد بلوذريق بعد وصول قوات طارق الى الساحل الأندلسي وغالبا سيكون ذلك بعد أخضاعه ليليان حاكم سبتة الكاثوليكي .
هجوم قوات لودريق ووقوع معركة وادي لكة Guadalete في مجال شدونة / اشبيلية، يبرز لنا معالم مواجهة بين مجالين :
• كاثوليك قرطبة والنواحي مدعومة بقوات لودريق المركزية، في مواجهة
• أريوسيي جنوب الأندلس وحلفائهم من مسلميي المغرب الأقصى.

مسار موسى و مسار طارق بن زياد :
بتحليل مسار حملة موسى بن نصير بعد عبوره، سندرك بأنه واصل حملته الغادرة وذلك بالتوجه مباشرة لإخضاع المناطق التي نعلم أنها كانت مناصرة لطارق بن زياد ضد لوذريق .
وهكذا بدأ موسى حملته - مدعوما من طرف حلفاء لذريق الكاثوليك - بإخضاع كورة شدونة، حيث انهزم لذريق ، يقول ابن عذارى (البيان ج 2 ص 13 ) :

": ...خرج موسى بن نصير في عشرة آلاف من إفريقية، مغضبا على طارق، وتقدّم يريد الأندلس؛ فدخلها ونزل الجزيرة. فقيل له: أسلك طريق طارق!) فقال:
(لا، والله، أسلك طريقه!) فقال له الأدلاء من الأعلاج: (نحن ندلك على طريق هي أشرف من طريقه، وعلى مدائن هي أعظم خطرا من مدائنه، لم تفتح، يفتحها الله على يديك إن شاء الله! فامتلأ موسى سرورا؛ فساروا به إلى مدينة شذونة؛ فافتتحها عنوة؛ وهي أوّل فتوحاته..."

ويواصل ابن عذارى في روايته :
"...ونهض موسى مع أدلائه من شذونة إلى قرمونة؛ ولم يكن بالأندلس أحصن منها ولا أبعد من أن تنال بحصار أو قتال. فسأل موسى عن أمرها؛ فقيل له:
(لا تؤخذ إلا باللطف والحيل!)
فقدَّم إليها علوجا كانوا من أصحاب يليان..."
بعد شدونة و قرمونة سيتقدم تحالف موسى بن نصير نحو اشبيلية وحاصرها أشهرا ، ويسترسل ابن عذارى في روايته :
"... لما فتح موسى قرمونة، تقدم إلى إشبيلية، وهي من أعظم قواعد الأندلس شأنا، وأتقنها بنيانا، وأكثرها آثارا. .... فاحتلَّ بها موسى بن نصير، وحاصرها أشهرا؛ ففتحها الله عليه، وهرب منها علوجها إلى مدينة باجة..".
بالجنوب الشرقي للأندلس سيصل عبد العزيز بن موسى بن نصير(نيابة عن والده) إلى توقيع معاهدة مع القائد الكاثوليكي"تودمير" (Tudmir) في "رجب سنة 94 ه" دون مواجهة عسكرية ، سيتولى " بموجبها "تودمير" حكم سبع مدن في جنوب شرق إسبانيا ورد ذكرها عند ابن عذاري المراكشي "البيان المغرب " وهي:
أريولة و بلنتية ولقنت و مولة وبيجاسترو وأوخوس ولورقة.

بعد سيطرته على جنوب الأندلس و تحالفه مع حلفاء لودريق الهالك من أعيان قرطبة و يوليان صاحب سبتة، و بعد تثبيته ل"تودمير" كحليف كاثوليكي، يكون موسى بن نصير قد أمّن ظهره قبل التوجه شمالا إلى طليطلة للقاء طارق أبو زرعة .
يلخص لنا ابن عذارى المراكشي لقاء طارق بموسى عقب إخضاعه لجنوب الأندلس (البيان: ج 2 ص 16) :

"...اتفق الأكثرون على أن التقاءهما كان على طليطلة.
وذكر الطبري أنه كان على قرطبة. وذكر الرازي أن طارقا خرج من طليطلة لما بلغه مسيره إليه، فلقيه بمقربة من طلبيرة. وكان موسى، لما فرغ من أمر ماردة، نهض يريد طليطلة؛ فخرج إليه طارق معظما له، ومبادرا لطاعته؛ فوبخه موسى، وغضب عليه. وقيل إنه وضع السوط على رأسه؛ وقيل إنه ضربه أسواطا كثيرة وحلق رأسه. ثم سار به إلى طليطلة..."

كان موسى بدون شك في موقع قوة، وهو يسيطر على جنوب الأندلس والمغرب الأقصى وحتما سيكون أحكم قبضته على القبائل من خلال الاعتقالات و الرهون. في أجواء الغدر هته، سيتوجه معتب الرومي - رجل ثقة الوليد بن عبد الملك ورفيق طارق - الى دمشق لنقل تفاصيل ما حدث إلى الخليفة.
تخبرنا النصوص أن هذا الأخيروجه رسالة فورية شديدة اللهجة لموسى بن نصير يتهدده في حال وقع مكروه لطارق ، وجاء نص الرسالة عند عدد من المؤرخين على النحو التالي مع اختلافات بسيطة :

- رواية ابن خلدون من كتاب "العبر" :
"والله لئن قتلت طارقًا لأقتلنّ بك أبناءك، ولأضربنّ عنقك!
أتدخل على رجل أسلم على يديه أهل هذه البلاد، وفتح الله به هذه الأمصار؟!"

- رواية ابن عذاري في "البيان المغرب":
"أما بعد، فإنك إن قتلت طارقًا لا أمات الله لك ولدًا إلا مت، ولا أبقت لك في عسكرك قدمًا إلا قلعتها، حتى أورِدَك النار غدًا".

- رواية المقري في "نفح الطيب" :
"إنك إن مسست طارقًا بسوء، جعلت ولدك تحت حدّ سيفي،
وأذقتك أشدّ انتقامي".

رافق ذلك التحذير أمر بوقف الفتوحات و بعودة موسى فورا إلى دمشق. كانت السلطات الأموية قد اقتنعت بخيانة موسى بن نصير أو على الأقل بسنه لسياسة كارثية ستنعكس سلبا على الوجود الأموي بشمال افريقيا .
يقول ابن قتيبة في كتاب "الإمامة و السياسة " ص 210 ما يفيد بأن الوليد اشتبه في ولاء موسى بن نصير :
"قال: وذكروا أن الوليد بن عبد الملك بن مروان لما بلغه مسير موسى بن نصير إلى الأندلس ووصفت له، ظن أنه يريد أن يخلع، ويقيم فيها، ويمتنع بها، وقيل ذلك له، وأبطأت كتب موسى عليه، لاشتغاله بما هنالك من العدو، وتوطيئه لفتح البلاد..."

عملة موسى بن نصير المثيرة للشكوك
المثير هو أن يتراجع موسى بن نصير عن نموذج عملة الوالي حسان بن النعمان الغساني ويصدر عملة باللاتينية و برموز مسيحية و نقش للامبراطور البيزنطي و ابنه (عملة على الطراز الهرقلي ).
كتب على الوجه الأيسر كلمات باللغة اللاتينية
وترجمتها إلى العربية : بسم الله لا إله إلا الله

في الوسط نقشت صورة لإمبراطور بيزنطي و إبنه ، وعلى الوجه الآخر كتب :
MUSE FILIUS NUSIR AMIR AFRICA
موسى بن نصير أمير افريقية

- سكت هذه العملة على النمط البيزنطي و تحمل شعار صليب " T"
لربما كان لهذا الصليب علاقة بعصا القديس أنطونيوس الكبير( 251 م- 356 م)
أب الرهبانية المسيحية المناهض للأريوسية .

سكت هذه العملات الاستثنائية لفترة وجيزة ، وسرعان ما جاء التغيير بسك عملات تحمل اللغتين (اللاتينية العربية) في عام 98ه ، مباشرة بعد إزاحة موسى بن نصير سنة 96 ه.
هناك من الباحثين من يعزو إصدار موسى بن نصير لهذه العملة بطراز بيزنطي و برموز مسيحية إلى ضرورة سياسية، ويستشهدون بسابقة وقعت زمن معاوية بن أبي سفيان حين أصدر عملة أسقط منها الرموز المسيحية ، الشئ الذي أثار حفيظة مسيحيي الشام فقاطعوها ، ليتم التراجع والإبقاء على العملات ذات الطابع المسيحي حفاظا على " شعرة معاوية ".
تبرير يرفضه فريق آخرٍ وعلى رأسهم الباحث الألماني وولكر بوب المتخصص في العملات و الذي يذهب الى القول بأن موسى بن نصير " نصراني توحيدي ".
فريدة رمزي شاكر - عملات أموية بيزنطية لموسى إبن نصر ، والإمبراطورية الشبحية .. جزء( 5 )
عندما وصل موسى بن نصير كوال على افريقية كان قد مضى حوالي العقد على سن الدولة الأموية زمن عبد الملك بن مروان لسياسة تعريب العملات و أسلمتها ، بل ووجد بأن الوال حسان بن النعمان الغساني سبق و أصدر عملة معربة في افريقية احتفظ بشكلها البيزنطي ، وهو أمر منطقي نظراً لأن المقاطعة بقيت تحت النفوذ البيزنطي منذ القضاء على حكم الوندال سنة 533 م. لكن موسى وعوض المضي على نفس النهج تراجع عن التعريب و سمح بالرموز المسيحية.
عملة معربة أصدرها حسان بن النعمان خلال ولايته لافريقية :
الوجه الاول :
صورة رجل ملتحي ومتوج ونقشت حولها جملة "في سنة ثمانين"
الوجه الثاني :
عمود نقشت حوله عبارة " بسم الله هذا أمر به النعمان"

بالإضافة لحملة موسى الغادرة تلك ،لابد وأن سلطات الخلافة في دمشق رأت في هذه العملة البيزنطية المسيحية الطابع دليلا إضافيا على انشقاق موسى، هذا في الوقت الذي كان الوليد بن عبد الملك يخوض مواجهة عسكرية شاملة ضد بيزنطة، وفي الوقت الذي مضى فيه الأمويون بعيدا في تعريب عملتهم بإلغاء التشخيص والإكتفاء بالعبارات التوحيدية الإسلامية وسورة الإخلاص.

قصاص سليمان من موسى و أبناءه

نظرًا لخطورة الأفعال المنسوبة إلى موسى بن نصير، فمن المنطقي التشكيك في الروايات التي تفيد بأنه عاد إلى دمشق امتثالًا طوعيًا لأوامر الوليد بن عبد الملك. غير أن الثابت تاريخيًا أن الخليفة سليمان بن عبد الملك، فور تولّيه الحكم، أمر بمحاكمة موسى، وقد أورد ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ تفاصيل تشير إلى أن موسى وُجّهت إليه اتهامات تتعلق بتجاوزات وقعت أثناء إدارته لشؤون المغرب والأندلس.
تم إغتيال عبد العزيزبن موسى بالأندلس ، ثم حُملت رأسه إلى الخليفة سليمان ، فعرضها على موسى بن نصير قائلاً:
أتعرف هذا؟، فقال:
نعم أعرفه صوّامًا قوّامًا، فعليه لعنة الله إن كان الذي قتله خيرًا منه.
وقال في ذلك ابن عذاري المراكشي :
" أنهم ما قتلوه إلا بأمر من الخليفة سليمان بن عبد الملك بعد أن نكب موسى بن نصير."
يشير ابن الأثير إلى أن سليمان هدَّد بإعدام موسى لولا تدخل عمر بن عبد العزيز الذي أقنعه بالعدول عن القتل لحفظ هيبة الدولة، وهذا لم يمنع سليمان من مصادرة أمواله وفرض الإقامة الجبرية عليه في وادي القرى (بالحجاز)، إلى أن أخده معه في رحلة الحج حيث توفي (97 ه) !!!
وعن سبب إعدام عبد الْعَزِيزِ بْنِ مُوسَى (حاكم الأندلس) جاء عند ابن الأثير:
"...وكان سبب قتله (يقصد عبد العزيز) أن أباه استعمله على الأندلس، كما ذكرنا، عند عوده إلى الشام، وتزوج امرأة رذريق، فحظيت عنده وغلبت عليه، فحملته على أن يأخذ أصحابه ورعيته بالسجود له إذا دخلوا عليه كما كان يفعل لزوجها رذريق، فلم تزل به حتى أمر ففتح باب قصير لمجلسه الذي كان يجلس فيه، فكان أحدهم إذا دخل منه طأطأ رأسه فيصير كالراكع، فانكشف ذلك للمسلمين، فقيل: تنصر، وفطنوا للباب، فثاروا عليه، فقتلوه في آخر سنة سبع وتسعين."


مصير موسى بن نصير و أبناءه بعد غضب سليمان بن عبد الملك، لربما أبعد شبهة تواطؤ الخلافة في الغدر الذي وقع، لكن الثقة انعدمت ونار الغضب الموري بقيت خامدة تحت الرماد إلى حين ، وبقيت أحوال الأندلس غير مستقرة لزمن ، يقول (ابن القوطية ص37):
" ومكثوا سنين بعد ذلك لا يجمعهم وال "

طارق أبوزرعة بعد انقلاب موسى:
بعد كشفنا ل طارق أبو زرعة سنكتشف بأنه لم يغادر الأندلس عقب غدر موسى .وسنعلم من خلال النصوص بأنه بقي هناك في معقله ب "رباط شذونة "، حيث انتصر على لودريق ، في "برباط Barbaté"، وهناك رزق بابنه وولي عهده "صالح بن طريق "، وإليكم ما جاء في كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (أحمد بن خالد الناصري ج 2 ص 10) :

".... اخْتلف النَّاس فِي نسب برغواطة هَؤُلَاءِ إِلَى أَي شَيْء يرجع ، فبعضهم يلحقهم بزناتة وَبَعْضهمْ يَقُول فِي متنبئهم صَالح بن طريف البرغواطي ... نشأ ببرباط حصن من عمل شدونة من بِلَاد الأندلس ....قدم الْمغرب فَنزل بِلَاد تامسنا .... فَادّعى النُّبُوَّة وَشرع لَهُم شرائع وَوضع لَهُم قُرْآنًا حَسْبَمَا تقدم الْخَبَر عَنهُ مُسْتَوفى فَكَانَ يُقَال لمن تبعه وَدخل فِي دينه برباطي ثمَّ عربته الْعَرَب فَقَالُوا برغواطي فسموا برغواطة..."
قد يتفاجئ القارئ و هو يقرأ صيغة "رباط شذونة " في الفقرة أعلاه ، لكن عندما نعلم بأنه هناك قرية قرب مدينة شيذونة" Sidonia " شيدت على مصب وادي برباط و مازالت قائمة إلى يومنا هذا تحت اسم
"برباط " Barbaté و بها سميت معركة برباط الشهيرة، فإن الأمر يصبح في غاية الوضوح .

من المرجّح أن "طارق أبو زرعة"، قد انسحب إلى موقع برباط بعد أن أُقصي من قبل موسى بن نصير، حيث أسّس هناك رباطًا خاصًا به. ويبدو أن هذا الرباط لم يكن استثناءً، بل جاء امتدادًا لتقليد رباطي سبق ظهوره في بلاد تامسنا والسوس بعدة عقود، كما هو الحال مع "رباط شاكر" والذي يسمى إلى يومنا هذا ب"رباط سيدي شيكر" (لاحظ غياب المد)، وهو الرباط الذي يُنسب تأسيسه إلى أحد أصحاب عقبة بن نافع خلال حملته، وقد ورد ذكره في البيان المغرب لابن عذاري (ص. 42):
"... وقد كان عقبة بن نافع ترك فيهم بعض من أصحابه يعلمونهم القرآن والإسلام: منهم شاكر صاحب الرباط وغيره ..."
*"الرباط " منشأة تشبه "القلعة" أو" الزاوية " في القاموس الديني الجهادي ، فهو حصن ومربط للخيل وفي نفس الوقت فضاء للتعبد و التدريس الفقهي.

المذهب الصفري في الغرب الإسلامي :
شهدت الأوضاع تحسنا ملموسا خلال حكم سليمان بن عبد الملك القصير، وتواصل ذلك بعد تولي الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز،( 99 ه - 101 ه)، بمنعه التصرف مع المسلمين غير العرب على نحو مذل ،إلا أن الأمورعادت الى سالف عهدها بعد عهد عمر، بسبب الانتكاسات العسكرية الأموية المكلفة والحاجة الملحة لإعادة ملئ خزائن الدولة.
كانت بوادر الثورة والانتفاضة تلوح في الأفق ، فخلال خلافة هشام بن عبد الملك ، تولى عبد الله بن الحبحاب إصلاح نظام الجباية بمصر و تم ربط ضريبة أرض الخراج بالأرض بدلاً من المالك، حتى ولو كانت مملوكة ساعتها لمسلم وتم تطبيقه رغم المعارضة المتنامية .
https://journals.openedition.org/anisl/5982?lang=fr
وفي عام 116ه ، تم تعيين عبيد الله بن الحبحاب حاكمًا أمويًا في القيروان، فاستفحل التضريب و التحقير من قبل عماله في قرطبة وعمر بن المرادي في طنجة ،كما يخبرنا ابن عذارى المراكشي في "البيان المُغرب" (ج 1 : ص 52) :

" وأساء السيرة، وتعدى في الصدقات والعشر، وأراد تخميس البربر، وزعم أنهم فيء المسلمين. وذلك ما لم يرتكبه عامل قبله. وإنما كان الولاة يخمسون من لم يجب للإسلام. فكان فعله الذميم هذا سبباً لنقض البلاد ووقوع الفتن العظيمة المؤدية إلى كثير القتل في العباد. نعوذ بالله من الظلم الذي هو وبال على أهله".
اجتمع أهل الحل والعقد بالمغرب الأقصى وشكلوا وفدا برئاسة ميسرة المطغري فتوجهوا الى دمشق قصد تقديم شكوى لهشام بن عبد الملك، وبعد فشل تلك الزيارة و رفض الخليفة لقائهم ، تركوا له رسالة عند حاجبه الأبرش، ثم عادوا الى المغرب ليشعلوا ثورتهم الكبرى سنة 123 ه ،جاء في تلك الرسالة (تاريخ الرسل و الملوك ج 4 ص 255) :

"...أبلغ أمير المؤمنين أن أميرنا يغزو بنا وبجنده، فإذا أصاب نفلهم دوننا وقال: هم أحق به، فقلنا: هو أخلص لجهادنا، لأننا لا نأخذ منه شيئًا، إن كان لنا فهم منه في حل، وإن لم يكن لنا لم نرده. وقالوا: إذا حاصرنا مدينة قال: تقدموا وأخر جنده، فقلنا: تقدموا، فإنه ازدياد في الجهاد، ومثلكم كفى إخوانه، فوقيناهم بأنفسنا وكفيناهم. ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا، فجعلوا يبقرونها على السخال يطلبون الفراء البيض لأمير المؤمنين، فيقتلون ألف شاة في جلد، فقلنا: ما أيسر هذا لأمير المؤمنين! فاحتملنا ذلك، وخليْناهم وذلك. ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ولا سنة، ونحن مسلمون، فأحببنا أن نعلم: أعن رأي أمير المؤمنين ذلك أم لا؟..."
بعد عودة الوفد من المشرق قام ميسرة المطغري بإعدام عمر بن عبد الله المرادي و إسماعيل بن عبيد الله بن الحبحاب عاملي الأمويين على كل من طنجة و سوس .
في سنة 122 ه ،كانت قد انضوت قبائل مطغرة وغمارة ومكناسة وبورغواطة تحت راية ميسرة المطغري من قبيلة "مطغرة" فأصبح المغرب كله ثوارا (صفريين )، ومن تلك اللحظة لم يعد للخلافة الاسلامية المشرقية أي وجود في المغرب الأقصى ، فأعلن الثوار ميسرة المدغري خليفة عليهم وخاطبوه بأمير المؤمنين.

وجد الصفرية صعوبة في استمرار ثورتهم في المشرق، فانتقل نشاطهم إلى أماكن بعيدة عن مركز الخلافة . كانت بلاد المغرب ملاذا آمنا للصفرية، فأرسل زعماءهم في المشرقعكرمة مولى ابن عباس البربري لنشر تعاليمهم بين قبائل البربر في المغرب الأوسط والأقصى، فنزل في القيروان حيث اتصل به ميسرة المطغري زعيم قبيلة مطغرة بالمغرب الأقصى فأخد عنه مبادئ وفكر الفرقة .

انتشرت الصفرية بين البربر بل وامتدت الى جماعة السودان القاطنين في الجنوب عن طريق قوافل التجارة ، لِما فيها من مساواة ونبذ للعنصرية . فانظمت القبائل للثورة التي تزعمها ميسرة المطغري سنة 123 ه .
في هذا السياق، يقول عنهم المؤرخ عبد الله العروي ("مجمل تاريخ المغرب") :

"... إن الخوارج نشروا مذهبهم بل وسّعوا رقعة الإسلام في بلاد المغرب بفضل "حيويتهم وميلهم إلى النقاش والجدال"، كما اعتنق الأمازيغ مذهبهم "تعبيراً عن نزوعهم الدائم نحو الاستقلال"، خلال حقبة أواخر القرن الأول وبدايات القرن الثاني الهجريين...".
لأسباب غامضة ستتم الإطاحة بميسرة المدغري وإعدامه من طرف الثوار عام 740 م ، وسيخلفه قائد زناتي آخر هو "خالد بن حامد الزناتي" من منطقة تامسنا . تحت قيادته ، حقق البربر انتصارين حاسمين على الجيوش الأموية. الأول كان في "معركة الأشراف"، حيث قضى على جيش عربي طليعي يتألف من نخبة الأرستقراطية العربية في إفريقية. ثم في "معركة بقدورة" على نهر سبو ، مما أسفر عن مقتل الحاكم الأموي "كلثوم بن عياض".

جاء عند ابن عذاري (البيان المغرب ج1 ص 54) أن الخليفة هشام بن عبد الملك عند تجهيزه لحملة عسكرية شامية على المغرب خاطب "كلثوم بن عياض" بغضب شديد ، قائلا:

“أقتل أولئك الرجال الذين كانوا يفدون علينا من المغرب… والله لأغضبن لهم غضبة عربية، ولأبعثن لهم جيشا أوله عندهم وآخره عندي…”.

انتصارات المور حطمت بشكل دائم سيطرة الأمويين على المغرب الأقصى، مما مهد الطريق لاستقلال المنطقة عن الخلافة الشرقية.

يرى بعض الباحثين المعاصرين أن "طريف" ، زعيم برغواطة، قد يكون أحد أعضاء الوفد الذي رافق ميسرة المطغري إلى دمشق ، رغم أن المصادر التاريخية لم تذكر أسماء الوفد. ويستند هذا الافتراض إلى مشاركته في ثورة البربر سنة 123 ه إلى جانب ميسرة بناء على ما جاء عند البكري في ( المسالك و الممالك ص 819):

"... فلمّا قتل ميسرة وافترق أصحابه احتلّ طريف ببلد تامسنى، وكان إذ ذاك ملكا لزناتة وزواغة. فقدّمه البربر على أنفسهم وولي أمرهم، وكان على ديانة الإسلام إلى أن هلك هناك ..."

بعد انهزام جيش كلثوم بن عياض على يد البربر قرب طنجة (123هـ)، حوصر بلج بن بشر وجنوده الشاميون في سبتة. استأذنوا عبد الملك بن قطن (والي الأندلس) للعبور، فوافق بشرط إقامة سنة وتقديم رهائن. عبر بلج بعشرة آلاف جندي، وساعدوا في قمع ثورة البربر بالأندلس المساندين لثورة المغرب الأقصى.
يذكر ذ محمد حقي في كتاب (البربر في الأندلس ص 36 و 37) بأن هجرة البرباطيين ب (كورة شدونة ) الى المغرب كان بسبب إشتداد الضغط عليهم من طرف أمويي الأندلس عقب اندلاع ثورة البربر سنة 123 ه فيقول:

"...عقب فشل ثورة 123 ه /740 م ، تعرض البربر لمطاردة ملحة من قبل الجيوش الشامية بقيادة بلج بن بشر .فضاقت الأرض عليهم و لم يجدوا أمامهم إلا الفرار إما نحو الهوامش،أو العودة الى مواطنهم في المغرب التي انفصلوا عنها منذ أكثر من ربع قرن ... نجد ضمن مصادر المغرب الأقصى إشارة الى شخص ينتمي الى وادي برباط انتقل الى المنطقة ، و أسس دولة برغواطة و هو صالح بن طريف البرغواطي سنة 127 ه ولعل صالح هذا ليس إلا واحدا ممن عادوا الى أوطانهم بعد أن تبين لهم حقد أهل الأندلس وقسوتهم عليهم ..."
قد يعتقد البعض بأن الفارق الزمني بين فتح الأندلس سنة 92 ه وتأسيس دولة برغواطة سنة 127 هـ يجعل من غير المحتمل أن يكون طارق بن زياد قد شهد الحدثين معًا. الجواب بسيط ذلك أن ما انطبق على طريف الذي عاش الحدثين ، ينطبق على طارق باعتباره نفس الشخص.
فلو افترضنا أن عمره أثناء فتح الأندلس كان حوالي 30 عامًا (بناء على كنيته أبو زرعة)، فإن عمره سيكون نحو 65 عامًا فقط وقت تهجيره مع البرباطيين من جنوب الأندلس سنة 127 ه.

الصفرية الزيادية !!!

عند الشهرستاني في (الملل و النحل ص 137) فهم:
"أصحاب زياد بن الأصفر، خالفوا الأزارقة، والنجدات، والإباضية"
أما في الأعلام للزركلي فهم ينسبون إلى :
"عبد الله بن صفار الصريمي التميمي: رئيس الصفرية، من الخوارج."
يبدو اسم "زياد بن الأصفر" كمؤسس للصفرية غريبا ، ذلك أن عبد الله بن الصفّار التميمي هو من عُرف كخارجي من البصرة ، و كان إلى جانب نافع بن الأزرق وعبد الله بن إباض من أنصارعبد الله بن الزبير أثناء خروجه على الأمويين وإعلان خلافته في مكة سنة 64 ه . اختلفوا فيما بينهم فيما بعد، فألّف كل واحد منهم فرقة (الصفرية و الأزارقة والإباضية) .

"انتشار المذهب الصفري في الغرب الإسلامي أدّى إلى ظهور إمارات خارجية متعددة، مثل:
• إمارة بني مدرّار في سجلماسة (المغرب).
• إمارة الرستميين في تاهرت (الجزائر).
• إمارة بني مصعب في تلمسان وسجلماسة.
• إمارة أغمات في الأطلس الكبير (المغرب).
• إمارة برغواطة على الساحل الأطلسي (المغرب).

نتيجة لهذا التنوع، من الطبيعي أن تصبح "الصفرية ، صفريات". ربما كانت تسمية "الصفرية الزيادية" نسبةً إلى مؤسس إمارة برغواطة طارق بن زياد لتمييزها عن الأخريات، خاصة أنّها استطاعت أن تحافظ وجودها لقرون.

*****************************
علاقة مدينة "الرباط ب "برباط"

لم تشر المصادر إلى مكان استقرار طارق بن زياد (طريف ) بعد ترحيله القسري رفقة شعبه البرباطي إلى مجال تامسنا، إلا أن التشابه اللافت بين موقعي مدينة الرباط المغربية ومدينة برباط في كورة شدونة ،(موقعهما المتشابه على مصب نهر)، يُعزّز احتمال أن يكون طارق قد أعاد تأسيس رباطه الجديد بالقرب من موقع شالة القديمة.
ما يدعم هذا الإفتراض، وينفي صحة تأسيس مدينة الرباط أو نواتها الأولى على يد المرابطين ، هو ورود ذكرهذا الرباط من طرف ابن حوقل (توفي سنة 367 ه) عند زيارته للموقع عقودا قبل قيام الدولة المرابطية سنة 448ه، فقال في كتاب (صورة الأرض: ص 82):
"... وبِسَلَه رباط يرابط فيه المسلمون وعليه المدينة الأزليّة المعروفة بسله القديمة (يقصد شالة ) وقد خربت والناس يسكنون ويرابطون برباطات تحفّ بها وربّما اجتمع فى هذا المكان من المرابطين مائة ألف إنسان يزيدون فى وقت وينقصون لوقت ورباطهم على برغواطه ..."

خاتمة :
بعد حوالي أربعة قرون، وفي ذات الموقع الذي كان قد تحوّل إلى خراب نتيجة الحروب الطويلة ضد برغواطة بسبب الخلاف المذهبي، أعاد الخليفة الموحدي أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (توفي 580ه) تأسيس مدينة الرباط، وأطلق عليها اسم "رباط الفتح".
كان أبو يعقوب يوسف أديبًا وعالمًا دينيًا فصيحًا في اللغة العربية، جالس كبار علماء وأدباء عصره، مثل ابن رشد وابن طفيل. ومن هنا، يثور تساؤل مشروع:

هل أراد أبو يعقوب يوسف من خلال هذه التسمية أن يُلمّح، بشكل غير مباشر، إلى أن المدينة الجديدة هي امتداد رمزي لـ"رباط الفاتح طارق بن زياد"؟
اختيار هذا الاسم، في سياق إعادة بناء المدينة على أنقاض موقع تاريخي ارتبط بالرباطات الأولى، قد لا يكون مجرد صدفة عمرانية، بل إشارة واعية إلى استعادة مجد الفتح الأول، وربما إعادة الاعتبار لشخصية طارق التي طُمست معالمها في الروايات الرسمية.
وفي نفس السياق بإمكاننا القول بأن تشييد أبويعقوب يوسف للصوامع الثلاث الشهيرة :
• جامع حسان بالرباط،
• والجامع الكبير في إشبيلية (الخيرالدا)،
• وجامع الكتبية في مراكش
كان بمثابة تحية رمزية لمشروع توحيدي سابق، جمع بين المصامدة وأهل برغواطة وأهل إشبيلية، في تحالف ثلاثي، أعاد الموحدون إحياءه على نحو معماري وروحي .




فوزي البصري
أغمات في 27/يونيو 2025

________________________________________

- المصادر والمراجع (مرتبة حسب ظهورها في النص):
المصادر التاريخية العربية القديمة (ما قبل القرن 4هـ):
1. الواقدي، محمد بن عمر بن واقد (ت 207هـ)
روى عنه التيمي (ت 279هـ).
2. عبد الرحمن بن عبد الحكم (ت 257هـ)
كتاب: "فتوح مصر والمغرب والأندلس".
3. عبد الملك بن حبيب السلمي الأندلسي (ت 238هـ)
مؤرخ أندلسي، تميز بدقة أخباره.
4. أحمد بن محمد الرازي (ت 334هـ)
كتاب: "الرايات" (ضاع معظمه، وبقيت شذرات).
المصادر من القرن 4هـ فما بعد:
5. كتاب "أخبار مجموعة في فتح الأندلس"
مجهول المؤلف (نُسب لأحد فقهاء بني أمية في قرطبة، القرن 4هـ).
تضمن أول ذكر لـ"طريف أبو زرعة".
6. ابن عذاري المراكشي (ت 695هـ)
كتاب: "البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب" (ج 2).
7. ابن الأثير (ت 630هـ)
كتاب: "الكامل في التاريخ".
8. المقري التلمساني (ت 1041هـ)
كتاب: "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" (ج 1).
9. ابن القوطية (ت 367هـ)
كتاب: "افتتاح الأندلس".
10. الرقيق القيرواني (ت 420هـ)
كتاب: "تاريخ إفريقية والمغرب".
11. ابن حيان القرطبي (ت 469هـ)
ذكر في "الحلة السيراء" (نقلاً عن ابن الأبار).
مراجع حديثة وبحوث معاصرة:
12. الدكتور الطاهري
كتاب: "فتوح إفريقية والمغرب والأندلس" (ص 190، 197).
13. فالفي (Joaquin Vallvé, 1967) شكك في وجود شخصية "طريف".
14. والكر بوب باحث ألماني متخصص في العملات، افترض أن موسى بن نصير كان "نصرانياً توحيدياً".
15. محمد حقي
(كتاب: "البربر في الأندلس" (ص 36-37.
16. عبد الله العروي كتاب: "مجمل تاريخ المغرب".
وثائق ومخطوطات أجنبية:
19. حوليات المستعربة 754 Crónica Mozárabe del مخطوطة قشتالية تُعرِّف فاتح الأندلس باسم "Taric Abuzara".
رابط المخطوطة:
https://en.wikipedia.org/wiki/Chronicle_of_754#/media/File:Chronicle_of_754,_London,_Egerton_1934,_fol._2r.jpg
20. مخطوطة "أخبار مجموعة"
محفوظة في المكتبة الوطنية الفرنسية.
رابط المخطوطة:
https://gallica.bnf.fr/ark:/12148/btv1b11002633f
مراجع جغرافية وسياسية:
21. ابن حوقل (ت 367هـ)
كتاب: "(صورة الأرض" (وصف موقع "رباط برباط" قرب شالة.
22. البكري (ت 487هـ)
كتاب : "(المسالك والممالك" (ذكر سفارة زمور البرغواطي.
23. ابن خلدون (ت 808هـ)
(كتاب: "العبر" (رواية لقاء موسى وطارق.
مراجع إلكترونية:
24. دراسة عن الضرائب في العصر الأموي
رابط الدراسة:
https://journals.openedition.org/anisl/5982?lang=fr



*********************






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فك لغز الجدارية الرئيسية بقصير عمرة


المزيد.....




- تقرير: أمريكا اعترضت اتصالات لمسؤولين إيرانيين كشفت تقييمهم ...
- ماكرون يؤكد في مكالمة مع الرئيس الإيراني على ضرورة العودة إل ...
- إيران تنفي تهديد الوكالة الذرية وتشكك في مصداقية ترامب بشأن ...
- تصاعد هجمات المستوطنين بالضفة وجيش الاحتلال يعتقل العشرات
- -إثبات الوفاة- معاناة قانونية وإنسانية تؤرّق ذوي الشهداء وال ...
- الزرشك نكهة لاذعة وفوائد مذهلة.. كنز أحمر في مطبخك
- شيرين في مهرجان -موازين-.. تفاعل وانتقادات ودعم
- حكم بالسجن النافذ في حق صحافي فرنسي في الجزائر بتهمة تمجيد ا ...
- الجزائر: الحكم على صحافي رياضي فرنسي بسبع سنوات سجن بتهمة تم ...
- غروسي: إيران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم -في غضون أشهر-


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فوزي البصري - هل يكون طارق بن زياد هو طريف أبو زرعة ؟ بحث في الفرضية.