أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بثينة تروس - ابتزاز (الكاهن) في زمن الحرب














المزيد.....

ابتزاز (الكاهن) في زمن الحرب


بثينة تروس
(Buthina Terwis)


الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إعلان تشكيل ما سُمّيت بـ(حكومة الأمل)، بقيادة رئيس الوزراء كامل إدريس، أظهر للعلن صراع خفي، ولكنه شرس على المناصب الوزارية. رئيس الوزراء الذي بدا متأثرًا بنموذج العدالة في سويسرا، حاول أن يتجاوز الواقع السياسي المعقد في البلاد بعبارات مثالية من قبيل (يقتضي الأمر أن نمحو من قاموسنا المحاصصة والمحاسبة والمحسوبية، بكل أشكالها وألوانها، وأن نحتكم إلى مبادئ العدالة والشفافية). وهكذا، غفل عن أن التمكين في هذه الحرب اللعينة أعاد إنتاج نفسه بصيغ قديمة، هي ذاتها التي جعلت من قوات الدعم السريع وليدًا شرعيًا خرج من رحم المؤسسة العسكرية، وأن حميدتي (حمايتي) بات فوق الجيش، شريكًا له في السلطة والثروة.
ما إن كُشف النقاب عن أسماء المرشحين للوزارات، حتى اندفع كل من قاتل إلى جانب الجيش وأُذن له بحمل السلاح ضد الدعم السريع من الحركات المسلحة، وكتائب البراء بن مالك، والدفاع الشعبي، والمستنفرين، والمقاومة الشعبية، وكتيبة شيبة ضرار، وغيرهم من المليشيات الوليدة الموالية للجيش ليصطفوا في طابور طويل، ملوّحين بالتهديد ومطالبين بـحقهم المطلق في الاستوزار، أما الوزارة أو التمرد. ومعركة اليوم لم تعد فقط مع الدعم السريع، بل باتت مع الداخل السياسي ذاته، مع شبكات المصالح التي ترى في الوزارات غنيمة معركة الكرامة، وتحول الجنرال البرهان من (الكاهن) هازم التمرد للشريك الذي لا يؤتمن.
ظن الكيزان انهم سوف يستغفلون الحركات المسلحة، تغنوا بأغاني الجهاد و (مشتركة فووووق) ولم يحسبوا حسابات أطماع الحركات المسلحة وقادتها الذين ايدوا انقلاب البرهان علي حكومة رئيس الوزراء حمدوك، وناصروه من اجل الاحتفاظ بالسلطة والثروة، وغدروا بثورة ديسمبر السلمية التي حولتهم من مليشيات متمردة في نظر الجيش الي وزراء، ، تخلي هؤلاء عن قضايا اقاليمهم في الامن والسلام المستدام والعيش الكريم مفضلين اطماعهم الشخصية باحقية اتفاقية جوبا للسلام التي صارت (جنازة بحر)! ومن سخرية الاقدار يرفعون اتفاقية السلام بيد وبالأخرى يضغطون على زناد البنادق. واليوم، يعود المشهد ذاته الذي عرفه السودانيون في عهد نظام الكيزان، لعبة الخيانات والاغتيالات في سبيل نهب المال العام (لقد أكلوا الأموال اكلا عجيبا)، فحين شعرت الحركات المسلحة بمخطط حكومة بورتسودان في التخلص منها، انسحبت من منطقة المثلث وتركتها نهبا للدعم السريع، لتأكد ان الجيش لا قبل له بالنصر من دون دعمها وقواتها.
وموقف وزير المالية (الكوز) جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، الرافض التخلي عن المنصب ومستحقاته، يعيدنا إلى ذاكرة وزراء كيزان اخرون لم يخفوا حزنهم على مفارقة المناصب، من بينهم وزير المعادن الأسبق كمال عبد اللطيف، الذي لم يتردد في البكاء عند إقالته، في مشهد أثار سخرية الشارع السوداني. ولا يزال كثيرون يتذكرون قضايا الفساد المرتبطة بشركات مثل (الموارد المعدنية)، التي تحوّلت إلى مظلة مالية تغذي كتائب ظل وواجهات أمنية بموارد الدولة. وفي ظل هذا المشهد، جاءت حكومة الأمل بتعهدات فضفاضة حول الزهد في المناصب ومكافحة الفساد وتقديم وزراء ذوي كفاءة، لكن أولى قراراتها مثل تعيين الفريق حسن داؤود كبرون وزيراً للدفاع، وهو الذي شغل من قبل منصب المدير المالي للمؤسسة العسكرية، وخازن بيت مال قادة الجيش، بدت كأنها إعادة تدوير لرجالات النظام السابق، ممن كانت تمر عبرهم صفقات الذهب المهرّب إلى الخارج.
المؤسف في هذه المرحلة من الحرب اللعينة، أن الجيش يواجه ابتزازًا فاضحًا، وتهديدات صريحة تُوجَّه للجنرال عبد الفتاح البرهان إما منح المناصب، أو نترك الجيش فريسة للفوضى والهزائم، بزعم أنهم (صنّاع النصر الحقيقيون)، يبقى السؤال هل يمكن بناء دولة في ظل تفاقم الحروب على ركام الفساد والطمع السلطوي؟ وهل يمكن لحكومة الأمل أن تتجاوز هذا الإرث دون مواجهة حقيقية مع الحركات المسلحة والمليشيات الجهادية التي تعيق الإصلاح من الداخل؟ وهل لا تزال الحكومة تصر على مواصلة الحرب، وهزيمة تمرد الدعم السريع ولو استمرت الحرب لمائة عام؟ وهل يعني أعلان تذمر الحركات المسلحة بداية فصل اَخر من فصول الحرب قد يقودها للتحالف مع الدعم السريع ضد الجيش؟
وفي ظل هذا الانهيار الأخلاقي والسياسي، لا خيار أمام السودانيين سوى كسر دائرة الابتزاز والتمكين، وإعادة بناء الدولة على أسس العدالة الحقيقية لا شعاراتها. فالحرب وحدها لن تصنع كرامة، ما لم تُهزم عقلية الغنيمة التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية.
لن يحل مشكلة السودان الا السودانيون أنفسهم.



#بثينة_تروس (هاشتاغ)       Buthina_Terwis#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يهود وإسلاميون في التيه!
- حين كذّب الكيزان رؤيا الحكيم!
- كامل إدريس.. الماسخ المكرور!
- الاعيسر مبعوث الكيزان لرجم الشيطان!
- جبريل.. من حصان طروادة الي دبابة المشتركة!
- موقف ثابت من تابت إلى طرة!
- حكوماتنا ومظالم نسوية مستمرة!
- هل يجرؤ الجيش على التبرؤ من كتائب البراء؟
- لا سبيل لمدنية في حكومة مليشيا!
- الجنرال العطا مرشد عسكري لفلول الحركة الاسلامية
- التمييز بين الطلاب وتأصيل الأحقاد!
- نساء في حواضن الدعم والجيش!
- روسيا من دنا عذابها الي اخت بلادي!
- للذين قالوا لا للمدنية من بريطانيا!
- كارتيلات اخوانية وشعب في محنة!
- الي متي يلد الجيش ويبارك الشعب؟!
- السفير شرفي وراية السلام في الظلام!
- الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
- مشمعات المفوضية سبب الشكية!
- صوت الكنداكات وتنابلة السلطان!


المزيد.....




- هل ترامب لا يزال يدعم أحمد الشرع بعد أحداث السويداء؟.. ما رد ...
- العشائر تعلن النفير العام..وفيديوهات لقوات تتجه إلى السويداء ...
- السويداء.. -اختبار حاسم- لمستقبل الدولة السورية
- رئيس البرازيل: تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية -ابتزاز مرفوض- ...
- ما هي الحالة الصحية لترامب بعد ظهور تورم في ساقيه وكدمات في ...
- فرنسا - السنغال: نهاية الوجود الفرنسي في أفريقيا؟
- 32 منظمة وجمعية تطالب بوقف تجريم وعرقلة أنشطة البحث والإنقاذ ...
- فرنسا: اللبناني جورج عبدالله يرى أن التعبئة الشعبية كانت حاس ...
- الرئاسة السورية تصدر بيانا عن -خرق جماعات مسلحة لوقف إطلاق ا ...
- نتنياهو يؤكد إستراتيجية إسرائيل القائمة على -القوة- لتكريس ه ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بثينة تروس - ابتزاز (الكاهن) في زمن الحرب