العدوان الصهيو-أمريكي على إيران من الصبر الاستراتيجي إلى الرد القاسي

عبد الحفيظ حساني
(Hassani Abdelhafid)

الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 16:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد توالي الاعتداءات على إيران: اغتيال رئيسها، استهداف رموزها وقياداتها السياسية والعسكرية، ومحاولة بتر أذرعها في المنطقة (اليمن، سوريا، حزب الله...) بذريعة مساندة ودعم المقاومة؛ وبعد توالي مناورات الكيان الصهيوني الغاشم لجر إيران إلى الحرب المباشرة وتوسيع نطاقها على المستوى الإقليمي بعد الضربة المؤلمة التي تلقاها حزب الله و نهاية ماسمي تحديد نقاط الاشتباك التي كانت تشكل حرب استنزاف حقيقية للكيان ، لتنتقل الحرب الى مرحلة جديدة بوجه أمريكي مفضوح خصوصًا العدوان في الدقائق الأخيرة لاستئناف مفاوضات الملف النووي مع أمريكا، حيث تمت تصفية قائد الحرس الثوري والعديد من المسؤولين وعلماء الذرة...
نفاد الصبر الاستراتيجي:
لقد نفد صبر إيران الاستراتيجي خصوصا بعد الهجوم المباشر للقوات الأمريكية، ومحاولة تدمير قدراتها النووية وضرب ثلاثة مفاعلات نووية مرة واحدة، في هجوم همجي يمس بسيادة النظام الإيراني، ويُعد إعلانًا صريحًا لمحاولة اجتثاثه من المنطقة، أو على الأقل إرغامه على التخلي عن قدراته النووية، والدفع به لتقديم تنازلات سياسية للتحالف الصهيوأمريكي، على رأسها التخلي عن مساندة المقاومة الفلسطينية، ووقف تموين الحوثيين في اليمن وحزب الله في جنوب لبنان... وصولًا إلى صنع قيادات إيرانية عميلة ومطبّعة.

بداية الرد الاستراتيجي: كانت أمام إيران خيارات رد متعددة في سياق الرد الاستراتيجي القائم على ضرب المصالح الصهيوأمريكية لتحقيق "توازن الردع"، سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى العسكري؛ لذلك اعتمدت بدايةً على استهداف قلب إخرا-ئيل، وضرب بنك الأهداف المتنوع اقتصاديًا، عسكريًا، وحتى مدنيًا، استطاعت من خلاله خلق حالة من الرعب الحقيقي لدى المستوطنين، وخلق رأي عام داخلي استشعر خطورة الحرب ومدى هشاشة الكيان الإخرائيلي واستحضار نظرية زواله (يكفي المكوث لأيام في الملاجئ، وتعبير مئات الآلاف من المستوطنين عن رغبتهم في العودة إلى بلدانهم الأصلية).

كما استطاعت إيران، في خطوة تاريخية، ومن خلال مصادقة برلمانها على إغلاق مضيق هرمز، أن تُشكّل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد العالمي، وتُسقط البورصات العالمية.

وفي الجانب العسكري، شكّلت الضربة الموجهة إلى القاعدة الأمريكية في قطر عدة رسائل مشفّرة:

القدرة على ضرب القواعد العسكرية للدول العميلة في المنطقة، وإشراكها في توسيع قاعدة الحرب على المستوى الإقليمي.

الدلالة على قدرة إيران على اجتثاث الأنظمة العربية الرجعية التي تُشكّل أراضيها قواعد هجومية.

التأكيد على أن إيران مستعدة للرد على أمريكا واستهداف مصالحها وقواعدها بشكل مباشر، واستهداف قاعدة "العديد" بمثابة إعلان الدخول المباشر في الحرب مع أمريكا، وعدم الاكتفاء بوكيلتها إخرا-ئيل.

التهديد بضرب كل القواعد العسكرية الأمريكية لا يشمل فقط قواعد الأنظمة العميلة، بل يتعداها إلى استهداف حاملات الطائرات والقواعد العسكرية البحرية، وهو ما سيُورّط أمريكا في حربٍ تُكلّفتها السياسية و المالية غير متناهية...
الرد الاستراتيجي لا يستثني فرضية امتلاك القنبلة النووية، وإعلان دخول إيران إلى النادي النووي إلى جانب الدول التسع... وكل المؤشرات تؤكد ذلك، نظرًا للقدرات العسكرية التي ابانت عنها إيران، فرغم ما يزيد عن أربعين سنة من الحصار، استطاعت رفع مستوى التخصيب، ناهيك عن قدراتها الصاروخية الفرط صوتية والحاملة للرؤوس المتعددة.

باختصار شديد، الرد الاستراتيجي لإيران، بجميع عناصره، يعني تورّط الإمبريالية الصهيوأمريكية في حرب عالمية ثالثة، وليس فقط إزالة ما يسمى إخرا-ئيل من المنطقة.

وفي الأخير، وفي انتظار استكمال عناصر الرد الاستراتيجي وتوظيف كل تداعياته في الحرب المعلنة، أو في حالة فرملة التهديدات المستفزة لكرامة إيران وسيادتها الوطنية بمحاولة تطمينها من طرف الأمريكي وبناء هدنة عسكرية...
قد تسارع الأنظمة العربية لعقد قمة طارئة – بدعوة من قطر – لبحث "الخطر الإيراني"، وسيتضمن جدول الأعمال:

الترحيب بالجولاني كرئيس " شرعي " للجمهورية السورية في "حظيرة" الدول العربية .

إعلان التطبيع الجماعي مع إخرا-ئيل كخيار استراتيجي.

تعديل اسم الجامعة لتصبح: "الجامعة العربية للدول المطبّعة".

إدانة عملية "التهجير الإرادي" التي يتعرض لها "شعب الله المنهار" خوفًا من الضربات الإيرانية.

إدانة قصف المدنيين والمستشفيات الإخرائيلية.

إدانة العدوان على الكيان الأمريكي، والمسّ بالسيادة الأمريكية على الأراضي القطرية وكل الأقطار العربية.

تنبيه الأنظمة العربية العميلة إلى خطورة توسّع التشيّع الإيراني.

دعوة قطر والإمارات والسعودية إلى ضبط النفس (والنفس أنواع!) والمطالبة بضخ تريليونات الخليج لإعادة إعمار إخرا-ئيل.

#عبد_الحفيظ_حساني (هاشتاغ)       Hassani_Abdelhafid#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل