أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي الصافي - احتفاء ال سي آي أي بفلاسفة ما بعد الحداثة















المزيد.....

احتفاء ال سي آي أي بفلاسفة ما بعد الحداثة


قصي الصافي

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان لجماعة الفلاسفة الجدد التي اسسها برنارد ليفي وفلاسفة ما بعد الحداثة دور سلبي في تراجع اليسار ، خاصة انهم خرجوا من معطف الماركسية ليشكلوا "يسارا"جديدا مما اكسبهم مشروعية فكرية من قبل بعض اليساريين.
لست بصدد عرض النقد اللاذع لفلسفة ما بعد الحداثة من قبل اعلام اليسار كدافيد هارفي ومارك فيشر الماركسيين او تشومسكي الاشتراكي الاناركي، بل خلاصة (مع القليل من الاضافات التي وضعتها بين اقواس للتوضيح دون ان تغير المضمون العام) لتقرير ال سي آي اي الذي رفعت عنه السرية عام٢٠١٠، والمعنون فرنسا: انشقاق اليسار، والذي يحلل بابتهاج ما حققه فلاسفة ما بعد الحداثة في مجال صناعة راي عام ينزع لمعاداة الماركسية وزيادة تاييد السياسة الامريكية وتوجيه الميل الشعبي لتفضيل النظام الراسمالي. ارجو ان لا يفهم الموضوع على انه محض تجريد خالص ينحصر في دائرة الفلسفة بعيدا عن الواقع الملموس، فلو كان الامر كذلك لما احتفت المخابرات الامريكية بما حققه فلاسفة ما بعد الحداثة. (وسوف يكون المقال القادم عن اختراق مفاهيم وافكار ما بعد الحداثة للفضاء الثقافي العربي عموما والعراقي خصوصا، بعد ٢٠٠٣ لاتساقها مع قيم وافكار اللبرالية الجديدة.)

يبدا تقرير السي اي اي بالقول ان دور الفلاسفة في فرنسا على مر التاريخ، كان ذا تاثير بالغ في صناعة الراي محليا وعالميا، ولا ينحصر دورهم كما في امريكا واوروبا على ذوي الاختصاص او المهتمين بالفلسفه فقط، فقد انقسم المجتمع الفرنسي قديما ومن ثم العالم اجمع، مع انقسام الفلاسفة الى يسار(روسو. مونتسكيو، ديدرو،) ويمين (جوزيف دي مايسترا، تشارلز ماوراس، بونالد) وكان الصراع في الافكار بين الطرفين شبه متكافئ آنذاك، حتى نشوب الحرب العالمية الثانية حيث اصبح اليسار وبالاخص الفكر الماركسي هو الاكبر تاثيرا على المجتمع، لدوره في مقاومة النازية ولمواقفه الوطنية، وتراجع اليمين ضمن خط بياني حاد لفقده مصداقيته بسبب تخاذله ودعمه للفاشية علنا او سرا.
واستمرت مكانة اليسار في المجتمع حتى بروز فلاسفة ما بعد الحداثة كرد فعل لما تكشف من جرائم الحقبة الستالينية،(بالحقيقة فلسفة ما بعد الحداثة كانت كرد فعل لمآسي الحرب العالمية الثانية بشكل اساسي، اذ القي اللوم على تقديس العقل الاداتي من قبل مفكري الحداثة والتنوير). هؤلاء الفلاسفة لم يتخلوا عن الماركسية فحسب بل شنوا حملات مكثفة لتعبئة الشباب ضدها وضد الاتحاد السوفيتي، وقد بذلوا جهودا حثيثة لنشر افكارا ومفاهيم نقيضة للفكر الماركسي، (كرفض مايسمونه السرديات الكبرى بقصد دحض المادية التاريخية، وانكار سيرورة التطور التاريخي للمجتمعات، والنسبية المطلقة للحقيقة وقيم الاخلاق، ومن مخرجات فلسفتهم ايضا محورية الفرد كذات مستقلة مما يعزز الفردانية، وانكار وجود هوية جماعية، وتجزئة الصراعات الى صراع حقوق لهويات فرعية ككيانات مستقلة متشظية على اعتبار ان الواقع نفسه بمنظورهم متشظ وغير متسق ...الخ)، ويشير تقرير ال سي اي اي ان الجامعات والصحف والقنوات التلفزيونية قد شرعت ابوابها بشكل يومي لنشر هذه الافكار من خلال لقاءات وحوارات ومحاضرات، وخاصة بعد احداث ثورة الطلبة ١٩٦٨م، وقد صرح دوبريه ان هؤلاء الفلاسفة قد تحولوا الى نجوم تلفزيون استعراضية، ويذكر التقرير ان هؤلاء المفكرين: فوكو، برنارد ليفي وليوتارد وغيرهم في فترة الثمانينات قد شنوا حملة عداء وهجوما مستمرا ضد حكومة متيران وقرروا مقاطعتها لاشراكها وزراءا شيوعيين، وحين استقال الوزراء الشيوعيون الاربعة ( لتراخي حكومة الاشتراكي في تنفيذ برنامجها)، كتب برنارد ليفي : لقد تطهرت الحكومة من اربعة فاشيين، وقد اصدر ليفي كتابا يساوي فيه بين الشيوعية والفاشية، ونشر كتابا عنونه: البربرية بوجه انساني، كرسه للهجوم على الشيوعيين واتهامهم بالبربرية، والف صديقه جلوكسمان كتابا لدراسة جذور الفاشية في الارث الفلسفي الالماني زاعما انها تعود الى ماركس ونيتشة مصرا على مساواة الفاشية بالشيوعية.

ومما يذكره التقرير ايضا اكتساب بعض نظريات اليمين تاييدا غير مباشر من قبل اليسار الجديد، على سبيل المثال ينسب بعض منظري اليمين ارهاب الدولة وتعسفها الى الثورات التي تسعى لفرض المساواة، والتي يتطلب تطبيقها دولة بوليسية تضرب بيد من حديد لفرضها، ومع ان بعض مفكري اليمين ادانوا مثل هذه الرؤية، الا ان فوكو مثلا ابدى قبولا وتاييدا ضمنيا بالتذكير بسلبيات الفكر العقلاني التنويري والنزعة الثورية التي آلت الى حمامات الدم ابان الثورة الفرنسية بالقرن الثامن عشر.
يقدم تقرير السي اي اي دليلا على مدى تاثير الشحن المتواصل من قبل كتاب ومفكري ما بعد الحداثه لتوجيه الراي العام لصالح النظام الامريكي وسياسته المتبعة داخل وخارج امريكا، فيقارن بين استفتاء اجري عام 1982 واخر عام 1985 خلال التحضير لقمة ريغان وغورباتشوف
النتائج: 30% مع امريكا 51% ضدها عام 1982.
وفي عام 1985 تصاعدت نسبة تاييد النظام الامريكي الى 43% وهبطت نسبة معارضته الى 27%، بينما تاييد النظام السوفيتي هبط الى 9% مقابل 59% ضده. والملفت للنظر ان الاسئله بالاستفتاء تتضمن اضافة للحريات الشخصية المساواة الاقتصادية والتامين الصحي ومساعدة الدول الفقيرة، اي( ان 43% يعتقدون ان المساواة الاقتصادية والتامين الصحي والمساعدات للدول النامية هي الافضل في ظل النظام الامريكي منها في النظام السوفيتي).
كما عرض التقرير نتائج استفتاءات من لقاءات جرت بشكل مباشر مع الطلبة، تشير الى ان طلبة الجامعات المعروفين بحماسهم الثوري، لا يفكر معظمهم الآن الا بتامين حياة شخصية مرفهة والحصول على عمل يدر مالا وفيرا، ويعزز ذلك عزوف الطلبة من الانخراط في دروس العلوم الانسانية، والتوجه الى دراسة ادارة الاعمال والتجارة والعلوم البحتة.

ما لم يذكره التقرير ان الجامعات الامريكيه شجعت على نشر بحوث مابعد الحداثيين من الاكاديميين الاميركان، ودأبت على منح الالقاب والمناصب العلمية لاولئك الذين يتبنون تلك الافكار، حتى اصبحت طريقا للمتسلقين الباحثين عن رتب علمية او مكانة في مراكز البحوث كما اكد ذلك تشومسكي في اكثر من مقابلة.



#قصي_الصافي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متاهة الهوية الفردية في العصر الرقمي
- مسلسل محو الذاكرة الوطنية التقاء التيار العدمي مع الاسلام ال ...
- جون لوك والاستعمار الاستيطاني
- اسرائيل لا تستهدف المؤسسات الصحية أبدا ؟ً ج1
- ما الذي كان سيقوله ماركس عن غزة؟
- بين اللبرالية ودعاتها في العراق
- أزمة أخرى أكبر في طريق الجمهورية الإسلامية في ايران
- تأملات خارج النص
- كيف عمل فريق اوباما- بايدن على تمكين القاعدة في سوريا
- حفاضات أطفال في قبضة السي آي أي
- هل تقودنا الرأسمالية الى الجنون؟ الجواب المختصر : نعم
- شجعت أميركا على الفساد بأفغانستان لعدة سنين وطالبان تدرك ذلك
- الدولة الفاشلة صناعة مشتركة
- أغلال الديون في بلدان الجنوب عبء على كاهل العمال في كل مكان
- لن يهزم أردوغان الكفاح من أجل الديمقراطية في تركيا أبداً
- تركيا تشن حملة وحشية في كردستان
- كيف تخلت المنظمات غير الحكومية عن حركات التغيير الجذري في ال ...
- كيف تخلت المنظمات غير الحكومية عن حركات التغيير الجذري في ال ...
- اطفال الفلوجة: اللغز الطبي في خضم الحرب على العراق
- لنتذكّر كيف تهيمن قوى الاستبداد


المزيد.....




- هكذا وصلت الملكة رانيا والأميرة رجوة إلى البندقية لحضور حفل ...
- شاهد لحظة إنقاذ طفلة علقت في مجاري الصرف الصحي في الصين لساع ...
- بخيوط من ذهب وحرير أسود.. الكعبة ترتدي كسوتها الجديدة مع بدا ...
- رافائيل غروسي يكشف معلومات مهمّة عن البرنامج النووي الإيراني ...
- يتمحور حول المعادن النادرة.. الولايات المتحدة تعلن توقيع اتف ...
- بكيين تؤكد توقيع اتفاق تجاري مع واشنطن وتكشف عن بعض تفاصيله ...
- المغرب..نانسي عجرم تثير الجدل بسبب العلم الوطني
- بريطانيا تنسحب من مشروع بقيمة 34 مليار دولار لاستيراد الطاقة ...
- عاجل | سرايا القدس: قصفنا مع كتائب القسام بقذائف الهاون تجمع ...
- محللون إسرائيليون: نتخبط في غزة ونطارد نصرا مطلقا لن يتحقق


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي الصافي - احتفاء ال سي آي أي بفلاسفة ما بعد الحداثة