أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيحة الرفاعي - انكسار الردع/ لحظة الانفجار بين إيران وإسرائيل















المزيد.....

انكسار الردع/ لحظة الانفجار بين إيران وإسرائيل


ربيحة الرفاعي
كاتبة وباحثة

(Rabiha Al-refaee)


الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 23:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الردع هو حجر الزاوية في مفهوم الأمن الإقليمي والعالمي. فهو يعتمد على أن يمتلك كل طرف القدرة على ردع الطرف الآخر من خلال تهديدات محتملة، وغالبًا ما يتم التعبير عنها عبر القدرات النووية أو الصاروخية أو العمليات العسكرية الوقائية، وفي هذا العصر المضطرب الذي يُعيد كتابة قواعد الصراع في الشرق الأوسط، يقف العالم أمام لحظة حاسمة تكشف عن هشاشة منظومة الردع التي ظلت تحكم العلاقة بين إيران وإسرائيل لعقود، حيث لم يعد الصراع بين الطرفين مجرد توترات متفرقة أو تهديدات لفظية، بل تحوّل إلى مواجهة مفتوحة تنذر بتغيير جذري في موازين القوى الإقليمية.
ولعل من الضروري لقراءة معادلة الردع اليوم مراجعتها في سياق تاريخي يوضّح معطياتها، فقد دخلت الجمهورية الإسلامية بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 في صراع مباشر وغير مباشر مع إسرائيل، لكن معادلة الردع التقليدي لم تتغير، وظل قائمًا لما كانت إيران تواجه من أزمات داخلية وحروب إقليمية، أبرزها الحرب العراقية-الإيرانية التي امتدت لثمان سنوات، مما حدّ من قدرتها على استهداف إسرائيل مباشرة.
انكسار الردع
وبدأ التحول في موازين القوى يظهر جليًا منذ أوائل الألفية الثالثة، فقد اتجهت طهران لتطوير قدراتها الصاروخية بشكل مكثف، حتى امتلكت ترسانة صاروخية متعددة المزايا والقدرات، من باليستية بعيدة المدى، لدقيقة التوجيه، لفرط صوتية، بالإضافة لطائرات مسيرة قتالية متطورة، ما جعلها قادرة على استهداف العمق الإسرائيلي، وقلل من فعالية منظومة القبة الحديدية، وخلق حالة من عدم اليقين الأمني داخل إسرائيل.
كما واستثمرت في شبكة واسعة من فصائل المقاومة التي التقت معها في مصالحها وغاياتها في لبنان وغزة وسوريا والعراق واليمن، فقدمت لها الدعم وشكلت معها محورا أعلن وحدة الهدف والرصاصة، ورفع المقاومة راية وانطلق في ميادينها، فشكل حزب الله في لبنان تهديدًا جديًا بإمكاناته الصاروخية التي تفوق في عددها وتنوعها ترسانة إسرائيل التقليدية على الحدود الشمالية، وشكّل الحوثي في اليمن قوة ضاربة ذات سيطرة على بوابة البحر الأحمر، وفي غزة، ورغم الحصار الإسرائيلي، استمر الجهاد الإسلامي وحماس بمساعدة إيرانية مباشرة في تطوير قدرات وكمّ الصواريخ والطائرات المسيرة، فاستعادت غزة ما شكلته من كابوس مقاومة يؤرق إسرائيل، وبهذا التنوع في الجبهات تغيّرت قواعد الاشتباك وتعمّقت أزمات الردع، وصار أي رد إسرائيلي أكثر تعقيدًا.
واجتمع لما تقدم ما كان من التغيرات السياسية الدولية، فبعد الانسحاب من العراق وأفغانستان تراجع النفوذ الأمريكي النسبي في المنطقة رغم قواعدها العسكرية المنتشرة فيها، وتصاعدت التوترات مع الصين وروسيا، مما خلق حالة من عدم اليقين الإقليمي والدولي، وقلّصت الولايات المتحدة من مباشرة في انخراطها بالصراع، فتبنت إسرائيل بالتالي نهجا أكثر هجومية، في محاولة لتعويض هذا الفراغ.

تداعيات اللحظة الراهنة
أمام بروز إيران كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها، قادرة على التأثير في مسارات الصراع في الشرق الأوسط، وتحدي التوازنات التقليدية التي كانت قائمة منذ انتهاء الحرب الباردة وحتى العقد الماضي، ظلت إسرائيل معتمدة على منظومة الردع التي أرسيت عبر تحالفها مع الولايات المتحدة، وقدراتها العسكرية والتكنولوجية، لتضمن أمنها وتحصّن حدودها، وظهر هذا الصدع في التوازن بصورة عنيفة في الحرب التي تخوضها إسرائيل على جبهتي غزة ولبنان منذ السابع من أوكتوبر 2023، والتي أسفرت عن تحييد قد يكون مؤقتا لحزب الله في جنوب لبنان، ومحاولات إبادة جماعية وتهجير لأهل غزة، كما ظهر في اشتباكات مع الحوثي في اليمن وضرب اقتصادها بإغلاق بوابة البحر الأحمر في وجه السفن المتوجهة إليها، ودخول شعبها في معمعة القلق والخوف من الصواريخ والمسيرات المتوقعة في كل آن وكل أين، ذلك القلق والخوف الذين يتنافيان مع الوعود التي استحضر بها لفلسطين، ولم يألفه في العقود السابقة.
وها هي المنطقة تواجه لحظة انكسار الردع الهش، حاملة معها تداعيات عميقة على مستوى الإقليم والعالم، فهي ليست مجرد اشتباك عسكري، بل تحوّل نوعي في شكل الصراع، حيث أصبح الاستهداف مباشرًا وشاملًا، والأثر قويا وعميقا على طرفي الصراع، فإسرائيل لم تعد بمنأى عن المسّ، ولم يعد عمقها المدني خطًا أحمر، وهشاشة " هيبة الدولة المحصّنة" بدأت بالتكشّف، وإيران تكسب زخمًا معنويًا كبيرًا، رغم الخسائر المباشرة، إذ تُثبت قدرتها على كسر المعادلات القديمة وإعادة صياغة منطق الردع، ويبدو من تصريحات ترامب على امتداد الأيام الأخيرة؛ أن أمريكا تفكر جديا بالعودة للانخراط المباشر لاعبا رئيسا في الصراع، ربما قلقا من أن يؤدي انهيار الردع التقليدي إلى نشوء شرق أوسط جديد تتقاسم النفوذ فيه قوى متعددة مع تراجع الهيمنة الأمريكية وتقدّم الصين وروسيا كلاعبين تفاوضيين.

ما بعد الانفجار/ الأسئلة الكبرى
لم تعد الأزمة الإيرانية–الإسرائيلية شأناً يخصّ طهران وتل أبيب فقط، بل صارت حجرًا يسقط في بركة راكدة فيحرك كل شيء، ما يضعنا أمام أسئلة إجاباتها مصيرية لكامل الإقليم ومراكز القوة عالميا
فهل تمتلك الأطراف القدرة الفعلية على ضبط هذا التصعيد قبل أن يفلت من عقاله؟
وهل نحن على أعتاب حرب إقليمية موسّعة تشمل لبنان وسوريا والعراق واليمن؟
وما موقف القوى الكبرى كروسيا والصين من هذا التوتر المتصاعد خصوصا في ظل مؤشرات التدخل الأمريكي المتوقع؟
وهل ستكون ثمة مبادرات دبلوماسية لإعادة ضبط الإيقاع؟ أم أن المنطقة على موعد مع موجة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار
وأخيرا فإن الدول العربية أمام اختبار وجودي، فهل تنحاز لحساباتها القُطرية، أم تعيد صياغة دورها في رسم ملامح شرق أوسط جديد؟
ربما ستكون الأيام القادمة، لا مجرد سجال عسكري، بل لحظة ولادة لنظام إقليمي جديد لا نعلم شكله بعد، لكننا نعلم يقينًا أن ما بعد ان الردع التقليدي لم يعد قادرًا على منع التصعيد، وخيارات الأطراف محدودة، تحكمها معادلات معقدة من القوة والقلق والطموح، والمشهد يتجه نحو إعادة رسم خرائط النفوذ، والقوة، والشرعية في الشرق الأوسط.



#ربيحة_الرفاعي (هاشتاغ)       Rabiha_Al-refaee#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخسارة التي لا تراها تل أبيب
- نوال السعداوي شعلة لا تنطفئ
- حمأة الإقصاء
- منى البرنس ضحية اخرى في المعركة ضد الظلام
- كفي عذلا
- هل جن الناس
- مسلسل -فاتن أملا حربي- ومحاكم التفتيش
- هو الشعر
- القدس-ميقات الحبّ
- ومع ذلك فهي تدور
- إسقاط الحق الشخصي في قضايا العنف الأسري
- متضامنون مع رانيا يوسف
- جائحة كورونا شهادة جديدة بتفوق المرأة
- تهافت
- العنف ضد المرأة لا دين له
- صفقة القرن حلقة أخرى في سلسلة مقطوعة
- تفنيد أحاديث انتقصت من المرأة (3) لأمرت المرلأأة أن تسجد لزو ...
- خالد منتصر في قفص محاكم التفتيش
- القصة الشاعرة وفعل التجريب
- تفنيد أحاديث انتقصت من المرأة - 2 ( ما أفلح قوم ولوا أمرهم ا ...


المزيد.....




- صحة غزة: تسجيل أعلى حصيلة قتلى منذ أسابيع وسط دراسة إسرائيل ...
- نتيجة مثيرة للقلق.. دراسة تكشف الآثار الصحية لامتلاك الأطفال ...
- ماذا نعرف عن -حصار السويداء- ؟
- نيسان تبهر العالم من جديد: سيارة كهربائية بمحرك بنزين
- خطة حصر السلاح.. بين حسم لبنان الرسمي ورفض حزب الله
- مرصد حقوقي ينذر بمذابح جماعية -غير مسبوقة- إذا نفذت إسرائيل ...
- واشنطن تعلق إصدار التأشيرات لمواطني بوروندي بسبب -انتهاكات م ...
- رجل أعمال مقرب من زعيم المعارضة النيجيرية يثير قلق الرئيس وح ...
- مظاهرات في النمسا تطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل
- مستوطنون يشرعون بإقامة بؤرة استيطانية غرب الخليل


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيحة الرفاعي - انكسار الردع/ لحظة الانفجار بين إيران وإسرائيل