أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جمال الصغير - -الجسد بين الحُب والدين: من يُحرّر من؟-














المزيد.....

-الجسد بين الحُب والدين: من يُحرّر من؟-


جمال الصغير

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 17:47
المحور: قضايا ثقافية
    


الجنس، الأخلاق والدين: سؤال الحرية وحدود الكرامة

في الجلسات الفكرية التي يشتد فيها الجدال حول قضايا الإنسان الكبرى، لا يلبث موضوع الجنس أن يظهر بوصفه خط التماس الأكثر حساسية بين دعاة الحداثة ومنظّري الفكر الديني. وبين من يرى في الجسد "ملكًا شخصيًا" و"أداة للذة المستقلة"، ومن يرى فيه "أمانة" مرتبطة برسالة أسمى، يتأرجح المجتمع بين ثقافتين: ثقافة التحرر المطلق وثقافة الضبط القيمي.

تفكيك عقدة "الشرف" أم تهديم آخر أسوار الكرامة؟
في طرحه، بدا المؤيد للفكر العلماني مقتنعًا أن "فصل الجنس عن الأخلاق" ضرورة لتحرير الفرد من "وهم الشرف" كما وصفه. وساق المثال الغربي نموذجًا على هذا الانفكاك، حيث أصبح الجنس عندهم "نشاطًا طبيعيًا" لا تحكمه رمزية أو مسؤولية، بل فقط الرغبة المشتركة. وفي رأيه، لقد حقق الغرب استقرارًا نفسيًا بعد أن كسر هذا الحاجز، وأصبح الجسد منطقة لا تتدخل فيها الأخلاق ولا الأديان، بل فقط الذات.

لكن السؤال الجوهري هنا: هل حقًا كسر الغرب "عقدة الجنس" أم كسر كرامة الإنسان باسم الحرية؟

أن يكون الجسد مجرد مساحة للرغبة، فهذا ما تمارسه الكائنات الأخرى بلا وعي، أما الإنسان، فتكريمه الأساسي – كما تؤمن به الأديان والفلسفات الأخلاقية – هو ضبط الغريزة لا الانغماس فيها.

الدين ليس أخلاقًا، بل منهج حياة
ردّ المؤيد للفكر المحافظ كان قائمًا على التمييز الدقيق بين الأخلاق كصفة إنسانية والتدين كإطار مرجعي. فهو لم ينكر أن هناك أخلاقًا بدون تدين، بل أكد أن شخصيات عظيمة استقامت أخلاقيًا حتى قبل أن تعرف الدين. لكنّه شدد أن ما يمنح الأخلاق شرعية عليا ليس هو "رغبة المجتمع"، بل هو المرجعية الغيبية التي تجعل من الأخلاق نظامًا ثابتًا لا يتغير بتغير الموضات أو الأهواء.

الجنس، في هذا الإطار، ليس مجرد وظيفة بيولوجية، بل هو أمانة اجتماعية وروحية، يضبطها الزواج، لا لأنها طقوس، بل لأنها وسيلة لحماية المجتمع من تفكك المعنى: معنى الأسرة، ومعنى المسؤولية، ومعنى الكرامة.

الحب ليس حجة لإباحة العبث
حين عاد المتحدث العلماني ليسخر من إدخال الدين في علاقة "بين شخصين أحبا بعضهما البعض"، فإنه – دون أن يدري – سقط في تناقض صارخ. فالحب الذي يريده "حرًا"، يريد أن يحصنه من "التدخل الديني"، لكنه لا يمنعه من التورط في التلاعب بالمشاعر، وتدمير الأرواح، خاصة حين يُستعمل الحب كمبرر لسرقة الجسد ثم الهروب من المسؤولية.

أين نضع مشاعر فتاة أحبت ثم تُركت؟ وأين نضع أبناء العلاقات الحرة الذين لا يعرفون آباءهم؟ وهل نملك أن نمنع الانحلال حين نكسر الضوابط؟

المفارقة أن دعاة "تحرير المرأة" لا يحمونها من الذبح باسم الشرف كما يزعمون، بل يتركونها فريسة للرغبات، بلا حماية دينية ولا قانونية. والدليل؟ ليس في أفغانستان فقط، بل في شوارع باريس ولندن، حيث تتحول المرأة إلى "سلعة جنسية" محمية فقط طالما كانت مرغوبة.

بين عاهرة وزوجة: الفرق في الكرامة لا في الممارسة
جاء رد المدافع عن الفكر المحافظ حاسمًا: الفرق بين الزنا والزواج ليس فقط وثيقة قانونية، بل الفرق بين امرأة تُطلب لتُكرم، وأخرى تُستعمل لتُرمى. وسواء اتفق البعض أو اختلف، فإن التجربة البشرية أثبتت أن الجنس بلا مسؤولية يتحول من نعمة إلى لعنة.

فالجنس بلا ضوابط لا يحرر الإنسان، بل يحوله إلى عبد للغريزة، ويُفقده القيمة الجوهرية للعلاقة: أن تكون إنسانًا تُعطى لا تُستهلك.



#جمال_الصغير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أما بعد / تاريخ رشيد بوجدرة و مستقبل سمير قسيمي في حضرة أسيا ...
- حقيقة السبع سماوات والسبع أرضين!
- التطبيع مع إسرائيل خيانة وليست فكرة للمناقشة يا رشدي رضوان . ...
- فصل الجنس عن الأخلاق .. !
- التشريع الإنساني عند الدكتور محمد شحرور..!
- حداثة الغرب وهلوسة العرب ...!
- الحل الحكيم لتربية والتعليم في الجزائر
- إشكالية اللغة البسيطة في النصوص الأدبية !!
- الحداثة بضاعة يهودية لا تطبق على الإسلام!!
- مهيوبي وحلم عريوات !
- هل السعودية هي الإسلام ؟ !
- نحن المشكلة... وليس المولد النبوي بدعة !
- برنامج عمر رأسك أصبح خليلي في السجن الجديد
- الصور المستحدثة لإتفاق التحكيم في تسوية المنازعات الاستثمار ...
- الشروق تحقق .. حلال على الجميع حرام على السلفية
- رسالة إلى وزير العدل، حافظ الأختام، السيد الطيب لوح
- إعتذار إلى عائلة العلامة أحمد شقرون رحمه الله
- أيها الليبرالي الحر هدىء من سرعة قطارك !!
- الرد الإعتقادي على الليبرالية الموشومة هاجر حمادي
- الإختيار والتوجيه والتوقيت لمرشح الإنتخابات المحلية في الجزا ...


المزيد.....




- هكذا تبدو كنوز توت عنخ آمون مجتمعة داخل المتحف المصري الكبير ...
- طموحات ترامب من زيارة ولي العهد السعودي.. إليكم ما نعلمه
- بأول زيارة له إلى الصين.. أسعد الشيباني يلتقي وانغ يي في بكي ...
- خبير جنائي لبي بي سي: جنديان من قوات المارينز مسؤولان عن مقت ...
- وضع إنساني صعب في غزة.. مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع القر ...
- مع انطلاق موسم الأعياد في باريس.. ليا سيدو تضيء الشانزليزيه ...
- الثلاثاء أولى جلسات محاكمة المتهمين في أحداث الساحل السوري
- أبيغيل سبانبرغر.. ضابطة استخبارات تحكم ولاية فرجينيا
- دراسة: المحيطات تفقد اخضرارها ونظمها البيئية معرضة للانهيار ...
- تركيا تتمسك باستضافة -كوب 31- وأستراليا تستبعد الرئاسة المشت ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جمال الصغير - -الجسد بين الحُب والدين: من يُحرّر من؟-