أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مكانة سوريا الجديدة في تحوّلات الشرق الأوسط














المزيد.....

مكانة سوريا الجديدة في تحوّلات الشرق الأوسط


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 16:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أن طبول الحرب الإسرائيلية على إيران تعكس مآلات التداعيات التي انطوت عليها عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، على مجمل تحوّلات الشرق الأوسط.
إذ إن المنطقة مقبلة على تحوّلات تضبطها توازنات إقليمية وشروط القوى الدولية الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، التي تُعتبر الراعي الأمني الأساسي للشرق الأوسط.
وتشير السرديات المتداولة والمساومات التي تتم بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في المنطقة، إلى أنّ ثمّة إمكانية لرسم جديد لأدوار دول المنطقة. وفي هذا السياق، تندرج مكانة سوريا الجديدة، ذات الموقع الجيو-استراتيجي الهام، في المشروع الجديد للشرق الأوسط: "السلام على أساس النمو"، من خلال مشروع "جسر القارات"، بدءاً من الهند مروراً بالمشرق العربي، الذي تمثّل سوريا دوراً محورياً فيه. إذ قال باتريك سيل في كتابه الصراع على سوريا: إنها دولة محورية، تؤثّر وتتأثّر بمحيطها، فمَن يسيطر عليها يؤثّر في لبنان وفلسطين والأردن والعراق وتركيا، وعادةً ما تتداخل فيها الألعاب السياسية الدولية. وعلى اعتبار أن الجسر لم يُغلق بعد، يمكن لسوريا أن تكون جزءاً من هذا المشروع.
إنّ الاحتضان الدولي والإقليمي لسوريا الجديدة يندرج ضمن إطار إعادة التموضع في الشرق الأوسط، مما يشكّل فرصة للسوريين يجدر بهم عدم تفويتها.
مع العلم أن المشروع ينطوي على محاولة للحدّ من تمدّد "طريق الحرير" الصيني، على أساس توظيف مزايا كل دولة في المشروع، بهدف ترسيخ الاعتماد المتبادل بينها، ضمن إطار ما يُسمى "النظم الإقليمية الوظيفية". ويخطئ من يعتقد أن إضعاف محور "الممانعة" الإيراني سيؤدّي إلى تأكيد ريادة الدور الإسرائيلي، إذ إن احتضان السعودية وتركيا لسوريا الجديدة يشير إلى تحوّلات في موازين القوى الإقليمية، يمكن أن تلعب دوراً هاماً في إعادة صياغة اصطفاف هذه القوى، بحيث تكون إسرائيل أحد هؤلاء اللاعبين، خاصةً على ضوء ما ظهر من توجّهات سياسة إدارة الرئيس الأميركي ترامب، التي تقوم على رفع الوصاية الأميركية عن دول المنطقة، بل تحمّلها مسؤولية تقدّم شعوبها.
وفي الواقع، يحمل الاحتضان الإقليمي والدولي للتغيير السوري ملامح شرق أوسط جديد. وقد نشر موقع مركز المجلس الأطلسي في واشنطن تحليلاً لتشارلس ليستر، رئيس المبادرة السورية في معهد الشرق الأوسط، قال فيه: "على مدى ما يقرب من نصف قرن، كانت سوريا جرحاً مفتوحاً في قلب الشرق الأوسط، ومصدراً دائماً لعدم الاستقرار، تُغذّي الصراعات وتَقمع شعبها بوحشية". مما يعكس الاحتضان الأميركي لقيادة المرحلة الانتقالية في سوريا، على ضوء تحوّلات الشرق الأوسط بعد تقليص النفوذ الإيراني، خاصةً بعد سقوط سلطة بشار الأسد، حيث كانت سوريا مرتكزاً أساسياً لاستراتيجيتها الإقليمية. وقد ظهر ذلك جلياً في تصريحات المبعوث الأميركي توماس باراك، لمضامين هذا الاحتضان، على قاعدة: "سيكون للشرق الأوسط كلمة في تحديد مصيره، وستكون الشراكة لا السيطرة بالقوة الغاشمة هي الوسيلة، وسيكون احترام الخصوصية في صميم هذه الشراكة". مما يؤكّد أن احتضان سوريا مرهون بقدرتها على إدارة شؤونها الداخلية، طبقاً لمتطلبات الحوكمة الرشيدة، بما يوفّر فرصة تاريخية لإعادة التموضع في عالم اليوم، الذي يتّجه نحو الإقلاع عن الصراع، في اتجاه الشراكات القائمة على الأمن الجماعي والمنافع المتبادلة.
وهكذا، فإنّ الاحتضان الدولي والإقليمي لسوريا الجديدة يندرج ضمن إطار إعادة التموضع في الشرق الأوسط، مما يشكّل فرصة للسوريين يجدر بهم عدم تفويتها. ويبدو أن الإدارة الأميركية ترى أن السعودية وتركيا هما الشريكان الإقليميان القادران على هذا الاحتضان، في حين أن أولوياتها الكبرى تتّجه نحو التنافس مع الصين تجارياً وعسكرياً.
إنّ السوريين يأملون أن تتمكّن قيادة المرحلة الانتقالية من عدم تضييع فرصة إعادة التموضع في الشرق الأوسط الجديد، من خلال حرصها على ملاءمة خطابها البراغماتي في السياسة الخارجية مع سياسات داخلية تنتمي إلى قيم العالم المعاصر.
كما يبدو أن مستقبل الاحتضان الإقليمي والدولي مرهون بمدى انتقال القيادة السورية الجديدة من الثورة إلى دولة الحق والقانون، وإقلاعها عن الرهان على مقولة "من يحرّر يقرّر"، ونجاحها في توظيف كل الموارد الاقتصادية والبشرية السورية، على قاعدة أهل الكفاءة لا أهل الولاء، في إعادة الإعمار. مما يعزّز مبادرات قيادة المرحلة الانتقالية لإقامة شراكات متعددة الأطراف، من خلال التزامها بضمان أمن واستقرار وازدهار المنطقة.
وفي سياق هذه الالتزامات والضغوط المتعدّدة عليها، يمكن تفهّم ميلها للتهدئة مع إسرائيل، ضمن إطار مقاربة ناضجة، تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى الحالية، إضافة إلى حاجة سوريا إلى الأمن والاستقرار لإعادة عجلة الاقتصاد وتلبية الحاجات الضرورية للمواطن السوري. وهنا يبرز السؤال عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه عملية "التطبيع الناعم" تلبيةً للضغوط الأميركية والإقليمية، وهل تبقى في إطار تفادي التصعيد الإسرائيلي على أمل تفعيل اتفاقية "فك الاشتباك" لعام 1974، وتأجيل الحديث عن الانضمام إلى اتفاقات "السلام الإبراهيمي" ريثما ينفتح أفق السلام العادل، القائم على ضمانات وحدة الأراضي السورية؟
إنّ السوريين يأملون أن تتمكّن قيادة المرحلة الانتقالية من عدم تضييع فرصة إعادة التموضع في الشرق الأوسط الجديد، من خلال حرصها على ملاءمة خطابها البراغماتي في السياسة الخارجية مع سياسات داخلية تنتمي إلى قيم العالم المعاصر، القائمة على الحريات الفردية والجماعية، لا على التدخّل في خيارات السوريات والسوريين في لباسهن ولباسهم على الشواطئ.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياسين الحافظ ينتقد قصور وعي الماركسيين والقوميين في العالم ا ...
- ياسين الحافظ ينتقد قصور الوعي لدى الماركسيين والقوميين /1 - ...
- محددات المصالحة التاريخية بين العلمانيين والإسلاميين في سوري ...
- تحديات التغيير في سورية الجديدة
- أهمية اللامركزية الإدارية الموسّعة لسوريا الجديدة
- مخاطر تفكك الدول الهشة متعددة المكونات /*/
- كيفية معالجة الحقوق القومية والطائفية في سوريا الجديدة؟
- الحياة السياسية المنتظرة في سورية الجديدة
- التحديات البنيوية للحكومة الانتقالية في سوريا
- حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية (3 - 3)
- محدودية مخرجات مؤتمر بروكسل للمانحين
- حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية : 2 - 3
- حول الإسلام والحداثة في التجربة التركية ( 1 - 3)
- مقوّمات السلم الأهلي والعيش المشترك بين المكوّنات السورية
- نحو عدالة انتقالية ليست انتقامية
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (3 - 3)
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (2 - 3)
- الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (1 - 3)
- أهمية الحياة السياسية لضمان الحريات في سورية
- هل بدأ الانفتاح المصري على القيادة السورية الجديدة؟


المزيد.....




- أحدث كتلة لهب هائلة أضاءت الليل.. شاهد لحظة انفجار صاروخ -سب ...
- -مأساة أمريكية“.. بروس سبرينغستين غير منسجم مع الوضع السياسي ...
- مصمم الأزياء رامي العلي: هذه القطعة يجب أن تكون في خزانة كل ...
- وزنه يفوق طنين ومداه يصل إلى 2000 كلم: ما هو صاروخ -سجّيل- ا ...
- مسؤول إيراني يرد بقوة على ترامب: لا أحد يستطيع تهديد طهران و ...
- الحكومة الإيرانية تعلق صور القادة العسكريين القتلى إثر الهجم ...
- بلاغ للنائب العام: وفاة سبعة محتجزين بقسم العمرانية في أقل م ...
- وسط صمت حكومي.. إسرائيل تفرض أمر واقع جديد في الجنوب السوري ...
- رئيس ديوان المستشارية يؤيد ميرتس ويؤكد دعم ألمانيا لإسرائيل ...
- محافظة دمشق ترد على ما يشاع حول الأعمال الإنشائية على سفح جب ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - مكانة سوريا الجديدة في تحوّلات الشرق الأوسط